اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
أللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والأخرين إلى قيام يوم الدين
لا تغيير في مهمة اليونيفيل وصلاحياتها
يمكن القول دون أي مجازفة، كبيرة أو صغيرة، إن المحاولات الإسرائيلية والأميركية بمعيّة عدد من الدول الأوروبية، لن تنجح في إجراء أي تعديلات تذكر على صلاحيات قوات اليونيفيل العاملة جنوبي نهر الليطاني، وبالتالي لن تؤدي جلسة الـ27 من آب الجاري المخصصة لبتّ تمديد ولاية القوات لعام جديد، أو جلسات أخرى شبيهة تحت عناوين مختلفة، إلى أي تفويض أو تغيير إضافيين في المهمة الموكلة إلى اليونيفيل.
لا يعود هذا التأكيد إلى أن جزءاً أساسياً من الدول التي أشركت جيوشها في عديد القوات الدولية لا تريد، أو ليس لديها النية في تعديل المهمة، كذلك لا يعود إلى عدم وجود نيّة مشابهة لدى عدد من الدول المؤثرة والمعنية في تغيير مهمة اليونيفيل (إسرائيل والولايات المتحدة)، المشكلة التي تعترض هذه الجهات هي القدرة الفعلية الموجودة لدى القوات الدولية نفسها، في ظل الظروف الموضوعية القائمة في لبنان، وفي جنوبه تحديداً.. ويُستدل على وجود الرغبة وحجمها من المحاولة الأخيرة التي أقدمت عليها القوات الفرنسية، بمساعدة من القوات الإيطالية، لدهم أماكن سكنية في بلدة خربة سلم الجنوبية، دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني، الأمر الذي سبّب دفع الأهالي لمنع اليونيفيل من تنفيذ الدهم، بالقوة.
أحاديث تعديل المهمة والمحاولات ليست جديدة أو غير مسبوقة، فقد سبقت ذلك محاولات إسرائيلية وأميركية على امتداد السنوات الثلاث الماضية، دون نجاحات تذكر. وكانت المحاولات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة (الأميركية)، تفتقر إلى تأسيسات ميدانية تمكّن نظرياً من البناء عليها لدى المحافل الدولية المعنية والمقررة، أملاً بالوصول إلى إقرار التعديلات المطلوبة. فمن أولى اهتمامات إسرائيل تمكين اليونيفيل من محاربة المقاومة بالوكالة عنها، أو في أقل تقدير إشغال المقاومة عنها، والتسبّب في تغيير أولوياتها.
مثّل انفجار منزل يحوي ذخائر كانت قوات الاحتلال وميليشيا العميل لحد قد خلّفتها وراءها عام 2000، في بلدة خربة سلم، الفرصة التي انتظرتها إسرائيل طويلاً، وقامت بالفعل باستغلالها ومحاولة التأسيس عليها باتجاه تعديل مهمة اليونيفيل. إلا أن استغلال إسرائيل، كعادتها، جاء مفرطاً، إلى حدّ أفسد الفرصة نفسها.. كان حريّ بالقادة الإسرائيليين أن يتوخّوا الحذر في تطلّعاتهم، إذ مهما كانت الفرصة جيدة، ومهما كانت محفّزة بذاتها لاستغلالها، إلا أنها قد لا تكفي لتحقيق النتيجة المطلوبة، نظراً إلى ظروف موضوعية أخرى مانعة، وهي كثيرة، لإجراء أي تعديلات.
إذا كانت إسرائيل قد عجزت في الماضي عن فرض صلاحيات تريدها للقوات الدولية في لبنان، في ظل تساقط النار الإسرائيلية عام 2006، فإنها لن تستطيع أن تفرضها في الظروف القائمة حالياً.. جملة من المعطيات تغيّرت وأخرى ترسّخت في لبنان وفي المنطقة، وأيضاً في معادلة الصراع القائمة بينها وبين المقاومة، ليس أقلّها ترميم المقاومة لقدراتها العسكرية ومضاعفتها ثلاث مرات كما تشيع إسرائيل في تقاريرها المنشورة تباعاً، واستقرار الوضع السياسي الداخلي في لبنان مع تعزيز لتأثير المقاومة في القرار الرسمي اللبناني، وتحديداً في أعقاب أحداث الخامس من أيار، إضافة إلى أن الوضع الإقليمي أقلّ سوءاً عما كان عليه طيلة السنوات الماضية.
يمكن النظر إلى المعادلات المادية والظروف الموضوعية القائمة حالياً، لدى الطرفين وبينهما، والمقدّر لها أن تستمر لفترات أخرى غير قصيرة، بأنها تتيح وضع خطوط حمراء تمنع إسرائيل من فرض إرادتها السياسية على لبنان، ومن ضمنها تعديل مهمة قوات اليونيفيل وصلاحياتها باتجاه محاربة المقاومة أو محاصرتها أو إشغالها، وبالتالي يبقى المسعى الإسرائيلي بالوكالة، في مداولات مجلس الأمن أو المداولات خارجه، ودون كثير من المبالغة، مجرد حلم أو ضرب من الخيال، وذلك إلى حين تغيّر المعادلات الحقيقية الموجودة على الأرض، سواء أكان ذلك داخل الساحة اللبنانية نفسها أم على المستوى الإقليمي، بكل ما يرتبط بالصراع المستمر بين إسرائيل وحزب الله، كما يبقى هذا المسعى غير قادر على تحقيق نتائج، للتعذّر.