بمناسبة مولد الحجة ( عج )
زودنا الأخ الأستاذ أبو الزهراء الدمشقي بهذا الموضوع القيم
نشكر له جهوده ونتمنى له الصحة والعافية
إلى روح والدته الفاتحة
مولد الحجة أرواحنا فداه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على حبيبه محمد وآله الطيبين الطاهرين ....
السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى وسدرة المنتهى ، السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفى ، السلام عليك يا حجة الله التي لا تخفى ،..... السلام عليك سلام من عرَفك بما عرّفك به الله ، ونعتك ببعض نعوتك التي أنت أهلُها ، وفوقَها ...أشهد أنك الحجة على من مضى ومن بقي ، وأن حزبَك هم الغالبون ، وأولياءَك هم الفائزون ، وأعداءَك هم الخاسرون ......
أسعد الله أيامكم أيُّها المؤمنون الموالون ، المنتظرون .. التائقون إلى ولي نعمتكم ، وصاحب أمركم الإمامِ الحجةِ المهديِّ أرواحنا لتراب مقدمه الفداء .
- عن جابرٍ الأنصاري أنه سأل النبيَّ : هل ينتفع الشيعةُ بالحجة u في غيبته ؟. فقال : إي والذي بعثني بالنبوة ، إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب ....
أيُّها الأحبة ، كيف لنا الحديثُ عن بعض مقامات وكرامات المولى صاحبِ العصر أرواحنا فداه..
والبعض لشديد الأسف لا زال يشكك في وجوده الشريف ، وهذا ما سمعته بأذُنيَّ في عدة مناسبات ومن بعض أكابر أحيائنا ..... وآخرون قد لا ينكرون صراحة وجودَه ولكن لا يجدون له فائدةً ملموسة ، أو دوراً يذكر في زمن الغيبة الكبرى ... ولا يتسع الوقت للتفصيل في المطلب فالزمن لن ينتظرنا ، والفتنُ تُحيق بنا من كل جانب ، والاستهزاءُ بآيات الله العظمى بات الشغلَ الشاغل لأعداء الدين .....
وسريعاً أذكر أنّ الشهيدَ الصدر قدس سره قد أورد في رسالته القيمة حول الإمام المهدي أرواحنا فداه أنّ مجموعَ الأخبارِ الواردةِ في الإمام الحجةِ من طرق الفريقين أكثرُ من ستةِ آلافِ روايةٍ .. وهذا رقْم إحصائي كبير لا يتوفرُ نظيرُه في كثير من قضايا الإسلام البديهية.. إذاً قضية الإمام المهدي أرواحنا فداه غيرُ قابلة للشك فيها إلا من قبل إنسان قاصر أو مغرض .. هذا فضلاً عن الأدلة العقلية القطعية التي تثبت عدم خلو الأرض من حجة لله إما ظاهراً أو مستوراً ......
وهناك خطأ شائع وشنيع حتى عند الكثيرين من المتنورين والمثقفين .. وهو اعتقادهم بأن دور الأئمة بعد رسول الله ينحصر في القيادة السياسية والدينية ، وطالما أن إمام الزمان لا يباشر القيادة السياسية بنفسه ... كما أنه قد أوكل أمور الدين لرواة الحديث فما الفائدة من وجوده ؟ ، وما المانع إن اعتقدنا أنه سيولد في آخر الزمان كما يعتقد غيرنا ؟ خاصة وأن اعتقاداً كهذا سيقربنا من الآخرين ..
الحق أن الجهلَ ، والجهلَ فقط ، هو الذي قاد هؤلاء وراء هذه الشبهةِ الخطيرةِ ، لأن الإمامةَ التي نعتقدها نحنُ أتباعُ أهلَ البيت مفهومها قرآني ، وهي أمر عظيم جلل .. فهي خلافة الله تعالى وخلافة أسمائه المقدسة في الأرض مصداقاً لآية الاستخلاف : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " ثم قوله تعالى :" وعلم آدم الأسماء كلها .." وذلك على تفصيل لا مجال له هنا .
و الخليفةُ عن الله أو الإمامُ على الناس بمعتقدنا .. معصوم ، له علم عظيم خاص ، معين بالنص ، ولا يخلو منه زمان .
وخليفةٌ إلهيٌ بمثل هذه الصفات عليه مسؤولياتٌ وأدوارٌ جسيمةٌ بعضها ظاهر وبعضها غيبي ، من أهمها :
1 - القيادة السياسية للأمة : وهذا الدور هو أصغر الأدوار وهو الذي نوزع فيه أئمة أهل البيت فقد ورد في نهج البلاغة : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ : دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ u بِذِي قَارٍ وَهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ فَقَالَ لِي مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا فَقَالَ u وَاللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا.
2 - الدور التشريعي : وأئمة أهل البيت يحتلون القمة في باب التشريع ولم يرقَ إليهم فيه أحدٌ باعتراف الجميع .
3 - الأسوة والقدوة الحسنة : وهذا ثابت أيضاً لجميع الأئمة الطاهرين ، وسيرتُهمُ العطرةُ النيرةُ يعترف بها حتى أعداؤُهم .
4- الهداية بأنواعها إلى الصراط المستقيم والدين القويم وهذا حق طبيعي لهم أثبته القرآن والرواية مصداقاً لقوله تعالى : " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ".
5- الشهادة على الأعمال وهذا دور إلهيٌ تكويني غيبي يقوم به الإمام سواءٌ كان حاضراً أو مغيباً ، وهو مصداق قوله تعالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً " فقد قال الصادق u : نَحْنُ الْأُمَّةُ الْوُسْطَى وَنَحْنُ شُهَدَاءُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَحُجَجُهُ فِي أَرْضِهِ ...
6- الدور التكويني الوجودي في حفظ هذا العالم وهو الدور الأهمُّ المتعلقُ بالإمامِ سواءٌ كان ظاهراً أو مستوراً ، وهو مضمون الرواياتِ التي تقول : لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها .... وهو أحد معاني سورة إنا أنزلناه في ليلة القدر حيث تنزل الملائكةُ والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر على إمام الزمان في كل عام ليقوم هو بإدارة شؤون العباد والبلاد بما يضمن صلاح هذا العالم وبما خوله رب العالمين ....
فإذا نُوْزِعَ أئمةُ أهلِ البيتِ قيادةَ الأمةِ السياسيةَ بعد رسول الله ، فذاك لا يُلغي أبداً دورهم في الشهادة على الأعمال والهدايةِ التكوينية والتشريعيةِ والدورَ التكويني الوجودي في حفظ نظام العالم وكونَهم وسائطُ للفيض والعطاء بين الخالق والمخلوق .. وتلك أدوارٌ لا مجال لينازعَهم بها أحد لأنها جعلية من الله تعالى لهم بالذات لا يمكن اكتسابُها لغيرهم، وهذه هي أهم مسؤولياتِ المولى صاحبِ الزمان أرواحنا فداه في زمن الغيبة الكبرى ...
وأود أن أرصع هذا الموضوعَ بمقتطفاتٍ نورانيةٍ رائعةٍ للإمام الرضا u عندما سئل عن الإمامِ فقال :
" ... الْإِمَامُ وَاحِدُ دَهْرِهِ لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ، ولَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ، ولَا يُوجَدُ مِنْهُ بَدَلٌ، ولَا لَهُ مِثْلٌ ولَا نَظِيرٌ، مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَهُ ولَا اكْتِسَابٍ، بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ أَوْ يُمْكِنُهُ اخْتِيَارُهُ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ... ضَلَّتِ الْعُقُولُ وتَاهَتِ الْحُلُومُ وحَارَتِ الْأَلْبَابُ. ..وَ تَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ وتَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ.. وحَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ. ...وَكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ وعَجَزَتِ الْأُدَبَاءُ وعَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ... لَا كَيْفَ وأَنَّى وهُوَ بِحَيْثُ النَّجْمِ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ ووَصْفِ الْوَاصِفِينَ، فَأَيْنَ الِاخْتِيَارُ مِنْ هَذَا وأَيْنَ الْعُقُولُ عَنْ هَذَا، وأَيْنَ يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا، أَتَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ ...
أيُّها الأحبة إننا والله غيرُ متروكين بل إننا بعين إمام زماننا في كل آن .
والقصة العجيبة التالية ينقلها الشيخ الجليلُ الوحيد الخراساني زعيم حوزةِ قم المقدسة عن صاحبها بواسطة واحدة فيقول : كان لنا أستاذ في مشهد قبل سفري إلى النجف ، له درسٌ خصوصيٌ لعدد من الطلبة ، وكان الدكتور صاحب القصة يَحضُر ذلك الدرس ، ولم أسمعها منه بل سمعتها من المرحوم الشيخ علي أكبر النهاوندي ، وكذا من المرحوم الشيخ علي أكبر نوغاني ، وقد سمعاها من صاحبها ، وأذكر لكم خلاصتَها ..... قال ذلك الدكتور :
كنتُ في غزو روسيا لإيران ، أثناء الحرب العالمية الثانية ، أعمل قريباً من الجبهة طبيباً جراحاً ، وذات يوم جاءني شخص وقال لي : أصابتني رصاصة فأجْرِ لي عمليةً الآن واستخرجها . قلت له : العمليةُ ليست شيئاً بسيطاً ، لابد أن يحضُرَ طبيبُ التخديرِ ويعطيك المخدر . قال : لا تنتظر المخدر ، جئ بوسائلك وأجرِ ليْ عمليةً الآن . فرأيت نفسي أتحرك لتنفيذ أمره كالمُسَيَّر بإرادته ، فأحضرت وسائلي .. وتمدد هو وقال : بسم الله النور ، بسم الله النور ، ثم تلفظ بإخفات بكلمتين أو ثلاث ، فرأيته نام كأنه بدن بلا روح ! عرَفتُ أنه رجل له قدرة على خلع روحه وتجريدها من بدنه ، فقلت في نفسي لقد وجدت كنزاً !
وما أن أتممتُ العملية ولم تكن صغيرة ، وأكملت خِياطة الجُرحِ حتى رأيته حرك شفتيه بهدوء وأعاد نفس الكلمات ، وجلس !
فسألته وتحدثت معه حتى عرَفت أنّ له ارتباطاً بصاحب الزمان صلوات الله عليه ، فسألتُهُ هل رأيته ؟ فقال : هيهات ، هيهات ! وهل أنا بمستوى من يراهُ ويتحدثُ معه ؟! أين أنا منه ؟! قلت له : إذن ما هو عملك ؟ قال : أنا مأمور أن أتواجد هنا !
قلت له : أليس للمولى عناية بنا ؟ ماذا يلاقي المسلمون من هذا الجيش الروسي والآذري من مصائب لا تحتمل ! فنظر إليَّ ، ثم قال : بدون اكتراث ... ليرحلوا .. وغاب عني ! فقط قال هذه الكلمة ، وغاب عني !
وفي ذلك اليوم عصراً وصلت برقية من مركز القيادة الروسية بالإنسحاب الفوري ، وأخذ الجيش الروسي والآذري بالإنسحاب من فورهم !
يومها عرفت أني وجدت ما أبحث عنه ! فهمت أن الشخص من أصحابِ الإمامِ المهديِ روحي فداه وأنه يملِك شعاعاً من تلك الإرادةِ الربانيةِ القاهرةِ فهو يقول : ليرحلوا..... فيرحلون !
ويقول الدكتور صاحب القصة عن ذلك الرجل عندما سأله : قلت له هل رأيت صاحبَ الأمر نفسَه ؟ قال : لا ، هيهات ... أنا ارتباطي بسبعة أشخاص ، هم يرونه....
فأين مقامه صلوات الله عليه ؟ وفي أي درجة ومرتبة ذلك الإكسيرُ الأعظمُ ؟ الذي يتصل به سبعة أشخاصٍ فيكونون كالكبريتِ الأحمرِ ، ويملكون هم ومن يتصل بهم من تلاميذهم ، ما شاء الله من اسم الله الأعظم ؟ !
ولولا ضيق الوقت أيُّها الأحبة لذكرنا العديد من الكرامات التي حصلت ببركة مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه مع رجال المقاومة البواسل في لبنان في الحرب الأخيرة ضد أعداء الدين والإنسانية .....
ثم بعد هذا كله يأتي بعض مدعيْ التشيعِ والعلمِ ... والذين لم يفقهوا شيئاً عن معاني الإمامة ، وعن إمام زمانهم ليقيموا الدنيا ثم لا يقعدوها على زعيم الحوزة العلمية في قم المقدسة الشيخ الوحيد الخراساني دامت بركاته .. واتهموه بالغلو والانحراف .. كل ذلك بسبب قوله : أنَّ الحديث حول إمام العصر u إنما هو على نحو تبصبص الكلب حول سيده !!!؟؟
... يتبع ...