اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
أخوة وسط الزحمة
تحلت احد الإعلاميات بالشجاعة، بعدما شعرت بطعم الخاص للدنيا يومها ذاك، ففتحت ذراعيها على وسعهما تغترف منها كيف شاءت. تمد إليها يدها كأم حنون، لتعمل ما يغير مجرى حياتها إلى الأبد. وعلى عكس ما يجري حولها، فقد تلبستها روح جديدة، فراحت تجدف كوردة رقيقة طافية على ظهر ذلك التيار الجارف.
أخذت مذياعها كمذيعة من الطراز الأول, في كامل زينتها وأناقتها, تبهر الناظرين وتجذب المستمعين. ولحق بها المصور، وهي تنتقل بين المتظاهرين والمعتصمين من موقع لأخر، كما تنتقل العصافير بين الأفنان. يلتقط هو صورهم وهي تسجل أقوالهم.
كما خرجت تحاول تصفية مخيلتها من حلم رأته في منامها الليلة الفائتة، ولم يفتأ يؤرقها ويشغلها بعض الوقت عن أداء عملها. وأحاسيس غريبة تنتابها من أول النهار، تحاول البحث عن إجابة لها في ذلك الخضم المتلاطم من البشر، كمن يبحث عن إبرة وسط كومة من القش.
مضت تباشر عملها وتسأل الجموع عن سبب تواجدهم المكثف مع أطفالهم وتركهم أعمالهم وبيوتهم في مثل تلك الساعة من النهار؟ أجابوها بعد تمنع وتردد، خوفا من كونها دسيسة، فيؤخذون بأقوالهم فتجرهم إلى ما لا يحمد عقباه.
أخبرتهم إنها مراسلة لمحطة أجنبية، فتكالب الناس عليها كعرف الضبع، كل يريد التعبير عن رأيه، ويعبر عن همومه.
أثناء كل هذا الغليان والفوران البركاني، شاهدت شابا في مقتبل العمر، يرتدي ملابس أنيقة، تبرز على ملامحه النعمة والرفاهية، يلاحقها ويقتفي أثرها من بداية جولتها، محاولا الوصول إليها والتحدث معها.
أخذت تراوغه وتحاول تحاشيه وتفاديه, كأنه وحش يحاول افتراسها. عندها تغير لون الدنيا في عينيها وذهب بهائها وجمالها، وبدت سوداء كالحة تلبدت سمائها بغيوم داكنة تنبئ بشر مستطيرا. لذا قررت التحدي والنزول للمواجهة.
هجمت عليه كلبوة انتهكت حريمها، واحتلت منطقة سكناها تقول له: أنا لست كمن قابلت من النساء، بل أبنت بلد ومن عائلة مستورة، فلا يغررك مظهري، فخلفي رجال تأكل الزلط، ولا تسكت عن الغلط.
كشرت عن أنيابها كوحش يدافع عن أشباله، وبعد عدة لكمات ورفسات وجهتها إليه، وهو يلوذ ويستغيث، ولإكمال العرض وإنزال الستارة على المشهد الأخير، صاحت بمن كان حولها من الشباب ليقوموا بواجب الضيافة.
لم يطق صبرا، ولم يحتمل ما لاقاه من الأم والأوجاع، فاخذ يصرخ بكل ما أوتي من قوة، كمن قربت منيته: يا ناس الرحمة أنا أخوها وهذه بطاقتي الشخصية!
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية