أسئلة في بريد الميزان لسماحة آية الله السيد جعفر مرتضى العاملي
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الرواية بشأن دفن رسول الله صلى الله عليه و آله لأم الإمام علي
تقول أنه"إضطجع إليها عندما أنزلها في قبرها و هناك من يثير الشبهات بشأن ذلك من أديان أخرى للإساءة لسيد المرسلين صلى الله عليه و آله.
فهل بشرح؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب:
بسمه تعالى
وله الحمد، و الصلاة والسلام على محمد وآله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فأولاً: إن المروي في كتبنا: هو أن النبي «
» قد حمل جنازتها على عاتقه, فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها. ثم وضعها, ودخل القبر فاضطجع فيه, ثم قام فأخذها على يديه حتى وضعها في القبر, ثم انكب عليها طويلاً يناجيها إلخ.. ( [1]).
أما الرواية التي أشار السائل إليها، فهي التي ذكرها صاحب الإستيعاب( [2])، ومن يدري، فلعل الراوي قد اشتبه في النقل؟! أو تكون كلمة «معها» من زيادات النساخ، أو من التحريفات المتعمدة للتشكيك بهذه الفضيلة الظاهرة لها «رضوان الله تعالى عليها», ليكيدوا بذلك ابنها علياً «
».. و لعل.. و لعل..
ثانياً: لعل النبي «
» كان من محارم فاطمة بنت أسد, الذين يجوز لهم لمسها, فإن أم الزوجة ـ سواء أكانت بالزواج الدائم أو المنقطع ـ تصبح من المحارم بنفس العقد على ابنتها.. كما أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. ومن المحارم أيضاً زوجة الأب والجد، والجد الذي بعده, وهكذا.. سواء من طرف الأب أو الأم.
فمن الذي قال: إن أحد هذه الأسباب لم يكن حاصلاً, فكانت فاطمة بنت أسد من محارمه «
»، لأجل سبب منها؟! فقد قالوا: إن النبي «
» قد خطب ابنتها أم هاني ثلاث, إحداها كانت قبل زواجها من هبيرة المخزومي, فلعلها بعد أن فرق الإسلام بينها وبينه اقترنت برسول الله «
».. ولو بالزواج المؤقت, ولعلنا نجد إشارة تدل على ذلك في بعض النصوص، فراجع ما ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾( [3]).
فقد ورد: أنه «
» قال: إن رسول الله «
» تزوج بالحرة متعة، فاطلع عليه بعض نسائه، فاتهمته بالفاحشة، فقال: إنه لي حلال، إنه نكاح بأجل، فاكتميه الخ..
وعن الصادق «
»: «إني لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله «
» لم يأتها.
فقلت: فهل تمتع رسول الله «
»؟!
قال: نعم، وقرأ هذه الآية: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾( [4])»( [5]).
وفي صحيح الترمذي: أن عبد الله بن عمر سئل عن متعة النساء، فقال: هي حلال ـ وكان السائل من أهل الشام.
فقال له السائل: إن أباك قد نهى عنها.
فقال: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله، أنترك السنة ونتبع قول أبي( [6]).
وقد أمر المأمون بأن ينادى بتحليل المتعة، فدخل عليه محمد بن منصور وأبو العيناء، فوجداه يستاك، ويقول وهو متغيظ: «متعتان كانتا على عهد رسول الله «
» وعهد أبي بكر، وأنا أنهى عنهما.
قال: ومن أنت يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله «
» وأبو بكر؟!
فأراد محمد بن منصور أن يكلمه الخ..( [7]).
وقال ابن شهرآشوب: «وكان النبي «
» لم يتمتع بحرة ولا أمة في حياة خديجة، وكذلك كان علي مع فاطمة «
»..»( [8]).
علماً بأن خديجة «
» ماتت قبل الهجرة بثلاث سنوات، مما يعني: أن الروايات المتقدمة تتحدث عن الفترة التي بعد ذلك، فلا مانع من أن يكون قد تزوج بأحد بنات أو حفيدات فاطمة بنت أسد، أم علي «
» بهذا النوع من الزواج.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
( [1]) الكافي ج1 ص453.
( [2]) الإستيعاب مطبوع بهامش الاصابة ج4 ص 382
( [3]) الآية 3 من سورة التحريم.
( [4]) الآيات 3 ـ 6 من سورة التحريم.
( [5]) وسائل الشيعة (آل البيت) ج21 ص13 و (الإسلامية) ج14 ص442 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص297 و (ط جماعة المدرسين) ج3 ص466 وتفسير نور الثقلين ج5 ص369 والبرهان في تفسير القرآن ج4 ص353 والفصول المهمة للحر العاملي ج1 ص651 وبحار الأنوار ج16 ص254 ومكارم الأخلاق ص39 وجامع أحاديث الشيعة ج21 ص10 وسنن النبي للطباطبائي ص13.
( [6]) الطرائف لابن طاووس ص460 وكتاب الأربعين للشيرازي ص559 وبحار الأنوار ج30 ص600 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص309 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص564 والكنى والألقاب ج3 ص95.
( [7]) راجع: وفيات الأعيان ج6 ص149 و 150 والسيرة الحلبية ج3 ص46 وتاريخ بغداد ج14 ص159 و 200 والنص والاجتهاد للإمام شرف الدين ص193 وقاموس الرجال ج9 ص397 وبغداد ص198 و 202 وأجوبة مسائل جار الله للسيد شرف الدين ص120 والكنى والألقاب ج3 ص44 والحصون المنيعة للسيد محسن الأمين ص104 والفصول المهمة للسيد شرف الدين ص81.
( [8]) راجع: مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج3 ص350 و (المكتبة الحيدرية) ج3 ص90 وبحار الأنوار ج42 ص92 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص335.
نسألكم الدعاء