تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 1 - منتديات موقع الميزان
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
التسجيل
التعليمـــات
التقويم
منتديات موقع الميزان
.: الـمـيـزان الـعـلـمـي :.
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 1
اسم المستخدم
حفظ بياناتي ؟
كلمة المرور
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
عقائد - فقه - تحقيق - أبحاث - قصص - ثقافة - علوم - متفرقات
منوعات
روابط إضافية
منتديات موقع الميزان
اجعلنا الرئيسية
اضفنا في مفضلتك
قائمة الأعضاء
مشاركات اليوم
البحث
البحث في المنتدى
عرض المواضيع
عرض المشاركات
بحث متقدم
البحث في العناوين فقط
روابط بحث أخرى
بحث في قائمة الأعضاء
مشاركات جديدة
مشاركات اليوم
مواضيع لم يرد عليها
الذهاب إلى الصفحة...
كاتب الموضوع
محمدالموسوي
مشاركات
5
الزيارات
3392
انشر
|
انشر الموضوع
أدوات الموضوع
ابحث في الموضوع
محمدالموسوي
عضو مجتهد
رقم العضوية : 428
الإنتساب : Sep 2007
المشاركات : 94
بمعدل : 0.01 يوميا
النقاط :
217
المستوى :
مشاركة رقم :
1
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 1
بتاريخ : 28-Nov-2007 الساعة : 07:05 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
[color="Red"][/CO
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صـلِ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتـــه..
أخواني أعضاء منتدى موقع الميزان يازهراء قفوا معي على أن نستلهمَ العِبر ونتعلم مِن أنبياء الله الذين بعثهم لنا ليعلموننا الحق والسداد , لنا وقفة تأملات وعبر من حياة أنبياء الله بين كل فترة نبي من الأنبياء..
لم يمر على البشرية -منذ أن خلق الله تعالى آدم (ع) إلى هذا اليوم- عصر انتشر فيه الفساد: كمّاً، وكيفاً، وصوراً، كما هو في عصرنا اليوم.. ففي زاوية من زوايا الأرض، كان هناك قوم يمارسون الرذيلة والشذوذ، وقد عُرفوا في التأريخ، وقلبت مدينتهم جزاء بما كانوا يعملون.. والقرآن يذكرهم بذكرٍ منفرٍ: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ}.. بينما أصبحت هذه المعصية من المعاصي التي تُمارس هذه الأيام، بشكل مستساغ عند البعض، ومفلسف، وبلا نكير.. فهذه الفاحشة كانت سمة من سمات بعض الأمم.
إن شتى أنواع المنكر الظاهري والباطني، الشاذ وغير الشاذ، أصبح منتشرا في هذا العصر.. حقا إنه عصر عصيب!.. إذ أشارت بعض الروايات إلى مسألة امتلاء الأرض جورا، فنحن نعيش -على الأقل- بدايات هذا العصر.. وعلى كلٍّ فإن التأمل في سورة وقصة يوسف –
- من موجبات الاعتبار في هذا المجال.. فهو من الأنبياء الذين يمكن أن نجعلهم قدوة في حياتنا اليوم، وخاصة بالنسبة للشباب الذين يواجهون شتى صور المغريات.
إن قصة يوسف –
- من القصص التي ذكرت بتفصيل في القرآن الكريم: منذ صغره، وذلك المنام الذي رآه، إلى قصة الهمّ بقتله، ثم بيعه، ثم السجن، ثم إلى أن صار على خزائن الأرض.. فيوسف (ع) من الأنبياء الذين تناولهم القرآن الكريم بشيء من التفصيل.
ونلاحظ أن القرآن ينقل قصة، ولكن يعبر عن هذه القصة بأنها من أحسن القصص.. فهنالك قصة تقال للتسلية، ولإظهار شخصية خرافية، كما هو في كل الأمم.. ولكن هذه القصة من الوحي، {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}.. حيث أن هنالك نوع منّة من الله عز وجل، في ذكر قصص الغابرين من أنبيائه العظام.
إن هذه الحروف المقطعة في سورة البقرة {الم}.. وفي سورة يوسف {الر}.. وفي سورة آل عمران {الم}.. إلى آخره من السور، فقد كثرت الأقاويل في هذه المقطعات القرآنية، التي لم تعهد في أي مؤلف.. حيث أننا لا نرى مؤلفا في حياة الشعوب، تبتدأ بهذه الحروف المقطعة، حتى لعله في الإنجيل والتوراة الحقيقيين، قد لم تكن هذه القضية متكررة؛ ولكن في القرآن نرى هذه الظاهرة.. فهناك رأيان أساسيان حول هذه المسألة:
الرأي الأول: أنها رموز بين الله عز وجل، وبين النبي
وسلم، ومن هم كالنبي.. فالله عز وجل يريد أن يخاطب أولياءه ببعض الرموز، وهم يعلمون هذه الرموز.
الرأي الثاني: وهو أن الله عز وجل يريد أن يقول: بأن القرآن مركب من هذه الحروف.. ولكن بالنسبة إلى هذا القول الثاني: فلماذا تكرار بعض المقطعات: {الم} مثلا؟.. ولماذا اختيار هذه الأحرف؟.. ولماذا اختيار حرف {ص} أو {ن} أو ما شابه ذلك؟..
وعليه، فإن مسألة الرمزية هي الأقرب، والبعض قال: الله أعلم بمراده.. فجعل نفسه في زاوية الجهالة المطلقة، وقال: نحن لا نفقه تفسيرا لهذه الكلمات.. إن القرآن معظمه بيّن وظاهر، ما عدا هذه المقطعات، والآيات المتشابهة.
إن في قصة يوسف صلوات الله وسلامه عليه، بعض الدروس المهمة:
يلاحظ من سياق سورة يوسف (ع)، أن أخوة يوسف (ع) لم يكونوا من الكافرين، بل كانوا مؤمنين بالله عز وجل.. ولهذا تراهم يقسمون بالله عز وجل: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}.. فإن قال قائل: بأن هذه التعابير كانت متأخرة، وعندما همّوا بقتل يوسف –
- لم يكونوا مؤمنين.. فإن هذا القول تدفعه هذه الآية: {اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}.. والغريب أن هؤلاء كان بودهم أن يقعوا في قلب أبيهم موقعا حسنا، ويريدون أن يتوجه إليهم يعقوب كتوجهه إلى يوسف!..
وعليه، فإن على الأب أن لا يظهر التمييز في مقام التعامل مع أولاده، فالشيطان في المرصاد، والحسد من المعاصي الأولية على هذه الأرض.. ويبدو أن هؤلاء اكتشفوا بأن هنالك توجها من يعقوب لهذا النبي العظيم.. ويوسف (ع) كما نعلم، لم يكن جماله جمالا طارئا، وإنما كان جماله معه منذ الصغر: جمال ظاهري، وروح تحمل مقدمات تلقي النبوة.. فيا له من جمال ظاهرٍ وباطن!.. فمن الطبيعي أن يميل إليه يعقوب، ويبدو ذلك من تصرفه.
إن قولهم: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}.. أي بعد ذلك نتوب إلى الله عز وجل، ونصبح من الصالحين.. وهذه هي حالة الاستهزاء بالتوبة، إن البعض منا يرتكب الفواحش، ويعمل بعض المنكرات، أو قد يتوغل في عالم الشهوات المحللة، على أمل أن يصل يوما من الأيام، ويعود إلى جادة الحق.. ولكن أنّى له ذلك؟!..
فإذن، إن هذا المنطق ذكره القرآن الكريم.. وهو منطق لا يمكن أن يقبل، أي أن يُقدم الإنسان على المعصية، على أمل أن يوفق للتوبة في يوما من الأيام.. فالإنسان مادام لم يخرج من هذه الدنيا سالما، ومادام لم تختم له بالعاقبة الحسنة، فليتوقع في نفسه كل شيء.. فالشيطان بالمرصاد، وهو الخبير بإغواء الأمم.. وهكذا دخل في نفوس أخوة يوسف، الذين تربوا في حضن نبي من الأنبياء.. وما قاموا به، لم يكن مقابل رجل كبير.. فقابيل قتل هابيل، ولكن كانوا في مستوى بعضهم البعض.. أما بالنسبة إلى طفل صغير كيوسف، هذا الولد البريء، والجميل، وذو الصفات الحسنة.. فكيف طاوعت لهم أنفسهم محاولة قتله؟.. فهذا يكشف أنه لا أمان من شر الشيطان، من أن يجر الإنسان إلى أعظم المعاصي.. ويقال بأنهم كانوا عشرة، وكلهم أجمعوا على قتل يوسف.. فعشرة مقابل يوسف وأخيه، وهما ولدان صغيران، وفي المقابل عصبة متشكلة!.. ونحن نعلم أن الانحراف قد يأتي لولد، أو لولدين، أو لثلاثة، أما أن أولاد نبي يجمعون على كبيرة من الكبائر، وكبيرة شرعية، وكبيرة لا إنسانية!.. فإذن، إن النفس الإنسانية معرضة لكل كبيرة، لولا العصمة الإلهية، والأمان من شر الشيطان اللعين الرجيم.
إن هذا الشيطان العدو اللدود، له خبرة عريقة.. فقد حاول مع أبناء يعقوب، وأوصلهم إلى هذه الدرجة المتدنية من الميل إلى الجريمة.. فما بالنا نحن الذين لسنا في مستوى المواجهة مع هذا العدو اللدود؟!..
إن من المحطات الملفتة في حياة نبي الله يوسف -صلوات الله وسلامه عليه- هي ملاحظة أن اليد الإلهية هي التي تسوق الأنبياء، فمثلا: إبراهيم (ع) وإخراجه من النار.. وموسى (ع) وإخراجه من النيل.. ويونس (ع) وإخراجه من بطن الحوت.. فهذه اليد أيضا تعاملت مع يوسف (ع) بنفس المعادلة، فلو أن السيارة أو القافلة، قد تأخرت يوما أو بعض يوم، لمات جوعا، وهو في أعماق ذلك البئر.. ولكن تأتي السيارة في الوقت المناسب، فيدلي دلوه، ويرون هذا الغلام.. وبالتالي، يأتي رب العالمين بالمدد الغيبي، ليستخرج وليه من أعماق البئر.. إن هذه اليد عولوا عليها.
إن الإنسان المؤمن لا يحسب حساباته، فهناك ورد ما مضمونه: (يا عبدي ادعني ولا تعلمني).. أي أنت اطلب مني الهدف، أما ما هي الوسيلة؟.. وما هي المراحل؟.. فاترك الأمر إليَّ!.. فيوسف -
- وهو في أعماق البئر، من المؤكد أنه كان يدعو إما بلسان حاله، أو بلسان مقاله.. ولم يكن يتوقع أن تكون النجاة بهذه الطريقة، والنجاة من أين؟.. وإلى أين؟.. من أعماق البئر، إلى ذلك المكان الفرعوني، إلى بيت العزيز، حيث الترف، وحيث الراحة!.. وإذا به وخلال فترة قصيرة، ينتقل من العالم الضيق، إلى ذلك العالم المترف.
ثم انظروا إلى تصرفات الله عز وجل في قلب الملوك!.. إن البعض يظن أن الله عز وجل يتصرف في قلوب الصالحين فقط.. فعندما يبتلى الإنسان ببلية، ويكون علاج هذه البلية بيد ظالم، فعليه أن لا ييأس من روح الله عز وجل.. فالذي قلّب قلب فرعون، الذي يقتل الأولاد الصغار، والرضع، لئلا يلد فيهم مثل موسى.. وإذا بهذا القلب يتحوّل، ويحتضن القاتل، وهو موسى.
وانظروا إلى هذا العزيز!.. {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}.. ومن المعروف بأن عاطفة الأبوة والبنوة، تحتاج إلى جذور فطرية.. فالإنسان يحنُّ إلى ولده الذي من صلبه، وهذا ولدٌ استُخرج من البئر، لا يعرف حسبه ولا نسبه.. وإذا بهذه العاطفة التي تأتي من خلال سنوات، من البنوة والأبوة، توجد في قلب هذا الرجل، وفي قلب زوجته.
{وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ}.. إذا أراد الله عز وجل أن يهيأ الأسباب هكذا يهيئ.. {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين}.. {بَلَغَ أَشُدَّهُ}.. أي مرحلة النضج والشباب، فالشاب الذي له وعي والتفات، حتى لو كان دون العشرين، يمكن أن يعبّر عنه بأنه بلغ أشده.. فإذن، إن سن الأربعين هي سن ما بعد بلوغ الأشد.
{آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}.. إن العلم الذي يعطيه رب العالمين، هذا العلم لا يتخلف عن الواقع.. فنحن نجد في أنفسنا علما، أي ينكشف لنا الواقع من خلال صورة ذهنية.. ولكن لم نصل إلى الواقع، وإنما صورنا الواقع في أنفسنا تصويرا، وقد يطابق الواقع، وقد لا يطابقه.. وعلماء الفلك هذه الأيام، يدّعون العلم بالمجرّة الكذائية، بالأوصاف الكذائية، وذلك من خلال المعادلات والتحاليل، يصلون إلى مرحلة العلم المبدعة، بينما الواقع محجوب عنهم.. ولكن العلم الذي يأتي من قبل الله عز وجل، فهذا العلم يكشف الواقع.. وعليه، فنحن علماء، ولكن بجهل مركب: أي نحن جاهلون، ولكن لا نعلم أننا من الجاهلين.
فإذن، إذا أراد الله عز وجل، أن يمنّ على عبدٍ فتح له باب الانكشاف الباطني، وفتح له كما فتح للقمان باب الحكمة، فيرى الأمور بحقائقها.. فبالنسبة للأنبياء إن دائرة هذا العلم واسعة، ويعرفون كثيرا من الأشياء: تأويل الرؤى، وما وراء الغيب، وما وراء الجدر إلى آخره.. والمؤمن يسأل الله عز وجل، أن يعطيه انكشافا بمقدار ما يحتاج إليه.. صحيح أن العلم لا يأتيه بكل أبعاده، ولكن يعطيه من العلم ما يرى به طريقه اليوم، مثلا: كيف يتعامل مع زوجته؟.. وكيف يربي ابنه؟.. وكيف يصل أرحامه؟.. وأين يسافر؟.. وأين يلقي عصا الاستقرار؟.. واختيار مواطن المعيشة؟.. ومواطن الهجرة؟.. وأسباب الرزق؟.. فإن كل ذلك من الأمور الخافية علينا.. فأين رضا الله؟.. وأين المصلحة؟.. فنحن لا نعلم، لذا على الإنسان أن يسأل الله تعالى أن يفتح له هذه الأبواب.
والجميل في الآية أنها تقول: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، فهذا العلم يُعطى، ولكن ليس جزافيا، وإنمل يحتاج إلى أرضية: الإحسان، والعلم، والجهاد الدائب.. فإذا كنت على هذا المستوى من الالتزام في الشريعة -ظاهرا وباطنا- فقد رشحت نفسك لهذا العلم الإلهي.
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ}.. إن هذه الأساليب الثلاثة، هي التي تستعملها النساء اللواتي، يردن إيقاع الفريسة في فخوخهن:
أولا: {وَرَاوَدَتْهُ}.. راودته، أي كان الكلام بلين، وبرفق.. فالمرأة التى تريد أن تصطاد فريستها من الشباب، من الطبيعي أن تلجأ إلى الكلام المعسول، وإلى رقة القول.. فالله عز وجل خلق المرأة، وجعل فيها هذه القابلية.. ويمكن تمييز صوت الرجل من المرأة، من خلال حروف، ومن وراء الهاتف –مثلا- فالرقة سمة كلام المرأة.. وهذه المرأة استعملت هذه الرقة، للإقاع بيوسف.
ثانيا: {وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ}.. أيضا من مكائد النساء: الخلوة، وعدم وجود الرقابة الاجتماعية، وعدم الخوف من الفضيحة، والابتعاد عن الأضواء، والذهاب إلى الظلمات، حيث لا يمكن أن تراقب.
ثالثا: {وَقَالَتْ هَيْتَ}.. أي ما بقي إلا أن تقدم، فهي تأمر أمراً بإصرار وبإلحاح، بعد المقدمتين السابقتين: المراودة برفق، واللينة في القول.. وتخلية الأجواء، بطرد الرقباء.. ثم تقول: الآن ما بقي إلا أن تقدم على ذلك الأمر.
إن ليوسف (ع) عبارات جميلة وبليغة، فقد قال هذه العبارات في تلك الخلوة، ومن وراء الأبواب المغلقة.. وإذا بعد آلاف السنين رب العالمين يكشف ما قاله يوسف في تلك الغرف المغلقة.. نعم، هكذا إذا أراد أن يظهر فضيلة يظهرها!.. وإذا أراد أن يكشف عن فضيحة كشفها أيضا.. {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.. إن أول جواب قاله يوسف: {مَعَاذَ اللّهِ}.. فلم يقل: هذا حرام، وهذا لا يجوز، وهذا يدخل نار جهنم.. لم يذكر ذلك أبدا، إنما {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ}.. الاستعاذة بالله عز وجل، وكأن يوسف (ع) بهذه العبارة تبرأ من حوله وقوته، أي يا رب!.. أنت الذي أستعيذ بك، وأنت الذي ألتجأ إليك.
{إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ}.. أي يا زليخة!.. هذا جواب نعم الله عز وجل!.. وقد أخرجني من الجب!.. وأكرمني في أحضان أبي يعقوب!.. وجعل محبتي في القلوب!.. وجعل هذا الرجل يتخذني ولدا!.. وأعطاني هذا الجمال!.. وبعد ذلك، ولأجل لحظات من الشهوة، أنكر هذا الجميل من رب العالمين!..
فإذن، هذا درس للشاب عندما يتعرض لهذا الموقف، فليتذكر الكم الكبير من النعم الإلهية المتوجهة إليه، وليحذر هذه الصفقة الخاسرة، وأن تسلب منه هذه النعم بدقائق معدودة: هذا العلم المعطى، وهذه الحكم، وهذا الامتياز، وهذا القرب.. هل يبيعه الإنسان في هذا الموقف؟.. أبدا!.. {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.. هو الفلاح بيده، والفوز بيده.. والذي ظلم نفسه، فإن رب العالمين لا يمكن أن يفتح له أبواب التوفيق.
والحمدلله ربِ العالمين
والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين
نسـألــكم الــدعـــاء
محمدالموسوي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محمدالموسوي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمدالموسوي
البحث عن جميع مواضيع محمدالموسوي
محمدالموسوي
عضو مجتهد
رقم العضوية : 428
الإنتساب : Sep 2007
المشاركات : 94
بمعدل : 0.01 يوميا
النقاط :
217
المستوى :
مشاركة رقم :
2
كاتب الموضوع :
محمدالموسوي
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 28-Nov-2007 الساعة : 07:16 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صـلِ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتـــه..
أخواني أعضاء منتدى موقع الميزان يازهراء قفوا معي على أن نستلهمَ العِبر ونتعلم مِن أنبياء الله الذين بعثهم لنا ليعلموننا الحق والسداد , لنا وقفة تأملات وعبر من حياة أنبياء الله بين كل فترة نبي من الأنبياء..
لم يمر على البشرية -منذ أن خلق الله تعالى آدم (ع) إلى هذا اليوم- عصر انتشر فيه الفساد: كمّاً، وكيفاً، وصوراً، كما هو في عصرنا اليوم.. ففي زاوية من زوايا الأرض، كان هناك قوم يمارسون الرذيلة والشذوذ، وقد عُرفوا في التأريخ، وقلبت مدينتهم جزاء بما كانوا يعملون.. والقرآن يذكرهم بذكرٍ منفرٍ: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ}.. بينما أصبحت هذه المعصية من المعاصي التي تُمارس هذه الأيام، بشكل مستساغ عند البعض، ومفلسف، وبلا نكير.. فهذه الفاحشة كانت سمة من سمات بعض الأمم.
إن شتى أنواع المنكر الظاهري والباطني، الشاذ وغير الشاذ، أصبح منتشرا في هذا العصر.. حقا إنه عصر عصيب!.. إذ أشارت بعض الروايات إلى مسألة امتلاء الأرض جورا، فنحن نعيش -على الأقل- بدايات هذا العصر.. وعلى كلٍّ فإن التأمل في سورة وقصة يوسف –
- من موجبات الاعتبار في هذا المجال.. فهو من الأنبياء الذين يمكن أن نجعلهم قدوة في حياتنا اليوم، وخاصة بالنسبة للشباب الذين يواجهون شتى صور المغريات.
إن قصة يوسف –
- من القصص التي ذكرت بتفصيل في القرآن الكريم: منذ صغره، وذلك المنام الذي رآه، إلى قصة الهمّ بقتله، ثم بيعه، ثم السجن، ثم إلى أن صار على خزائن الأرض.. فيوسف (ع) من الأنبياء الذين تناولهم القرآن الكريم بشيء من التفصيل.
ونلاحظ أن القرآن ينقل قصة، ولكن يعبر عن هذه القصة بأنها من أحسن القصص.. فهنالك قصة تقال للتسلية، ولإظهار شخصية خرافية، كما هو في كل الأمم.. ولكن هذه القصة من الوحي، {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}.. حيث أن هنالك نوع منّة من الله عز وجل، في ذكر قصص الغابرين من أنبيائه العظام.
إن هذه الحروف المقطعة في سورة البقرة {الم}.. وفي سورة يوسف {الر}.. وفي سورة آل عمران {الم}.. إلى آخره من السور، فقد كثرت الأقاويل في هذه المقطعات القرآنية، التي لم تعهد في أي مؤلف.. حيث أننا لا نرى مؤلفا في حياة الشعوب، تبتدأ بهذه الحروف المقطعة، حتى لعله في الإنجيل والتوراة الحقيقيين، قد لم تكن هذه القضية متكررة؛ ولكن في القرآن نرى هذه الظاهرة.. فهناك رأيان أساسيان حول هذه المسألة:
الرأي الأول: أنها رموز بين الله عز وجل، وبين النبي
وسلم، ومن هم كالنبي.. فالله عز وجل يريد أن يخاطب أولياءه ببعض الرموز، وهم يعلمون هذه الرموز.
الرأي الثاني: وهو أن الله عز وجل يريد أن يقول: بأن القرآن مركب من هذه الحروف.. ولكن بالنسبة إلى هذا القول الثاني: فلماذا تكرار بعض المقطعات: {الم} مثلا؟.. ولماذا اختيار هذه الأحرف؟.. ولماذا اختيار حرف {ص} أو {ن} أو ما شابه ذلك؟..
وعليه، فإن مسألة الرمزية هي الأقرب، والبعض قال: الله أعلم بمراده.. فجعل نفسه في زاوية الجهالة المطلقة، وقال: نحن لا نفقه تفسيرا لهذه الكلمات.. إن القرآن معظمه بيّن وظاهر، ما عدا هذه المقطعات، والآيات المتشابهة.
إن في قصة يوسف صلوات الله وسلامه عليه، بعض الدروس المهمة:
يلاحظ من سياق سورة يوسف (ع)، أن أخوة يوسف (ع) لم يكونوا من الكافرين، بل كانوا مؤمنين بالله عز وجل.. ولهذا تراهم يقسمون بالله عز وجل: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}.. فإن قال قائل: بأن هذه التعابير كانت متأخرة، وعندما همّوا بقتل يوسف –
- لم يكونوا مؤمنين.. فإن هذا القول تدفعه هذه الآية: {اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}.. والغريب أن هؤلاء كان بودهم أن يقعوا في قلب أبيهم موقعا حسنا، ويريدون أن يتوجه إليهم يعقوب كتوجهه إلى يوسف!..
وعليه، فإن على الأب أن لا يظهر التمييز في مقام التعامل مع أولاده، فالشيطان في المرصاد، والحسد من المعاصي الأولية على هذه الأرض.. ويبدو أن هؤلاء اكتشفوا بأن هنالك توجها من يعقوب لهذا النبي العظيم.. ويوسف (ع) كما نعلم، لم يكن جماله جمالا طارئا، وإنما كان جماله معه منذ الصغر: جمال ظاهري، وروح تحمل مقدمات تلقي النبوة.. فيا له من جمال ظاهرٍ وباطن!.. فمن الطبيعي أن يميل إليه يعقوب، ويبدو ذلك من تصرفه.
إن قولهم: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}.. أي بعد ذلك نتوب إلى الله عز وجل، ونصبح من الصالحين.. وهذه هي حالة الاستهزاء بالتوبة، إن البعض منا يرتكب الفواحش، ويعمل بعض المنكرات، أو قد يتوغل في عالم الشهوات المحللة، على أمل أن يصل يوما من الأيام، ويعود إلى جادة الحق.. ولكن أنّى له ذلك؟!..
فإذن، إن هذا المنطق ذكره القرآن الكريم.. وهو منطق لا يمكن أن يقبل، أي أن يُقدم الإنسان على المعصية، على أمل أن يوفق للتوبة في يوما من الأيام.. فالإنسان مادام لم يخرج من هذه الدنيا سالما، ومادام لم تختم له بالعاقبة الحسنة، فليتوقع في نفسه كل شيء.. فالشيطان بالمرصاد، وهو الخبير بإغواء الأمم.. وهكذا دخل في نفوس أخوة يوسف، الذين تربوا في حضن نبي من الأنبياء.. وما قاموا به، لم يكن مقابل رجل كبير.. فقابيل قتل هابيل، ولكن كانوا في مستوى بعضهم البعض.. أما بالنسبة إلى طفل صغير كيوسف، هذا الولد البريء، والجميل، وذو الصفات الحسنة.. فكيف طاوعت لهم أنفسهم محاولة قتله؟.. فهذا يكشف أنه لا أمان من شر الشيطان، من أن يجر الإنسان إلى أعظم المعاصي.. ويقال بأنهم كانوا عشرة، وكلهم أجمعوا على قتل يوسف.. فعشرة مقابل يوسف وأخيه، وهما ولدان صغيران، وفي المقابل عصبة متشكلة!.. ونحن نعلم أن الانحراف قد يأتي لولد، أو لولدين، أو لثلاثة، أما أن أولاد نبي يجمعون على كبيرة من الكبائر، وكبيرة شرعية، وكبيرة لا إنسانية!.. فإذن، إن النفس الإنسانية معرضة لكل كبيرة، لولا العصمة الإلهية، والأمان من شر الشيطان اللعين الرجيم.
إن هذا الشيطان العدو اللدود، له خبرة عريقة.. فقد حاول مع أبناء يعقوب، وأوصلهم إلى هذه الدرجة المتدنية من الميل إلى الجريمة.. فما بالنا نحن الذين لسنا في مستوى المواجهة مع هذا العدو اللدود؟!..
إن من المحطات الملفتة في حياة نبي الله يوسف -صلوات الله وسلامه عليه- هي ملاحظة أن اليد الإلهية هي التي تسوق الأنبياء، فمثلا: إبراهيم (ع) وإخراجه من النار.. وموسى (ع) وإخراجه من النيل.. ويونس (ع) وإخراجه من بطن الحوت.. فهذه اليد أيضا تعاملت مع يوسف (ع) بنفس المعادلة، فلو أن السيارة أو القافلة، قد تأخرت يوما أو بعض يوم، لمات جوعا، وهو في أعماق ذلك البئر.. ولكن تأتي السيارة في الوقت المناسب، فيدلي دلوه، ويرون هذا الغلام.. وبالتالي، يأتي رب العالمين بالمدد الغيبي، ليستخرج وليه من أعماق البئر.. إن هذه اليد عولوا عليها.
إن الإنسان المؤمن لا يحسب حساباته، فهناك ورد ما مضمونه: (يا عبدي ادعني ولا تعلمني).. أي أنت اطلب مني الهدف، أما ما هي الوسيلة؟.. وما هي المراحل؟.. فاترك الأمر إليَّ!.. فيوسف -
- وهو في أعماق البئر، من المؤكد أنه كان يدعو إما بلسان حاله، أو بلسان مقاله.. ولم يكن يتوقع أن تكون النجاة بهذه الطريقة، والنجاة من أين؟.. وإلى أين؟.. من أعماق البئر، إلى ذلك المكان الفرعوني، إلى بيت العزيز، حيث الترف، وحيث الراحة!.. وإذا به وخلال فترة قصيرة، ينتقل من العالم الضيق، إلى ذلك العالم المترف.
ثم انظروا إلى تصرفات الله عز وجل في قلب الملوك!.. إن البعض يظن أن الله عز وجل يتصرف في قلوب الصالحين فقط.. فعندما يبتلى الإنسان ببلية، ويكون علاج هذه البلية بيد ظالم، فعليه أن لا ييأس من روح الله عز وجل.. فالذي قلّب قلب فرعون، الذي يقتل الأولاد الصغار، والرضع، لئلا يلد فيهم مثل موسى.. وإذا بهذا القلب يتحوّل، ويحتضن القاتل، وهو موسى.
وانظروا إلى هذا العزيز!.. {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}.. ومن المعروف بأن عاطفة الأبوة والبنوة، تحتاج إلى جذور فطرية.. فالإنسان يحنُّ إلى ولده الذي من صلبه، وهذا ولدٌ استُخرج من البئر، لا يعرف حسبه ولا نسبه.. وإذا بهذه العاطفة التي تأتي من خلال سنوات، من البنوة والأبوة، توجد في قلب هذا الرجل، وفي قلب زوجته.
{وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ}.. إذا أراد الله عز وجل أن يهيأ الأسباب هكذا يهيئ.. {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين}.. {بَلَغَ أَشُدَّهُ}.. أي مرحلة النضج والشباب، فالشاب الذي له وعي والتفات، حتى لو كان دون العشرين، يمكن أن يعبّر عنه بأنه بلغ أشده.. فإذن، إن سن الأربعين هي سن ما بعد بلوغ الأشد.
{آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}.. إن العلم الذي يعطيه رب العالمين، هذا العلم لا يتخلف عن الواقع.. فنحن نجد في أنفسنا علما، أي ينكشف لنا الواقع من خلال صورة ذهنية.. ولكن لم نصل إلى الواقع، وإنما صورنا الواقع في أنفسنا تصويرا، وقد يطابق الواقع، وقد لا يطابقه.. وعلماء الفلك هذه الأيام، يدّعون العلم بالمجرّة الكذائية، بالأوصاف الكذائية، وذلك من خلال المعادلات والتحاليل، يصلون إلى مرحلة العلم المبدعة، بينما الواقع محجوب عنهم.. ولكن العلم الذي يأتي من قبل الله عز وجل، فهذا العلم يكشف الواقع.. وعليه، فنحن علماء، ولكن بجهل مركب: أي نحن جاهلون، ولكن لا نعلم أننا من الجاهلين.
فإذن، إذا أراد الله عز وجل، أن يمنّ على عبدٍ فتح له باب الانكشاف الباطني، وفتح له كما فتح للقمان باب الحكمة، فيرى الأمور بحقائقها.. فبالنسبة للأنبياء إن دائرة هذا العلم واسعة، ويعرفون كثيرا من الأشياء: تأويل الرؤى، وما وراء الغيب، وما وراء الجدر إلى آخره.. والمؤمن يسأل الله عز وجل، أن يعطيه انكشافا بمقدار ما يحتاج إليه.. صحيح أن العلم لا يأتيه بكل أبعاده، ولكن يعطيه من العلم ما يرى به طريقه اليوم، مثلا: كيف يتعامل مع زوجته؟.. وكيف يربي ابنه؟.. وكيف يصل أرحامه؟.. وأين يسافر؟.. وأين يلقي عصا الاستقرار؟.. واختيار مواطن المعيشة؟.. ومواطن الهجرة؟.. وأسباب الرزق؟.. فإن كل ذلك من الأمور الخافية علينا.. فأين رضا الله؟.. وأين المصلحة؟.. فنحن لا نعلم، لذا على الإنسان أن يسأل الله تعالى أن يفتح له هذه الأبواب.
والجميل في الآية أنها تقول: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، فهذا العلم يُعطى، ولكن ليس جزافيا، وإنمل يحتاج إلى أرضية: الإحسان، والعلم، والجهاد الدائب.. فإذا كنت على هذا المستوى من الالتزام في الشريعة -ظاهرا وباطنا- فقد رشحت نفسك لهذا العلم الإلهي.
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ}.. إن هذه الأساليب الثلاثة، هي التي تستعملها النساء اللواتي، يردن إيقاع الفريسة في فخوخهن:
أولا: {وَرَاوَدَتْهُ}.. راودته، أي كان الكلام بلين، وبرفق.. فالمرأة التى تريد أن تصطاد فريستها من الشباب، من الطبيعي أن تلجأ إلى الكلام المعسول، وإلى رقة القول.. فالله عز وجل خلق المرأة، وجعل فيها هذه القابلية.. ويمكن تمييز صوت الرجل من المرأة، من خلال حروف، ومن وراء الهاتف –مثلا- فالرقة سمة كلام المرأة.. وهذه المرأة استعملت هذه الرقة، للإقاع بيوسف.
ثانيا: {وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ}.. أيضا من مكائد النساء: الخلوة، وعدم وجود الرقابة الاجتماعية، وعدم الخوف من الفضيحة، والابتعاد عن الأضواء، والذهاب إلى الظلمات، حيث لا يمكن أن تراقب.
ثالثا: {وَقَالَتْ هَيْتَ}.. أي ما بقي إلا أن تقدم، فهي تأمر أمراً بإصرار وبإلحاح، بعد المقدمتين السابقتين: المراودة برفق، واللينة في القول.. وتخلية الأجواء، بطرد الرقباء.. ثم تقول: الآن ما بقي إلا أن تقدم على ذلك الأمر.
إن ليوسف (ع) عبارات جميلة وبليغة، فقد قال هذه العبارات في تلك الخلوة، ومن وراء الأبواب المغلقة.. وإذا بعد آلاف السنين رب العالمين يكشف ما قاله يوسف في تلك الغرف المغلقة.. نعم، هكذا إذا أراد أن يظهر فضيلة يظهرها!.. وإذا أراد أن يكشف عن فضيحة كشفها أيضا.. {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.. إن أول جواب قاله يوسف: {مَعَاذَ اللّهِ}.. فلم يقل: هذا حرام، وهذا لا يجوز، وهذا يدخل نار جهنم.. لم يذكر ذلك أبدا، إنما {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ}.. الاستعاذة بالله عز وجل، وكأن يوسف (ع) بهذه العبارة تبرأ من حوله وقوته، أي يا رب!.. أنت الذي أستعيذ بك، وأنت الذي ألتجأ إليك.
{إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ}.. أي يا زليخة!.. هذا جواب نعم الله عز وجل!.. وقد أخرجني من الجب!.. وأكرمني في أحضان أبي يعقوب!.. وجعل محبتي في القلوب!.. وجعل هذا الرجل يتخذني ولدا!.. وأعطاني هذا الجمال!.. وبعد ذلك، ولأجل لحظات من الشهوة، أنكر هذا الجميل من رب العالمين!..
فإذن، هذا درس للشاب عندما يتعرض لهذا الموقف، فليتذكر الكم الكبير من النعم الإلهية المتوجهة إليه، وليحذر هذه الصفقة الخاسرة، وأن تسلب منه هذه النعم بدقائق معدودة: هذا العلم المعطى، وهذه الحكم، وهذا الامتياز، وهذا القرب.. هل يبيعه الإنسان في هذا الموقف؟.. أبدا!.. {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.. هو الفلاح بيده، والفوز بيده.. والذي ظلم نفسه، فإن رب العالمين لا يمكن أن يفتح له أبواب التوفيق.
والحمدلله ربِ العالمين
والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين
نسـألــكم الــدعـــاء
محمدالموسوي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محمدالموسوي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمدالموسوي
البحث عن جميع مواضيع محمدالموسوي
عادل ابو المجد
عضو
رقم العضوية : 576
الإنتساب : Nov 2007
المشاركات : 445
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط :
0
المستوى :
مشاركة رقم :
3
كاتب الموضوع :
محمدالموسوي
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 29-Nov-2007 الساعة : 12:27 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اهنئك بما وهبه اللة لك منعلم شرفت بقراءه كل مشاركاتك وتعلمت واستمتعت فهنيءا لك العلم يا استاذ محمد الموسوي واعدك ان استكمل قراءه ما فاتني من مشاركاتك قبل الذهاب لاداء فريضة الحج انشاء اللة عادل ابو المجد
عادل ابو المجد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عادل ابو المجد
البحث عن المشاركات التي كتبها عادل ابو المجد
البحث عن جميع مواضيع عادل ابو المجد
محمدالموسوي
عضو مجتهد
رقم العضوية : 428
الإنتساب : Sep 2007
المشاركات : 94
بمعدل : 0.01 يوميا
النقاط :
217
المستوى :
مشاركة رقم :
4
كاتب الموضوع :
محمدالموسوي
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 29-Nov-2007 الساعة : 09:14 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
يااخي عادل ابو المجد انه العلم نور والجهل ضلام انا في خدمة اهل البيت وتقبل الله لكه الحجه بحق محمد وال محمد تحياتي اخوك امحمدالموسوي
محمدالموسوي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محمدالموسوي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمدالموسوي
البحث عن جميع مواضيع محمدالموسوي
عادل ابو المجد
عضو
رقم العضوية : 576
الإنتساب : Nov 2007
المشاركات : 445
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط :
0
المستوى :
مشاركة رقم :
5
كاتب الموضوع :
محمدالموسوي
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
الاستاذ العالم محمد الموسوي
بتاريخ : 28-Jan-2008 الساعة : 01:26 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
لعلي قد انتابتني سابقا سوره انفعالية جعلتني احذف كل المشاركات المحرره بمعرفتي وقد اسفت الان علي ذلك ولكنني اكثر اسفا علي تاخري عن شكرك بالتهنئة بالحج واستدرك ذلك واتمني ان تقبل اعتذاري وما احب ان اهنؤك بة اكثر هو العطاء العلمي القرآني وبحوثك القيمة في عالم الغيب والشهاده وعالم الملك والملكوت والروح ومحاولة القاء الضوء علي مفهوم الروح وانطباعات من قصة يوسف علية السلام عطاء مفيد ونافع وبعيد عن الخلاف والاختلاف ولذلك كلة ارجوا قبول احترامي الخاص ودعائى لكم باستمرار العطاء وتقبل اللة منك فانا علي يقين انك تبغي من وراء ذلك وجة اللة اخوك عادل ابو المجد
عادل ابو المجد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى عادل ابو المجد
البحث عن المشاركات التي كتبها عادل ابو المجد
البحث عن جميع مواضيع عادل ابو المجد
محمدالموسوي
عضو مجتهد
رقم العضوية : 428
الإنتساب : Sep 2007
المشاركات : 94
بمعدل : 0.01 يوميا
النقاط :
217
المستوى :
مشاركة رقم :
6
كاتب الموضوع :
محمدالموسوي
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 14-Feb-2008 الساعة : 09:40 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
شكرا على المرور الكريم
محمدالموسوي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محمدالموسوي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمدالموسوي
البحث عن جميع مواضيع محمدالموسوي
«
شاهد الموضوع السابق
|
شاهد الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
ابحث في الموضوع
بحث متقدم
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك
BB code
is متاحة
الابتسامات
متاحة
كود [IMG]
متاحة
كود HTML معطلة
قوانين المنتدى
رجاءً إختر واحد:
لوحة تحكم العضو
الرسائل الخاصة
الاشتراكات
المتواجدون الآن
البحث في المنتدى
الواجهة الرئيسية
----------------------------------
.: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :.
مظلومية سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان النفحات المهدوية للإمام الحجة (عج)
.: ميزان أنوار السلوك :.
ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
ميزان الأدعية والمناجات والأذكار
مفاتيح الجنان في موقع الميزان
.: مراجع عظام وعلماء أعلام :.
إضاءات من نور المراجع والعلماء
سيرة العلماء الأعلام
الميزان العقائدي
ميزان الحق
المكتبة الصوتية لسماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
الميزان الفقهي
.: الـحـوار الإسـلامـي :.
ميزان الحوار في شبهات السيد فضل الله
ميزان الحوار مع أهل السنة والجماعة
ميزان المستبصرون
مطارحات في العقيدة
.: الـمـقـاومـة وقـضـايـا السـاعـة :.
ميزان أخبار الشيعة والمقاومة الإسلامية
أرشيف أخبار المقاومة
ميزان قضايا الساعة
.: الشــعـر والأدب :.
ميزان المنبر الحسيني لشعر أهل البيت (ع)
ميزان شعراء أهل البيت صلوات الله عليهم
صفوان بيضون
حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1430
حلقات برنامج : على مائدة الافطار والسحر لعام 1431
.: الـمـيـزان الـعـلـمـي :.
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
ميزان تفسير الأحلام
أرشيف تفسير الأحلام ( السيد جلال الحسيني )
أرشيف الأحلام المفسرة
متفرقات
ميزان المسابقات الدينية والثقافية
.: الميزان الاجتماعي :.
ميزان الأسرة الزهرائية
ميزان عالم المرأة
الأشغال اليدوية
.: الـمـنـبـر الـحـر :.
ميزان المنبر الحر
ميزان المناسبات والإعلانات
ميزان التعارف والترحيب بالأعضاء الجدد
.: الميزان الصحي والرياضي :.
ميزان الإرشادات الطبية والصحة البدنية والروحية
مطبخ الميزان من كل البلدان
سفرة شهر رمضان المبارك
المطبخ الشرقي للمأكولات
الحلويات والمرطبات والمشروبات
الميزان الرياضي
.: الميزان الصوتي والمرئي :.
ميزان التسجيلات الصوتية والفيديو و youtube
آية الله المحقق العاملي
السيد حسين مرتضى
الملا باسم كربلائي
رمضانيات
ميزان الفضائيات والبرامج الإسلامية
مسلسلات إسلامية
مسلسل المختار الثقفي
.: الميزان التقني والفني :.
ميزان الكمبيوتر والأنترنت والجوال (الخليوري)
ميزان الصور والتصوير
دروس في الـ Photoshop
تصاميم الأعضاء
بعدسة الأعضاء
.: الأرشــــيـف :.
ميزان شهر رمضان المبارك
ميزان الغدير في ولاية الأمير ( صلوات الله عليه )
ميزان الحج والعمرة وزيارة المعصومين (ع)
.: الميزان الإداري :.
ميزان الإقترحات والشكاوى
ميزان أرشيف المواضيع المكررة
الأحد 16 آذار 2025 ميلادى - 16 رمضان 1446 هجرى
-- الميزان الإفتراضي
-- ميزان الأحزان
-- الميزان الأفراح
الاتصال بأدارة المنتدى
-
العودة إلى موقع الميزان
-
الأعلى
المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc