اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
سدنة الروضة
كانوا على استعداد لزيارة مولنا ومقتدانا(ع)، بعد أول وجبة إفطار رمضانية. فخرجوا من الفندق مشوشي الأفكار لا ستطيعون تحديد وجهتهم، بين النظر لمعالم المنطقة حولهم، وبين الجد في السير والتوجه إلى الحرم.
بهرتهم الأضواء الخارجة من المحلات والعمارات على جهتي الشارع، كأنها فوهات براكين تقذف حممها الملتهبة. وكانبهارهم بنور القمر عند اكتماله، عن التمتع بصفاء لون السماء وهي خالية من الغيوم.
كانوا مذبذبين بين أجواء معتدلة تميل إلى برودة نسبية، وبين قلوب تعصف بها رياح عاتية، وغيوم داكنة محملة بأمطار مدمرة، وزوابع رملية متحركة، وبروق ورعود مزمجرة، تجمعت على اثر زياراتهم المتكررة للبيت الحرام وللرسول الأعظم(ص)، بسبب سوء تعامل سدنة الحرمين الشريفين.
واصلوا طريقهم على تخوف مما سوف يلاقيهم، مع التفكير الشائع بان الشعوب الأخرى تكرههم وتحسدهم على النعمة التي حباهم الله بها دونهم.
تقدموا وهم على وجل مما يدور حولهم، ومن بعض المواطنين الذين كانوا يتطلعون إليهم والى ملابسهم باستغراب، كأنما يشاهدون مخلوقات متوحشة قادمة من كوكب غريب.
دخلوا بعد تفتيش ملابسهم وأجسامهم، فزاد ذلك من يقينهم من ملاقات المصاعب، مع عدم إلمامهم بلغة القوم.
دخلوا الصحن وكان على رغم سعته لم يستطع استيعاب الناس لكثرتهم، فشعروا كأنهم في محمل يجري على وجه الماء، يضطرب ساعة يمينا وأخرى شمالا لكثرة ركابه.
لكن رؤيتهم للناس وهم منهمكين في العبادة والتهجد، متجهين إلى الله بالدعاء والعبادة بكل جوارحهم، غير مكترثين بما يجري حولهم، جعلهم ينسون أنفسهم ويندمجون في الدعاء والابتهال.
كان للتقارب الديني والمذهبي ولتشابه المراسم العبادية مع ما ألفوه في بلادهم، أثره الفعال في إزالة ما علق في القلوب والعقول من غل وضغينة، لان الله هو من ألف بين قلوبهم.
بعد انتهاء تلك المراسم العبادية، توجهت الأنظار لتفقد المكان بحثا عن القبر الشريف، فاخذوا بالانتقال بين الأروقة وبين الصحون، بالسؤال الصعب تارة والإشارة تارة أخرى، حتى وصلوا إلى بغيتهم وهدف من الزيارة.
افترقت النساء عن الرجال كل في جهة، متوغلون في الحرم وصولا للضريح الشريف، يستكشفون ما خفي عنهم.
بوصولهم لضامن الجنان على بن موسى الرضا عليه وعلى آله آلاف التحية والسلام، راعهم كثرة الزائرين المنثالون عليه، يقبلون مقامه ويلثمون الأرض تحت أقدامه، والسدنة يحاولون مساعدتهم وتوعيتهم وتنظيم دخولهم وخروجهم.
لكنهم لم يتمكنوا من لمس ضريحه إلا من الجزء الطارف من ناحية الخروج بسبب كثرة الزوار، فخرجوا دون شفاء غليلهم إلى رواق قريب، ليتمكنوا من إكمال آداب الزيارة والدعاء والصلاة.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية