كتاب معتقدات الشيعة - الصفحة 11 - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الـمـيـزان الـعـلـمـي :. ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية عقائد - فقه - تحقيق - أبحاث - قصص - ثقافة - علوم - متفرقات
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
كاتب الموضوع ناصر حيدر مشاركات 113 الزيارات 22760 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 101  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-Oct-2012 الساعة : 06:40 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


المبحث السادس
مصادرالاحكام
الاحكام الشرعية المجعولة من المشرّع الحكيم , تؤخذ اصولها ( من ) القران الكريم , ( وممن ) أودع الله عندهم العلوم وهم النبي (ص) وأهل بيته من بعده , فهما الحجة في ذلك والاساس الأولي .
وقد أشار العلماء في المباحث الاصولية الى أن الادلة على الاحكام أربعة
القران والسنة والاجماع والعقل.
أما القران :
فحجيته ثابتة ولامجال للكلام فيها أبدا , فهو الكتاب المنزل على نبيه المرسل (ص) وهذا ثابت عقلا , بإعجازه وأسلوبه البليغ الذي لم يتمكن أحد من تحديه ببلاغته وفصاحته وعلومه . ونقلا بالروايات المتواترة والعديدة التي تدل على استيعابه واشتماله على جميع مايحتاج اليه الانسان ووجوب الرجوع اليه في كل الاحوال.
وأما السنة
وهي قول المعصوم أو فعله أو تقريره , فحجيتها أمر أكيد , ولامجال للنقاش فيها , إذ لولاها لما قام للاسلام أساس وكيان ودور , ولما كان هناك مجال للعمل بالقرآن وتطبيق أحكامه , فإن القران وارد لبيان أصل التشريع والقواعد العامة والاسس العامة للتشريع , ولم ترد فيه تفاصيل الاحكام وبياناتها , قال تعالى (وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس مانزّل اليهم ).
ومجمل القول في حجية السنة , وأنه بدون السنة لايقوم للأسلام ولا للمسلمين أمر أبدا , وما عليه المسلمون من وضوح أمر دينهم في أحتوائه لجميع أمور الحياة والشؤون والاعتبارات ما هو إلا بالسنة التي هي تبيان وشرح للقران وأحكامه , وتفصيل وتبيان للشريعة الالهية في كل أحكامها ومقرراتها, وهي أيضا وحي من الله سبحانه للنبي (ص) والائمة أخذوا من النبي (ص) كما نص على ذلك الكثير من الروايات والتي منها حديث الثقلين وغيره من الاحاديث التي توجب الرجوع الى النبي (ص) وأهل البيت تأكيدا لدور السنة وأهميتها في التشريع الالهي .
أما الاجماع
والذي هو اتفاق العلماء على أمر لم يرد فيه قرآن ولا سنة , فهو انما يكون حجة على الحكم ودليلا عليه في صورة ما إذا كان مشتملا على الاقرار من المعصوم , إما لوجود المعصوم بين العلماء المجمعين , أو لأستكشاف موافقته ورضاه على الحكم .
هذا المعنى يجعل له الحجية والدليلية لحصول القطع بمدلوله , فإن تم فذاك , وإلا لم يكن حجة , هذا إذا كان الاجماع محصلا , وأما إذا كان اجماعا منقولا , فالاجماع المنقول ليس بحجة .
وقد يكون الاجماع مدركيا , بأن يكون الاتفاق من العلماء والاجماع منهم على المستند للحكم من آية أو رواية , وهذا ليس بحجة لأن المتبع فيه هو المدرك لا الاتفاق .
دليل العقل
من التفق عليه بين العلماء والفقهاء , أن العقل من الادلة على الاحكام , وقد يتصور البعض أن معنى هذا أن العقل له صلاحية التشريع والحكم .
والواقع أن العقل , وهو أعلى الكمالات في الانسان , وهو بالغ الاهمية في مجالات العلوم والعقلانيات وإدراكها , ولكنه مع ذلك ليس له صلاحية التشريع في قبال الله سبحانه وتعالى , ولم يدع أحد من المسلمين على أختلاف مذاهبهم وآرائهم ذلك ابدا , لأن التشريع وإصدار الاحكام والتكاليف وإقرارها , هو لله سبحانه بشكل مطلق , ووظيفة العقل هي الادراك وتعقّل وتفهّم أن هذا الشيء حسن أو قبيح , وإدراك الملازمة بين حكم العقل المستقل وحكم الشرع , بمعنى أن كل ماحكم به العقل يحكم به الشرع , وغير ذلك من المسائل .
أحكام العقل على قسمين


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 102  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-Oct-2012 الساعة : 03:28 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


احكام العقل على قسمين
( القسم الاول ) المستقلات العقلية الصرفة
أي التي يحكم بها العقل مستقلا عن الاستعانة بالشرع الالهي , مثل حسن الاحسان , وقبح الظلم , ومثل حسن رد الوديعة وقبح الخيانة , ومثل الانصاف والعدل , وغير ذلك من الافعال الاختيارية التي يدرك العقل ما فيها من الجهات المقتضية لحسنها وهي المصالح , أو المقتضية لقبحها وهي المفاسد , فإن في الاحسان ورد الوديعة مثلا مصالح عامة - كحفظ النظام - تقتضي حسنها عقلا , وفي الخيانة مثلا مفاسد عامة - كاختلال النظام - تقتضي قبحها عقلا .
واحكام العقل هذه هي مايسمى عند الفلاسفة بالقضايا المشهورة والاراء المحمودة والتأديبات الصلاحية , بإعتبار أنها مما تطابقت عليها آراء العقلاء كافة وتأدبوا بها من حيث أنهم عقلاء
وهذه المسائل أهتم بها العلماء , وهي من مهمات مسائل العقل العملي , ويترتب عليها عدة مسائل فقهية .
( القسم الثاني ) غير المستقلات العقلية
وهي التي يحكم بها العقل تبعا لحكم الشرع , مثل حكمه بوجوب المقدمة تبعا لحكم الشرع بوجوب ذي المقدمة , لإدراك العقل أن الاتيان بالواجب يتوقف على الاتيان بمقدماته , إلا أنه لولا وجوب ذي المقدمة لم يحكم العقل بوجوب المقدمة , ومن هنا لم يكن حكم العقل بوجوب المقدمة مستقلا , بل بعد توسط حكم الشارع بوجوب ذي المقدمة وتابعا له .
وهكذا الحال في حكم العقل بالاجزاء إذا أتى المكلف بالمأمور به , فإنه بعد الاتيان بالمأمور به , يدرك العقل حصول غرض المولى وسقوط أمره , وبعد سقوطه لايبقى وجه للإمتثال ثانيا , وهذا هو معنى الاجزاء , إلا أنهلولا أمر الشارع بالشيء لم يحكم العقل بالإجزاء بعد إمتثاله كما هو واضح وهكذا ...
فإذا ثبتت حكم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع , ثبت وجوب المقدمة شرعا , وثبت الإجزاء شرعا أيضا .
وعلى هذا فلا يكون الدليل العقلي مقابلا للكتاب والسنة , وإنما هو طريق لإثبات الحكم الشرعي , بتوسط الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع .
والحاصل أن دليل العقل مختص ووارد فيما ذكرنا , فإذا ثبتت الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع باعتبار أن المشرّع حكيم سيد العقلاء ورئيسهم , فهو في المستقلات العقلية يكون بمعنى أن العقل إذغ أدرك الحسن أو القبح ثبت حكم الشرع بحسنه أو قبحه أيضا , فيكون حكم العقل كاشفا عن حكم الشرع , وفي غير المستقلات يكون بمعنى أنه إذا حكم العقل بشيء تبعا لحكم الشرع , يثبت حكم الشرع به ايضا , كالمثال المتقدم أعني حكم العقل بوجوب مقدمة الواجب مثلا , فإنه يثبت وجوبها شرعا , فيكون حكمه أيضا كاشفا عن حكم الشرع بوجوبها , وهكذافليتأمل
تنبيه
إذا حكم الشرع بشيء فهل العقل يحكم بما حكم به الشرع !


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 103  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-Oct-2012 الساعة : 11:32 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


تنبيه
اذا حكم الشرع بشيء , فهل العقل يحكم بما حكم به الشرع !
وهذه المسألة من المهمات أيضا , والذي يقال فيها, أنه لامجال هنا للقطع بالملازمة , وإن قطعنا بأن مايحكم به العقل ويدرك ملاكه لابد أن يحكم به الشرع .
لأن العقل وإن أدرك إجمالا وحكم مستقلا بأن الله تعالى لايأمر بشي ولا ينهى عن شيء جزافا وعبثا , وأنه إنما يحكم تبعا لمصلحة أو مفسدة غالبة تقتضي تعلق إرادته بالشيء فيأمر به , أو تقتضي تعلق الكراهة به فينهى عنه كما عليه العدلية , إلا أن العقل مع ذلك عاجز عن إدراك تمام ما بنى عليه المشرع أحكامه من المصالح والمفاسد لقصوره عن ذلك تفصيلا , لأجل عجز العقل وقصوره عن إدراك جميع الجهات المحسنة والمقبّحة في الافعال , ولذلك قد يكون مايدركه العقل من المصالح والمفاسد في بعض الموارد غير ماهو المصلحة الحقيقية والمفسدة الحقيقية للحكم عند الشارع .
وبالجملة , مالم ينكشف للعقل وجه الحكم تفصيلا , أي مالم يدرك جميع جهات الحسن والقبح , لايحكم , بل يتوقف.
ومن هنا يظهر أنه ليس كل ماحكم به الشرع يلزم أن يحكم به العقل ويدرك جهته تفصيلا , بل غاية مايدركه هو أن حكم الشارع تابع لمصلحة أو مفسدة في الفعل على نحو الاجمال , ولذلك ترى توقف العقل أحيانا عند بعض الاحكام وأستغرابه منها , وذلك لقصوره عن إدراك المصلحة والمفسدة فيها , كما في الديات حيث ورد عن أبان بن تغلب أنه قال
( قلت لأبي عبد الله ماتقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة , كم فيها ؟ قال عشرة من الإبل
قلت قطع اثنتين ؟ قال عشرون
قلت قطع ثلاثا ؟ قال ثلاثون
قلت قطع أربعا ؟ قال عشرون
قلت سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون , ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون ؟! إن هذا كان ليبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول الي جاء به شيطان !.
فقال مهلا يا أبان , هذا حكم رسول الله (ص) , إن المراة تعاقل الرجل الى ثلث الدية , فإذا بلغت الثلث رجعت الى النصف ( ومعنى قوله (ص) أن كل جناية كانت فيها دية شرعا , فإن كانت الدية أقل من ثلث دية الرجل , فالمراة تعاقله أي تساويه فيها , وإن كانت الدية تعادل ثلث دية الرجل أو تزيد عليها , كان للمراة نصفها , ومن هنا كانت دية المرأة الكاملة نصف دية الرجل ) , ياأبان إنك أخذتني بالقياس , والسنة إذا قيست محق الدين ) ( وسائل الشيعة مؤسسة آل البيت ج 29 ص 352 , ب 44 من أبواب ديات الاعضاء ح1 )
فلا يمكن إثبات أن العقل يحكم دائما ويحيط بملاك ماحكم به الشرع , نعم يحكم بوجوب الطاعة للمولى والانقياد له وضرورة دفع الضرر المحتمل أو الضرر المتيقن ونحو ذلك .
وما ذكرت هذا الموضوع إلا للتأكيد , ولبيان دور العقل في الاحكام , وأنه ليس له حق التشريع , ولرفع الالتباس لدى الكثير من الناس الذين يحاولون أن يستعملوا أو يدخلوا عقولهم في موضوع الاحكام الشرعية أو مناقشتها , والله العالم .
الخلاصة


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 104  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-Oct-2012 الساعة : 11:59 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الخلاصة
وقد أتضح مما ذكرنا أن المرجع للأحكام الشرعية والتكاليف الالهية أمران
( الاول ) القران . ( والثاني ) السنة , والسنة كما أوضحنا هي قول المعصوم أو فعله أو تقريره
فالحاصل أنه لابد من الرجوع الى القران الكريم , والى أهل البيت
وفي زمن غيبة الامام , لابد من الرجوع الى العلماء الاعلام الذين يتميزون بالورع والتقوى والعدالة , والاجتهاد , والمسلّم اجتهادهم , لأنه ليس كل من أدعى الاجتهاد مسلّم له اجتهاده , وليس كل من وقف خطيبا وأجاد الكلام كان عالما ومرجعا وصار من أهل الفتوى , فأن هذا الامر من أخطر الامور وأهم الامور التي يجب أن لايتساهل فيها أهل العلم والدين , ولذلك يوجد هناك جماعات من أهل الخبرة يميّزون الشخص إن كان مجتهدا أم لا , ولاينبغي أن يسوّق هذا المعنى حسب الاهواء والمصالح أو الدعاية أو بذل الاموال أو غير ذلك , كما هو شائع في زماننا هذا .
حال الناس في زمن الغيبة
بالنسبة للأحكام الشرعية وتحصيلها والعمل بها ينقسم المكلّفون بالاحكام الى ثلاثة أقسام
1- مجتهد
2- محتاط
3- مقلّد
المجتهد وهو الذي يملك القدرة العلمية والملكة على استنباط الاحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية التي هي القران والسنة والاجماع والعقل , والقواعد الاخرى.
فمن توفرت لديه القدرة على تحصيل الاحكام بنفسه كذلك يسمى مجتهدا , وتحق له الفتوى والصلاحيات الاخرى المنوطة به .
المحتاط وهو الذي لايملك القدرة العلمية على استنباط الاحكام , أو يتمكن من ذلك ولكنه لايريد تحمّل هذه المسؤولية , فيعمل بأقوال العلماء المجتهدين الذين يتردد التقليد بينهم , بأن يطّلع في المسألة الواحدة علة أقوالهم فيها ثم يأخذ بأحوطها , أو يعمل بما أتفقوا عليه , أو يكرر العمل إذا اختلفوا , حتى يطمئن ببراءة الذمة , وهذا النوع من الاحتياط مرجعه الى الاحتياط في التقليد , وهو سهل بالقياس الى نوع آخر من الاحتياط , وهو الذي يعمد المكلف فيه الى الجمع في مقام العمل بين جميع محتملات النصوص والاقوال بل والقواعد , فإن هذه الطريقة شاقة لا تتيسر إلا للأوحديين من أهل العلم والفضل , المجهدين بالتتبع والاستقراء .
المقلّد وهو الذي لايتمكن من تحصيل الاحكام من طريق الاجتهاد , فيرجع الى العالم المجتهد , الاعلم بين العلماء , ويعمل بفتواه في كل المسائل الشرعية لعدم قدرته على استنباط الاحكام بنفسه .
وكما أشرنا إن هذا التقسيم لأجل تحصيل براءة الذمة من التكليف الشرعي والوصول اليه بنحو تتحقق معه الطاعة المطلقة لله سبحانه وأمتثال أوامره .
والهدف الاساسي لكل هذا هو انتظام الامور وحفظ مصالح للعباد وإبعادهم عن الشر والفساد في مختلف إمورهم وتكاليفهم - العبادات والمعاملات - , وما يتعلق بالاموال والافعال والاخلاق والاجتماعيات والاقتصاد والسياسة , مما فيه خير الناس وصلاحهم
باب الاجتهاد مفتوح


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 105  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-Oct-2012 الساعة : 08:38 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


باب الاجتهاد مفتوح
الاجتهاد معناه بذل الجهد واستعمال القدرة والامكانات على استخراج الاحكام واستنباطاتها من أدلتها التفصيلية , التي هي القران والسنة والاجماع والعقل - كما أسلفنا - .
وتكون هذه القدرة نتيجة العلم والمعرفة والاحاطة بهذه الادلة بشكل صحيح وواسع , ويجب ان يكون هذا الاجتهاد في اطار ( القران ) و ( السنة ) أي ماينطبق عليه القران والسنة , لأن كل شيء مما يتعلق بشؤون الناس والحياة على اختلافها موجود في القران والسنة .
قال تعالى ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) ( النحل من الاية 89 )
وفي الحديث الشريف ( إن الله تبارك وتعالى أنزل في القران تبيان لكل شيء , حتى - والله - ماترك شيئا يحتاج اليه العباد , حتى لايستطيع عبد يقول لو كان هذا أنزل في القران , إلا وقد أنزله الله فيه ) ( أصول الكافي الكليني 59/1 باب الرد الى الكتابة والسنة ح1 ) .
وورد في الحديث ايضا ( إن القران حي لم يمت , وأنه يجري كما يجري الليل والنهار , وكما يجري الشمس والقمر , ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا ) ( بحار الانوار 4/35 باب 20 أن القران حي لايموت ح 21 ) .
وأما السنة فالروايات كثيرة جدا في تأكيد دورها والأخذ بها , وأن كل شيء موجود في الكتاب والسنة , وضرورة الرجوع الى النبي (ص) وأهل البيت والاخذ منهم , لأنهم المستخلفون للقيام بحفظ الدين ونشره وتأكيده في قلوب ونفوس الناس .
والسنة في واقعها وحي من الله سبحانه , وشارحة للقران الكريم , وبيان تفصيلي لما جاء فيه من أحكام وتكاليف وبيانات , لأن القران وظيفته بيان العمومات من الاحكام , وتفصيلها يكون في السنة , وكما ورد في الحديث الشريف ( آيات القران خزائن , فكلما فتحت خزينة ينبغي أن تنظر فيها ) ( بحار الانوار ج 216/89 باب آداب القراءة ح 22 ) .
والمقصود بالنظر هنا التأمل والتدبر بما تعطيه من معان واحكام وبيانات واسعة .
ولذلك لابد من الرجوع الى النبي (ص) في أمور القران وسؤونه ومعانيه وشرحه وتفسيره , لأن الله سبحانه أودع علوم القران وكافة مافيده عنده عنده (ص) , والنبي (ص) أودع هذه العلوم عند الائمة الطاهرين , فهم المرجع في ذلك , وهذا ماينص عليه حديث الثقلين , فضلا عن الاحاديث الاخرى التي تؤكد أن مالديهم من علوم أخذوها من النبي (ص) .
فإدراك الواقع الايماني وكونه تبيانا لكل شيء ليس بمقدور كل أحد من الناس , مهما بلغ من العلم والكمال العقلي والفكري , ولاهو تحت إرادته , وإنما يطلب منا بذل الجهد لذلك , مستعينين بما ورد عن أهل البيت , لأن القران كلام الله سبحانه ومراداته , وفيه اسراره , جعل بعضها في متناول الناس حتى لايكونوا بعيدين عن القران , وجعل البعض الاخر لايدرك بسهولة ولابد فيه من الرجوع للنبي (ص) والائمة ومن عنده علم الكتاب , صيانة له من العبث والاجتهادات الخاطئة , وصيانة للاسرار والعلوم التي يشتمل عليها , مما لاتجد مجالا لفهمها إلا عن طريق أهل البيت , لأنهم الاعرف بها والابواب اليها بتعليم من النبي (ص) .
وهكذا يبقى القران الوسيلة لأرتباط الناس مع الله والنبي (ص) وأهل البيت , ويبقى أهل البيت الوسيلة لحفظ الدين وحفظ القران سالما من التحريف والتزييف والزيادة والنقصان والاجتهادات الباطلة التي تكثر في هذا الزمان من السنة والشيعة بدون مجاملة ولا محاباة , ورفع الخلاف بين المسلمين في مختلف أمورهم عبر القران , ولا يرفع الخلاف إلا بالرجوع لمن يعرف اسراره وعلومه وأسرار التشريع وأصوله , ولا أحد يعرف كل هذا سوى أهل البيت الذين أخذوا وتعلموا على يد النبي (ص)
ناحية مهمة


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 106  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-Oct-2012 الساعة : 08:19 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ناحية مهمة
ومن الضروري ونحن نؤكد على دور السنة في التشريع الاسلامي وفي تفصيل وبيان الايات الكريمة التي أشارت الى ذلك , أن نذكر ناحية مهمة
وهي أن السنة الشريفة التي هي قول المعصوم أو فعله أو تقريره ... هي وحي من الله سبحانه وتعالى كما أشرنا , وليست إجتهادا من النبي (ص) .
فما ورد على لسان النبي (ص) من تفصيلات لآيات القران الكريم وأحكامه والكيفيات التي تمارس بها العبادات وغيرها , كله بوحي من الله , قال الله تعالى ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ) ( النجم 3-4)
مثلا أمر المولى سبحانه بالصلاة فقال تعالى ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ولم يحدد في القران كيفية الصلاة بشكل مفصّل , وكذلك لم يحدد أمور الزكاة والمقدار الذي يجب دفعه .
ولكن لبيان الكيفية للصلاة جاء على لسان النبي (ص) , من أعتبار النية والقربة فيها , ومن أعتبار أن التكبير ابتداء الصلاة , ثم القراءة , ثم الركوع , ثم السجود , والتشهد , وغيرها مما يعتبر فيها من الاجزاء والشرائط , كله كان من النبي (ص) , والنبي (ص) أوضحه وبينه بأمر من الله سبحانه , وكذلك مايعتبر قبل الصلاة من الوضوء , وما يعتبر حال الصلاة من الستر والاستقبال , وكذلك أعتبار دخول الوقت للصلاة , كله بيانه وتفصيله كان من الله سبحانه بوحي للنبي (ص) .
وهكذا الحال في الزكاة والصيام والحج وغيرها من الفرائض والواجبات , لأن العبادات – كما ورد – أمور توقيفية , أي يتوقف بياناتها وتفصيلاتها وتحديدها على الشارع المقدس , وليس للعباد دخل فيها .
ومن هنا نؤكد أنه ليس كل مايراه الانسان عبادة يكون عبادة , فالله يريد أن يعبد كما يشاء هو لا كما يشاء العبد .
ومن هنا نجد العبادات المقررة في الشريعة تنسجم تماما مع الواقع الايماني والروحي عند الانسان , وتلبي تطلعاته وحاجاته الروحية والاخلاقية , فالعبادة كما تكون بالتأمل والتفكّر , تكون ايضا بالفعل والعمل وبالقول ايضا , وكما يشرف العقل والتفكر والعمل والقول يعمل ايضا على تنزيه القلب والنفس والروح مما يجعل العابد متمحضا في ذاته لله سبحانه وتعالى .
فالعبادة الصحيحة التي ترتقي بالانسان الى مراتب الاخلاص والكمال , هي ما كانت على النهج المأمور به من الله سبحانه وتعالى , سواء في حالات التأمل والتفكر , أو في القول والعمل وغيرها , وما أراده الله سبحانه أوضحه على لسان نبيه الكريم (ص) , والنبي (ص) علّمه وأعطاه للائمة الاطهار الذين هم الامتداد الطبيعي للنبي (ص) , ولم يحجب عنهم شيئا من العلوم التي فيها الخير والصلاح للعباد في مختلف شؤونهم , وأمورهم , بما يتعلق بالدنيا والاخرة .
عود على بدء
فدور المجتهد في أحكام الشريعة إنما يكون ويصح إذا كان في إطار القران والسنة , ويكون في استخراج واستنباط الاحكام منها بيطبيق القواعد العامة الكلية المعتبرة على القضايا الجزئية الفرعية الخارجية التي يحتاج اليها الناس , والتي هي مورد ابتلائهم واهتمامهم , وكذلك الحال فيما يتعلق بالمعاملات وما يشترط فيها , يكون بإمضاء من النبي (ص) واعتبارا منه لها , ويصير هذا الامضاء والاعتبار أحكام المعاملات كلها أحكام واقعية ومرادة للمشرع الحكيم , هذا مضافا الى النصوص الصريحة والواضحة في المعاملات , فهي أبضا من السنة وبوحي من الله
أهمية الاجتهاد


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 107  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-Oct-2012 الساعة : 08:59 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


أهمية الاجتهاد
لايقتصر دور المجتهد على استنباط الاحكام الشرعية الالهية من القران والسنة وغيرها من الادلة المعتمدة في الاستنباط , فأن ذلك وإن كان مهما جدا وضروريا في الحياة الانسانية , إلا أنه - مضافا لذلك - له دور كبير في تحقيق الاهداف الانسانية والاصلاح والتنظيم والحفظ للشؤون العامة والخاصة , التي هي الاساس في تطور الحياة وتناميها , لأن الاسلام لما كان هو الدين الخاتم ولا دين بعده ابدا الى يوم القيامة , فلا بد أن يلبّي متطلبات وتطلعات البشرية والانسانية في جميع مراحل وجودها , ولابد أن يؤمّن لها جميع الاحتياجات التي فيها الخير والصلاح والنظام , ووضع كل جديد يتجدد في حياة الانسان في إطار التشريع الاسلامي , كما هو الحال والشأن في الامور المتجددة في عصرنا الحاضر , والتي لم تكن موجودة فيما سبق , وكذلك استيعاب ما هو محتمل الوجود في المستقبل , باعتباره الدين الخالد والخاتم الى يوم القيامة .
من هنا نفهم وندرك أهمية الاجتهاد وضرورته في الحياة الانسانية , خصوصا بعد زمان الغيبة , غيبة الامام المهدي , كل ذلك لتقويم أمور الحياة وإبعادها عن حالة الفوضى والاضطراب , ولإستمرار بقاء الدين فاعلا في حياة الناس كأساس لايستغنى عنه في حال من الاحوال .
فالانسان مع الاجتهاد , دائما وأبدا في حال تطور وفي حالة انتظام , وفي وضع لايشعر معه , بالبعد عن الواقع الانساني والحياة الفاضلة الكريمة الملائمة له , وهو في إطار التشريع والاسلام , أي منطلقاته كلها من الواقع الايماني والشرعي الذي يريده ويقره الاسلام .
ولكن --أولا - وكما أسلفنا - يجب أن يكون هذا الاجتهاد في إطار القران والسنة , ولايكون غير ذلك , وإلا كان اجتهادا في مقابل النص , وتشريعا محضا في قبال الله سبحانه , لأنه كما أسلفنا ما من شيء إلا وله أساس في القران والسنة , وإلا كان بدعة , ( وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار ) ( بحار الانوار المجلسي 355/10 ب 20 ماكتبه الرضا للمأمون ح1 , وورد بلفظ قريب منه في روايات اخرى راجع مثلا بحار الانوار 263/2 ب32 البدعة والسنة ح21 ) .
وثانيا لايمكن اعتماد قواعد واسس ومصادر التشريع إلا ماكان في إطار الكتاب والسنة أيضا ويؤدي الى الحكم الموافق لهما , وإلا فيضرب به عرض الجدار , كما ورد في الاخبار الشريفة عن العترة الطاهرة . ( راجع الوسائل , آل البيت 6/27 ب 9 من ابواب صفات القاضي , ح1 -15 - 18 47 وغيرها ) .
وشيء ثالث وهو مهم جدا أن يكون المجتهد في وضع اخلاقي وروحي خاص , من حيث الايمان والاعتدال الاخلاقي والسلوكي والورع والتقوى , والخشية من الله سبحانه ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ( سورة فاطر من الاية 28 ) , وأن يكون في أعلى مراتب العدالة , هذا المعنى ضروري لأنه جعل المجتهد في وضع لايغلب للاهواء والاجتهادات الشخصية والباطلة .
ثم أن الحكم الذي يستخرجه ويستنبطه المجتهد من القران والسنة , يسمى ب (( الحكم الظاهري )) , لأنه إنما يؤخذ به لقيام الدليل على أعتباره , وعدم امكانية الوصول الى الحكم الواقعي الاولي .
وأما إذا كنا قادرين على الحكم الالهي الواقعي كما لو كان الحكم ضروريا أو بديهيا , فلا حاجة للاجتهاد أبدا , بل لايصح الاجتهاد في قبال الواقع المعلوم , وإنما يكون الاجتهاد مع الجهل بالواقع وعدم الوصول اليه لأجل معرفة الوظيفة العملية الظاهرية التي تستوجب براءة الذمة أمام الله سبحانه .
أمران مهمان في هذا المقام


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 108  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-Oct-2012 الساعة : 12:25 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


امران مهمان في هذا المقام
ثم أنه بعد هذا البيان الذي ذكرناه حول الاجتهاد , ومن هو المجتهد , لابد من الاشارة الى أمرين مهمين في هذا المقام
الامرالاول كيف يقوم المجتهد بعملية الاجتهاد
يتصور البعض من الناس , أو أغلب الناس أن المجتهد له الحق في إصدار الفتوى والحكم حسب مقامه ومنزلته بين الناس , وحسب مايراه هذا المجتهد انسجاما مع الظروف والوقائع المحيطة به , طابق القران والسنة أو لم يطابقهما .
ولاشك أن هذه نظرة خاطئة , وتصور خطير , وهذا المعنى هو الذي منعت منه الاخبار , حيث تضمنت المنع من أستعمال الرأي والقياس والمصالح المرسلة والاستحسان وغيرها , أي أن الفقيه إذا لم يجد الحكم في الكتاب والسنة لايحق له أن يلجأ الى إجتهاده الشخصي .
فالامر ليس كما يتصور , إذ الوقائع المحيطة بالانسان والظروف التي يعيشها , وإن كان ينظر اليها بعين الاعتبار , إلا أن عملية الاجتهاد تتبع أسسا وقواعد لابد من مراعاتها :
فلابد أولا من الاطلاع والمعرفة بعلوم القران وأحكامه .
وكذلك المعرفة بأمور السنة والاطلاع الكامل على الروايات والاخبار الواردة في المقام , والنظر في شؤونها من حيث الظهور في المعنى , والظهور في العموم أو الاطلاق أو غيرهما , وعدم التعارض والتنافي بين الروايات , وأن يكون فيها بيان كامل في المعنى المراد , بأن تكون الارادة جدية له , أي ليست واردة في مقام التقية ونحوها.
وكذلك لابد من توفر العلم والمعرفة التامة الواسعة بالاسس والقواعد الاصولية وغيرها المعتمدة في الاجتهاد .
وعندئذ بعد أن تتكامل هذه الامور , يقوم الفقيه بتطبيق تلك (( القواعد )) - المستفادة من القران والسنة والتي تؤكد دورهما- على الواقعة ويعطيها الحكم الملائم .
وأضرب مثالا لذلك , ويتضمن عدة أسئلة :
السؤال الاول : هل تجب قراءة الفاتحة مع السورة في الصلاة , أم يكتفي بالفاتحة ؟
والجواب : أن الفقيه يعتمد الى القران والسنة , والنظر الى ماورد فيها حول ذلك :
ففي القران يقول الله سبحانه ( فاقرؤوا ماتيسر منه ) ( المزمل من الاية 20 ) وهي بإطلاقها تشمل حال الصلاة وغيرها , مما يؤكد أصل وجوب القراءة فقط من دون نظر الى خصوصية كونها في الصلاة أو في غيرها .
ثم ينظر في السنة , فيجد الروايات المعتبرة التي تقول بوجوب قراءة الفاتحة , مثل قوله ( لاصلاة له إلا أن يقرأ بها ) ( الوسائل مؤسسة آل البيت م 6 ص 37 ب 1 من ابواب القراءة ح1 ) , - أي بفاتحة الكتاب - , وغيرها من الروايات , ثم يجد في الروايات أيضا مايدل على وجوب قراءة سورة بعد الفاتحة , وأن الاكتفاء بالفاتحة وحدها لايكون إلا في حال الضرورة , من ضيق الوقت أو نسيان السورة أو غيرها .
فيخرج بنتيجة : أنه لابد من قراءة الفاتحة والسورة في حال الصلاة في الركعة الاولى والركعة الثانية .
وسؤال آخر : لو كان عنده ماء وكان يعرف أنه طاهر , ثم شك في اليوم الثاني بعروض النجاسة عليه , فهل يحكم على هذا الماء بالطهارة أو يحكم عليه بالنجاسة ؟
والجواب : أنه لدينا قاعدة عامة مستفادة من الروايات تسمى بالاستصحاب , وهي أن كل مايشك فيه المكلف مما كان له حالة سابقة , يستطيع أن يستصحب تلك الحالة السابقة .
فيطبقها في المقام ويقول : هذا الماء بالأمس كان طاهرا , والآن أشك في نجاسته , فأستصحب عدم النجاسة , وأبني على أنه لايزال على ماكان عليه بالأمس من الطهارة للشك في عروض النجاسة , لأنه لااعتبار بهذا الشك , إلا إذا زال الشك وحصل له العلم فحينئذ لاحاجة للاستصحاب , وهكذا .....
فالحاصل : أن عملية الاجتهاد تتم ( بين ) النظريات والقواعد الاصولية المعتمدة للاستنباط ( وبين ) تطبيق تلك النظريات لاستفادة الحكم الشرعي واستخراجه .
فلا مجال في الاجتهاد للرأي الشخصي في الحكم , وإنما هو يبذل جهده وكل إمكاناته العلمية الموجودة لديه على ضوء القران والسنة , لاستخراج الحكم الشرعي , وتسمى ب (( رد الفروع الى الاصول )) , والاصول هي القران والسنة , والفروع هي الوقائع التي يطبق عليها الحكم الشرعي .
تنبيه :
وبطبيعة الحال أن هذه الامثلة تقريبية ليست هي كل شيء في الاجتهاد , فهناك من العمليات المعقدة الصعبة في هذا المجال , مما يجعل الفقيه يحتاج الى جهد كبير جدا في استخراج الحكم .
الأمر الثاني لماذا الخلاف بين العلماء


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 109  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-Oct-2012 الساعة : 12:55 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الامر الثاني لماذا الخلاف بين العلماء
من الامور التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة للاجتهاد في تحصيل الاحكام الشرعية واستنباطها من أدلتها , وقوع (( الاختلاف بين المجتهدين )) في ذلك .
ومن هنا يمكن أن يقال : إذا كان حكم الله واحدا فلماذا الاختلاف بين العلماء .
ويمكن أن يجاب عن مثل هذا التساؤل : بأن الاختلاف بين العلماء ليس في الحكم الالهي الواقعي , وإنما الاختلاف في طريق الوصول الى هذا الحكم الواقعي.
والاختلاف في الطريق أو في كيفية تحصيل النتائج والحكم , أمر طبيعي يحصل بين العلماء , حتى من غير الفقهاء , فأصحاب الاختصاص في العلوم الاخرى كالأطباء والمهندسين والفيزيائيين والكيميائيين وغيرهم , هؤلاء ايضا يقع بينهم الاختلاف في النتائج لوا واحدة ولأمر واحدة , من جهة الاختلاف في الاسس والقواعد المعتمدة في هذه العلوم , وكيفية تطبيقها , فكل له اسلوبه وطريقته , برغم أن الواقع واحد .
فليس غريبا أن يحصل هذا الامر بين أهل الاجتهاد من الفقهاء , خصوصا وهم يبذلون قصارى جهدهم في الوصول الى الحكم المبرئ للذمة بين يدي الله سبحانه , ويبذلون وسعهم في أن يكون هذا الحكم مطابقا للحكم الالهي الواقعي .
إذن فليس هناك خلاف أو إختلاف جذري أصلا , وإنما هي المحاولة في الوصول الى الواقع , ومن هنا كان ماورد من القول بأن ( من اجتهد وأصاب فله حسنتان , ومن اجتهد وأخطأ فله حسنة ) ( عوالي اللئالي ابن ابي جمهور الاحسائي 62 حديث 16 , راجع مسند احمد بن حنبل ج4 ص 198 - 204 ) , تأكيدا لهذ الحقيقة .
وكذلك تعريف الاجتهاد بأنه بذل الجهد للوصول الى الواقع , يؤكد هذا المعنى , ويؤكد أن المجتهد يتحرك مع الادلة والاسس التي هو مجتهد فيها , ورأيه يكون حجة عليه , وملزم له بين يدي الله سبحانه , بحيث يحاسبه الله إذا خالف رأيه وطريقته .
ومن هنا نقول إن الاختلاف بين الفقهاء يكون :
(1) نتيجة الفهم في النص , فإذا فهم أحدهم من النص معنى وفهم الثاني معنى آخر , وكان كل منهما معتمدا على حجة ودليل يؤيد ويؤكد فهمه , فلا يجوز له العمل بغير مافهم , كما سنوضح ذلك من خلال الامثلة التي سنذكرها .
(2) يكون الاختلاف بين الفقهاء في طريقة التطبيق للقواعد
(3) يكون الاختلاف نتيجة قبول النص وعدمه , خصوصا وأن هناك وضعا معينا حول النصوص لدى الشيعة , تولّد نتيجة المواقف السلبية العدائية التي وقفها خصوم الشيعة في العهود الاولى , وبعدها , والاضطهاد غير المعقول وغير المبرر وبمختلف الاساليب .
وكان من جملة المواقف السلبية : الدس في النصوص وتزويرها , والتقوّل على أهل البيت بأقوال لم تصدر عنهم , ولم تكن واردة عنهم أبدا , في مجالات العقيدة والشريعة .
وقد ينتقد علينا البعض قولنا عند دراسة بعض النصوص ( أنه وارد مورد التقية ) , أو ( يؤخذ بما خالف العامة ) , في مقام الترجيح للأخبار المتعارضة , ويقول المنتقد ( قد مضى زمن التقية , فلماذا نقول بالتقية !! ) .
والجواب : أن ورود هذا الخبر كان من الاساس مراعى به التقية , وواردا في زمن التقية , فلا مجال لتغييره , ولذلك نأخذ بالخبر الآخر الذي صدر عن الامام في غير هذا الحال , وهو ماكان مخالفا للعامة .
هذه الامور : هي من الاسباب الموجبة للاختلاف في مواقف الفقهاء في الحكم أو النتيجة .
فقد يرى فقيه أن هذا النص غير متكامل الحجية والدليلية , وقد يرى الثاني العكس , وقد يرى بعضهم أن موضوع الحكم ضيق الافق , وقد يرى بعضهم العكس , وهكذا ....
فالاختلاف الذي يحصل , ليس لرأي أو رغبة شخصية , وإنما هو نتيجة للأسس والقواعد التي يعتمدها كل فقيه للاستدلال بها
ولنعط أمثلة على ذلك :


ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 110  
كاتب الموضوع : ناصر حيدر المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-Oct-2012 الساعة : 05:54 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ولنعط أمثلة على ذلك
قوله تعالى ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولاتقربوهن حتى يطّهرّن)
فقد وقع الاختلاف في قراءة ( يطهرن ) بالتشديد أي حتى يغتسلن , أو بالتخفيف أي حتى يحصل النقاء من الحيض .
والاختلاف في جواز المواقعة للمرأة بعد الغسل , أو بعد النقاء من الحيض , إنما هو بسبب القراءة , فمن قرء بالتشديد , أي بنى على التشديد , فلا يجوز – بنظره – المقاربة والمواقعة للمرأة إلا بعد الغسل , بخلاف من قرأ بالتخفيف وبنى عليه فإنه يجّوز ذلك بعد النقاء من الحيض وقبل الغسل .
ومن ذلك الاختلاف في آية الوضوء :
قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين ) ( المائدة من الاية 6 )
فإن الاختلاف الواقع بين السنة والشيعة في كيفية الوضوء , هو نتيجة الخلاف في القراءة والاعراب في كلمة ( أرجلكم ) فقد قرئت بالجر والنصب وأعربت تارة عطفا على كلمة ( وجوهكم وأيديكم ) وأخرى على ( برؤوسكم ) .
فالحكم لدى السنة هو غسل الارجل على القرائتين : لأنهم جعلوا كلمة ( أرجلكم ) معطوفة على ( وجوهكم وأيديكم ) أي أغسلوا وجوهكم وأرجلكم , أما على قراءة النصب فواضح , وأما على قراءة الجر فقد خرجّوه إنما جر بالمجاورة للمجرور .
أما الحكم لدى الشيعة فهو المسح على القرائتين وليس الغسل :
أما بقراءة الجر فواضح , إذ تكون الاية هكذا ( وامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم فهي عطف على لفظ ( برؤوسِكم ).
وأما بقراءة النصب : فلأنها أيضا معطوفة على ( برؤوسِكم ) ولكنّه من العطف على المحل , فإن كلمة ( برؤوسِكم ) في محل نصب إذ المعنى ( وامس رؤوسكم) وأنما أتي بالباء للدلالة على أن المسح ببعض الرأس لاتمامه كما في خبر زرارة عن ابي جعفر , ( وسائل الشيعة آل البيت 411/1 ب23 من ابواب الوضوء , وهو قوله ( ألا تخبرني من أين علمت وقلت أن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين ؟ فضحك ( ) فقال : يازرارة قاله رسول الله ونزل به الكتاب من الله عزوجل الى أن قال : فعرفنا حين قال برؤوسكم , أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء الحديث ) , والعطف على المحل جائز في كلام العرب ومعروف.
بل ويمكن أن يكون من عطف جملة على جملة , أي ( وامسحوا برؤوسِكم وامسحوا ارجلَكم ) .
وعلى أي حال فالشيعة يرون أن الحكم هو المسح , لأن كلمة ( أرجلكم ) معطوفة على الجملة القريبة أي قوله تعالى ( وامسحوا برؤوسِكم ) وليست معطوفة على الجملة السابقة وهي قوله تعالى ( فاغسلوا وجوهكم وايديكم ) وذلك لعدم جواز الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجملة اجنبية ,فإن ذلك لايناسب الاديب فضلا عن كلام الخالق الذي هو في أرقى درجات البلاغة والاعجاز .
والمحصّلة : أن اختلاف الفقهاء في القضايا الفقهية , لايكون اختلافا بدوافع شخصية أو آراء اعتباطية , وإنما هو اختلاف في فهم النص والمقصود منه , واختلاف في اللغة والاعراب , أو اختلاف في أن هذا الحكم طرأ عليه نسخ أم لا , كما في موضوع المتعة والاختلاف الواقع حولها بين السنة والشيعة حيث يقول الشيعة بجوازها واستمرار حليتها الى يوم القيامة لأنها لم يرد نسخ لها على لسان النبي (ص) , وأخواننا السنة يعتمدون الحرمة لأنهم يرون أن حكم الحلية منسوخ , وهذا هو الذي نناقش فيه , أعني نسخ الحلية , وقد بينت كل المناقشات في حوارات واحتجاجات دونّها الطرفان , فليراجع من يريد التوسع في هذا الموضوع .
لااختلاف في الضروريات ولا في العقائد

إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc