اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
صراع المقاعد
جرت الأيام سريعة مطمأنة، تنساب انسياب الماء بين جداول المزارع. وشوقها يزداد بمرورها لمغادرة البلاد، والتوجه للقاء خير العباد. وفي مدة بسيطة بلغنا المراد، وكنا على استعداد لترك الديار.
في اليوم الموعود شققنا طريقنا إلى المطار، وقلوبنا تخترق الأزقة والشوارع وتودعها بحرارة. وعيوننا تتطلع إلى معالم الوطن واحد بعد آخر، على أمل اللقاء. وعلى عكس الحرارة العالية والرطوبة التي لا تطاق في ذلك الوقت، كنا نشعر في قرارة أنفسنا باعتدالها، كأننا جلوس في قاعة كبار الشخصيات، وكل شئ ينهى في سهولة ويسر، مع بساطة الإجراءات الرسمية وسلاستها.
اخذ كل منا ينظر إلى صاحبه، وعلى جبينه العديد من علامات الاستفهام الكبيرة، خوفا من وقوع ما لم يحمد عقباه.
كان الوقت فجر احد أواخر أيام رمضان، ولضيق الوقت اضطررنا لأداء الصلاة هناك.
كانت النفوس تحاول الإقلاع قبل الأبدان، للقاء غريب طوس وضامن الجنان(ع).
الطائرة كانت في انتظارنا بجناحيها الممتدين عبر الأفق، كطائر يحاول ضم صغاره في حنان إلى صدره، أو يحاول تجنيبها حرارة الشمس أو شدة الريح.
صعدنا على متنها واحد بعد الآخر، كأطفال بين أحضان أمهم، يتلقون محالبها لأول مرة.
جلسنا على مقاعدنا المخصصة والفرحة تغمرنا، كصغار رياض الأطفال في أول يوم لهم.
ما هي إلا دقائق معدودة حتى اتضح لنا ما كنا نخشاه، وتأخرنا بسبه في الذهاب والإياب.
كنا في انتظار جلوس البعض الذين تناسوا وجهة الرحلة وهدف الزيارة، ولم يمتنعوا من المشاجرة وعدم التعاون مع طاقم الطائرة، من اجل الحصول على مقاعد بعينها.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية