اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
هناك مقدمة معروفة ومتفق عليها لدارسي المنطق الارسطي، وخلاصتها كما ذكرها الشيخ الفضلي: 1- من الواضح أن جميع العلوم هي نتاج التفكير الانساني، ومن الواضح أيضاً أن الإنسان حينما يفكر قد يهتدي إلى نتائج صحيحة ومقبولة، وقد ينتهي إلى نتائج خاطئة وغير مقبولة.
فالتفكير الإنساني - إذن- معرّض بطبيعته للخطأ والصواب، ولأجل أن يكون التفكير سليماً، وتكون نتائجه صحيحة، اصبح الإنسان بحاجة إلى قواعد عامة تهيء له مجال التفكير الصحيح متى سار على ضوئها.
والعلم الذّي يتكفل بوضع وإعطاء القواعد العامة للتفكير الصحيح هو علم المنطق .
فأذن، حاجتنا إلى دراسة علم المنطق شيءٌ ضروري لابد منه وذلك لأجل أن يكون تفكيرنا العلمي صحيحاً وذا نتائج مقبولة .
ومن هنا عدَّ علم المنطق الأول لجميع المعارف البشرية .
2- يضاف إليه: أننا بتعلمنا قواعد المنطق نستطيع أن ننقد الأفكار والنّظريات العلمية فنتبيّن أنواع الخطأ الواقع فيها وأن نتعرفَ على اسبابها .
3- وبمعرفتنا لقواعد المنطق نستطيع ايضاً أن نميّزَ بين المناهج العلميّة السليمة والتي تؤدي إلى نتائج غير صحيحة .
4- ونستطيع كذلك على ضوء فهمنا لقواعد المنطق أن نفرقَ بين قوانين العلوم المختلفة، وأن نقارن بينها ببيان مواطن الالتقاء والشبه بينها ومواطن الاختلاف والافتراق.....أنتهى
إذن، فالغاية من دراسة علم المنطق هو صون الفكر عن الخطأ في التفكير، وأول من أولى الإهتمام بهذا الفن هو الفيلسوف اليوناني أرسطو معلم الاسكندر المقدوني الرومي، وكان قبل ولادة نبي الله عيسى بنحو ثلاثمائة ونيف وعشرين سنة ...
وهنا أود أن اطرحَ مجموعة من الاسئلة المنطقية المشروعة حول ما سبق ..
س1 : ذكرَ المناطقة إن الإنسان يصيب ويخطىء، ويخطىء ويصيب، لذلك-هذا الإنسان المعرّض للخطأ- وضعَ لنفسه قواعد لكي تعصمه من الخطأ ..... والسؤال : كيف لهذا الإنسان المعرّض للخطأ أن يعطينا قواعد للعصمة؟!! .. فمن المعلوم أن فاقد الشيء لايعطيه.. فكيف نثق بقواعد هي ناتجة من تفكير معرّض للخطأ؟!! .. فإن كان الجواب هي قواعد بديهية فهنا يصدق قول القائل إن المنطق لايحتاجه الذكي ولايستفيد منه البليد .... وإن كان الجواب هي قواعد نظرية فالإشكال واقع لامحالة ... وهنا اذكر قصة لأحد علماء مشهد عندما درّسَ تلميذه المنطق، أمرَ -هذا العالم- التلميذ بأن يخرج إلى السوق العام ويُعدَّ له من لهم علم بالمنطق، وفعلاً نفّذَّ التلميذ ما أُمرَ به وبعد فترة رجعَ إلى استاذه العالم قائلاً: لم أرى احداً في هذا السوق الكبير يعرف عن المنطق شيئاً ..... فقال له استاذه العالم: إذن أنت لم تفهم المنطق.... وذلك لأن الإنسان- أي إنسان- هو منطقي التفكير، والفارق بينه وبين دارس المنطق ما هو إلا المصطلحات .. فلو أتينا بطفل وقلنا له : إن أباك موجود وليس بموجود وقت واحد، لوجدنا هذا الطفل يضحك فرحاً متصوراً أنك تلاعبه، أما الدارس لعلم المنطق سيجيبك قائلاً : مستحيل فالمتناقضان لايجتمعان ... وهكذا في بقية القواعد .... وعلى كل حال أعود إلى سؤالي: كيف بشخصٍ غير معصوم يعطيني قواعد للعصمة؟!!... هذا السؤال الأول.
س2:هل لأهل البيت منطق؟!! أم أنهم استعاروا من اليونانين منطقاً؟!! .
س3: البعض يقول لن تفهم القرآن الكريم والروايات الشريفة إلا بدراسة المنطق.. والسؤال : ألا يدل هذا أن لأرسطو الفضل على الإسلام وعلى أهل البيت ؟!! ..
س4: نحن نعتقد-كما هو الحق- أن أهل البيت هم عدل القرآن الكريم ، والتمسك بهم هو عصمة من الضلالة، ومع ذلك نتمسك بمنطق يوناني كافر ..فأين الخلل؟!!
س5: بما أن المناطقة قد اهتموا بالهيئة، واهملوا المادة اهمالاً كلياً، فكيف تكون قواعدهم وقياساتهم صحيحة أو مقبولة؟!!! أليس المادة هي أساس الخطأ الشري؟!!
س6: المنطق مقرون بالمعرفة ولازم ذاتي لها-بما أنه آلة تمنع من الوقوع في الخطأ- ... فلماذا البعض يرّوج لمنطق يوناني كافر ويقرنه بالمعرفة الإسلامية؟!! ..
س7: لماذا البعض من الذين يحملون شعار كتاب الله وعترتي أهل بيتي يأول النصوص ويلوي اعناقها إذا خالفت قاعدة من القواعد البشرية؟!!
س8: يدعي المناطقة أنهم أهل العقل والعلم.. فهل هذا العقل أو العلم هو مطابق لما جاء به أهل البيت ؟! .. أم أن العقل أو العلم الذي جاء في مدرسة أهل البيت يتمَّ تأويله لكي يطابق العقل والعلم الذي جاء به أرسطو اليوناني الكافر؟!!
س9: يقول المناطقة: إن التصديقات غير البدهية لاتنال إلا بالقياس .. فما هو أساس التفرقة بين ماهو نظري وما هو بدهيٌّ ؟! مع العلم أن النظري والبدهي أمران نسبيان – بإتفاق المناطقة انفسهم-
س10: إلى اصحاب المراحل العليا: هل داراستكم للمنطق، قد صان تفكيركم من الخطأ-طبعاً مع مراعته-؟ .. وهل أُستفيد منه في فهم آية أو رواية؟ .
س11: جاء في الروايات: " أما إنّه شرّ عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منا" .." ياكميل! لاتأخذ إلا عنا تكن منّا" ... " شرّقا غرّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلا شيئاً خرج عندنا أهل البيت" ... " من طلب الهدى من غيرهم فقد كذّبني" ... " كل شيء لم يخرج من هذا البيت فهو باطل" ... " والله ما جعل الله لأحد خيرة في اتباع غيرنا، وإن وافقنا خالف عدوّنا" .. " من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما ادخلوه فيه، ومن دخل بالكتاب والسنة زالت الجبال قبل أن يزول" ...............وهكذا سيل من الروايات التي تصب في هذا المضمون.. والسؤال: هل طبّقَ البعض هذه الروايات بتمسكه بالمنطق الارسطي؟!!
س12: يقول بعض الموالين المحترمين في مقاله: " كان الإمام الصادق () إماماً في المذهب وحكيماً وفيلسوفاً وأديبا، وكانت علوم الدين والحكمة والفلسفة والأدب تدرس في مدرسته"
فأي فلسفة كانت تُدرس في مدرسته؟!! .. وما معنى كان الإمام الصادق فيلسوفاً؟!!
.. أخيراً، اختم بمقطع جاء من رسالة العلامة المجلسي في الاعتقادات، والرسالة جداً مهمة لكل طالب علم رايته كتاب الله وعترتي أهل بيتي.... : " ... ثم انهم صلوات الله عليهم تركوا بيننا أخبارهم فليس لنا في هذا الزمان إلا التمسك بأخبارهم والتدبر في أثارهم فترك أكثر الناس في زماننا أثار أهل بيت نبيهم واستبدوا بأرائهم فمنهم من سلك مسلك الحكماء الذين ضّلوا و أضلّوا ولم يقروا بنبيّ ولم يؤمنوا بكتاب واعتمدوا على عقولهم الفاسدة وأرائهم الكاسدة فاتخذوهم ائمة وقادة فهم يأوّلون النصوص الصريحة الصحيحة عن ائمة الهدى بأنه لايوافق ما ذهب إليه الحكماء مع أنهم يرون ان دلائلهم وشبههم لايفيد ظناً ولاوهماً بل ليس افكارهم ألا كنسج العنكبوت ، وأيضاً يرون تخالف اهواءَهم وتباين ارائهم فمنهم مشائيّون ومنهم اشراقيون فلا يوافق رأي احد الطائفتين رأيَ الاخرى ومعاذ الله أن يتكل الناس على عقولهم في اصول العقايد فيتحيرون في مراتع الحيوانات ولعمري أنهم كيف يجترئون أن يؤولوا النصوص الواضحة الصادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة، لحسن ظنهم بيوناني كافر لايعتقد ديناً ولامذهباً ...."