وقد جاءَ حديث الكِساء بشكلٍ أكثر تفصيلاً في كتب علماءِ الشِيّعة برواية فاطمة الزهراء (
) ، و من هنا نَفهم أَهَمِيَّة حديثِ الكِساء ، و لذلكَ إهتَمَّ بهِ شيعةُ أهلِ البيت (
) و دَوَّنوهُ في كتبِهِم و تَبَرَّكوا بقراءَتِهِ ، و قد ذَكَرَ بعضهم و منهم صاحب هذِهِ المنظومة " حديثِ الكِساء " سماحة العلاّمة شاعر أهل البيت الشّيخ سلطان علي الصّابر التُستَري ( الشوشتري ) أنَّ قرائِةَ الحديث و المنظومة مجرَّبَتان لِإجابةِ الدُّعاء في قضاءِ الحوائج وَ دَفع المُلِمُات ، و قد نظم " حديثَ الكِساء " بأبياتٍ من الشّعر بطريقة الرَّجَز ليسهل حفظها و تناولها قاصداً بذلكَ تخليد هذا الحديث العظيم خِدمةً لِأَهلِ البَيت الكرام و نشرِ فضائِلهِم وَ تَبَرُّكاً و تَيَمُّناً بِذِكرِهِم وَ فَّقَهُ الله لخدمةِ الدّينِ و شريعةِ سيّدِ المرسلين و السّيرِ على نهجِ أهلِ بيتهِ الطيّبين الطّاهرين صلوات الله عليهِم أجمعين ، وَ آخِرُ دَعوانا أَنِ الحَمدَ للهِ رَبِّ العالَمِين .
اربع عشرة مرّة صلوات قبل القراءة
حَدِيثُنا عَن جابِرِ الأَنصاري * فَاصغِ لَهُ في الخَمسَة الأَطهارِ
قالَ : رَوَت سَيِّدَةُ النِّساءِ * حَدِيثَهَا الـموسُومَ بِالكِساء
تَقولُ : جاءَ سَيِّدُ الأَنامِ * يَزورُني يَوماً مِنَ الأَيّامِ
فَقالَ لي : في بَدَني ضَعفاً أَرَى * جِئتُ أَذوقُ عِندَكِ طِيبَ الكَرى
فَقُلتُ : باِللُّطفِ وَبِالإِحسانِ * أُعِيذُكَ بِالـمَلِكِ الـمنّانِ
فَقالَ : يا بِنتاهُ ناوِليِنِي * ذاكَ الكِساءَ وَبِهِ غَطِّينِي
وَقَد أَتَيتُ بِالكِسَا اليَماني * وَفِيهِ غَطَّيتُ سَنَا الإِيمانِ
ثُمَّ تَلإِلاّوَجهُهُ كَالبَدرِ * في لَيلَةِ الكَمالِ بَعدَ العَشرِ
{ صلوات }
وَما قَضَيتُ ساعَةً مِنَ الزَّمَن * فَأَقبَل أَبو مُحُمَّدِ الحَسَن
فَجاءَ نَحوي وَلَدِي مُسَلِّما * فَقُلتُ : أَقدِم يا فُؤادِي مُكْرَما
فَقالَ : يا أُمّاهُ بِنتَ الخِيَرَة * في بَيتِنا أَشَمُّ رِيحاً عَطِرَة
طَيَّبَةً فَيالَها مِن رائِحَة * كَأَنَّها مِن طِيبِ جَدّي فائِحَة
قُلتُ : نَعَم يا وَلَدِي تُحتَ الكِسا * جَدُّكَ ذا فِيهِ تَغَطّى وَاكتَسى
فَجاءَ نَحوَهُ ابنُهُ مُبتَسِما * كَمَن رَأى أَمامَهُ بَدرَ السَّما
ما إِن دَنَى السِّبطُ لَدَيهِ وَقَفا * مُسَلِّماً عَلَى النَّبِيِّ المُصطَفى
فَفاهَ بِالـمَدحِ لَهُ لَم يَحِدِ * فَأَطرَبَ الأَفنانَ وَالغُصنَ النِّدِي
فَقال : يا جَدّاهُ هَل تَأذَنُ لي * أَن أَدخُلَ الكِسا لِنَيلِ الأَمَلِ
أَجابَهُ هَيّا إِلَيَّ وَاسرعِ * نَعِمتَ عَيناً وَلَدِي فَكُن مَعِي
{ صلوات }
ثُمَّ أَتانِي ثانِيُ السِّبطَينِ * مُهجَةُ قَلبِ سَيِّدِ الكَونَينِ
مُبَجِّلاً لي بَهجَةُ الأَزمانِ * مُسَلِّماً يُبديِهِ بِالإِحسانِ
فَقالَ لي : مُذ شَمَّ تِلكَ الرّائِحة * ذا طِيبُ جَدِّي وَشَذاهُ فائِحَة
قُلتُ : نَعَم جَدُّكَ ذا شَمسُ العُلى * وَذا أَخوكَ فِي الكِساءِ دَخَلا
فَجاءَ نَحوَ جَدِّهِ مُسَلِّما * حَتّى يَفوزَ بِالكِسا وَيَنعَما
ماسَ دَلإِلاّيَنثَنِي وَيَمدحُ * كَبُلبُلٍ فَوقَ الغُصونِ يَصدَحُ
فَقالَ يا جَدّاهُ هَل تَأذَنُ لي * فَأَكتَسِي عِندَكُما ذا أَمَلي
قَالَ : أَذِنتُ لَكَ يا رَجايا * وَنورَ عَينِي شافِعَ البَرايا
فَأَفسَحَ الـمجالَ فِي ذاكَ الكِسا * ثُمَّ هَوَى السِّبطُ إِلَيهِ وَاكتَسى
{ صلوات }
ثُمَّ أَتى مِن بَعدِهِ الوَصِيُّ * ذاكَ الإِمامُ الـمُرتَضى عَلِيُّ
فَقالَ لِي : يا بِنتَ خَيرِ البَشَرِ * أَراكِ مُستَبشِرَةً فَأَبشِري
ما هذِهِ الرّائِحَةُ الـمُعَطَّرَة * أَشَمُّها في بَيتِكِ مُنتَشِرَة
فَطالَما شَمَمتُ تِلكَ الرّائِحَة * مِنِ ابِن عَمِّي وَحَبِيبِي فائِحَة
قُلتُ نَعَم تَحتَ الكِساءِ هذا * وَإِنَ شِبلَيكَ بِهِ قَد لاذا
فَمُذّ رَأى أَنَّ أَباها عِندَها * ألوَجهُ بِالبُشرِ أَنارَ وَازدَهى
{ صلوات }
ثُمَّ دَنا أَبُو الأَئِمّةِ الـهُدى * مُسَلِّماً عَلَى النَّبِيِّ المُصطَفى
مُستَأذِناً مِن سَيِّدِ الأَنامِ * ذِي العِزِّ والإِجلالِ والإِكرامِ
قالَ : نَعَم أَبَا الهُداةِ الخِيَرَة * وَوارِثِي مِنَ الكِرامِ البَرَرَة
أَنتَ أَخِي شارِكنِي فِي كِسائِي * طوبى لـمن فِي يَدِهِ لِوائِي
فَغَنِمَ الفَخرَ بِهذَا السُّؤدَدِ * حِينَ اكتَسى لَدَى النَّبِيِّ الأَمجَدِ
{ صلوات }
فَتابَعَتَ فاطِمُ سَيرَ الخَبَرِ * لِتَقتَفي ما لَهُمُ فِي الأَثَرِ
لِذا دَنَت نَحوَ الكِسا مُسَلِّـمَة * قالَ ادخُلِي مَحبُوَّةً مُكَرَّمَة
أَلفُ سَلامٍ وَجَمِيلُ مِدحَتِي * عَلَيكِ مِنِّي إِبنَتِي وَبَضعَتِي
رَيحانَتِي هَيّا إِلَيَّ وادخُلِي * مَحبُوَّةٌ أَنتِ بِهِ فَأَكمِلي
ثُمَّ هَوَت نَحوَ الكِساءِ فاطِمَة * خامِسَةُ أهلِ الكِساءِ خاتِمَة
وَعِندَمَا الجَمِيعُ فِيهِ اجتَمَعوا * فَشَعَّ بِالأنوارِ ذاكَ الـموضِعُ
{ صلوات }
ثُمَّ تَقولُ إِذ بِهِ أَحَلَّنا * أَظهَرَ لِلأَنَامِ فَرضَ حُبِّنا
فَأَومَأَ إِلَى السَّماءِ راجِيا * بِرَفعِهِ حَرفَ الكِساءِ داعِيا
فَقَالَ : رَبِّ هؤُلاءِ عِترَتِي * وَأَهلُ بَيتِي وَأَعَزُّ أُسرَتِي
أَبدانُهُم مِن بَدَنِي حَيثُ تَرى * وَدَمُهُم مِن دَمِي أَيضاً قَد جَرى
فَكُلُّ ما يُؤلِمُهُم يُؤلِمُنِي * وَكُلُّ ما يُحزِنُهُم يُحزِنُنِي
فَإِنَّنِي حَربٌ لِـمَن حارَبَهُم * وَإِنَّنِي سِلمٌ لِـمَن سالَـمَهُم
كَما أُعادِي كُلَّ مَن عاداهُمُ * كَما أُوالِي كُلَّ مَن وَالاهُمُ
هُمُ الغِياثُ لا غِناءَ عَنهُمُ * وَهُم كَنَفسِي أَنَا أَيضاً مِنهُمُ
فَاجعَل عَلَينا رَبَّنَا الغُفرانا * وَرَحمَةً مِنكَ كَذَا الرِّضوانا
وَمِن لَدُنكَ صَلَواتٍ واصِلَة * توصِلُها فِي بَرَكاتٍ حافِلَة
وَأَذهِبِ الرِّجسَ إِلهَ النَّاسِ * وَطَهِّرِ الجَمعَ مِنَ الأَدناسِ
ثُمَّ دَعا لِكُلِّ مَن والانا * فَنَشكُرُ الباري بِما أَولانا
{ صلوات }
فَنَودِيَ الأَملاكُ حِينَ اجتَمَعوا * مِن صاحِبِ العَرشِ إِلاّفَاستَمِعوا
أُنبِئُكُم مَعاشِرَ الأَملاكِ * لولاَهُمُ لَم أَخلُقَن أًَفلاكِي
ولا سَما خَلَقتُها مَبنِيَّة * وَلَيسَ أَرضٌ هكَذا مَدحِيَّة
وَلا تَرَونَ قَمَراً مُنِيرا * وَلَيسَ شَمسٌ لِتُضِيءَ نورا
وَلا خَلَقتُ فَلَكاً يَدورُ * وَلا تَدورُ فِي الفَضا بُدورُ
وَلَيسَ ماءٌ فِي البِحارِ يَجري * كَلاّ وَلا فُلكُ البِحارِ تَسري
وَلَم يَكُن إِلاّلِحُبِّي وَالوِلا * لِهؤُلاءِ الخَمسِ ساداتِ الـمَلا
{ صلوات }
فَقالَ جَبرئِيلُ يا رَبَّ العُلى * أَخبِرني يا مَولايَ مَن هُمُ الأُلى
قالَ نَعَم هُم دَوحَةُ النُّبُوَّة * وَمَعدِنُ التِّنـزِيلِ وَالفُتُوَّة
هُم فاطِمٌ وَضَيفُها أَبوها * وَبَعلُها بِجَنبِهِ بَنُوها
{ صلوات }
قالَ الأَمِينُ أَفَهَل تَأذَنُ لي * أَن أَهبِطَ الأَرضَ لِذاكَ الـمحفِلِ
حَتّى أَكونَ فِي الكِساءِ سادِسا * مُقتَبِساً مِن نّورِهِم مَقابِسا
قالَ أَذِنتُ لَكَ يا جِبرِيلُ * بَلِّغ سَلامي مِلأَهُ التَّبجِيلُ
وَقُل : بِلُطفٍ العَليُّ ذُو العُلى * يَخُصُّكُم بِالفَضلِ مِن دونِ الـمَلا
فَهَبَطَ الأَمِينُ جَبرَئِيلُ * يَحُفُّهُ السَّلامُ وُالتَّبجِيلُ
وَاستَأذَنَ الدُّخولَ مِن مُحَمَّدِ * لِكَي يُباهِي بِعَظِيمِ السُّؤدَدِ
قالَ : أَذِنتُ ، لَكَ أَن تُباهِي * فَكُن مَعِي أَمِينَ وَحيِ اللهِ
فَدَخَلَ الكِساءَ بِالتَّبشِيرِ * وَكانَ يَتلو آيَةَ التَّطهِيرِ
{ صلوات }
{ إنَّما يُريد اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ وَيطَهِّركُمْ تَطْهيراً } .
{ صلوات }
فَقالَ إِنَّ اللهَ قَد أَوحاها * طوبى لِـمَن فازَ بِها فَباها
قَالَ عَلِيٌّ لِلرَّسُولِ الأَعظَمِ * فَما لَنا عِندَ الإِلهِ المُنعِمِ
قالَ يَمِيناً بِالَّذِي اصطَفانِي * وَاختارَني بِالوَحيِ وَاجتَبانِي
إَذا جَرى حَدِيثُنا فِي مَحفِلِ * وَاستَشفَعوا بِنا لِنُجحِ الأَمَلِ
إِلَيهِمُ الرَّحمَةُ كانَت واصِلَة * وَفِيهِمُ حَفَّت جُنودٌ نازِلَة
وَاستَغفَرَت لِلجَمعِ ما تَطَرَّقوا * لِذِكرِنا حَتَّى إِذا مَا افتَرَقوا
وَمَن يَكُن فِي جَمعِهِم مَهموما * يَرفَعُ عَنهُ الكَربَ وَالهُموما
أَو كانَ فِيهِم أَحَدٌ مَغموما * يَكشِفُ عَنهُ الحُزنَ وَالغموما
وَكُلُّ طالِبٍ لِحاجِةٍ دَعا * إِلاّقَضَى اللهُ لَهُ وَاستَمَعا
قالَ عَلِيٌ فَوَرَبِّ الكَعبَةِ * فُزنا إِذاً وَفازَتِ الأَحِبَّة
فاحَ شَذاهُ ما رَوَتهُ فاطِمَة * نُطفي بِها حَرَّ الجَحِيمِ الحاطِمَة
{ صلوات }
مُذ شَعَرَت زَوجَتُهُ الـمُكَرَّمَة * قَد سُعِدَ الخَمسُ بِتِلكَ الـمَكرُمَة
فَأَقبَلَت إِلىَ الحَبِيبِ فَعَسى * أَن تُدرِكَ الدُّخولَ فِي ذاكَ الكِسا
أَجابَها حِينَ دَنَت مُسَلِّـمَة * أَنتِ عَلى خَيرٍ يا أُم سَلَـمَة
{ صلوات }
وَفِي الخِتامِ يَسألُ الرَّحمانا * عَبدُهُمُ مَن يُدَّعى سُلطانا
أَن يَغفِرَ اللهُ لَهُ الزَّلاّتِ * وَيَدرَأَ الهُمومَ وَالعِلاّتِ
وَيَغفَرَ اللهُ لِراعِ الـمَحفِلِ * وَقارِئِ الحَدِيثِ وَالمُحتَفِلِ
أَلفُ سَلامٍ وَصَلاةٍ عَطِرَة * عَلَى النَّبِىِّ وَالكرامِ البَرَرة