عن المفضل بن عمر الجعفي عن أبي عبد الله الصادق (
) قال: جلس رسول الله (
) في رحبة مسجده بالمدينة وطائفة من المهاجرين
والانصار حوله وأمير المؤمنين عن يمينه وعمر عن شماله إذ طلعت غمامة ولها زجل بالتسبيح وهفيف،
قال رسول الله (
): قد شاهدته من عند الله ثم مد يده الى الغمامة فنزلت ودنت من يده فبدا منها جام يلمع حتى غشيت ابصار من في
المسجد من لمعاته وشعاع نوره، وفاح في المسجد روائح حتى زالت عقولنا بطيبها ومشمها والجام يسبح الله ويقدسه ويمجده بلسان عربي مبين حتى نزل في بطن راحة رسول الله (صلى
الله عليه وآله) اليمين وهو يقول: السلام عليك يا حبيب الله وصفيه ونبيه ورسوله المختار على العالمين والمفضل على خلق الله أجمعين من الأولين والآخرين، وعلى وصيك خير الوصيين
وأخيك
خير المواخين وخليفتك خير المستخلفين وامام المتقين وأمير المؤمنين ونور المستضيئين وسراج المهتدين وعلى زوجته فاطمة ابنتك خير نساء العالمين الزهراء في الزاهرين والبتول في
المتبتلين، والأئمة الراشدين وعلى سبطيك ونوريك وريحانتيك وقرة عينيك ابناء علي الحسن والحسين، ورسول الله وسائر من كان حاضرا يسمعون ما يقول الجام ويغضون من أبصارهم
من تلألؤ نوره (
) وهو يكثر من حمد الله وشكره حتى قال الجام - وهو في كفه -: يا رسول الله أنا تحية الله اليك والى اخيك علي وابنتك فاطمة والحسن والحسين
فردني يا رسول الله في كف علي، فقال رسول الله (
) خذه يا ابا الحسن تحية من عند الله فمد يده اليمنى فصار في بطن راحتيه فقبله واشتمه فقال مرحبا بكرامة الله
لرسوله وأهل بيته واكثر من حمد الله والثناء عليه والجام يسبح الله عز وجل ويهلله ويكبره ويقول: يا رسول الله ما بقي من طيب في الجنة إلا وأنا أطيب منه، فارددني إلى فاطمة
والحسن والحسين كما أمرني الله عز وجل فقال رسول الله (
): قم يا ابا الحسن به فاردده إلى كف قرة عيني فاطمة وكف حبيبي الحسن والحسين، فقام أمير المؤمنين
(
) يحمل الجام ونوره يزيد على نور الشمس والقمر ورائحته قد ذهلت العقول طيبا حتى دخل على فاطمة والحسن والحسين (
) من الله ورحمته وبركاته ورده في
ايديهم فتحيوا به وقبلوه واكثروا من حمد الله وشكره والثناء عليه، ثم رده الى رسول الله (
)، فلما صار في كفه قام عمر على قدميه فقال: يا رسول الله، تستأثر بكل ما
نالك من عند الله من تحية وهدية، أنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين ؟ فقال رسول الله (
): يا عمر ما اجرأك على الله ؟ اما سمعت الجام حتى تسألني أن أعطيك ما
ليس لك ؟ فقال له: يا رسول الله أتأذن لي بأخذه واشتمامه وتقبيله ؟ فقال
رسول الله (
): ما أشد جأشك، قم، إن نلته فما محمد رسول الله حقا ولا جاء بحق من عند الله فمد عمر يده نحو الجام فلم يصل إليه وارتفع الجام نحو الغمام، وهو يقول:
يا رسول هكذا يفعل المزور بالزائر ؟ قال: قم يا ابا الحسن على قدميك، وامدد يدك الى الغمام وخذ الجام وقل ما امرك الله به أن تؤديه الينا ثانية، فقام أمير المؤمنين (
) فمد يده
الى الغمام فتلقاه الجام فأخذه فقال له: رسول الله (
) يقول لك: ماذا أمرك الله أن تقول له ؟ فأتاه الجام وقال: نعم يا رسول الله أمرني أن أقول لكم ان قد اوقفني على نفس
كل مؤمن ومؤمنة من شيعتكم وأمرني بحضور وفاته فلا يستوحش من الموت ولا ييأس من النظر اليكم وأن أنزل على صدره وأن أكسوه من روائح طيبي فتقبض روحه وهو لا يشعر. فقال
عمر لأبي بكر: يا ليت الجام مضى بالحديث الأول ولم يذكر شيعتهم فكان هذا من فضل الله على رسوله وعلى أمير المؤمنين (
)