اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على فاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها واللعنة الدائمة على ظالميها .... أحزاننا تتجدد في مثل هذا اليوم لما جرى عليك من المحن والمصائب سيدتي .. والذي يصبرنا على هذه المصيبة التي لاصبر فيها هو انتظار الفرج القريب لمولانا الحجة المهدي المنتظر سلام الله عليه .
مولاتي يا زهراء: لقد عشت معظم حياتك القصيرة الأمد في كنف أبيك خاتم الانبياء(ص) في ظل مودته ورعايته فقد أخلص لك في المودة والحب أعظم ما يكون الاخلاص واحاطك بهالة من التعظيم والتكريم واشاد بعظيم منزلتك وسمو مقامك في مجالسه ومحاضراته.
وقد منحك الله سبحانه كل فضيلة، وفضلك وشرفك على جميع نساء العالمين.. فلا تحاكيك امراة من نساء المسلمين في طهارتك وعصمتك، فأنت مولاتي دنيا من الفضائل ومركزا لجميع المأثر والحسنات، فلا مثيل لك في ايمانك وطهارتك.
وهذه شذرات عن فضائلك التي لامثيل لها:
1- عصمتك من الذنوب وطهارتك من الرجس، وهي من المقومات الذاتية لك ... فقد زكاك الله وعصمك من كل ذنب واثم، وحباك بكل حسنة وفضيلة وقد أوضح سبحانه وتعالى ذلك بقوله: { انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا }.
فالآية تعلن بوضوح عصمتك وطهارتك من كل اثم وذنب.
2- عبادتك وتقواك: كنت مولاتي أعبد امرأة في الاسلام .. كنت تنفقين لياليك في عبادة الله حيث تقولين: (من أصعد الى الله خالص عبادته أهبط الله اليه أفضل مصلحته). وقد كنت تخصصين الساعات الاخيرة من نهار يوم الجمعة للدعاء، وفي العشرة الاخيرة من شهر رمضان لا تنامين الليل وتنفقين الوقت بالعبادة والدعاء وقد تورمت قدماك الطاهرتان لكثرة الصلاة والدعاء والوقوف بين يدي الله تعالى ... ومن المؤسف ومما يوجع القلب ويؤلمه هو ان تجهل شخصيتك ، وما اتصفت به من العبادة والاتصال بالله وذلك حينما طالبت بفدك وان اباك الرسول(ص) انحلك اياها فقد طلب منك اقامة البينة على ذلك !! فهل خفيت طهارتك أيتها الصدّيقة وعصمتك من الرجس والاثم حتى تًطالبين بالبينة على ما ادعيتي وانت صاحبة اليد التي هي امارة على الملكية !!!
3- زهدك في الدنيا ، شانك شان ابيك مولاتي وشان زوجك امير المؤمنين فقد طلقتم الدنيا وزهدتم في جميع رغائبها ومتعها فقد ورد عن الصحابي الجليل جابر الانصاري قال: ان النبي (ص) رأك يا مولاتي وعليك كساء رث، وتطحنين بيدك، وترضعين ولدك .. فدمعت عيناه وقال لك: (تجرعي مرارة الدنيا لحلاوة الاخرة) وانبريت يا حبيبة الرسول قائلة: (الحمد لله على نعمائه ، والشكر لله على ألائه).
4- برك بالفقراء.. ومن ذاتياتك سيدتي البر بالفقراء والاحسان للضعفاء، فقد كنت تطحنين الحنطة لفقراء جيرانك الذين يعجزون عن ذلك حتى مجلت يداك من الطحن ... لقد تجردت يا بضعة الرسول من كل نزعة مادية وعشت عيشة الفقراء ابتغاء مرضاة الله تعالى.
5- عفتك وحجابك .. مولاتي قد بلغت قمة الكمال في عفتك وحجابك وقد سموت اسمى مراتب الحشمة والعفة والطهارة، وعلى السيدات المسلمات ان يقتدين بك مولاتي ليبنين مجتمعا اسلاميا قائما على الشرف والفضيلة، فعن الامام علي (ع) قال: استاذن أعمى على فاطمة (ع) فحجبته، فقال لها رسول الله(ص) لم حجبته وهو لايراك؟ فقالت (ع) إن لم يكن يراني فإني أراه.... ومجّد الرسول هذا العفاف في بضعته قائلا: أشهد انك بضعة مني.
6- إنابتك الى الله .. من اسمى صفاتك سيدتي الانابة الى الله والانقطاع اليه ، فقد كنت صلوات الله عليك اذا شرعت بالصلاة ارتعدت فرائصك خوفا منه سبحانه... وتعقيباتك بعد صلاتك تحكي مدى تعلقك وارتباطك بالله سبحانه.
سيدتي ومولاتي : بعد مرض ابيك طافت بك موجات قاسية من المحن والخطوب وتتابعت عليك الرزايا .. وبعد شهادته كنت دائمة الحزن والبكاء وقد لقيت في تلك الايام من المصائب والاذى ما الله عالم به .... فالمتأمل في خطاب امير المؤمنين(ع) بعد دفنك يعرف عظيم ما جرى عليك ، ومن هذا الخطاب قوله(ع) : وستنبئك ابنتك بتظافر امتك على هضمها، فاحفها السؤال واستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد الى بثه سبيلا وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين . فقد سيطر حب الدنيا والسلطان على نفوس القوم فاستعملوا الواناً قاسية من الاعتداءات عليك .... فلا ننسى مولاتي صوراً حزينة حدثنا التأريخ عنها تؤلم قلب كل شيعي من شيعتك.. هل ننسى الهجوم على دارك وجمع الحطب الجزل على بابك والإتيان بالنار ليحرقوها... فوقفت بعضادة الباب وناشدتهم بالله وبأبيك أن يكفوا عنكم وينصروكم !! وكان الجواب أن أخذ احدهم السوط من يد قنفذ ( لعنه الله ) فضرب عضدك حتى صار كالدملج وركل الباب فارتد عليك وأنت حامل فسقطت لوجهك والنار تسعر ، فضربك حتى انتثر قرطك من اذنك وجاءك المخاض فاسقطت محسنا بغير جرم .
سيدتي يا فاطمة الزهراء : لقد تركت هذه المآسي بصمات من اللوعة والحزن في قلبك الرقيق المعذب، وخلدت الى البكاء والدعاء على الذين ظلموك حيث لم يراعوا مكانتك من ابيك .. فقد كنت أعز الناس وأحبهم الى رسول الله (ص) حيث قلدك مجموعة من الاوسمة الشريفة التي حكت عظيم شأنك وسمو مكانتك .. فقد قال (ص) امام كوكبة من اصحابه في شأنك مولاتي : (من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني ، وهي قلبي ، وهي روحي التي بين جنبي ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله) . وكأن الرسول (ص) قد إستشف من وراء الغيب ما يجري عليك من المآسي والآحزان فحذر المعتدين ودعى المسلمين لحمايتك وصد الأعتداء عنك .
فلازمت البكاء على ابيك ، حتى ثقل على القوم بكائك حيث منزلك مجاور إلى مسجد الرسول (ص) الذي كان مركزا لإجتماعاتهم فشكوا امرك لأمير المؤمنين (ع) وطلبوا منه أن تجعلي وقتاً خاصا لبكائك وحزنك على أبيك فكنت في النهار تخرجين مع سبطي النبوة وأختهما زينب () إلى شجرة الأراك فتستظلين بها وتبكين على أبيك طيلة النهار ، فعمد القوم إلى قطعها ، فكنت تبكين في حر الشمس فقام الإمام أمير المؤمنين (ع) فبنى لك بيتاً سماه بيت الآحزان وظل رمزا لأساك وما عانيته من الآذى من بعض صحابة أبيك . لقد ملأ الحزن قلبك الرقيق وذوى جسمك النحيل وكابدتك الهموم والاحزان ... فما زلت طريحة الفراش ، كسيرة الضلع حتى قضيت من ذلك صديقة شهيدة ..
وكان هذا هو جزاء النبي (ص) من القوم الذين بذل لهم كل جهد لحفظ دينهم ودنياهم .... إن الذي جرى عليك سيدتي يا بضعة الرسول من مآسي لا يُعد أمرا بسيطا لا يُعتنى به ولا يُلتفت إليه ، وإنما هو من جذور العقيدة ويتصل مباشرة بالنهج النبوي الذي يجب على كل مسلم الإنقياد إليه. فحسبك سمواً أن أباكِ خاتم الأنبياء (ص) وسيد الكائنات قرن رضاك برضى الله ، وسخطك بسخطه ، وأنك بضعة وشجنة منه (ص) يصيبه ما أصابك ويؤلمه ما آلمك .
وبعد هذا فليس من الإسلام في شيئ ألا نعير إهتماما لما جرى عليك سيدتي من المحن و الخطوب ونلقيه في مجاهيل التأريخ وظلاماته ، وندعي بأنها امّة قد خلت ولها ما كسبت ولا تسألون عما كانوا يفعلون ويعملون ... لاننا حيث اتخذناهم قدوة لنا فسوف نسأل عن ذلك .. لانه سيدعى كل اناس بأمامهم يوم القيامة والندامة ..
فسلام عليك يا فاطمة الزهراء يا كسيرة الضلع أيتها الشهيدة المظلومة، المغصوبة حقها، المقهورة المضطهدة، ور حمة الله وبركاته .. رزقنا الله في الدنيا زيارتك وفي الآخرة شفاعتك وجوارك ..
والحمد لله رب العالمين ...
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مولاتي قد بلغت قمة الكمال في عفتك وحجابك وقد سموت اسمى مراتب الحشمة والعفة والطهارة، وعلى السيدات المسلمات ان يقتدين بك مولاتي ليبنين مجتمعا اسلاميا قائما على الشرف والفضيلة، فعن الامام علي (ع) قال: استاذن أعمى على فاطمة (ع) فحجبته، فقال لها رسول الله(ص) لم حجبته وهو لايراك؟ فقالت (ع) إن لم يكن يراني فإني أراه------يعطيك العافيه