اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
هناك بعض الأجواء والحرارة الأيمانية التي يشعر بها السائر مشياً على قدميه الى كربلاء الحسين (ع) الذي هو درب الحق نحو طريق الولاية لأهل بيت النبوة (ع) والتي تؤيدها الروايات والنصوص وأنها حقاً يصح ان نسميها لذائذ نورانية فمن تلك اللذائذ
(اللذة القلبية ) :
انك تشعر بالفرحة أنك تسير نحو الكمال .
والكمال هو السعادة والفرحة في القلب واللذة في طاعة الأمام (ع) التي هي طاعة الله تعالى .(اللذة الولائية) : انك تشعر بذلك الأرتباط مع الحسين(ع) ويكون الأنشداد الولائي له والأرتباط به ارتباطاً اخلاقياً وعقائدياً وفكرياً . بل ذلك الارتباط الذي هو حقاً ارتباطاً الهياً . لأن المعصوم (ع) هو الدال الى الله عز وجل والى مرضاته .
ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة (السلام على الدعاة الى الله والأدلاء على مرضاة الله ) .( لذة لتقوية الأرادة) : ان الذي يكون ضعيفا في الارادة في التصميم والانطلاقة الى عالم الملكوت فان في المشي الى الامام الحسين(ع) وطريق الحق سوف تقوي إرادة وتصميم طالب الحق والحقيقة .
.( لذة الالفة والمحبة ): ان هذا الشعور الذي يعتري المؤمنين وهم سائرون مشياً على الأقدام تتمنى ان ينتقل هذا الشعور بالمحبة الى المجتمع عموماً . وان تحب ان الخير يصيب الناس جميعاً ولا تفكر فقط في نفسك وانيتك . حيث نجد الزائر الملتفت يطلب من الله تعالى بقلبه ان لم يتلفظ لسانه ان يطهره من الانانية الذاتية التي تعتبر هي الداء الخطير والمهلك في دار الآخرة.
( لذة انشراح الصدر):
الذي يقصد الحسين (ع) باخلاص ونية صادقة يشعر بذلك الانشراح الذي في الصدر والراحة والطمأنينة والاستقرار والرقة القلبية والعين الباكية من خشية الله تعالى ولوعة من أجل مصيبة الحسين (ع) وكل هذه المظاهر هي عبارة عن صحة وعلاج من جميع الامراض المعنوية وبلسم لجميع الجروح والاسقام وانها حياة للقلوب . كيف لا يحيى قلب الماشي على قدميه وهو يقوم بعملية الاحترام لمنازل الاولياء لله واحبائه ونوره الساطع وبرهانة الواضح .
الله اشرح صدور زوار الحسين (ع) ببركات انفاس الحسين (ع) .
اللهم ارزقنا النصر على ذاتنا في عاشوراء الذات وتلبية نداء الحسين (ع) : ( الا من ناصر ينصرنا ) .
( لذة العبادة) : ان في المشي روحانية عبادة الحج والصوم . فكما ان جميع الناس يشتركون في تعظيم الشعائر الالهية في موسم الحج وصيام شهر رمضان فمنهم الفقير والغني . العالم والمتعلم . الرجل والمرأة وهكذا في المشي الى العتبات المقدسة فان جميع الطبقات الاجتماعية على سواسية في هذا الطريق الصعودي والارتقاء بسلالم التقوى والكمال سيراً تجاه العبودية والقرب من الولاية لأهل البيت فيعتبر السير الى كربلاء هو باب من ابواب السير تجاه العبودية وتحقيق العبادة الكاملة التي هي الغاية القصوى في ايجاد الخليقة .
( لذة الحب الحسيني ):
انك من خلال المشي تحب وتعشق المعصوم . وترتبط به اكثر وكلما وصل المحب العاشق لأمامه منزلة ومقامات من الحب وجد منازل ومقامات اعلى واسمى فيجهد نفسه للحصول على ذلك الحب الغالي والسامي الذي لا ينفد ولا يروي العطشان لحب الحسين (ع) .
فحب الحسين (ع) تتهذب به النفوس . وتتطهر به القلوب . وتصلح به السرائر . وتتفجر به الظمائر .
ورد في الخبر عن النبي الاعظم (ص) : ( احب الله من احب حسينا ). فما علينا الى ان نسأل انفسنا هل الله تعالى يحبنا او لا؟ فأذا كان يحبنا هل نقابل هذا الحب بالحب ايضاً . فكل حبٍ لم يقع من طرفين فلا يسمى حباً . فيصح ان نسمي الحب الذي يقع بين طرفين بالحب الحقيقي . ان الله تعالى نجده يتحبب الينا لكننا نقابل هذا الحب بالبغض .
كلنا نحب الحسين (ع) وكلنا ننادي بقلوبنا قبل السنتنا ياحبيبي ياحسين فهل يا ترى ان الحسين (ع) يحبنا من طرفه او لا ؟
ان الذي يتجاوز على احكام الله تعالى وسنته وقوانينه لا اعتقد ان الحسين (ع) يحبه ويحترمه ولهذا نحن نجد ان الذي يرتكب بعض الذنوب والمعاصي ويذهب الى زيارة الحسين (ع) نجده يعيش فقط مع فقرات الزيارة والفاظها ولا يستطيع ان يغوص في اعماق الزيارة ومعانيها والسبب في ذلك واضح وهو ان المزورــ الامام (ع) قد اطلع على تصرفات الزائر الغير مرضية لله تعالى واعرض عن الزائر وحرم من تلك الأجواء الروحانية واللذة والنشوة الايمانية من خشوع وبكاء بل لم يأذن له الامام (ع) بالدخول من جراء الانغماس في بحر الذنوب والمعاصي ونومة الغافلين فأذا كنا نحب الله تعالى ونحب الحسين (ع) علينا ان نعلن الطاعة والانقياد الكامل والعمل ونعلن الثورة تجاه الذات ونعمل بمسؤلياتنا في عالم الدنيا التي هي واجب علينا وان نزداد ايمانا عن طريق تطبيق الاحكام الالهية .
فحتى اكون محبوباً عند الله تعالى علي ان اجعل الحسين (ع) يحبني فأذا احبني الحسين (ع) احبني الله تعالى واذا المولى جل جلاله كنت محباً للحسين (ع) بذلك الحب العملي المنغمس بالاستقامة والثبات .
قال تعالى ( يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حباً لله)
( لذة التدريب) : السير الى كربلاء الحسين (ع) هو عبارة عن معسكر تدريبي يتدرب فيه المؤمن من اجل الخلاص من الأمراض المهلكة والتي فيها الخسران الكبير الذي لايعوض .
وهو الذي يجرد المؤمن من جميع المظاهر الاخلاقية التي لا يرضى بها ابو عبد الله الحسين (ع)
ففي هذا المعسكر الايماني يتدرب الفرد على عدم التفكير بالمعصية ويضيق الدائرة عليه . فظلاً عن ارتكاب المعصية واقعاً فيكون السائر الى الاصلاح اقرب ومن الفساد ابعد .
( لذة الخشوع) :
ان للصلاة اقوالاً وافعالاً واحوالاً . نادراً ما نجد ممن يغوص في اعماق احوال الصلاة واسرارها ففي تلك الاجواء التي تعتبر افضل الاوقات للمؤمن ليتسنى له النظر الى صلاته واحوالها وهل صلاته منغمسة بالخشوع والحضور القلبي فهي حقاً ساعة يراجع الانسان فيها نفسة ويحاسبها ويحاكم تصرفاته سواء كانت صغيرة او كبيرة .
فهي أجمل خلوه عند المؤمن في سيره الى كربلاء .
( لذة البشاره الرحمة والمغفره )
غفران الذنوب والمغفره الألهيه هي الشعور الذي يحس ويشعر به السائر عل قدميه في أعماقه , ولهاذا نجد أن العديد من الروايات والنصوص الوارده عن أئمة أهل البيت (ع) أكدت ذلك عن أبي عبدالله الصادق (ع) : ( أن الرجل ليخرج الى قبر الحسين (ع) فله أذا خرج من أهله أول خطوه مغفره لذنوبه )
عن الصادق (ع) ( من أتى قبر الحسين (ع) ماشياً كتب الله له بكل خطوه وبكل قدم يرفعها , ويضعها عتق رقبه من ولد أسماعيل )
وعنه أيضاً (ع) : قال للريان بن شبيب : ( يا بن شبيب , أن سرك أن تلقى الله عزه وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين (ع) )
وعن الصادق (ع) : ( من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي بن ابي طالب أن كان ماشياً كتب الله له بكل خطوه حسنه وحط بها منه سيئه حتى أذا صار بالحائر كتبه الله من المفلحين , وأذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين حتى أذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال له أنا رسول الله . ربك يقرأك السلام ويقول لك : ( أستأنف العمل فقد غفر لك مما مضى ) اما الادعية للأئمة شاهد آخر لعظمة احباب وزوار الحسين (ع) حيث يصور الأمام (ع) إن المؤمنين الذين تغيرت بشرة وجوههم من حرارة الشمس وتلك الدموع التي ذرفت حباً للحسين (ع) وشوقاً اليه .
يقول أبو عبدالله الصادق (ع) : ( اللهم أغفرلي ولأخواني ولزوار قبر الحسين (ع) الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم ... اللهم فأرحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس , اللهم أرحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر أبي عبدالله الحسين (ع) وأرحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمةً لنا وأرحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وأرحم تلك الصرخة التي كانت لنا )
لو قطعوا منا اليدين والرجلين نأتيك زحفاً سيدي يا حسين