|
مشرفة سابقة
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في وصف المتقين
بتاريخ : 21-Apr-2007 الساعة : 04:51 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
صلاة لا يقوى على عدها وإحصائها أحد غيرك يااااااااااااالله
عن أبان بن أبي عياش عن سليم قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين يقال له :" همّام" -وكان عابدا مجتهدا- فقال : يا أمير المؤمنين صف لي المؤمنين كأني أنظر إليهم.
فتثاقل أمير المؤمنين عن جوابه ثم قال: يا همّام اتق الله وأحسن فإنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
فقال له همّام : أسألك بالذي أكرمك وخصّك وحباك وفضّلك بما آتاك لما وصفتهم لي.
فقام أمير المؤمنين على رجليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم ثم قال أما بعد: فإنّ الله خلق الخلق حين خلقهم غنيّا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنّه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم. فقسّم بينهم معايشهم ووضعهم من الدنيا مواضعهم...
المؤمن في الدنيا:
فالمؤمنون فيها هم أهل الفضائل منطِقهم الصواب وملبسهم الإقتصاد ومشيهم التواضع.
خضعوا لله بالطاعة فمضوا غاضّين أبصارهم عمّا حرم الله عليهم واقفين أسماعهم على العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء رِضى عن الله بالقضاء.
لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب ، وخوفا من العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم.
المؤمن والجنّة والنّار
فهم والجنّة كمن قد رآها ، فهم فيها منعمون ، وهم والنّار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون قلوبهم محزونة ، وحدودهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة وحوائجهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، ومعونتهم في الإسلام عظيمة.
صبروا أياما قصارا أعقبتهم راحة طويلة ، تجارة مربحة يسّرها لهم رب كريم.
أرادتهم الدنيا فلم يريدوها.
المؤمن في يومه وليلته:
أمّا الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرءان ، يرتِّلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ، ووجع كلوم* جوانحهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلعت إليها أنفسهم شوقا ، فظنّوا أنها نصب أعينهم ، حافين على أوساطهم يمجِّدون جبّارا عظيما ، مفترشين جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم من النّار.
وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم ، واقشعرّت منها جلودهم ، ووجلت منها قلوبهم ، وظنّوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم .
وأما النّهار فحلماء ، علماء ، بررة ، أتقياء ، برأهم الخوف فهم أمثال القداح* ، ينظر إليهم النّاظر فيحسبهم مرضى ، وما بالقوم من مرض ، أو قد خولطوا، قد خالط القوم أمر عظيم.
إذا ذكروا عظمة الله وشدة سلطانِه ، مع ما يخالطهم من ذِكر الموت وأهوال القيامة ، فزّع ذالك قلوبهم ، وطاشت له حلومهم ، وذهِلت عنهم عقولهم ، واقشعرت منها جلودهم ، وإذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزكية ، لا يرضون لله بالقليل ، ولا يستكثرون له الجليل.
علامات المؤمن الظاهرية:
فهم لأنفسهم متهِمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إن زكِّي أحدهم خاف ممّا يقولون وقال : "أنا أعلم بنفسي من غيري ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا ممّا يظنّون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، فإنّك علاّم الغيوب وساتر العيوب".
ومن علامة أحدهم أنّك ترى له قوة في الدين ، وحزما في لين ، وإيمانا في يقين، وحرصا على علم ،وفهما في فقه ، وعلما في حلم ، وشفقة في نفقة ، وكيسا في رفق ، وقصدا في غنى ، وخشوعا في عبادة ،وتحمّلا في فاقة ، وصبرا في شدّة ، ورحمة للمجهود*، وإعطاء في حق ، ورفقا في كسب ، وطيبا في الحلال ، ونشاطا في الهدى ، وتحرجا عن الطمع ، وبرّا في استقامة ، واعتصاما عند شهوة.
علامات المؤمن الباطنية:
لا يغرّه ثناء من جهله ، ولا يدع إحصاء عمله، مستبطأ لنفسه في العمل يعمل الأعمال الصالحة .
وهو رجل يمسي وهمه الشّكر ، ويصبح وشغله الذكر، يبيت حذرا ،ويصبح فرحا ، حذرا لما حذِّر، وفرحا لما أصاب من الفضل والرحمة .
وإن استصعب عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما إليه بِشره ففرحه فيما يخلد ويطول ، وقرّة عينه فيما لا يزول ، رغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفنى .
يمزج الحلم بالعلم ، والعلم بالعقل ، تراه بعيدا كسله ، دائما نشاطه ، قريبا أمله ، قليلا زللْه ، متوقعا أجله ، خاشعا قلبه ، قانعا نفسه ، متغيبا جهله ، سهلا أمره ، حريزا لدينه ، ميِّتة شهوته ، مكضوما غيضه ، صافيا خلقه ، آمنا منه جاره ، ضعيفا كبره ، قانعا بالذي قدِّر له ، متينا صبره ، محكما أمره ن كثيرا ذكره.
لا يحدِّث بما اؤتمن عليه الأصدقاء ، ولا يكتم شهادة الأعداء ،ولا يعمل شيئا من الحق رياء ،ولا يتركه حياء ، الخير منه مأمول ، والشرّ منه مأمون .
يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، لا يعزب حلمه ،ولا يعجل فيما يريبه ، ويصفح عما تبيّن له ، بعيد جهله ، ليِّن قوله ، غائب منكره ، قريب معروفه ، صادق قوله ، حسن فعله ، مقبل خيره ، مدبر شرّه.
وهو في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرّخاء شكور.
المؤمن والنّاس :
لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيما يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد حقا هو عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه.
لا يضيِّع ما استحفظ عليه ، ولا ينابز بالألقاب ، ولا يبغي على أحد ،ولا يهم بالحسد ، ولا يضارّ بالجار، ولا يشمت بالمصائب.
مؤدّ للأمانات ، سريع إلى الصلوات ، بطيء عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر، لا يدخل في الأمور بجهل ، ولا يخرج من الحق بعجز.
إن صمت لم يغمّه الصمت ، وإن نطق لم يقل خطأ ، وإن ضحك لم يعل صوته ، قانع بالذي قدِّر له ، لا يجمح به الغيض ، ولا يغلِبه الهوى ، ولا يقهره الشح ، ولا يطمع فيما ليس له.
يخالط النّاس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، ويتّجر ليغنم ، ويبحث ليعلم ، لا ينصت للخير ليفخر به ، ولا يتكلم ليتجبّر على من سواه.
نفسه منه في عناء ، والنّاس منه في راحة ، أتعب نفسه لآخرته ، وأراح النّاس من نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له ، بعده عمّن تباعد عنه زهدا ونزاهة .
ودنوّه ممّن دنا منه لينا ورحمة ، ليس تباعده تكبرا ولا عظمة ، ولا دنوّه خديعة ولا خلابة، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، فهو إمام لمن خلفه من أهل البر.
[size="4"]تأثير خطبة أمير المؤمنين في همّام [/size
قال:
فصاح همّا صيحة ثم وقع مغشيا عليه
فقال أمير المؤمنين :
أما والله لقد كنت أخافها عليه ،وقال : "هكذا تصنع المواعض البالغة بأهلها"
فقال له قائل : فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟
قال : لكلّ أجل لن يعدوه وسبب لا يجاوزه فمهلا لا تعد، فإنّما نفث على لسانِك الشيطان.
ثم رفع همّام رأسه فصعق صعقة وفارق الدنيا ، رحمه الله
سلام الله عليك يا أمير المؤمنين سلام الله عليك أيّها الصديق الأكبر
*كلوم : جمع كلم بمعنى الجرح
*القداح: السهم
*المجهود: الطاقة والإستطاعة]
|
|
|
|
|