اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
سم الله الرحمن الرحيم
أللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والأخرين إلى قيام يوم الدين
هل ينتظر الحريري خطوة من المحكمة الدولية؟
لم يُجب أحد بعد عن السؤال الحقيقي المتصل بعدم تأليف الحكومة حتى اللحظة. والكلام عن تعقيدات داخلية، مبالغ فيه لناحية أن تبادل المطالب بين الأفرقاء المعنيين ليس من النوع الذي يهدّد عملية تأليف حكومة كبيرة. لكن الأكيد أن فريق 14 آذار، وخصوصاً الفريق الملتفّ حول الرئيس المكلّف سعد الحريري، يبالغ في الحديث عن هذه التعقيدات، بل يختلق منها ما يستطيع، الأمر يهدف فقط إلى توتير الأجواء، وهو أمر يترافق مع قطيعة مفاجئة في الاتصالات الخارجية بشأن لبنان، سواء ما يتعلق منها بالاتصالات السورية ـ السعودية، أو تلك التي تتولّاها الولايات المتحدة الأميركية مع أكثر من طرف. ويبدو أن هذه الأمور مرشّحة لجمود أكبر كلما اقترب الأميركيون من إطلاق مشروعهم القديم ـ المجدّد عن التسوية في المنطقة، تلك التي تريد اعتبار الصراع العربي ـ الإسرائيلي منتهياً إلا من نزاع فلسطيني ـ إسرائيلي، ما يوجب على العرب الآخرين المبادرة إلى التطبيع مع إسرائيل، وكسب ثقتها حتى تتشجّع على تقديم ما يلزم لإقامة دولة فلسطينية، لكن دون أن تكون قادرة على خلق حالة إزعاج جدية لإسرائيل، وهو الأمر الذي تتحمّس له مصر والسعودية ودول أخرى، فيما ستكون سوريا في المواجهة ومعها قوى المقاومة في لبنان وفلسطين.
وتشير هذه الأجواء إلى أن المشكلة هي أن فريق 14 آذار، وتحديداً تيار «المستقبل» في حالة انتظار لحدث ما، أو لخطوة ما، أو لتطوّر ما، من شأنه إدخال تعديل كبير على الوقائع المحلية التي لم تنجح الانتخابات النيابية الأخيرة في تحريكها عمّا كانت عليه منذ السابع من أيار عام 2008، وكذلك لمحو الآثار الناجمة عن موقف النائب وليد جنبلاط، وتلك المتوقعة من جانب آخرين. لكن ما هو هذا الحدث، وما هو هذا التطور؟
في مراجعة بسيطة للتطورات السياسية خلال المرحلة الماضية، يمكن حسم نقطة مركزية، هي أن حزب الله على وجه الخصوص، لا يزال يمثّل بالنسبة إلى الغرب وإسرائيل وحتى لأنظمة عربية، الخطر الأكبر، ما يوجب العمل على إنهاكه بقصد إنهائه. جُرّب خيار الحرب المجنونة قبل 3 سنوات من دون طائل، وكذلك محاولات جرّ الحزب إلى معركة داخلية مستنزفة لقدراته ولصورته، ومن ثم السعي إلى إقامة نظام حكم في لبنان يحاصر المقاومة، ويعمل على إضعافها، وخلق الأرضية المناسبة لإطلاق فتنة مذهبية تقضي على كل شيء، وجرى استخدام الانتخابات النيابية وسيلة، لكن النتائج جاءت معاكسة أيضاً. وإذا أُخذ بالعناصر الخارجية الأخرى التي تتعلّق بعزل سوريا ومحاصرتها ودفعها إلى خطوات ضد الحزب والمقاومة، والتي فشلت بدورها وقابلتها استعادة دمشق دوراً إضافياً في لبنان، وحتى في فلسطين، وصمود حماس في غزة، وفشل الحملة التحريضية التي قامت بها مصر على حزب الله وعلى آخرين، فإن السؤال القائم: هل هناك من وسائل أخرى؟
إذا كان المثل يقول إنه ليس باليد حيلة للعاجز، فإن الفريق الأميركي ـ الإسرائيلي ـ العربي ـ اللبناني المتورّط في هذه اللعبة، لا يزال يأمل استخدام أدوات مختلفة لتحقيق الهدف نفسه. وبين هذه الأدوات الحرب من جديد، وهي خطوة ترغب إسرائيل في القيام بها، لكنها لم توفر لها عناصر النجاح الكاملة، وهي تبحث إضافةً إلى تعزيز عناصر القوة لديها في مجالَي الأمن والعسكر، عن عنصر مساعد من داخل لبنان نفسه، وربما هذا ما يفسر السعي إلى إبقاء الفتنة الداخلية في لبنان قائمة، والعمل على تعزيزها، وثمة أسباب إضافية بعد تحوّلات قوى داخلية، أبرزها النانب جنبلاط، وما يمثّل على صعيد التركيبة اللبنانية الطائفية.
وبناءً على ذلك، لا يبدو أن بيد هذا الفريق من حيلة، سوى اللجوء إلى ملف التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفي هذا المجال، عبّر قادة كثيرون في الفريق اللبناني المتورط في هذه الفتنة، وعلى رأسهم سمير جعجع، عن «اعتقادهم» بأن المحكمة الدولية في صدد القيام بخطوة من شأنها التأثير المباشر في الوضع الداخلي، وهو تحدّث كما تحدثّ آخرون عن أن قراراً ظنياً سوف يصدر عن المدعي العام في المحكمة القاضي الكندي دانيال بلمار يشير إلى دور لحزب الله أو لأعضاء فيه في الجريمة.. وكل رفاقه في الانتظار!
في لقائه غير المعلن مع المغتربين، أشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى هذا الملف، وقال في معرض طمأنة جمهوره: «إن المحكمة لن تهز شعرة واحدة من حزب الله، ونحن أقوياء بما يكفي لقلب عشر طاولات لا طاولة واحدة». وأضاف بلغته الحاسمة مصحوبة بحركة إصبعه الشهيرة: إن من يفكر في الأمر أو يقدم عليه سوف يندم!