بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم أجمعين ...
اعزاءنا القرّاء..
يقول أمير المؤمنين
"كفى بالموتِ واعظاً" الكافي ج2.
ينقل سماحة السيد محمد الطهراني اعلى الله مقامه عن السيد جمال الدين الكلبايكاني رضوان الله عليه قال السيد الطهراني رحمه الله :كان _ أي السيد جمال_ يقول:
درستُ أوان شبابي في أصبهان درس الاخلاق و السير والسلوك عند استاذين كبيرين:
المرحوم الآخوند الكاشي و جهانگيرخان، و كانا معلّميّ في هذا المجال.
و كانا قد أمراني بالذهاب ليالي الخميس و الجمعة خارج أصبهان والتفكّر في مقبرة «تخت فولاد» قدراً في عالم الموت و الارواح، وبالعبادة قدراً آخر ثم العودة صباح اليوم التالي.
و هكذا فقد اعتدتُ على الذهاب ليالي الخميس و الجمعة للتجوال والتفكّر ساعة أو ساعتين بين القبور، استريح بعدها عدّة ساعات، ثم أنهض لصلاة الليل و المناجاة، ثم أصليّ صلاة الصبح و أعود الى أصبهان.
و كان يقول:
كانت ليلة من ليالي الشتاء، و كان الهواء بارداً جداً، والثلج يتساقط من السماء، و كنتُ قد جئتُ من أصبهان الى مقبرة (تخت فولاد) للتفكّر في أرواح وادي ذلك العالم و ساكنيه، و ذهبتُ الى احدي الغرف و أردتُ فتح منديلي لاتناول لقيمات من الطعام فأنام بعدها الى منتصف الليل و أنهض لاشتغل بأعمالي و عبادتي حسب الطريقة التي أُمرتُ بها.
و في تلك الاثناء طرُق باب المقبرة، و كانوا يريدون إدخال جنازة لاحد أرحام صاحب المقبرة جاءوا بها من أصبهان، على أن يقوم قاريء القرءان ـ و هو المسؤول عن المقبرة ـ بالتلاوة عليها حتّي يعودوا صباحاً لدفنها.
و هكذا فقد وضع اولئك الجماعة الجنازة و ذهبوا و انشغل قاريء القرءان بالتلاوة.
و حصل بمجرّد أن فتحت المنديل و أردتُ الانشغال بتناول الطعام أن شاهدتُ ملائكة العذاب و قد جاءوا و شرعوا بالتعذيب.
(و أنقل هنا عين عبارة المرحوم):
كانوا ينهالون على رأسه بدبابيس ناريّة بحيث يتصاعد لهب النار الى السماء، و كانت صرخات هذا الميّت تتصاعد كأنّ جميع هذه المقبرة العظمية كانت تتزلزل منها.
و لا أعلم أيّ صنف من العاصين كان، أكان من الحكّام الظالمين الجائرين ليستحقّ العذاب على ذلك النحو؟
كان ذلك يحدث و قاريء القرءان يجلس في هدوء عند الجنازة مشغولاً بالتلاوة لا يعلم شيئاً من ذلك أبداً.
و كنتُ قد تداعيتُ عند مشاهدة ذلك المنظر، فكان بدني يهتزّ و يرتجف، و وجهي يشحب و يصفرّ، و كنتُ أشير الى صاحب المقبرة أنّ:
إفتح الباب فأنا أريد الذهاب؛ فلا يفهم ذلك، حاولت أن أقول ذلك فكان لساني محتبساً في فمي لا يقوي على الحركة.
ثم أفهمته أخيراً: إفتح مغاليق الباب فأنا أريد الذهاب.
قال: ايّها السيّد، انّ الجّو بارد، و قد غطّي الثلج الارض، و هناك ذئاب في الطريق ستفترسك.
و عبثاً حاولتُ إفهامه أن لا طاقة لي على البقاء، فلم يكن ليدرك ما أعنيه، فاضطررتُ الى أن أجرّ نفسي الى باب الغرفة ففتحته بنفسي و خرجت.
و من انّ المسافة من هناك الى أصبهان لم تكن بعيدة الاّ انّي قطعتها في غاية المشقّة حيث سقطت على الارض عدّة مرّات، ثم جئت الى غرفتي فسقطت مريضاً اسبوعاً كاملاً.
و كان المرحوم الآخوند الكاشي و جهانگيرخان يأتيان الى غرفتي لتطييب خاطري، و كانا يُعطياني الدواء وكان جهانگيرخان يُنضج اللحم المقدّد (الكباب) فيطعمنيه بالإكراه، حتّي استرجعت قوّتي شيئاً فشيئاً.انتهى.معرفة المعاد ج1مجلس4.
أقول:
حينما قرأت هذه الحادثة التي نقلها السيد الجليل جمال الدين الكلبايكاني رضي الله عنه ، حضر في ذهني قوله تعالى " وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ".
يذكر السبزواري في كتابه معارج اليقين ص433:وقال رسول الله
:
يُحشر صاحب الطنبور يوم القيامة وهو اسود الوجه وبيده طنبور من نار وفوق رأسه سبعون ألف ملك بيد كل ملك مقمعة يضربون رأسه ووجهه.،.
إنّنا نحن العصاة المتمردون على جبار السموات والارض ، لابد وان لنا محطة مظلمة تنتظرنا وهي فاتحة بابها الضيق لندخل منه ونتذوق طعم الظلام الذي صنعناه بأدينا ،المُتسخة بالذنوب والمعاصي .
فإنا لله وإنا إليه راجعون ،.
المقمعة هي سياط تعمل من الحديد رؤوسها مُعوجة .
أسأل الله لي ولكم الرحمة في تلك الساعات الأليمة ....