عضو
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
دور أمير المؤمنين علي عليه السلام في الحفاظ على الإسلام
بتاريخ : 06-Jul-2009 الساعة : 09:03 PM
![](http://www.mezan.net/forum/salam/6.gif)
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
دور أمير المؤمنين علي في الحفاظ على الإسلام
أمير المؤمنين هو بطل الإسلام وقديسه , وهذا مما لايختلف فيه اثنان , كما لايخفى الدور الرائد الذي مارسه علي في مراحل انطلاق وسير الرسول الاكرم بدعوته الى الدين الحنيف , وما سجله لنا القرآن الكريم في آيات كثيرة , وبينه الرسول الأكرم في مناسبات عديدة أيضا منها : (علي مني بمنزلة هارون من موسى) , فهو وزير الرسول الأكرم ، وسيف علي الذي حفظ الإسلام وشيد أركانه حتى بقي الى يومنا هذا , نعم علي هو أول فدائي في الإسلام أعده رسول الله لقيادة الامة من بعده , هذه الأمة التي لم يستبعد ان ترتد على اعقابها بعد رحيله عن هذه الدنيا - وهذا ما حصل بالفعل – وعاقبة هذا الارتداد خطر جسيم يهدد بقاء الاسلام وينذره بالانهيار , وليس غير علي القائد الذي يواجه اسباب الانهيار ويقدم أسباب بقاء الإسلام ووجوده ليومنا هذا , علي الذي قدم غاية ما يمكن ان يقدمه القائد من اخلاص في سبيل أهدافه ولا يوجد أعظم من علي الا استاذه رسول الله ...
لقد بدأ الانحراف بالامة الاسلامية بيوم السقيفة لأن القيادة سُلبت من صاحبها الشرعي والمؤهل للقيادة باعداد الرسول له وبنص سماوي نزل ليضمن سعادة الامة وبقائها , وتقمصها فلان وفلان ليضعوا الامة موضع الخطر والضياع .
هذه الامة التي لم يتغلغل الاسلام في اعماقها بعد , ولم تفهم ابعاد أحكامه , وكانت قريبة عهد بالجاهلية , ووجود عدد كبير ممن دخلوا الاسلام بمداخل غير سليمة تشكل خطر اضافي على هذه الامة التي لا تستطيع تشخيص مظاهر الانحراف ولا مقاومته , وليس غير علي يدرك هذا الخطر , علي الذي كان يمثل الرسالة وكان الامين الاول من قبل رسول الله لذلك كانت مهمة امير المؤمنين بعد رحيل النبي الاكرم صعبة وشاقة وتتطلب اتخاذ مواقف غاية في الدقة , لاتصدر إلا من المعصوم الذي عينه الله تعالى .
وكان علي يعمل بروح الرسالة لا بروحه هو , كان يعمل بروح تلك الاهداف الكبيرة ولم يكن يعمل بالمصلحة الشخصية .
لذلك حاول امير المؤمنين انقاذ الامة من الخطر والحفاظ عليها بعدة مواقف منها :
1- محاولة تسلم زمام القيادة الفعلية , ومحو آثار الانحراف وتصحيحه من خلال مطالبته بحقه بالخلافة مرارا , بل وبمطالبة الزهراء كذلك . لقد عمل في هذا المضمار وتحمل ما تحمل من اجل تفتيت الانحراف وايجاد تعبئة وتوعية فكرية في صفوف المؤمنين واشعارهم ان الوضع منحرف .. لقد عمل في هذا الخط حتى قيل عنه : ان علي اشد الناس رغبة في الحكم والولاية وانه طالب جاه .. رغم ذلك إلا ان هذه التعبئة لم تنجح لاسباب منها انخفاض وعي المسلمين الذين لم يدركوا ان يوم السقيفة هو اليوم الذي انفتح منه كل بلاء على الخط الطويل لرسالة الاسلام ، ولكنه كان يلقي الحجج على هذه الامة التي سرعان ما تنكرت له وان لم تفلح محاولاته في المطالبة.
2- حاول علي تحطيم التجربة المنحرفة التي مرت بها الامة من خلال التدخل الايجابي الموجه ، فقد كان يتدخل تدخلا ايجابيا موجها في سبيل انقاذ التجربة من المزيد من الضياع والانحراف.
فلما لم يتحقق ما اراده في تعبئته الفكرية لم يعارض ابا بكر وعمر معارضة سافرة وواضحة وانما تعامل مع الخلافة بحسب ما تحكم به المصلحة الاسلامية حفظا للاسلام وحماية للجماعة الاسلامية من التمزق والضياع وتحقيقا للمصالح الاسلامية العليا التي جاهد من اجلها. فقد ورد عنه في احد كتبه : (فامسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام , يدعون الى محق دين محمد , فخشيت ان لم انصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلما او هدما , تكون المصيبة به عليّ اعظم من فوت ولايتكم التي هي انما متاع ايام قلائل , يزول منها ما كان كما يزول السراب او كما يتقشع السحاب فنهضت في تلك الاحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه).
فصوت علي كان يعلو عندما يستشار ويجهر عندما يستفتى وقد تصدى لتوجيه الحياة الاسلامية وفقا لما تقتضيه رسالة الله تعالى في الحقول التشريعية والتنفيذية والقضائية .
فعندما واجهت الدولة الاسلامية في عهد عمر خطرا كبيرا وهو خطر إقامة اقطاع لا نظير له في المجتمع الاسلامي كان من المفروض ان يسرع في دمار الامة وذلك حينما وقع البحث بين المسلمين بعد فتح العراق في انه هل توزع اراضي العراق على المجاهدين المقاتلين او انها تبقى ملكا عاما للمسلمين – وكان الاتجاه ان توزع على المجاهدين الذين ذهبوا وفتحوا العراق – وكان معنى هذا ان يعطى العراق وسوريا وايران ومصر وجميع العالم الاسلامي الذي اسلم بالفتح سوف يوزع بين اربعة او خمسة آلاف او ستة آلاف من هؤلاء المسلمين المجاهدين أي سوف تستقطع اراضي العالم الاسلامي لهؤلاء وبالتالي يتشكل اقطاع لا نظير له في التأريخ .
لذلك بقي عمر اياما متحيرا لا يعرف ماذا يصنع وما هو الاصلح وكيف يعالج هذه المشكلة , ولكن امير المؤمنين تدخل وحسم الموقف وبين وجهة النظر الاسلامية في الموضوع واخذ عمر بنظر الامام علي وأنقذ الإمام بذلك الاسلام من الدمار الكبير .
لقد كان له تدخلات كبيرة وكثيرة , كالنفير العام الذي كان يهدد العاصمة في غزو سافر كان من الممكن ان يقضي على الدولة الإسلامية , هذا الاقتراح طرح على عمر وكاد عمر ان يأخذ به ولكن الإمام علي جاء مسرعا – كما تقول الروايات – الى عمر وقال له : لا تنفر نفيرا عاما ..لأن عمر اراد ان يخرج مع تمام المسلمين الموجودين آنذاك في المدينة وعندما تفرغ المدينة عاصمة الاسلام , تكون عرضة لغزو المشركين والكافرين.
وهكذا كان يتدخل تدخلا ايجابيا موجها في سبيل ان يقاوم المزيد من الانحراف والضياع ويطيل عمر التجربة الاسلامية .
3- حاول علي ان يحافظ على الامة الاسلامية من خلال المعارضة ، أي تهديد الحكام ومنعهم من المزيد من الانحراف وذلك حينما يكون الحاكم منحرفا ولا يقبل التوجيه , أي ان الحاكم المنحرف يحتاج الى معارضة لايقافه عند حده , فهذه المعارضة تعني المحافظة على الامة الاسلامية من الانهيار بعد سقوط التجربة ، حيث ان المسلمين لم يعيشوا التجربة الصحيحة للاسلام او ابتعدوا عنها , والتوجيه وحده لايكفي ، لذلك كان لابد من المعارضة للزعامات المنحرفة ، وهذا ما حدث في خلافة عثمان بن عفان .
والامر الذي لابد ان نقوله ان عليا بمعارضته وحكمه لم يكن هدفه انقاذ الشيعة فقط بل كان يبغي انقاذ مجموع الامة شيعة وسنة ويحصن المسلمين جميعا , فعلي اصبح اطروحة ومثل اعلى ومنارا للاسلام الحقيقي ، فالمسلمين جميعا كانوا ينظرون اليه انه المثل الاعلى والرجل الصحيح الحقيقي.
4- الدعوة الى وحدة الامة :حيث جهد امير المؤمنين اكثر ما يكون الجهد والعناء على توحيد صفوف الامة ونشر الالفة والمحبة بين ابنائها ، واعتبر الالفة الاسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الامة فيقول ان الله سبحانه قد امتن على هذه الامة فيما عقد بينهم من حبل هذه الالفة التي ينتقلون في ظلها ويأوون الى كنفها بنعمة لا يعرف احد من المخلوقين لها قيمة لأنها ارجح من كل ثمن واجل من كل خطر). فقد عنى الامام بوحدة الامة وتبنى جميع الاسباب التي تؤدي الى تماسكها واجتماع كلمتها , وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع ادوار حياته ، صيانة للامة من الفرقة والاختلاف.
ان اتجاه علي لم يكن اتجاها منفردا محدودا بل كان اتجاها واسعا على مستوى الامة كلها لأجل ان يحصنها بالاسلام وباهداف الاسلام وكيف يمكن ان يعيش الانسان الحياة الاسلامية في اطار المجتمع.
5 – تربية الامة : لم يعهد عن احد من الخلفاء انه عنى بالناحية التربوية او بشؤون التعليم كالإمام علي وانما عنوا بالشؤون العسكرية , وعمليات الحروب وتوسيع رقعة الدولة الاسلامية وبسط نفوذها على انحاء العالم , وقد أولى امير المؤمنين المزيد من اهتمامه بهذه الناحية ، فاتخذ جامع الكوفة معهدا يلقي فيه محاضراته الدينية والتوجيهية ، وكان يشغل اكثر اوقاته بالدعوة الى الله واظهار فلسفة التوحيد وبث الآداب والاخلاق الاسلامية مستهدفا من ذلك نشر الوعي الديني وخلق جيل يؤمن بالله تعالى ايمانا عقائديا لا تقليديا ، فقد كان الإمام المؤسس الاعلى للعلوم والمعارف في دنيا الاسلام ، وقد بذل جهوده على اشاعة العلم ونشر الاداب والثقافة بين المسلمين ، وكان دوما يذيع بين اصحابه قوله سلوني قبل ان تفقدوني , سلوني عن طرق السماء فاني ابصر بها من طرق الارض).
6- التجربة او الدولة : فبقدر ما كان يستهدف امير المؤمنين تقديم المثل الاعلى للاسلام ، لانه كان يعرف ان التناقضات في الامة الاسلامية بلغت الى درجة لا يمكن معها ان ينجح عمل اصلاحي ازاء هذا الانحراف مع علمه ان المستقبل لمعاوية وان معاوية هو الذي يمثل القوى الكبيرة الضخمة في الامة الاسلامية .
كان يعرف ان الصور الضخمة الكبيرة التي خلقها عمر وعثمان وخلقها الانحراف , هذه القوى كلها الى جانب معاوية ومع هذا قبل بالحكم وبدأ بتصفية الانحراف ، ومع هذا مارس الحكم وضحى في سبيله بعشرات المسلمين في سبيل ان يقدم الاطروحة الصحيحة الصريحة للاسلام والحياة الاسلامية.
فقد ترك لنا انموذجا راقيا للحكومة الاسلامية يمكن ان يحتذى به وان يتخذ منهجا عمليا تطبيقيا في حالة قيام دولة اسلامية – على سبيل المثال لا الحصر- كتوجيهه بتخصيص راتب الى الرجل الذمي الكبير السن بعد ان وجده يتكفف الناس , دون الاخذ بنظر الاعتبار انتمائه الديني او العرقي .
7- حافظ الامام علي خلال تلك الفترة العصيبة والفتن الرتيبة على بقاء نسل الرسول وهم الائمة ، من خلال عدم قيامه بالسيف على تلك الامة الغاصبة للحق الشرعي للإمام ولو انه حمل سيفه فان المنافقين سوف لن يتركوا احد من ذرية الرسول اضافة لمحوهم اثر الاسلام.
8– ان الامام امير المؤمنين بحفاظه على الجماعة الاسلامية , وحفاظه على جوهر الاسلام , وبحفاظه على بقاء الائمة وتكامل الوجود الشيعي الذي سيحتضن الاسلام الصحيح يكون قد مهد العمل لاسعاد الارض بتطبيق احكام الاسلام وتجسيد الدين في ثنايا المجتمع ، وهذه هي المرحلة الاخيرة في المسيرة الاسلامية الظافرة وبه تتوج المسيرة الربانية المباركة بظهور المنقذ والمخلص صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ليملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا في اليوم الموعود به كل البشر.
هذا ما امكن الاحاطة به من عوامل استطاع بها علي الحفاظ على الاسلام والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين
|