|
عضو مميز
|
|
|
|
الدولة : العـــــــــــــراق
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
جواب السؤال الرابع من أسئلة سورة الرعد
بتاريخ : 12-Nov-2010 الساعة : 09:04 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الرسالــة الرابعـة
ما معنى التدبّر في القرآن ؟ وهل يكفي إتقان الأدوات التي يستخدمها أهل الفن فقط للوصول إلى معنى قريب منَ المراد ؟
[البحث اللغوي]
التدبُّرُ مصطلحٌ قرآنيٌّ ورد ذكرُهُ في القرآن في مواضع منها قوله تعالى في الآية 82 من سورة النساء : أفَلا يتَدَبَّرون القرآنَ ولو كانَ من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً .
قال العلاّمة الأستاذ والمفسّر المحقق الدكتور حسن المصطفوي « وأمّا التدبّر : فهو تفعّل لمطاوعة التفعيل ،فحقيقة معناه : حصول مفهوم التدبير وتحققه واختيار ذلك المفهوم ،فيقال دبّر الأَمْرَ فتدبّر الأمْرُ ، أي صار ذا عاقبة .ومن هذا المعنى يؤخذ مفهوم التعدية ـ تَدَبَّرَ القرآن ـ فكأنّ مرجعه إلى جملة ـ تَدبَّرَ في القرآن : أفَلا يَتدَبَّرونَ القُرآن .
أفلم يَدَّبَروا القولَ ، لِيَدَّبَّروا آياتِه .
تقلب تاء تفعَّل دالاً وتدغم ،وجيء بالهمزة للتلفّظ عند الحاجة ، فيقال :إدّبَّر يَدَّبِّر فهو مُدَّبِّر ،كما في المُدَّثِّر .
ثمّ إنّ التدبير إمّا في التكوينيّات أو في الأعمال أو في الأقوال أو في الأفكار .فيقال دَبّر الخلقَ أو العملَ أو النظرَ ،وإذا استعمل متعلّقا بالنظر :فيكون بمعنى الفكر والنظر والتفكّر في عاقبة الأمور ».
قلت ُ : وعجبتُ كثيراُ حينما رأيت العلامّة الراغب الأصفهاني قد أهمل الحديث عن موضوع التدبّر في المفردات .
والتدبّر غير التفسير ،والتفسير بالرأي . وقد ذكرنا في (خطاب وتعريف) تفصيل ما يتعلّق بالفرق بين هذه المصطلحات المتشابهة ، وذكرنا أنَّ التدبر واجبُ عَين على كل مسلم بقدر استطاعته ، لما دلَّت عليه الآيات والروايات والعقل ، بيدَ أنَّ التفسير واجبٌ كفائي .
ولعلّ العلّة في وجوب التدبّر للقرآن هو أنَّ الله تعالى جعل هذا الكتاب يُفسّر بعضه بعضاً ،أي جعل (أدوات) فهمه وتفهّمه من نفسه . قال تعالى : (الرحمنُ * علَّمَ القرآن * خَلَقَ الإنسانَ * علَّمهُ البيانَ) . (سورة الرحمن : من الآية1 ـ 4) . والسبب في ذلك واضح ،وهو لتتم الحجّة على العباد ،ولو كان هذا القرآن لا يُفهم بالنحو الذي يشيعونه لسقطت في المسلمين حُجِيَّتُهُ ،ولأصبحَ أمر الرسول(صلى الله عليه وآله) للأمّة بوجوب التمسّك بالثقلين لا معنى له ، إذْ لا يصحُّ ولا يُعقل أنْ يأمرَ آمرٌ بالتمسك بشيءٍ يعسرُ فهمه . انظر إلى ما تقوله سورة يوسف(عليه السلام) في مفتتحها : (إنّا أنزلناه قرآناً عربيّاً لعلَّكم تعقلون) . ولابدَّ أن يتوجّه الخطاب في هذه الآية إلى العرب ،بوصفهم قوم يتمكنون منَ الإعرابِ والإفصاح عمّا في هذا الكتاب بنحو أو آخر .
فإنْ استقام ما تقدَّم ، تكون مُدَّعيات القوم بحصر فهم القرآن بأدوات الفنّ كالنحو اللغة والبلاغة وغيرها ممّا يُسَمّونه (علوم القرآن)،لا موضوع لها ،فالرحمنُ علَّمَ القرآنَ ،وانتهى . ذلك أنَّ القرآن كتابٌ حاكمٌ ومهيمنٌ على ما هو دونه ،وليس محكوماً له . قال تعالى : (وأنزلنا إليكَ الكتابَ بالحقِّ مصدّقاً لما بين يديه منَ الكتابِ ومهيمناً عليه) (سورة المائدة : الآية 48).
نعم يُشترط هذا في علم التفسير ،الذي باختصار هو استخراج الحكم الشرعي من النص القرآني ،ومعرفة باطن المعنى من ظاهره . أما التدبّر والتمعّن في كلام الخالق سبحانه وتعالى فلا يحتاج إلى تظلّع المتدبّر بعلوم مختلفة كالتي يذكرها أساتذة علوم القرآن في الجامعات الإسلامية ،ولو قلنا بالخلاف، فإنه يقتصر واجب المسلم على تعلّم مسائل رخيصة بعيدة كل البعد عن مقام قرره القرآن نفسه في كثير من الآيات الشريفات ،كقوله تعالى في الآية التاسعة من سورة الإسراء : (إنَّ هذا القرآنَ يهدي للّتي هي أقومُ) .
هذا ومن المعلوم أنَّ القرآن حثَّ المسلمين على التدبّر في غير واحدة من آياته ، تصريحاً وتلميحاً أذكر هنا واحدة من الآيات التي ذكرت ذلك صراحة ، تاركاً الأخوة أنْ يُراجعوا(خطابٌ وتعريفٌ) : كتابٌ أنزلناه إليكَ مبارَكٌ ليَدَّبَّروا آياتِهِ وليَتذكّر أولوا الألباب ـ ص : 29 . والمعنى العام لهذه الآية يمكن أن نأخذه من(لام التعليل) الملتصقة بالفعل : يَدَّبَّروا ، حيث إنَّ عِلَّة الإنزال في المقام هي التدبّر والتذكر ،فلاحظ .
النجف الأشرف في 27 / 5 / 2010
|
آخر تعديل بواسطة السيد المستبصر ، 13-Nov-2010 الساعة 12:48 AM.
|
|
|
|
|