08/03/2010
بعد انقضاء يوم من ايام العراق الطوال نحو تحديد المصير والمسار, تتجه أنظار العراقيين إلى النتائج التي ستفرزها الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد يوم الاحد مع تواصل عمليات فرز اصوات الناخبين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين عراقيين ان ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي حل اولا في المحافظات الجنوبية التسع التي تشغل مئة وتسعة عشر مقعدا في حين حلت قائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء العراقي الاسبق اياد علاوي اولى في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى التي تتمثل بسبعين مقعدا. اما في محافظة كركوك فقد حل التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الرئيسيين اولا يليه العراقية ومن ثم دولة القانون.
وفيما تسابقت القوائم الانتخابية في إعلان الفوز دعا رئيس القائمة العراقية إياد علاوي إلى تحقيق في طريقة سير العملية الانتخابية . وفي ظل عدم ورود أي نتائج أولية أو بيانات بشأن نسبة المشاركة في التصويت، حذر المتحدث باسم المفوضية المستقلة للانتخابات قاسم العبودي من أن النتائج المتداولة حتى الآن ليست نتائج رسمية، مؤكدا أنها مجرد أرقام تتداولها وسائل الإعلام ليس إلا . وقال قاسم العبودي إن أمام المفوضية عملا ضخما قبل الإعلان عن النتائج الرسمية .
انتصار الجميع!!
هذا واعلنت عدد من القوائم الانتخابية تحقيق انتصار في الانتخابات، وسيرت مظاهرات بعدد من المدن العراقية ابتهاجا لما عدته فوزا في الانتخابات . وهنأت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي الشعب "بالفوز الكاسح"، وحذت حذوها قائمة دولة القانون التي يترأسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ثم قائمة السيد عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي . وفي السليمانية نظم الآلاف مسيرات بالشوارع، بعد إعلان قائمة التحالف الكردستاني وقائمة التغيير والاتحاد الإسلامي الكردستاني الفوز في الانتخابات.
العالم يحيي شجاعة العراقيين واوباما يتوقع اياما صعبة
وعلى صعيد ردود الافعال الدولية, حيا المجتمع الدولي الناخبين العراقيين الذين ادلوا الاحد باصواتهم باعداد كبيرة رغم اعمال العنف التي اودت بحياة 38 شخصا وادت الى اصابة 110 بجروح. وان كان الرئيس الاميركي باراك اوباما توقع ان يشهد العراق اياما "صعبة للغاية". وقال اوباما في كلمة مقتضبة في البيت الابيض "نعرف ان العراق سيواجه اياما صعبة للغاية وانه قد تحصل ايضا اعمال عنف اكثر على الارجح. لكن العراق وككل دولة سيدة ومستقلة. ستكون له حرية اختيار طريقه الخاص". ورحب الرئيس الاميركي "بالمشاركة الكثيفة" للعراقيين في الانتخابات على رغم اعمال العنف التي طبعت اليوم الانتخابي. واشاد ايضا بالطريقة التي ادارت بموجبها السلطات العراقية الوضع .
وفي وقت سابق. حيا اوباما في بيان شجاعة الناخبين العراقيين الذين "تحدوا التهديدات للمضي قدما بديموقراطيتهم ".
وفي بروكسل. رحبت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون بمشاركة "عدد كبير" من العراقيين في الانتخابات التشريعية رغم الهجمات التي شهدها البلد, معتبرة ان الامر "يستحق التقدير ".
وحيا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير "شجاعة الناخبين العراقيين", مؤكدا ان التصويت "يدل على رغبة الشعب العراقي في طي صفحة الماضي. ورفض الارهاب. وتصميمه على بناء عراق ديموقراطي والتطلع نحو المستقبل". وخلص الى القول ان "فرنسا وشركاءها في الاتحاد الاوروبي الى جانب العراقيين في نضالهم من اجل اعادة الاعمار والديموقراطية ".
من جهته قال آد ميلكرت الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة في العراق لفرانس برس ان الانتخابات "كانت بالاحرى شفافة". وقال ان "فرز النتائج سيستغرق وقتا اطول", داعيا الاحزاب السياسية الى "قبول النتائج". واعلنت الامم المتحدة ان النتائج الاولية ستبدأ بالظهور الخميس المقبل على ان تكون نهائية في 18 من الشهر ورسمية في اواخره .
وفي لندن. اعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند عن ارتياحه ازاء المعلومات الاولى حول مسار الانتخابات العراقية. وقال ميليباند في بيان ان "الحكومة البريطانية تابعت الانتخابات العراقية من كثب. ان التصميم على التصويت امر مهم. لكن اعمال العنف وسقوط قتلى تظهر اهمية التحدي الذي يواجهه الشعب العراقي". واضاف الوزير البريطاني انه "من المبكر استخلاص نتائج حول حرية الانتخابات ونزاهتها. او نسبة المشاركة. لكنني استطيع القول ان المعلومات الاولية مشجعة واننا وشركاءنا الاوروبيين سنكون شفافين ومنفتحين في حكمنا النهائي ".
"الملحمة الوطنية"
بدوره وصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الانتخابات بـ "الملحمة الوطنية ". وقال المالكي في كلمة وجهها الى الشعب العراقي بمناسبة انتهاء عملية الاقتراع ان "يوم الانتخابات كان ايضا هزيمة للارهاب والذين يقفون ضد ارادة الشعب ولا يسعدهم رؤية الديمقراطية والحرية "، مؤكدا "فشل مخططات وتحديات الارهاب ". وقدم المالكي الشكر والتقدير لقوات الجيش والشرطة الذين وفروا اجواء الأمن لانجاح العملية الانتخابية . كما دعا رئيس الوزراء العراقي, الكتل السياسية الى العمل الجاد للتعويض عن الحرمان الذي لاقاه الشعب العراقي من الدكتاتورية والعصابات الاجرامية .
إجراءات مشددة
وكان الناخبون العراقيون قد أدلوا بأصواتهم لاختيار 325 نائبا في انتخابات برلمانية توصف بأنها حاسمة في تحديد الأغلبية السياسية التي ستحكم البلاد في السنوات الأربع المقبلة. وقد جرت عمليات التصويت وسط إجراءات أمنية مشددة، كما أغلقت جميع المعابر الحدودية للعراق حتى فجر الاثنين . وأدلى العراقيون بأصواتهم على ثلاث مراحل، هي التصويت الخاص للقوات الأمنية والسجناء لأقل من ثلاث سنوات والمهجرين خارج العراق في 16 دولة، ثم تصويت داخل العراقيين في 18 محافظة . وحسب إحصاءات مفوضية الانتخابات، فإن 6172 مرشحا يمثلون 165 كيانا سياسيا ينتمون إلى 12 ائتلافا انتخابيا يتنافسون على شغل مقاعد البرلمان .
وعلى عكس الانتخابات السابقة في 2005 يمكن للعراقيين اختيار مرشحين أفرادا هذه المرة وليس قوائم حزبية فحسب. وليس من المتوقع أن تفوز أي كتلة بأغلبية، وقد يستغرق تشكيل الحكومة شهورا، ما يعني احتمال وجود فراغ سلطة ربما تستغله جماعات مسلحة .
ويوجد أكثر من 500 مراقب دولي وعربي، بينهم 70 من مراقبي جامعة الدول العربية فضلا عن 250 ألف مراقب محلي يمثلون الكيانات المشاركة بالانتخابات والجمعيات المتخصصة بمراقبة الشفافية .
وتعتبر الانتخابات حاسمة لاستقرار البلاد قبل ستة اشهر من رحيل قوات الاحتلال القتالية الاميركية واقل من سنتين من انسحاب كامل القوات الاميركية التي تنشر 96 الف جندي حاليا في العراق. وسيتم في المرحلة الاولى سحب 46 الف جندي. وترك 50 الف جندي حتى نهاية 2011. وقال وزير الحرب الاميركي روبرت غيتس الاحد ان قوات الامن العراقية قامت بمهامها على احسن وجه وان "المشاركة كانت مرتفعة. او على الاقل اكثر ارتفاعا مما كان منتظرا". واضاف على متن طائرة عسكرية اميركية "في نهاية المطاف. كان يوم خير على العراقيين ويوم خير علينا".