اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
زواج الشهامة
كان مؤمنا تقيا، يخاف الله ويراقبه في كل حركاته وسكناته. وأبا رحيما عطوفا، يرى كرامة أبناءه فوق المادة. وثريا مقتدرا ينفق عليهم بسخاء منقطع النظير، ويلبي طلباتهم دون تردد. كبر أبناءه وبناته وأصبحوا على أبواب الزواج، فعز عليه فراقهم ومغادرتهم إلى بيت الزوجية، ولكنها سنة الحياة.
ولثرائه وطيبة قلبه، صار هدفا لطالبي الزواج وأهليهم، فكان يتوخى الحذر في اختياره قدر إمكانه، ولا يقابل إلا شباب العوائل الشريفة المعروفة بالصلاح. فوقع اختياره وموافقة احد بناته على احدهم، للمعرفة والقرابة بين العائلتين.
عند الاتفاق على المهر ومصاريف الزواج، أراد مفاجأة الجميع ويكرم ابنته قبل خطيبها وذويه. قال مفتخرا مظهرا حسن نيته: أنا لا أبيع ابنتي بأي مبلغ من المال، ولكنني اشتري رجلا يحافظ عليها ويصونها، أريد بهذا وجه الله وطاعته، وان اضرب مثلا يحتذي به الآخرون. واستطرد قائلا: أعرف عاداتنا الجديدة والتقاليد التي طرأت على مجتمعنا، واعرف كلام الناس الذي يقطع الوريد، ووصمهم لي بالجنون لتفريطي في حق ابنتي. كما اعرف القول الشعبي: من يبيع بالرخيص ما يشتري إلا الخسيس. إني أقولها صراحة ودون تردد: مهر ابنتي هو نسخة من كتاب الله العزيز ولا شيء غيره. شكره والد العريس مؤكدا له المحافظة على ابنته، وتقديره لهذه المسؤولية التي حملها لهم بشهامته وكرامته.
تم الزواج بتحمل الأب القسط الأوفر من المصاريف، مقابل موقفه ذاك البطولي. ومضت الحياة رتيبة بالزوجين دون سماع الوالدان عنهما إلا كل خير.
بعد برهة من الزمن لاحظ كثرة تواجد ابنته في بيته، دون بعلها الذي اعتاد الحضور معها. فتردد في سؤالها مخافة أن يكون إحساسه قد خانه، مع شعوره بوجود شيئ ما يجري في الخفاء بينهما. سأل زوجه إذا كانت على علم بوجود خلاف بينهما؟ فحاولت إخفاء مشاعرها وأحاسيسها متظاهرة بعدم المعرفة، مع تشجيع ابنتها على السكوت وتحمل المشاق للمحافظة على بيتها. قائلة لها: لا يوجد بيت دون مشاكل، وإذا كنا سنترك بيوتنا لأي خلاف بسيط يجري بيننا سوف تخرب مجتمعاتنا. سألته: هل أخبرتك ابنتنا بشيء، أم مجرد أحاسيس؟ لم تخبرني، ولكن عدم مرافقة زوجها يزعجني! طمأنته ورجته ألا يحمل الأمور أكثر مما تحتمل.
رجع ذات يوما من عمله فوجد ابنته في بيته على غير العادة ودون زوجها، فلم يرد أن يفاتحها بما يدور في خلده. قربها إليه ليطمأن على صحتها وليسألها عن حال زوجها. فأجابته ببرودة ثلج القطب المتجمد: نحن بخير الحمد لله. وأضاف: هل زوجك مسافر أو به شئ لا سمح الله؟ فأجابت بالنفي، وبإجابة مقتضبة قدر الإمكان.
بقيت عندهم لثلاثة أيام متوالية، لا تفكر في مخابرة زوجها، ولم يسمع عن اتصاله بها. في اليوم الرابع وجدها لا تزال عندهم، ولم يلاحظ عليها العزم على الرحيل والعودة إلى بيتها. لم يطق صبرا ولم يستطع البقاء صامتا، مع تعمدها تفادي الجلوس إليه، وعدم النظر في وجهه مخافة افتضاح سرها. تتابع أمها إتباع الرضيع ظل أمه، وتطيلان البقاء في المطبخ. فاجأهما بدخوله صارخا في وجهيهما: أما أن تقولا ما يدور بينكما، وإلا أخرجته بنفسي.
بعد تردد طويل تكلمت ابنته بصعوبة وتعتعة كمن أثخن بطنه بالأكل: لم يمضي على زواجنا بضعة اشهر وزوجي يهددني بالطلاق إذا لم أنجب له ابنا، وفي كل مرة يفتعل فيها هذه المشاجرة يعيرني بتخلصك مني بهذه الطريقة التي حاولت الظهور فيها شهما كريما لتستر علي عيبي. استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وطلب منها بعض الوقت ليفكر في ما هو فاعله.
عمل وليمة كبيرة استضاف لها زوجها وأهله، وأكرمهم فيها أيما إكرام. بعد ذلك تركهم ودخل إلى داره، ورجع بعد أن استبطأه ضيوفه حاملا القرآن الذي قدموه مهرا لابنته وفي حافظته. عرفوه فعمهم الخوف والوجل، وبان الارتباك واضحا على بعل ابنته. جلس فقدمه إليهم، قائلا بكل صرامة: يؤلمني إرجاع مهركم إليكم، ولكن عدم احترم وتقدير ابنكم له دفعني إلى ذلك، واطلب منه طلاق ابنتي دون تأخير، ومتى ما أراد إرجاعها عليه تقديم مهرها الذي تستحقه، أما الوليمة فقد انتهت ويمكنكم الانصراف.
بقلم: حسين نوح مشامع - القطيف، السعودية
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
جزاك الله خيراً أخي حسين
قصة رائعة فيها من العبر الشيء الكثير
أسأل الله أن يزيننا بالعلم وبالأخلاق الحسنة
توقيع ماهرالصندوق
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي *** وتوجهي وعن الكرام أئمتي
أنا بالنبي محمد متعلق *** وبشطه أرسيت حمل سفينتي
وأبو تراب مفزعي وهو الوقا *** يوم الحساب إذا نشرت صحيفتي
وبفاطم أرجو الجواز على الصرا*** ط إذا ذنوبي أثرت في مشيتي
وإذا الجنان أبين أن يفتحن لي *** فأبو محمد الزكي وسيلتي
وبسيد الشهداء أرجو رفعة *** في جنة قد أزلفت للشيعة