اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معارف وعلوم أهل البيت () لم تكن مجرد نظريات شخصية، ولم تكن اجتهادات قابلة للخطأ والصواب، وإنما كانت من عمق الوحي والرسالة الإسلامية، وهذا هو الفارق بين حديث أهل البيت () وغيرهم، ولذلك يقول الشاعر:
فدع عنك قول الشافعي ومالك وأحمد والمروي عن كعب أحباري
ووالي أناساً قولهم وحديثهم روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
لذلك هنا الأصالة والعمق الديني وجادة الهدى والصواب، وهذا هو التطبيق لما قاله رسول الله : (إني مخلفٌ فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
فعلوم أهل البيت () متصلةٌ بالوحي، وذلك بسبب:
أولاً- هناك جانب الإلهام الإلهي، والقرآن تحدث عن ذلك بالنسبة للأولياء كالخضر : ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً﴾ (الكهف، 65). والله تعالى قد ألهم أهل البيت () من العلوم والمعارف بصفة خاصة، تماماً كما كان ذلك بالنسبة للأنبياء والأولياء السابقين.
ثانياً- توارث أهل البيت () للعلم، ومن ذلك بعض المغيبات التي أخبر عنها الإمام علي ، وحين تعجّب البعض من ذلك بقولهم: يا أمير المؤمنين هل هذا علم غيب؟ قال : كلا، وإنما هو تعلّم من ذي علم، علّمنيه رسول الله . وتنقل أم المؤمنين أم سلمة: كان لعليٍّ على رسول الله مدخلان، مدخل بالليل و مدخل بالنهار.
وقد أور النسائي في خصائص عليٍّ هذا الحديث: قال أمير المؤمنين علي : بعثني رسول الله إلى اليمن وأنا شابٌ صغير السن لأقضي بينهم، قلت: يا رسول الله تبعثني إليهم وهم أكبر مني سناً حتى اقضي بينهم ولا عهد لي بالقضاء، يقول الإمام علي : فضرب رسول الله على صدري ثم قال: اللهم أهد قلبه وسدد لسانه. قال عليٌّ : فما شككت بعدها في قضاءٍ بين اثنين قط.
يقول عطاء المكي، وهو من المعاصرين للإمام محمد الباقر : ما رأيت العلماء أصغر عند أحد كما هم بين يدي أبي جعفر محمد بن علي الباقر.
ويتحدث الإمام مالك عن الإمام جعفر الصادق فيقول: ما رأت عينٌ ولا سمعت أذنٌ ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد علماً وعبادةً وورعاً.
هذه الحالة تُلفت إلى أن العلم الذي كان عند أهل البيت () يُمثل عمق الدين، وهو انتهال من منبع الوحي الأساس، ويُمثل الأصالة الإسلامية.