اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
قطب رحى الوجود
قال تعالى : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر ) سورة الكوثر ، وعن الرسول الأعظم وسلم أن قال : ( ما تكاملت النبوة لنبي حتى أقر بفضلها ومحبتها )
وعن الإمام الصادق : ( هي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى ) وعن الإمام العسكري : )أنه قال ( وأن فاطمة حجة علينا ) وعن الإمام القائم عجل الله فرجه الشريف أنه قال : ( وفي ابنة رسول الله لي أسوة حسنة ) وغيرها من النصوص الدالة على عظمة وجلالة الزهراء .
نحاول هنا أن نقتبس بصيصاً من شعاع نورها وجمالها وقدسها ، وإن كان الحديث عنها من قبلنا لا يعدو كونه تطفل لأنها أجل وأعز وأسمى من أن نتمكن من معرفتها وكيف ذاك وهي قطب دائرة الإمكان .
فهي في سمو قدرها ومكانتها من سنخ اللامتناهي فكيف لنا ونحن العاجزون إدراك قدرها .
ولكننا من باب قاعدة ( لا يترك الميسور ) ومن باب الإمتثال للأمر وكذا دلالة العقل من وجوب الرجوع إليهم والتزود من سيرتهم ، نلمح هنا – بشيء من الإختصار – إلى حقيقة غائبة دلت عليها النصوص وأيدتها كثير من الروايات تبين جزء من جلال قدها وخصائصها ألا وهي ( أن فاطمة الزهراء قطب رحى الوجود ) وليس في هذا الكلام شيء من الغلو إذا استند إلى الدليل واتكأ عليه ونذكر هنا دليلين يوضحان حقيقة المدعى :
* الدليل الأول :
مما جاء في حديث الكساء ، ولهذا الحديث أسانيد كثيرة معظمها صحيحة السند على المصطلح العلمي .. ( قال الله عز وجل : يا ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يدور و لا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء ، فقال الأمين جبرائيل يا رب ومن تحت الكساء فقال عز وجل : هم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها ..) فهي بنص الحديث تتمتع بموقع القطبية ولها دور المركزية فإن دوران الوجود يكون على أفضل الموجود ، وإن كان أبوها أفضل منها بلا ريب إلا أنها تتمتع بهذه الخصوصية وهي القطبية والمركزية ، ويقول الإمام الشيرازي الراحل (قدس) في كتاب من فقه الزهراء معقباً على ذلك : وحيث أنهم gمحور الكون والكائنات حيث كانوا هم السبب في إفاضته سبحانه وتعالى .. وكانوا هم الطرق والوسائل في هذه الإفاضة لذلك فهم قطب رحى الوجود وعليهم تدور القرون والأزمان بقول مطلق ، وفاطمة هي محور هذا المحور . فسبحان المنان الحنان .
* الدليل الثاني :
ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) ومما جاء في كتب التاريخ والتفاسير والحديث حول كيفية خروج النبي الأعظم وسلم يوم المباهلة من طرق السنة قبل الشيعة كما ذكر ذلك الزمخشري في الكشاف والبيضاوي في تفسيره ورواه مسلم في صحيحه والترمذي في الجامع الصحيح والحاكم في المستدرك وغيرهم ، هذا فضلاً عما رواه الشيعة في ذلك .
وقبل ذكر الكيفية التي خرج بها النبي وسلم للمباهلة يلزم التنبيه على أن قول وفعل وتقرير النبي وسلم حجة بلا خلاف ولا ريب ولا شك بين فرق المسلمين ( ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) .
يقول علماء السنة : ( خرج النبي وسلم و كان قد أحتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفة وعلي رضي الله عنه خلفها ..) لم يكن النبي وسلم يخرج بهذه الهيئة والكيفية إعتباطاً – حاشاه – فكل فعل منه وسلم سواءً في احتضانه الحسين أو أخذه بيد الحسن أو كون فاطمة خلفه ثم كون علي خلفهم كل حركة لها دلالاتها .. ومن أهم ذلك فعل النبي وسلم في وضع فاطمة في وسط المجموع والذين هم أفضل المخلوقات على الإطلاق حيث لها خصوصية المركزية ودور القطبية فهي برزخ يبن النبوة الكبرى والإمامة العظمى ، ويقول المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني في يوم 11/5/1414هـ في درسه الخارج ، وبمناسبة ذكرى السيدة الزهراء ومعقباًَ على كيفية خروج النبي وسلم للمباهلة وذلك في كتاب (مقتطفات ولائية ) : ( وأنه يعني أن فاطمة تتمتع بموقع القطبية ولها دور المركزية – المحورية – بين مقامي الوحي الأعظم والبلاغ ، فالذي كان يتقدمها هو رسول الله وسلم والذ كان يمشي خلفها هو علي صاحب مقام تفسير الوحي ...