قال يمدح الإمام علي () ويذكر محبيه ومبغضيه:
أبديت يا رجب العجيب * فقيل: يا رجب المرجب
أبديت للسر المصون * المضمر الخافي المغيب
وكشفت أستارا وأسرارا * عن الأشرار تحجب
حل الورى فإذا الظواهر * فضة والبطن أسرب
إلا قليلا من رجال * أصلهم ذاك مهذب
وكتبت ما بالنور منه * على خدود الحور يكتب
فلذاك أضحى الناس قلبا * من قوى الجهل المركب
رجل يحب ومبغض * قال وحزب الله أغلب
وطويل أنف إن رآني * مقبلا ولى وقطب
في أمه شك بلا * شك ولو صدقت لأنجب
يزور إن سمع الحديث * إلى أمير النحل ينسب
وتراه إن كررت ذكر * فضائل الغرار يغضب
[3]
وقال يمدح الأمام () ويذكر فضائله وذلك حين طاف حول قبره الشريف:
هو الشمس أم نور الضريح يلوح؟ * هو المسك أم طيب الوصي ينوح؟
وبحر ندى أم روضة حوت الهدى؟ * وآدم أم سر المهيمن نوح؟
وداود هذا أم سليمان بعده؟ * وهارون أم موسى العصا ومسيح؟
وأحمد هذا المصطفى أم وصيه * علي؟ نماه هاشم وذبيح
محيط سماء المجد بدر دجنة * وفلك جمال للأنام يلوح
حبيب حبيب الله بل سر سره * وعين الورى أم للخلائق روح
له النص في يوم الغدير ومدحه * من الله في الذكر المبين صريح
إمام إذا ما المرء جاء يحبه * فميزانه يوم المعاد رجيح
له شيعة مثل النجوم زواهر * لها بين كل العالمين وضوح
إذا قاولت، فالحق فيما تقوله * به النور باد واللسان فصيح
وإن جاولت أو جادلت عن مرامها * ترى خصمها في الأرض وهو طريح
عليك سلام الله يا راية الهدى * سلام سليم يغتدي ويروح
[4]
وقال في مدح الإمام () وبيان مناقبه:
تعالى علي في الجلال فرائد * يعود وفي كفيه منه فرائد
ووارد فضل منه يصدر عزلها * تضيق بها منه اللها والأوارد
تبارك موصولا وبورك واصلا * له صلة في كل نفس وعائد
روى فضله الحساد من عظم شأنه * وأعظم فضل جاء يرويه حاسد
محبوه أخفوا فضله خيفة العدى * وأخفاه بغضا حاسد ومعاند
فشاع له ما بين ذين مناقب * تجل بأن تحصى إذا عد قاصد
مام له في جبهة المجد أنجم * علت فعلت أن يدن منهن راصد
لها الفرق من فرع السماك منابر * وفي عنق الجوزاء منها قلائد
مناقب إذ جلت جلت كل كربة * وطابت فطابت من شذاها المشاهد
إمام يحار الفكر فيه معاند * له ومقر بالولاء وجاحد
إمام مبين كل أكرومة حوى * بمدحته التنزيل، والذكر شاهد
عليه سلام الله ما ذكر اسمه * محب، وفي البرسي ذلك خالد
[5]
وقال في حبه لعلي ( ) ويذكر اختلاف الناس في شخص الإمام:
يا آية الله، بل يا فتنة البشر * وحجة الله، بل يا منتهى القدر
يا من إليه إشارات العقول، ومن * فيه الألباء تحت العجز والخطر
هيمت أفكاري الأفكار حين رأوا * آيات شأنك في الأيام والعصر
يا أولا آخرا نورا ومعرفة * يا ظاهر باطنا في العين والأثر
لك العبارة بالنطق البليغ، كما * لك الإشارة في الآيات والسور
كم خاض فيك أناس وانتهى فغدا * معناك محتجبا عن كل مقتدر
أنت الدليل لمن حارت بصيرته * في طي مشتبكات القول والعبر
أنت السفينة من صدق تمسكها * نجا ومن حاد عنها خاض في الشرر
فليس قبلك للأفكار ملتمس * وليس بعدك تحقيق لمعتبر
تفرق الناس إلا فيك وائتلفوا * فالبعض في جنة، والبعض في سقر
فالناس فيك ثلاث: فرقة رفعت * وفرقة وقعت بالجهل والقدر
وفرقة وقعت، لا النور يرفعها * ولا بصائرها فيها بذي غور
تصالح الناس إلا فيك واختلفوا * إلا عليك، وهذا موضع الخطر
وكم أشاروا وكم أبدوا وكم ستروا * والحق يظهر من باد ومستتر
أسماؤك الغر مثل النيرات، كما * صفاتك السبع كالأفلاك في الأكر
وولدك الغر كالأبراج في فلك * المعنى وأنت مثال الشمس والقمر
قوم هم الآل - آل الله - من علقت * بهم يداه نجا من زلة الخطر
شطر الأمانة معراج النجاة إلى * أوج العلو وكم في الشطر من غير
يا سر كل نبي جاء مشتهرا * وسر كل نبي غير مشتهر
أجل وصفك عن قدر لمشتبه * وأنت في العين مثل العين في الصور
[6]
وقال يزجي المديح نحو الإمام علي ():
بأسمائك الحسنى أروح خاطري * إذا هب من قدس الجلال نسيمها
لئن سقمت نفسي فأنت طبيبها * وإن شقيت يوما فمنك نعيمها
رضيت بأن ألقى القيامة خائفا * دماء نفوس حاربتك جسومها
أبا حسن لو كان حبك مدخلي * جهنم كان الفوز عندي جحيمها
وكيف يخاف من كان موقنا * بأنك مولاه وأنت قسيمها
فواعجبا من أمة كيف ترتجي * من الله غفرانا، وأنت نعيمها؟
وواعجبا إذ أخرتك، وقدمت * سواك بلا جرم، وأنت زعيمها
[7]
وقال يمدح الإمام علي بن أبي طالب ():
العقل نور وأنت معناه * والكون سر وأنت مبداه
والخلق في جميعهم إذا جمعوا * الكل عبد وأنت مولاه
أنت الولي الذي جلت مناقبه * ما لعلالها في الخلق أشباه
يا آية الله في العباد ويا * سر الذي لا إله إلا هو
تناقض العالمون فيك، وقد * حاروا عن المهتدى، وقد تاهوا
فقال قوم: بأنه بشر * وقال قوم: بأنه الله
يا صاحب الحشر والمعاد ومن * مولاه حكم العباد ولاه
يا قاسم النار والجنان غدا * أنت ملاذ الراجي ومنجاه
كيف يخاف البرسي حر لظى * وأنت عند الحساب غوثاه
لا يخشى النار عبد حيدرة * إذ ليس في النار من تولاه
[8]
وقال يمدح آل محمد ويخص الإمام عليا ():
إذا رمت يوم البعث تنجو من اللظى * ويقبل منك الدين والفرض والمنن
فوال عليا والأئمة بعده * نجوم الهدى، تنجو من الضيق والمحن
فهم عترة قد فوض الله أمره * إليهم لما قد خصهم منه بالمنن
أئمة حق أوجب الله حقهم * وطاعتهم فرض بها لله تمتحن
نصحتك أن ترتاب فيهم فتنثني * إلى غيرهم. من غيرهم في الأنام؟ من
فحب علي عدة لوليه * يلاقيه عند الموت والقبر والكفن
كذلك يوم البعث لم ينج قادم * من النار إلا من تولى أبا الحسن
[9]
وقال في حب الإمام علي () ويشير إلى عذاله على هذا الحب:
أيها اللائم دعني * واستمع من وصف حالي
أنا عبد لعلي * المرتضى مولى الموالي
كلما ازددت مديحا * فيه قالوا: لا تغالي
وإذا أبصرت في الــ * ــحق يقينا لا أبالي
آية الله التي * وصفها القول حلالي
كم إلى كم أيها العا* ذل أكثرت جدالي
يا عذولي في غرامي * خلني عنك وحالي
رح إلى من هو ناج * واطرحني وضلالي
إن حبي لوصي المصــ * ـصطفى عين الكمال
هو زادي في معادي * ومعادي في مآلي
وبه إكمال ديني * وبه ختم مقالي
المصدر: كتابه "مشارق انوار اليقين في اسرار أمير المؤمنين"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسألكم ادعاء