اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
قلوب معطوبة
على عكس بقية إخوته، لم يستطع تحمل بقاء أخيه طريدا بعيدا عن بيت العائلة. فسلمه تكاليف القطع المعطوبة، وطالبه بالتنازل عن شكواه. فاحتراما لهذه الخطوة المباركة، وللعلاقة التي بينهم، تنازل عن مصاريف الإصلاح والتركيب.
كان ذلك في اليوم التالي، أما في الليلة السابقة، وهي ليلة القدر. شارك مجموعة من الشباب، لا تتجاوز أعمارهم أواخر العشرينات. تبدو عليهم ملامح الأخوة والمحبة، متراصون متعاضدون. إذا اشتكى احدهم، قام له البقية بالسهر والمداراة. كسرب من الطيور، المتشابكة المترابطة. تطير عبر الأجواء، في تشكيلة منتظمة تبهر الناظرين.
يحسدهم الجالسون بجوارهم، على حسن تآلفهم وتوادهم. احيوا تلك الليلة، في رحاب الدعاء - وفيض القرآن - ونور الصلاة. بأيدي ممدودة إلى السماء، تطلب العفو والرضوان. وبقلوب منكسرة - ودموع جارية. جاءوا ليتوبوا من ذنوبهم، ليعودوا كمن لا ذنب له.
غادروا المسجد بعد نهاية المراسم، ومع منتصف الليل. متجهين إلى بيت احدهم، لإكمال السهرة حتى طلوع ضوء النهار، أذان بدخول يوم جديد.
بوصولهم أوقفوا سياراتهم بمحاذاة جدران البيوت القريبة، وعلى طول الشارع المتعرج إلى داخل حيهم القديم. ببيوته المتقاربة المتلاصقة، وجدرانه التي لا تزال تعبق برائحة الماضي. وشوارعه الحلزونية الضيقة، كجسم ثعبان ملتف على فريسته.
خلال دخولهم من الباب الخارجي، اعترضهم احد أخوتهم متوعدا مهددا: فليخلي ضيفكم موقع سيارته، أو سيحصل لها ما لا يحمد عقباه. أراد تحريك سيارته، اتقاء للشر. فمنعه الأخوة من ذلك، ووقفوا في وجه أخيهم. يتحدوه ويهيجوه، والشرر يتطاير من أعينهم. كما ذئاب جائعة، تتقاتل على طريدة.
ثارت حفيظة أخوهم، فهجم على سيارة الصديق بقوة وعنف. فاتلف بعض محتوياتها، ولاذ بالفرار. فقاموا بتحريض صديقهم، وأقنعوه بالتبليغ عنه انتقاما وقصاصا. ضاربون عرض الحائط أواصر الدم، ومتجاهلون القرابة وحقها. غير ملتفتين إلى أن المؤمنين أخوة، وواجب الإصلاح بينهم.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية