اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
حقاً ان القلب مع هذه الظرافة والعمل المتواصل آية إلهية عظمى، فلو كان هذا القلب من حديد لصدأ وتلف خلال سبعين سنة من عمر الإنسان الا ان قدرة الله اللامتناهية صنعت منه عضواً يعمل اكثر من مائة سنة في بعض الموارد. والمدهش هنا أنَّ القلب من الاعضاء التي تعمل ليل نهار وفي النوم واليقظة رغم أنَّ نشاطه عند النوم أقل.
ومن هنا نجد سر تعظيم المؤمنين وتمجيدهم مقولة الله تعالى: (وفِي الأرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أنْفُسِكُمْ أفَلاَ تُبْصِرُونَ)
لو لم يكن لدينا دليل على عظمة الخالق غير القلب لكان كافياً لادراك قدرته وحكمته السرمدية.
ولأجل استيعاب عظمة الخلق وادراك اكبر لهذه الهدية الالهية القيمةنقرأ الموضوع التالي:
القلب الصناعي مرآة لعظمة قلب الإنسان
كلّفت صناعة قلب صناعي قبل عدة سنوات ثلاثين مليون دولاراً، إلاَّ أنَّ هذا القلب لم يدم عمله اكثر من ستة أيام، كما أنَّ المستفيد منه لم يكن قادراً على الحركة والمشي خلال هذه الفترة. كيف يمكننا شكر الخالق على نعمة القلب التي منحها اياناً مجاناً؟
ما أجمل ما قاله القرآن: (وَفِي أنْفُسِكُم أفَلاَ تُبْصِرُونَ).
وبعد ما عرفنا أنَّ المراد من القلب في الاية ليس ذلك العضو الصنوبري نقول هنا: إنَّ المراد منه هو العقل والعاطفة. يقول الله في سورة الاعراف الاية 179: (وَلَهُم قُلُوبٌ لايَفْقَهُونَ بِهَا)فالمراد من القلب هنا هو العقل والعاطفة; لأن الفهم والادراك من شأن العقل، كما أنّ الإحساس والشعور والحب والمعرفة من شأن العاطفة والعقل، وكانموذج على ذلك يقول الله في الاية 10 من سورة البقرة: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فزَادَهُم اللهُ مَرَضَاً).
هل إنَّ قلب المنافق الصنوبري يعطل من جراء مرض النفاق؟ أوأنَّ مرض النفاق يؤدي إلى اتساع في صمام القلب؟
من الواضح أنَّه لا يراد من القلب ذلك العضو الصنوبري، ولا يراد من المرض تلك الحالة الطبيعية التي تعرض للإنسان وأعضائه. إنّ القلب هنا هو العقل والعاطفة اللتان قد يضعفان بسبب مرض النفاق إلى مستوى يسمحان للانسان قتل الابرياء في حرم الامام الرضا()،فهما في الحقيقة يموتان.
نقرأ في رواية أنّ للأمر بالمعروف ثلاث مراحل: الأمربالقلب أولا، وباللسان ثانياً، وبالعمل ثالثاً. فاذا كانت المرحلة الأخيرة غيرممكنة فتتوجب المرحلتان الاوليتان. وإذا استحالت المرحلة الثانية والثالثة فعلينا بالاولى أي علينا ان نكون متذمرين من الظالمين وسلوكهم وأن نكون محبين للمؤمنين والمصلحين. واذا ترك شخص الامر بالمعروف بمراحله الثلاث فقد صدق عليه الحديث التالي: «فمن لم يعرف بقلبه معروفاً ولم ينكر منكراً قُلبَ; فَجُعِلَ أعلاه اسفله». وهل يراد من القلب هنا هو ذلك العضو الصنوبري ؟ بالطبع لا، لان ذلك العضو لا يتحرك من مكانه ولا يتزلزل بل المراد منه هو العاطفة والادراك.
مما مضى نستنتج ان للقلب معينين في القرآن والروايات: 1- العقل الانساني 2- العواطف الانسانية. وهما ظاهرتان روحيتان يعدان مركزاً للادراك والشعور. ولهذا عندما يقال: (لهم قلوب لكن لايفقهون) فان المراد كونهم يملكون القلب لكن ملكة الادراك عندهم معطلة وإذا قيل (قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فإنَّ المراد أنَّ عواطفهم ميتة.
القلب الذي في الاية 46 من سورة الحج (فإنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التي فِي الصُّدُورِ) قد يعني ذلك العضو الصنوبري بقرينة (في الصدور)، لكن هل الواقع كذلك؟
رغم أنَّ العقل ليس في صدر الإنسان، إلاّ أنَّ له ارتباطاً بالدماغ ولذلكنرى البعض قد تعطل دماغه لكنَّ قلبه لا زال يعمل. وعلى هذا فالصدر الذي في الايةليس ذلك الجزء من البدن المكسو بالقفص بل المراد منه الروح. وعليه فالقلب هنا يعني العقل والإدراك، فمفهوم الآية هو (العقول التي في الأرواح).
وهناك إحتمال آخر وهو: رغم أنّ هذا العضو الصنوبري ليس مركزاً للعواطف والعقل، إلاّ أنَّ الأمر لايخلو عن علاقة بينهما; وذلك لان هناك علاقة مباشرة بين القلب والروح أو العقل والعاطفة فان القلب يتأثر مباشرة وأولا في أي ظاهرة تطرأ على الإنسان، فاذا واجها لإنسان موقفاً مفرحاً ازدادت ضربات قلبه وسرعت; وإذا واجه موقفاً مؤلماً شعر في قلبه التعب والثقل، وكذا الامر في كل الحوادث والقضايا الروحية. إنَّ العلاقة بينالقضايا الروحية والقلب هي كالعلاقة بين الماء والعين وسطح الارض. إنَّ الماء يعلومن الطبقات التحتية للارض ثم ينبع من نقطة خاصة من الارض والظواهر الروحية مثل ذلك،فإنها تنبع من القلب. ومن خلال التفاسير الماضية يمكننا معرفة الكلام الالهي في الاية الكريمة (قَسَتْ قُلُوبُهُمْ).
تصوير القرآن لقلوب بني إسرائيل
لقد وصف القرآن قلوب بني اسرائيل في الاية 74 من سورة البقرة بانها كالحجارة أو اشد قسوة: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُهُم مِنْ بَعْدِ ذلك فَهِيَ كالحِجَارةِ أو أشدّ قَسْوَةً) وقد اختلف المفسرون في تفسير (فَهِيَ كالحِجَارَةِ) وفي (أو أشَدَّ قَسْوَةً).
بما أنَّ الآية نزلت في المنافقين وبما أنَّ للنفاق درجات ومراتب فإنَّ صفة كالحجارة ترجع إلى طائفة خاصة من المنافقين، وأمّا (أو أشَدُّ قَسْوَةً) فترجع إلى طائفة أخرى أسوء حالا من السابقة.
لكن كيف يمكن للقلب أنْ يَكُون أشدَّ قسوةً من الحجارة ؟
إنَّ القُرآن يعدّ ثلاث بركات من بركات الحجارة:
الأُولى: بعض الاحجار في الجبال تتفجر لينبع منها الماء والأنهاروبجريانه تُروى المزارع والنباتات والحيوانات. نعم، ان للحجارة بركة التفجر لينبعالماء، وهي بركة عظيمة إلاّ أنَّ قلوب بني اسرائيل لا ينبع منها الفضيلة ولا العلمولا الحكمة كما انها ليست مراكز للعواطف والحب والحنان; إنَّ قُلُوبهم أشدّ قَسوةمن الحجارة حقاً.
الثانية: إنَّ من الاحجار تتشقق لتضم في شقوقها مقداراً منالماء. ورغم أنَّ هذا الماء لا يروي المزارع والحيوانات، إلاّ أنه قد ينقذ حياةسائر عطشان. أمّا قلوب بني اسرائيل فهي لا تضم حتى ذلك المقدار القليل من المحبةوالحنان.
الثالثة: بعض الاحجار تهبط وتسقط خشية من الله وخضوعاً امام قدرته واستطاعته العظمى كما تؤكد ذلك الآية 21 من سورة الحشر (لَوْ أنْزَلْنَا هذاالقُرْآنَ عَلَى جَبَل لَرَأيْتَه خاَشِعاً مُتَصَدّعاً مِن خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُها للنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفكَرُونَ }
مع تحياتي نور الولاية
آخر تعديل بواسطة منتظرة المهدي ، 05-Apr-2010 الساعة 10:54 PM.
سبب آخر: تصحيح تداخل الكلمات مع بعضها
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسمه تعالى
شكراً للأخت نور الولاية أهل البيت على هذا الموضوع القيم.
نسألكم الدعاء.
توقيع حفيد الزهراء
يااااااا زهراء
سقَانِي غيثُها حبًّا فريدا ... فَطارَ القلبُ في الدنيا طروبا
أنا ما عشتُ إلا من هواها ... ولولاها لما كنتُ الحبيبا
سأستوحي حروف الشعر منها ... لأبقى من معانيها قريبا
هي السحرُ الذي أعطى وجودي... وأعطاني من الدنيا نصيبا