اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
أجهزة خاصة
احتاج إلى استعمال الهاتف، وهو يحاول الخلود إلى الراحة، في آخر الليل. فبحث عنه جواله حول فراشه، فلم يجده. وبين ملابسه، فلم يعثر عليه. فسأل زوجته، التي كانت تحاول التشبث بأذيال النوم، لتزيل عنها عناء النهار. فقالت وهي تحاول تجميع بقايا ركام أفكارها: لقد استعملته آخر مرة، عندما أوصلتني إلى بيت أهلي.
نزل من الطابق العلوي، مهرولا قاصدا سيارته. واضعا كفيه على رأسه، راجيا أن لا يكون ذلك، بداية لمسرحية محزنة. فمد يده ليخرجه من مخبئة السري، الذي اعتاد دسه فيه. فأطبق عندها على فاه بقوة، وكادت عينه أن تخرج من حدقتها. وتوقف كل جزء من بدنه عن الحركة. كأنما قد لدغه عقرب سام، فشل حركته. مستغربا من عدم وجوده، رغم حرصه أن لا يكون ظاهرا للعيان، وغطاءه لا يلفت النظر.
رجع بذاكرته إلى الوقت الذي ذكرته زوجه، عند نزوله لأداء الصلاة. حيث اضطر لأخذ سيارته، لإيصالها إلى بيت أهلها. ولطالما تركها عند بيته، وأتي راجلا. فماذا حصل هذه المرة؟ أم أن المكتوب، ليس منه مهرب! كان بقرب المسجد حينها، وحان وقت الصلاة، فتثاقل عن إرجاعها إلى بيته، خوفا من فوات الوقت. فدخل لأداء الواجب.
بنهاية الفريضة، أحس بشيء غريب يهرش عقله. اشغل فكره، واقل معه اتزانه. فتعجل الخروج، كمن أصابه مرض معدي. ليشاهد صدق إحساسه بأم عينه، وقلبه يتفطر تألما وتوجعا، لما حل بسيارته الجديدة. بعد أن دفع جزءا كبيرا من مخزونه، كدفعة مقدمة. ولا يزال يدفع نصيب الأسد من دخله، كقسط شهري. وسوف يأتي على باقي مدخراته، تصليح ما قد تحطم وتمزق.
فلقد حطم زجاجها، وحافظتها الأمامية. ومزق وقطع، أغطية مقاعدها شر ممزق. وبعثرت مستنداته، وأوراقه الرسمية. انتقام من فقدت وليدها، أو ثأر قديم لفيل لا ينسى.
فكيف عرفوا بوجوده، مع عدم رؤيتهم له؟ فقال في سره وهو يهز رأسه أسفا: هذا يؤكد أن لديهم أجهزة، تعينهم على ذلك. كما سمع من رواد المسجد!
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية