عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 14-May-2012 الساعة : 08:06 AM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الفصل التاسع
التقية
ماهي التقية
( التقية) هي إظهار خلاف ما يعتقده ويؤمن به الانسان , وذلك لدفع الضرر والخطر عن نفسه أو عرضه أو ماله , أو عن غيره - إذا كانت التقية تدفع ذلك -.
وهي من الامور الفطرية عند البشر , وتدعو اليها العقول وتؤكدها, وتوجبها الادلة الشرعية, ولذلك كانت التقية معتبرة في كل الشرائع السماوية, وفي الاديان الوضعية ايضا , ويستعملونها في أمورهم الدينية والعادية والمالية, ومنهم من يستعملها حتى لو لم يكن هناك ضرر أو خطر عليه , بل مراعاة للمصلحة أو المنفعة, كما هو شائع بين كثير كمن الناس.
والشيعة وان عرفوا بالتقية حتى صارت شعارا لهم , وصارت من الامور اللازمة واللصيقة بهم, إلا أنهم لايستعملونها إلا في حالات الضرر والخطر على أنفسهم وعلى أموالهم وأعراضهم ودمائهم بسبب إظهار معتقداتهم وإيمانهم وتشيعهم لأهل البيت , لأن خصومهم أوسعوهم ظلما وقهرا وأذى واعتداء , وقد لاقوا منهم أنواع المحن والبلاء والتنكيل والقتل والتشريد واستحلال الاموال والاعراض والدماء , ولايزالون لحد الان يتعرضون للمحن والاعتداء , كما نشاهد من عديد من الناس في أكثر من قضية وواقعة , وخاصة في استحلال الاموال والاعراض , الى درجة أنه لايفعل باليهودي مثله .
وفي مثل هذا الوضع ,ألا يحق للشيعي أن يستعمل التقية حفاظا على نفسه ودينه وماله وعرضه وذريته وكافة شؤونه ؟ ! .
الفرق بين التقية والنفاق
وأود هنا ان أشير الى ناحية هامة في هذا الموضوع , وهي الفرق بين التقية والنفاق.
( التقية) أن يظهر المؤمن خلاف إيمانه وعقيدته , مع ثباته على الحق والايمان , كما أشارت إليه الآية الكريمة ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان )
أما ( النفاق) فهو عكس ذلك , أن يظهر الانسان الايمان والدين والالتزام بالحق , والقلب مطمئن بالكفر والضلالة.
ومن معرفة الفرق بين الامرين يظهر الفرق في العمل والتعاطي مع التقية عقلا وشرعا وعرفا.
أما الدليل على شرعية التقية فهو من القران والسنة الشريفة
الدليل على شرعية التقية من القران الكريم
فقد حكى القران الكريم أكثر من قصة وردت في التقية
(منها) قصة حزقيل مؤمن آل فرعون , قال تعالى ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله )
ومؤمن آل فرعون - كما عبر عنه القران - يكتم إيمانه ويظهر الكفر وأنه ظاهرا على ملة فرعون ودينه , وقد مدحه الله سبحانه وتعالى ب (( الايمان )) على فعله هذا , ولو لم تكن التقية مستحسنة منه في مثل هذا المقام , أكان يمدحه الله تعالى بما ذكره في كتابه الكريم ؟ ! .
_ ومنها ) قصة أهل الكهف , الذين كتموا إيمانهم وأظهروا الكفر وعملوا مع ملكهم مدة طويلة , ثم تركوا قومهم وملتهم وآووا الى الكهف , وقد مدحهم الله تعالى بقوله ( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) فلو لم تكن التقية مستحسنة منهم شرعا أكان يمدحهم الله تعالى بما مدحهم به , حتى سمى السورة المباركة باسمهم - سورة الكهف-.
( ومنها) قصة آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون , وكانت تعبد الله سرا , قال تعالى في مدحها ( وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين )
( ومنها ) قصة عمار بن ياسر , فقد أجبر الكفار جماعة من المسلمين على الكفر وفتنوهم عن دينهم , ومنهم عمر بن ياسر , إذ اجبروه على الكفر وإلا قتلوه , فأظهر كلمة الكفر بلسانه وقلبه كان مطمئنا بالايمان , فنزل قوله تعالى ( من كفر بالله من بعد ايمانه إلا من أكرهوقلبه مطمئن بالايمان ) وقال له رسول الله (ص) ( ياعمار إن عادوا فعد , فقد أنزل الله عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا) ( بحار الانوار المجلسي 91/19 ح46)
( ومنها ) قوله تعالى ( لايتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ) تأكيدا على إباحة التقية وجوازها.
وأما ماورد في التقية من السنة الشريفة , فروايات عديدة وكثيرة , وهي روايات صحيحة ومعتبرة , مثل ( التقية ديني ودين آبائي ) (بحار الانوار المجلسي 74/2 ح 41) وسوف نذكرها بالتفصيل
التقية عند السنة
أما التقية عند السنة , فهي كما عند الشيعة بل هي عندهم أشد وأكثر وأوسع مما عند الشيعة - كما يذكرها علماؤهم - , وهي مباحة الى درجة أنهم يجوزون إظهار المودة والمحبة والمدح للكافر , أو للظالم ( المسلم وغيره) , أو لكل من يخاف منه , ولكن على ان يكون قلبه مملوءا بالكراهية لذلك .
يقول الشيخ المراغي في تفسير الاية ( إلا ان تتقوا منهم تقاة )
(( فقد استنبط العلماء من هذه الاية جواز التقية , بأن يقول الانسان أو يفعل مايخالف الحق , لأجل التوقي من ضرر يعود من الاعداء الى النفس أو العرض أو المال , فمن نطق بكلمة الكفر مكرها وقاية لنفسه من الهلاك , وقلبه مطمئن بالايمان , لايكون كافرا, بل يعذر, كما فعل عمار بن ياسر حين اكرهته قريش على الكفر , فوافقها مكرها , وقلبه مطمئن بالايمان , وفيه نزلت الاية ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ) )).
وقال في تفسير الاية السابقة ( من كفر بالله من بعد إيمانه )
(( ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة وإلانة الكلام لهم , والتبسم في وجوههم وبذل المال لهم , لكف أذاهم وصيانة العرض منهم , ولايعد هذا من الموالاة المنهي عنها , بل هو مشروع , فقد أخرج الطبراني قوله (ص) ( ماوقى المؤمن به عرضه فهو صدقة ) )) انتهى ( تفسير المراغي 137-3/136 و 1/173 ط2 وعنه ايضا الشيخ جعفر السبحاني , الاعتصام بالكتاب والسنة ص 325-324 وص 327)
وهكذا تجد أن اغلب المفسرين السنة بالاضافة الى الشيخ المراغي يقولون بجواز التقية , مثل الرازي , والنسفي , والقاسمي , بالاضافة الى الشيخ المراغي المتقدم ذكره , وغيرهم (انظر الاعتصام بالكتاب والسنة السبحاني ص 323 وص 324 فانه حكى ذلك عن الرازي مفاتيح الغيب 13/8 وعن النسفي - التفسير بهامش الخازن 1/277 , وعن الجمال الدين القاسمي - محاسن التأويل 4/82 وغيرهم )
وقد روى في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال ( لم يكذب أبراهيم النبي قط إلا ثلاث كذبات , ثنتين في ذات الله , قوله ( اني سقيم ) وقوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) , وواحدة في شأن سارة , فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة , وكانت أحسن الناس , فقال لها إن هذا الجبار أن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الاسلام , فإني لا أعلم في الارض مسلما غيري وغيرك .... الحديث) ( روي في صحيح مسلم 7/98 , وصحيح البخاري 4/112, باب ( وأـخذ الله ابراهيم خليلا )
هذا مايرويه السنة في التقية , وأنها جائزة في شرع الانبياء السابقين , كإبراهيم وموسى وعيسى ويوسف عليهم اليلام من قبل , وفي الاسلام ايضا ...
فلماذا هذا التحامل على الشيعة إن استعملوا التقية , ولماذا هذا التشنيع عليهم بها , بما هو مخالف لله ولرسله وأنبيائه , ولكتاب الله - القران الكريم - وسنة رسوله (ص) ؟ ! .
هذا مع العلم أن الشيعة لم يمدحوا ظالما ولا كافرا , ولم يكذبوا نبيا, ولاحملوا كلامه على الكذب ابدا , وخاصة ابراهيم ويوسف عليهما السلام , وانما وجهوا كلامهم بالتوجيه اللائق لمقامهم وللحادثة التي وردت الايات فيها.
وبحق أقول إن الشيعة يفخرون بالتقية , لأنهم يعملون بما أراده الله وشرعه , ويعملون بقول رسول الله (ص) وهم أهل السنة الشريفة حقيقة , فقد سلكوا بالتقية مسالك أنبياء الله , وعملوا بما به حجج الله على الخلق.
وهل يستطيع اسنة الذين يشنعون على الشيعة بالتقية أن يقولوا إن الانبياء كان عملهم بالتقية غير صحيح ؟
فإن قالوها , فهم يعرفون ماذا يترتب عى هذا القول من الكفر , وإن أقروا بها , فلماذا هذا التجني على الشيعة والتحامل البغيض والقول بأن الشيعة ينافقون في دينهم ويخفون الكثير من آرائهم التي فيها الغش والكيد للدين والمسلمين ! ؟
بل يظهر أن الذي يكيد وكاد للدين وغش المسلمين في دينهم وعقادهم و هو من ينتقد التمسك بشرع الله وشرع الانبياء , وهذا هو النفاق بعينه
موارد جوازها وحرمتها
|