بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين .
عزيزي القارئ ..
العظماء في التاريخ يبقى ذكرهم لهجا في النفوس المتعطشة للخير والفضيلة والقيم التي من شأنها أن تقوي فيها روح المثابرة لإقامة العدل والقسط في المجتمعات، ونحن نعيش في فترة مدلهمة حيث اختلط الحابل بالنابل وضاعت مقاييس الحق على الكثير من المسلمين فأخذوا يتخبطون في اتخاذ القرارات وهجمت عليهم اللوابس كقطع الليل المظلم، فنشبت في أوساطهم الجهالات والتفرقة والتنابذ والتباغض والجهل بالرغم من أن الدين الإسلامي متمثلا بالرسول الأكرم والأئمة الهداة من بعده يفيضون بعطاءات الأخوة والمودة والألفة وهم قد ضربوا أروع الأمثلة في الإيثار والوحدة وجمع الكلمة، وكانوا السباقين لعمل الخيرات ولتأسيس دولة قوامها القسط والعدل والتقدم والتطور، فاستحقوا بذلك بكل جدارة أن يكونوا قمما سامقة في التأسي والانتهال من نبعهم الصافي وعطاءاتهم التي لا تبور.
إنه بحق الرسول الأعظم كيف لا وقد اصطفاه الله على بني آدم وهو خاتم الأنبياء والمرسلين أرسله ربه رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .
إنه الأعظم وإن كان في البشرية من يستحق العظمة فهو محمد ، هذا كلام علماء الغرب المنصفين، ونحن المسلمون نؤمن به ونحترمه ونوقره ونبجله، فهو قدوتنا العليا وهو شفيعنا يوم القيامة وقائدنا إلى الجنة .
إن الأخلاق الحميدة والصفات السامية النبيلة والسمات الرفيعة التي كان يتصف بها نبي الإسلام جعلته أجدر بكل تعظيم وتبجيل فإن هذه الصفات كان لها دور كبير في نشر الدين الإسلامي.
إن صفة الرحمة في تعامله مع المسلمين وحتى مع زوجاته في المنزل لها الأثر الأكبر في نشر الإسلام، وإن أبرز موقف يصف رحمته وسلم هو عند فتح مكة حيث قال لقومه الذين عذبوه وأخرجوه من بلده وناصبوه العداء وكان الزمام في يده ويستطيع أن يقتل كل من تسبب في إيذائه ووقف في طريق الدين الناشئ، فقال قولته المشهورة التي يتداولها التاريخ بكل تقدير
وإعزاز: ماذا تظنون أني فاعل بكم.
قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. قال قولته العظيمة الخالدة التي وجلت القلوب إجلالاً لها:
اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وكانت لهذه الكلمات النبيلة والموقف الإنساني الرائع أكبر الأثر في دخول الناس في دين الله أفواجاً بدون حرب وبدون إراقة ولو قطرة دم واحدة فقال تعالى:
{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}. ( النصر : 1- 3 ) .
إن هذا الرجل العظيم الذي استطاع أن يقف أمام العالم أجمع وأمام جهالات قريش وكفرها العنيد وأمام الأصنام وعبادة الكواكب وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الله وحده لا شريك له ونبذ كل ما سواه ، إنه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام ليس فقط من أتباعه بل من كل من يفهموا سمات العبقرية وخصائصها .
إن الصفات التي تفردت في هذا الرسول العظيم لجديرة بأن يحصل على نوط الامتياز ويحظى بكل تقدير واحترام . إنه بحق الأعظم . فهل بعد ذلك يوجد أي رجل أعظم منه ؟.
إن هذا الرجل العظيم محمد وسلم بحق رجل لم تنجب البشرية مثله كيف لا وقد قال عنه الجبار: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}
.. وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .
فالاحتفال بمولد الرسول الأعظم وعترته هو احتفالٌ بالقيم السامية، وشكرٌ للّه على منّه، وإظهار للحبّ الكامن في النفوس لهم، إذ هو بطبيعة الحال تكريم لمن كرمهم اللّه تعالى وأمر بتكريمهم واحترامهم وحبّهم ومودّتهم..
واقتباس لما بثوه من قيم وفضائل تنتشلنا من واقعنا المتردي إلى واقع لا يحصد المرء منه سوى الخير والصلاح.
العتبات الحسينية