اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
توامين
في الأربعينات من عمره، معتز بنفسه، قويا في إرادته، مستقلا في شخصيته، ذو ذكاء وقاد، وحنكة وسداد. يعتمد على نفسه في اخذ قراراته، ثم يمضي قدما دون أن يلتفت.
ذو ثروة عريضة تكونت معتمدة على نشاطه الشخصي وهمته الذاتية، دون مساعدة من تركة أب، ولا شراكة وعضد أخ شقيق.
جاد حاد في تعامله، صارم حازم في قراراته، يعتقد بعلمه بكل الفخاخ التي ينصبها الدجالون في طريقه، والألاعيب التي يمارسها المشعوذون للإيقاع به.
ذهب في زيارة دينية لضامن الجنان فراقه الوضع هناك، حيث حرية التوجه بالدعاء إلى الله سبحانه، والتوسل بأهل البيت في قضاء حوائجه. فنفث ما في نفسه من هموم، فهطلت دموعه انهارا غسلت أدران روحه.
وصل ولمس وقبل ضريح الإمام(ع)، دون أن يدفع بعيدا عنه، أو يوصم بالكفر، أو يعير بالمروق من الدين.
احتاج لتبديل بعض أمواله ليتمكن من متابعة مشترياته من المنتجات الإيرانية، كحيازة شخصية، أو هدايا للأهل والأصحاب.
فنصحه احد الزوار حبا في مساعدته، وشجعه لقصد احد التجار المحليين، المعروف بالصدق والأمانة. فذهب وهو يقدم خطوة ويؤخر أخرى، كمن يساقون إلى الموت وهم ينظرون.
لم تكن رحلته بالبعيدة، ولكنها خلال شوارع مكتظة بالناس، كأنهم حجاج ينفرون إلى المزدلفة.
محلات وفنادق متراصة جنب إلى جنب، كأعواد في علبة ثقاب أو سمك في صندوق سردين.
عربات وحافلات تمر من بين كل ذلك، كالأفاعي والحيات تزحف من بين فروع الأشجار وأغصانها.
أخذت رأسه تشرق وتغرب، تبحث عن مغزى هذه النصيحة، وهل كانت فعلا محبة لله كما قال صاحبها؟
رغم برودة الجو ولطافة نسيمه، وصفاء السماء من بعض غيومها، التي تسبح هنا وهناك على صفحة وجهها مضفية إليها جمالا ونظارة، لم يلتفت إليها أو يلقي إليها أهمية.
كان دليله يكيل المدح والثناء لذلك التاجر، كأنما يتطلع إلى نصيبه من صفقة تجارية، ويعده بذلك التوفير العظيم الذي سوف يجنيه بتعامله معه، وهو غير مصدق يداخله الشك والريبة في ما يقول.
وصلا للحانوت فلم يكن صاحبه موجودا، فنظر بعينين ملؤهما الحنق والغضب لمرافقه، كأنه قد خدعه وغشه، وعاد عنه دون وداعه.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية