شرح الزيارة الجامعه الكبيرة - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

موضوع مغلق
كاتب الموضوع منتظرة المهدي مشاركات 3 الزيارات 3601 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي شرح الزيارة الجامعه الكبيرة
قديم بتاريخ : 07-May-2010 الساعة : 01:36 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .


ننقل لكم شرح الزيارة الجامعة الكبيرة من كتاب في رحاب الزيارة الجامعة الكبيرة .


المقطع الأول




اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يااَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعَ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفَ الْمَلائِكَةِ وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ وَمَعْدِنَ الرَّحْمَةِ وَخُزَّانَ الْعِلْمِ وَمُنْتَهَى الْحِلْمِ وَاُصُولَ الْكَرَمِ وَقادَةَ الاُْمَمِ وَاَوْلِياءَ النِّعَمِ وَعَناصِرَ الاَْبْرارِ وَدَعائِمَ الاَْخْيارِ وَساسَةَ الْعِبادِ وَاَرْكانَ الْبِلادِ وَاَبْوابَ الإيِمانِ وَاُمَناءَ الرَّحْمنِ وَسُلالَةَ النَّبِيِّينَ وَصَفْوَةَ الْمُرْسَلِينَ وَعِتْرَةَ خِيَرَةِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ .









اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ


السلام نوع من التحيّة ، بل هو تحيّة أهل الجنّة ، قال تعالى : (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ) .
ومعنى السلام اختلف فيه على وجوه تالية :
فذكر أنّه دعاء بمعنى سَلُمْتَ عن المكاره .
وقيل : أنّ المقصود به معناه ، أي السلامة عليكم ...
وقيل : يُراد من السلام اسم الله تعالى فالمعنى اسم الله عليكم ; يعني أنت في حفظه وأمانه ببركة إسمه ، نظير أن يقال : الله معك ، وخاصّية هذا الإسم الشريف الرحمة والسلامة ، فيكون حاصل المعنى : إنّ رحمة الله وسلامته عليكم أهل البيت .
ولعلّ الأنسب هو المعنى الأخير يعني تفسيره : « باسم الله تعالى » أي اسم الله عليكم ، ويتمّمه آخر الفصل يعني ورحمة الله وبركاته .







أفاد السيّد شبّر (قدس سره) : أنّه اختار الشارع لفظ السلام وجعله تحيّة الإسلام لما فيه من المعاني الجامعة ، أو لأنّه مطابق لإسم الله تيمّناً وتبرّكاً ، ويجري هذا المعنى في التسليمات الآتية أيضاً .
واعلم أنّه يجوز الإتيان بالسلام منكّراً ومعرّفاً ، تبعاً للكتاب الكريم في قوله تعالى : (وَسَلاَمٌ عَلى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) وقوله سبحانه : ((وَالسَّلاَمُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) ولعلّ المعرّف أزين لفظاً وأبلغ معنىً .

أهل بيت النبي هم الأئمّة الطاهرون وفاطمة الزهراء سيّدة النساء () ، كما يستفاد من حديث الإحتجاج عن أمير المؤمنين () الوارد في تفسير قوله تعالى : ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) جاء في هذا الحديث : « فأخذ رسول الله () كساءً خيبريّاً ، فضمّني فيه وفاطمة والحسن والحسين . ثمّ قال : ياربّ إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً » .

ـ وروى الصدوق (قدس سره) أنّه سُئل الصادق () مَن آل محمّد ؟
فقال : ذرّيته .
فقيل : ومَن أهل بيته ؟
قال : الأئمّة .
قيل : ومَن عترته ؟
قال : أصحاب العباء .
قيل : فمن اُمّته ؟
قال : المؤمنون .
والنبوّة في الأصل : امّا مأخوذة من مادّة (نبا) أي إرتفع ، ويُسمّى النبي نبيّاً لإرتفاعه وشرفه على سائر الخلق .
أو مأخوذة من مادّة (النبأ) بالهمزة ، بمعنى الخبر ، فيكون النبي بمعنى المنبئ ، وهو المخبر عن الله تعالى بغير وساطة بشر بينه وبين الله تعالى ، أعمّ من أن يكون له شريعة كنبيّنا () ، أو ليس له شريعة كيحيى سلام الله عليه .
ويمكن إجتماع كلا المعنيين في النبي كما تلاحظه في رسول الله () .
وتلاحظ الفرق بين الرسول والنبي في حديث زرارة قال : سألت أبا جعفر () عن قول الله عزّوجلّ : (وَكَانَ رَسُولا نَّبِيّاً) ما الرسول وما النبي ؟
قال : النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك ،








والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك .
قلت : الإمام ما منزلته ؟
قال : يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك .

أي محلّ أسرار أنبياء الله عزّ إسمه ، ومخزن علوم جميع رسل الله تعالى شأنه ، فإنّهم صلوات الله عليهم حملة علوم الرسل خصوصاً علم رسول الله () كما تلاحظه في حديث سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين () : إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذرّ شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله () غير ما في أيدي الناس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله () أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل اَفَترى الناس يكذِّبون على رسول الله () متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم ؟
قال : فأقبل علىَّ فقال : قد سألت فافهم الجواب : إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلا ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعامّاً وخاصّاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كُذب على رسول الله () على عهده حتّى قام خطيباً فقال : « أيّها الناس قد كثرت علىَّ الكذّابة فمن كذب علىَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار » ، ثمّ كُذب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : ـ رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنّع بالإسلام لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله () متعمّداً ، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله () ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّوجلّ : (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدُّعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولّوهم الأعمال ، وحمّلوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدنيا إلاّ من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة .

ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهِمَ فيه ولم يتعمّد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله () فلو علم المسلمون أنّه وَهِمَ لم يقبلوه ولو علم هو أنّه وَهِمَ لرفضه .
ورجل ثالث سمع من رسول الله () شيئاً أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه .

وآخر رابع لم يكذب على رسول الله () ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله () ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ ، فإنّ أمر النبي () مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاصّ وعام ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله () الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاصّ مثل القرآن وقال الله عزّوجلّ في كتابه : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله () وليس كلّ أصحاب رسول الله () كان يسأله عن الشيء فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله () حتّى يسمعوا .

وقد كنت أدخل على رسول الله () كلّ يوم دخلةً وكلّ ليلة دخلةً فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله () أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله () أكثر من ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نسائه فلا يبقى عنده غيري وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحدٌ من بنيّ ، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكتُّ عنه وفُنِيَت مسائلي ابتدأني ، فما نَزَلت على رسول الله () آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملأها عليَّ فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملأه عليَّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا ، وما ترك شيئاً علّمه الله من






حلال وحرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً فقلت : يانبيّ الله بأبي أنت واُمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفُتني شيء لم أكتبه ، أفتتخوّف علىَّ النسيان فيما بعد ؟
فقال : لا لست أتخوّف عليك النسيان والجهل .

أي محلّ إختلاف الملائكة ، يعني تردّدهم ونزولهم وعروجهم ... للخدمة ، أو لإكتساب العلوم الإلهية والمعارف الربّانية والأسرار الملكوتية ، أو للتبرّك بهم والتشرّف بصحبتهم والتحظّي بزيارتهم ، أو لكون الملائكة تنزل عليهم وتحدّثهم وتخبرهم من جانب الله ، إذ الأئمّة محدَّثون وهم وسائط معرفة الله تعالى ، ومعرفة الملائكة لله تعالى بواسطتهم ، أو نزولهم لمهام ليلة القدر في بيان الاُمور وتنفيذ المقادير كما تلاحظ ذلك في مثل :

1 ـ حديث أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر () قال : سمعته يقول : « والله إنّ في السماء لسبعين صفّاً من الملائكة ، لو إجتمع أهل الأرض كلّهم يحصون عدد كلّ صفّ منهم ما أحصوهم وأنّهم ليدينون بولايتنا » .
2 ـ مسمع كردين البصري قال : كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار ، فربما استأذنت على أبي عبدالله () وأجد المائدة قد رفعت لعلّي لا أراها بين = يديه (أي أتعمّد الإستئذان عليه بعد رفع المائدة لئلاّ يُلزمني () الأكل) ، فإذا دخلت دعا بها فاُصيب معه من الطعام ولا أتأذّى بذلك ، وإذا عقّبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقرّ ولم أنم من النفخة ، فشكوت ذلك إليه ، وأخبرته بأنّي إذا أكلت عنده لم أتأذّ به ، فقال : « ياأبا سيّار ! إنّك تأكل طعام قوم صالحين ، تصافحهم الملائكة على فرشهم » .
قال : قلت : ويظهرون لكم ؟
قال : « فمسح يده على بعض صبيانه ، فقال : هم ألطف بصبياننا منّا بهم » .


3 ـ أبو حمزة الثمالي قال : دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) فاحتبست في الدار ساعة ، ثمّ دخلت البيت وهو يلتقط شيئاً وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت . فقلت : جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقطه أيّ شيء هو ؟
فقال : « فضلة من زَغَب الملائكة نجمعه إذا خلونا ، نجعله سيحاً لأولادنا » .
فقلت : جعلت فداك وإنّهم ليأتونكم ؟
فقال : « ياأبا حمزة إنّهم ليزاحمونا على تكأتنا » .


4 ـ علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن () قال : سمعته يقول : « ما من ملك يهبطه الله في أمر ، ما يهبطه إلاّ بدأ بالإمام فعرض ذلك عليه ، وإنّ مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر » .
5 ـ حبيب بن مظاهر الأسدي أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب () : أيّ شيء كنتم قبل أن يخلق الله آدم () ؟ قال : « كنّا أشباح نور ندور حول عرش الرحمن ، فنعلّم الملائكة ، التسبيح والتهليل والتحميد » .
6 ـ عبدالله بن عجلان السكوني قال : سمعت أبا جعفر () يقول : بيت علي وفاطمة من حجرة رسول الله صلوات الله عليهم ، وسقف بيتهم عرش ربّ العالمين وفي قعر بيوتهم فُرجة مكشوطة إلى العرش ، معراج الوحي والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساءً ، وفي كلّ ساعة وطرفة عين ، والملائكة لا ينقطع فوجهم ، فوج ينزل وفوج يصعد .
وإنّ الله تبارك وتعالى كشط لإبراهيم () عن السماوات حتّى أبصر العرش وزاد الله في قوّة ناظره .
وإنّ الله زاد في قوّة ناظرة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم وكانوا يبصرون العرش ولا يجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش ، فبيوتهم مسقّفة بعرش الرحمن ، ومعارج معراج الملائكة والروح








فوج بعد فوج لا إنقطاع لهم ، وما من بيت من بيوت الأئمّة منّا إلاّ وفيه معراج الملائكة لقول الله : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِّن كُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ) .
قال : قلت : من كلّ أمر ؟
قال : بكلّ أمر .
قلت : هذا التنزيل ؟
قال : نعم .

المهبِط بكسر الباء على وزن مسجد بمعنى محلّ الهبوط والنزول ، أي محلّ نزول الوحي وهبوطه .
وفسّر الوحي في اللغة بأنّه هو كلّ ما ألقيته إلى غيرك بإشارة أو كتابة أو رسالة أو إلهام أو خفيّ كلام .

وذكر في المرآة : مجيء الوحي بمعنى الإلهام في مثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ ..) واستقصى في المفردات معاني الوحي أنّه قد يكون بالإلهام كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى ...) أو بمنام كما في قوله تعالى : (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ) أو بتسخير كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ...) أو برسول كما في تبليغ جبرئيل النبي () ، أو سماع كلام من معاينة كسماع موسى كلام الله تعالى .
والذي يفضي إليه التحقيق ويناسب آي الكتاب الكريم هو ما جاء في السفينة ما حاصله : أنّ وحيه تعالى منحصر في الإلهام والإلقاء في المنام ، وخلق الصوت ، وإرسال الملك .
فينتج « إنّ ما جاء من الله تعالى بالإلهام أو المنام أو الصوت أو الملك لأي شخص خصوصاً إذا كان رسولا يكون وحياً » .
وأهل البيت () مهبط هذا الوحي الإلهي .


إمّا باعتبار نزول الوحي على سيّدهم الرسول الأكرم () كما تلاحظه في حديث الحكم بن عتيبة قال : لقي رجل الحسين بن علي (عليهما السلام) بالثعلبية وهو يريد كربلاء ، فدخل عليه فسلّم عليه .
فقال له الحسين () : من أي البلاد أنت ؟
قال : من أهل الكوفة .


قال : أما والله ياأخا أهل الكوفة ، لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل () من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي ، ياأخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا ، فعلموا وجهلنا ؟! هذا ما لا يكون .
أو باعتبار نزول الوحي عليهم أيضاً بالمعنى الأعمّ في ليلة القدر كما تلاحظه في حديث الحسن بن العبّاس ، عن أبي جعفر () قال : قال الله عزّوجلّ في ليلة القدر : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حَكِيم) . يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّوجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت .
إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الاُمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا .
وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّوجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ، ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الاَْرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
ويضاف إلى ذلك أحاديث تفسير سورة القدر وأحاديث تفسير آية (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) . وحديث عبدالله بن عجلان السكوني المتقدّم .



يتبع ...



منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-May-2010 الساعة : 02:28 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم





آية (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) . وحديث عبدالله بن عجلان السكوني المتقدّم .
المعدِن بكسر الدال في الأصل بمعنى محلّ إستقرار الجواهر وإفاضتها ... كما في اللغة .
والرحمة هي الإحسان والإنعام والإفضال على الغير .
ومعدنية أهل البيت () للرحمة الإلهية تكون لوجوه :
(الف) : لأجل أنّهم مظاهر رحمة الله على الخلق ، والشفقة على الرعيّة ، وقد بلغت رحمتهم الغاية والنهاية ، فكانوا معادن الرحمة . وقد بعث جدّهم رحمةً للعالمين وهم ورثته واُرومته ، قال عزّ إسمه : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) وقد وصفه الله تعالى بقوله : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) .
وقد بُعث لإسعاد الخلق وصلاح معاشهم ومعادهم هو وأهل بيته () كما تلاحظه في تفسير قوله تعالى (رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) .
وتلاحظ رحمتهم وشفقتهم بوضوح في سيرتهم الشريفة .


(ب) : لأجل إنّ الرحمة الربّانية الخاصّة والعامّة في هذا الكون حتّى الأمطار والأرزاق إنّما تنزل بسببهم وواسطتهم وبركتهم ويمنهم وفيض وجودهم كما يدلّ عليه حديث الكساء الشريف الذي ورد فيه : « فقال الله عزّوجلّ : ياملائكتي وياسكّان سماواتي إنّي ما خلقت سماءً مبنيّة ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلاّ في محبّة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء ... » .

ويُرشد إليه أيضاً الحديث الشريف المروي عن أمير المؤمنين () عن كلام ربّ العزّة مخاطباً رسوله الكريم : « وعزّتي وجلالي لولاك ما خلقت الأفلاك ...» .
ويدلّ على هذا المعنى أيضاً حديث مروان بن صباح قال : قال أبو عبدالله () : « إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدلّ عليه وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء وينبت عُشب الأرض ، وبعبادتنا عُبد الله ولولا نحن ما عُبد الله » .
وفي الزيارة الحسينية الشريفة المروية عن الإمام الصادق () بسند صحيح : « بكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأرض ثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزّل الله الغيث ، وبكم تسبّح الأرض التي تحمل أبدانكم وتستقرّ جبالها عن [ على ] مراسيها » .


(ج) : لأجل أنّهم لو لم يكونوا على الأرض لساخت وإنخسفت الأرض بأهلها ، وماجت كما تموج البحار كما ورد في حديث أبي حمزة قال : قلت لأبي عبدالله () : أتبقى الأرض بغير إمام ؟
قال : « لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت » .
وحديث محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا () قال : قلت له : أتبقى الأرض بغير إمام ؟
قال : لا .
قلت : فإنّا نروي عن أبي عبدالله () أنّها لا تبقى بغير إمام إلاّ أن يسخط الله تعالى على أهل الأرض أو على العباد .
فقال : لا ، لا تبقى ، إذاً لساخت .
وحديث أبي هراشه ، عن أبي جعفر () قال : « لو أنّ الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهله » .







الخزّان والخزنة : جمع خازن مأخوذ من الخَزن بسكون الزاء ، وهو حفظ الشيء في الخزانة .
وأهل البيت () خزنة العلم وحفظة العلوم الإلهية ، والأسرار الربّانية ، والمعارف الحقيقية ، وما جرى على ألسنة الأنبياء () ، وما إشتملت عليه الكتب المقدّسة ، وما أفاضه الله على جدّهم الأكرم () من علم ما كان ، وما يكون ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وما ينزل في ليلة القدر ...
جميع ذلك مخزون محفوظ عندهم سلام الله عليهم ، فهم حملة علم الله وعيبة وحيه ، وهم الراسخون في العلم ، والذين آتاهم الله العلم من لدنه ، فعلمهم حضوري لدُنّي وليس بإكتسابي أو تحصيلي ، وهو موهوب لهم من الله العلاّم وليس بتعلّم من الأنام .


وقد نطق الكتاب العزيز في عدّة آيات شريفة بعلمهم الحضوري كما إستدلّ به الشيخ المظفّر (قدس سره) منها :
1 ـ قوله تعالى : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) المفسّر بهم سلام الله عليهم كما تلاحظه في حديث عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله () قال : « الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمّة من بعده () » .
والرسوخ في العلم بمعنى الثبوت فيه والتمكّن منه ، والراسخ في العلم هو المتمكّن فيه ، والذي لا تعرض شبهة له .
فيلزم أن يكونوا عارفين به حتّى يرسخوا فيه ، إذ كيف يرسخون فيما لا يعرفون أو فيما يلزم عليهم أن يتعلّمونه من تأويل الآيات ، فرسوخهم يقتضي حضور العلم عندهم .


2 ـ قوله تعالى : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) فقد فسّر بهم () في حديث هارون بن حمزة ، عن أبي عبدالله () قال : سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : « هم الأئمّة () خاصّة » .


ولو لم يكن علمهم حاضراً لما صدق عليهم أنّهم اُوتوا العلم ، وكيف يكون ثابتاً في صدورهم لو لم يعلموا من لدن حكيم خبير .


3 ـ قوله تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) فقد دلّت هذه الآية المباركة على أنّ النبي () لا ينطق إلاّ عن الوحي ، وتعليم من الله عزّوجلّ ، من دون أن يذكر لذلك التعليم حدّاً وللوحي قيداً .. علماً بأنّ حديث أهل البيت () حديث رسول الله () وينتهي إلى الله عزّوجلّ كما صرّحت به الأحاديث العديدة منها :
حديث هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وغيره قالوا : سمعنا أبا عبدالله () يقول : « حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله ، وحديث رسول الله () قول الله عزّوجلّ » .
هذا كتاباً ، وأمّا سنّةً فقد ثبتت حضورية علمهم بالأدلّة القطعيّة المتظافرة المبيّنة أنّ الأئمّة المعصومين ورثوا علم الكتاب وعلم النبي وعلم جميع الأنبياء وأوصيائهم . وأنّهم خزّان العلوم وحفظة المعارف ومعادن الحقائق ، فهم كالرسول في مستسقى العلم وبمرتبته في منار الوحي .
وتلاحظ أبواب علومهم ، ومصادر معارفهم ، ووجوه معالمهم في أحاديثنا المتواترة الشريفة ، وأدلّة بيان أنّهم يعلمون ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وتعليم أبواب العلم لهم حتّى ينفتح من كلّ باب الف الف باب ، وإنّ عندهم كتاب علي () ومصحف فاطمة (سلام الله عليها) ، والجفر الأبيض والجفر الأحمر ، والجامعة التي تحتوي على كلّ شيء وما يحتاج إليه الخلق إلى يوم القيامة ، وعندهم علم المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب والمواليد ، وأمامهم عمود النور الذي يرون فيه جميع الأعمال في جميع البلاد .
وعندهم كتب الأنبياء وصحفهم وذخائر علمهم كألواح موسى ، وتابوت بني إسرائيل الذي فيه الحكمة والعلم ; وأنّه يُنقر في أسماعهم ، ويُبيّن لهم في آذانهم ، وينكت في قلوبهم ، وأنّهم محدَّثون مفهّمون ويعلمون كلّ ما يشاؤون
بإذن الله حتّى العلوم المكنونة المخزونة .
ويضاف إلى ذلك علمهم في ليلة القدر وليلة الجمعة ، وفي كلّ يوم وليلة ويعلمون متى يموتون ولا يخفى عليهم ذلك ولكن يخيّرون من قبل الله تعالى فيختارون لقائه .
وعلى الجملة فهم خزّان علم الله ، وخزانة وحيه ، والمرضيين لغيبه .
ونحن نختار من روايات بيان علمهم نبذةً نتبرّك بها ، وهي التي وَسَمناها بالأحاديث الأربعين في علم أهل البيت المعصومين () .


1 ـ حديث عبدالرحمن بن كثير قال : سمعت أبا عبدالله () يقول : « نحن ولاة أمر الله ، وخزنة علم الله ، وعيبة وحي الله » .


2 ـ حديث عبدالعزيز بن مسلم في فضل الإمام عن مولانا الرضا () جاء فيه : « ... وإنّ العبد إذا اختاره الله عزّوجلّ لاُمور عباده شرح صدره لذلك ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ، وألهمه العلم إلهاماً ، فلم يَعْيَ بعده بجواب ، ولا يحير فيه عن الصواب » .


3 ـ حديث أبي بصير ، عن أبي عبدالله () قال : « نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله » .


4 ـ حديث هارون بن حمزة المتقدّم عن الإمام الصادق () قال سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) : « هم الأئمّة () خاصّة » .


5 ـ حديث علي بن النعمان رفعه ، عن أبي جعفر () قال : قال أبو جعفر () : « يمصّون الثماد ويَدَعون النهر العظيم » .
قيل له : وما النهر العظيم ؟
قال : رسول الله () والعلم الذي أعطاه الله .
إنّ الله عزّوجلّ جمع لمحمّد () سنن النبيّين من آدم وهلمّ جرّاً إلى محمّد () .
قيل له : وما تلك السنن ؟
قال : علم النبيّين بأسره ، وإنّ رسول الله () صيّر ذلك كلّه عند أمير المؤمنين () .
فقال له رجل : يابن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيّين ؟
فقال أبو جعفر () : اسمعوا ما يقول ! إنّ الله يفتح مسامع من يشاء ، إنّي حدّثته : أنّ الله جمع لمحمّد () علم النبيّين وأنّه جمع ذلك كلّه عند أمير المؤمنين () ، وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيّين ! .


6 ـ حديث المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبدالله () : « إنّ سليمان ورث داود ، وإنّ محمّداً () ورث سليمان ، وإنّا ورثنا محمّداً ، وإنّ عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور ، وتبيان ما في الألواح » .
قال : قلت : إنّ هذا لهو العلم ؟
قال : « ليس هذا هو العلم ، إنّ العلم الذي يحدث يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة » .


7 ـ حديث جابر قال : سمعت أبا جعفر () يقول : « ما ادّعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما اُنزل إلاّ كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب () والأئمّة من بعده () » .


8 ـ ما رواه هشام بن الحكم في حديث بُريه أنّه لمّا جاء معه إلى أبي عبدالله () فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) فحكى له هشام الحكاية ، فلمّا فرغ قال أبو الحسن () لبريه : يابريه كيف علمك بكتابك ؟
قال : أنا به عالم ، ثمّ قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه .
قال : فابتدأ أبو الحسن () يقرأ الإنجيل .
فقال بريه : إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك .
قال : فآمن بريه وحسن إيمانه ، وآمنت المرأة التي كانت معه .
فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبدالله () فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى () وبين بُريه .

فقال أبو عبدالله () : (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْض وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
فقال بُريه : أنّى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء ؟
قال : « هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤها ونقولها كما قالوا ، إنّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري » .


9 ـ حديث جابر ، عن أبي جعفر () قال : « إنّ اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وإنّما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السرير بيده ، ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين .
ونحن عندنا من الإسم الأعظم إثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم » .


10 ـ حديث أبي بصير قال : دخلت على أبي عبدالله () فقلت له : جعلت فداك إنّي أسألك عن مسألة ، هاهنا أحدٌ يسمع كلامي ؟
قال : فرفع أبو عبدالله () ستراً بينه وبين بيت آخر فأطلع فيه ثمّ قال : ياأبا محمّد سل عمّا بدا لك .
قال : قلت : جعلت فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول الله () علّم عليّاً () باباً يفتح له منه الف باب ؟
قال : فقال : ياأبا محمّد علّم رسول الله () علياً () الف باب يفتح من كلّ باب الف باب .
قال : قلت : هذا والله العلم .
قال : فنكت ساعة في الأرض ثمّ قال : إنّه لعلم وما هو بذاك .
قال : ثمّ قال : ياأبا محمّد وإنّ عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة ؟
قال : قلت : جعلت فداك وما الجامعة ؟
قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله () وإملائه من فلق فيه ـ أي من شقّ فمه المبارك ـ وخطّ علي بيمينه ، فيها كلّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج الناس إليه حتّى الأرش في الخدش ، وضرب بيده إليّ فقال : تأذن لي ياأبا محمّد ؟
قال : قلت : جعلت فداك إنّما أنا لك فاصنع ما شئت .
قال : فغمزني بيده وقال : حتّى أرش هذا ـ كأنّه مغضب ـ .
قال : قلت : هذا والله العلم قال : إنّه لعلم وليس بذاك ، ثمّ سكت ساعة .
ثمّ قال : وإنّ عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر ؟
قال : قلت : وما الجفر ؟
قال : وعاء من أدم فيه علم النبيّين والوصيّين ، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل .
قال : قلت : إنّ هذا هو العلم .
قال : إنّه لعلم وليس بذاك ، ثمّ سكت ساعة .
ثمّ قال : وإنّ عندنا لمصحف فاطمة () وما يدريهم ما مصحف فاطمة () ؟
قال : قلت : وما مصحف فاطمة () ؟

قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ، قال : قلت : هذا والله العلم .
قال : إنّه لعلم وما هو بذاك ، ثمّ سكت ساعة .
ثمّ قال : إنّ عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة .
قال : قلت : جعلت فداك هذا والله هو العلم .
قال : إنّه لعلم وليس بذاك .
قال : قلت : جعلت فداك فأي شيء العلم ؟
قال : ما يحدث بالليل والنهار ، الأمر من بعد الأمر ، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة .


11 ـ حديث أبي عبيدة قال: سأل أبا عبدالله() بعضُ أصحابنا عن الجفر ؟
فقال : هو جلد ثور مملوٌ علماً .
قال له : فالجامعة ؟
قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً في عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كلّ ما يحتاج الناس إليه ، وليس من قضية إلاّ وهي فيها ، حتّى أرش الخدش .
قال : فمصحف فاطمة ؟
قال : فسكت طويلا ثمّ قال : إنّكم لتجثون عمّا تريدون وعمّالا تريدون ، إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله () خمسة وسبعين يوماً وكان دخلها حزنٌ شديد على أبيها وكان جبرئيل () يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيِّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها ، وكان علي () يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة () » .


12 ـ حديث فضيل بن سكرة قال : دخلت على أبي عبدالله () فقال : يافضيل أتدري في أي شيء كنت أنظر قُبيل ؟
قال : قلت : لا .
قال : كنت أنظر في كتاب فاطمة () ، ليس من ملك يملك ] الأرض [ إلاّ وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه وما وجدت لولد الحسن () فيه شيئاً » .


13 ـ حديث الحسن بن العبّاس بن الحريش المتقدّم ، عن أبي جعفر () قال : قال الله عزّوجلّ في ليلة القدر : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حَكِيم) يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عزّوجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت .
أنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الاُمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنّه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّوجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون ، مثل ما
ينزل في تلك الليلة من الأمر .
ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الاَْرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)



14 ـ حديث المفضّل قال : قال لي أبو عبدالله () ذات يوم وكان لا يكنّيني قبل ذلك : ياأبا عبدالله .
قال : قلت : لبّيك .
قال : إنّ لنا في كلّ ليلة جمعة سروراً .
قلت : زادك الله وما ذاك ؟
قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله () العرش ووافى الأئمّة () معه ووافينا معهم ، فلا تردّ أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لأنفدنا .

15 ـ حديث يونس بن عبدالرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله () قال : « ليس يخرج شيء من عند الله عزّوجلّ حتّى يبدأ برسول الله () ثمّ بأميرالمؤمنين () ثمّ بواحد بعد واحد ، لكي لا يكون آخرنا أعلم من أوّلنا » .

16 ـ حديث سماعة ، عن أبي عبدالله () قال : « إنّ لله تبارك وتعالى علمين : علماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله ، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبيائه فقد علّمناه .
وعلماً استأثر به فإذا بدا لله في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمّة الذين كانوا من قبلنا » .


17 ـ حديث حمران بن أعين أنّه سأل أبا جعفر () عن قول الله عزّوجلّ : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ) .

قال أبو جعفر () : إنّ الله عزّوجلّ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهنّ سماوات ولا أرضون ، أما تسمع لقوله تعالى : (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) .
فقال له حمران : أرأيت قوله جلّ ذكره : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً) .

فقال أبو جعفر () : (إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَسُول) وكان والله محمّد () ممّن إرتضاه . وأمّا قوله : (عَالِمُ الْغَيْبِ) فإنّ الله عزّوجلّ عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدّر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه ، وقبل أن يُفضيه إلى الملائكة فذلك ياحمران علم موقوف عنده ، إليه فيه المشيئة فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه ، فأمّا العلم الذي يقدّره الله عزّوجلّ فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله () ثمّ إلينا .


18 ـ حديث أبي عبيدة المدائني ، عن أبي عبدالله () قال : « إذا أراد الإمام أن يعلم شيئاً أعلمه الله ذلك » .


19 ـ حديث الحسن بن الجهم قال : قلت للرضا () : إنّ أمير المؤمنين ()قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه ، وقوله لمّا سمع صياح الأوز في الدار : صوائح تتبعها نوائح ، وقول اُمّ كلثوم : لو صلّيت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلّي بالناس ، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف () أنّ ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف ، كان هذا ممّا لم يجز تعرّضه .
فقال : ذلك كان ، ولكنّه خُيّر في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عزّوجلّ .

20 ـ حديث عبدالأعلى وأبي عبيدة وعبدالله بن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبدالله () يقول : إنّي لأعلم ما في السماوات وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة وأعلم ما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون .
قال : ثمّ مكث هنيئة فرأى أنّ ذلك كبر على من سمعه منه فقال : علمت ذلك من كتاب الله عزّوجلّ ، إنّ الله عزّوجلّ يقول : (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء) .

21 ـ حديث محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر () يقول : نزل جبرئيل على محمّد () برمّانتين من الجنّة ، فلقيه علي () فقال : ما هاتان الرمّانتان اللتان في يدك ؟
فقال : أمّا هذه فالنبوّة ليس لك فيها نصيب ، وأمّا هذه فالعلم ، ثمّ فلقها رسول الله () بنصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله () نصفها ثمّ قال : أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه .
قال : فلم يعلم والله رسول الله () حرفاً ممّا علّمه الله عزّوجلّ إلاّ وقد علّمه عليّاً ثمّ انتهى العلم إلينا . ثمّ وضع يده على صدره .


22 ـ حديث المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي الحسن () : روينا عن أبي عبدالله () أنّه قال : « إنّ علمنا غابر ، ومزبور ، ونكتٌ في القلوب ، ونقر في الأسماع . فقال : أمّا الغابر فما تقدّم من علمنا ، وأمّا المزبور فما يأتينا ، وأمّا النكت في القلوب فإلهام ، وأمّا النقر في الأسماع فأمر الملك » .

23 ـ حديث عبيد بن زرارة قال : أرسل أبو جعفر () إلى زرارة أن يُعلم الحكم بن عتيبة ، أنّ أوصياء محمّد عليه و محدَّثون .

24 ـ عمّار الساباطي قال : قلت لأبي عبدالله () : بما تحكمون إذا حكمتم ؟
قال : « بحكم الله وحكم داود ، فإذا ورد علينا الشيء الذي ليس عندنا ، تلقّانا به روح القدس » .

25 ـ حديث العيون عن الرضا ، عن آبائه () قال : قال رسول الله () : « ما ينقلب جناح طائر في الهواء إلاّ وعندنا فيه علم » .

26 ـ حديث المناقب عن الإمام الصادق () قال : والله لقد اُعطينا علم الأوّلين والآخرين .
فقال له رجل من أصحابه : جعلت فداك أعندكم علم الغيب ؟
فقال له : ويحك إنّي لأعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء .
ويحكم وسّعوا صدوركم ولتبصر أعينكم ولتعِ قلوبكم ، فنحن حجّة الله تعالى في خلقه ، ولن يسع ذلك إلاّ صدر كلّ مؤمن قوي قوّته كقوّة جبال تهامة إلاّ بإذن الله .


27 ـ حديث أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر () يقول : لمّا حضر الحسين () ما حضر دعا فاطمة بنته فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّته ظاهرة ، فقال : يابنتي ضعي هذا في أكابر ولدي . فلمّا رجع علي بن الحسين (عليهما السلام) دفعته إليه وهو عندنا .
قلت : ما ذاك الكتاب ؟
قال : ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا حتّى تفنى .

28 ـ حديث زيد بن شراحيل الأنصاري قال : قال رسول الله () لأصحابه : أخبروني بأفضلكم .
قالوا : أنت يارسول الله .
قال : صدقتم أنا أفضلكم ، ولكن اُخبركم بأفضل أفضلكم ، أقدمكم سلماً وأكثركم علماً وأعظمكم حلماً علي بن أبي طالب () .
والله ما استودعت علماً إلاّ وقد أودعته ، ولا علّمت شيئاً إلاّ وقد علّمته ، ولا اُمرت بشيء إلاّ وقد أمرته ، ولا وكّلت بشيء إلاّ وقد وكّلته به ، ألا وإنّي قد جعلت أمر نسائي بيده ، وهو خليفتي عليكم بعدي ، فإن استشهدكم فاشهدوا له .

29 ـ حديث أبي هاشم الجعفري قال : سمعت الرضا () يقول : « الأئمّة علماء حلماء صادقون مفهَّمون محدَّثون » .

30 ـ حديث حمران بن أعين قال : أخبرني أبو جعفر () أنّ علياً كان محدَّثاً .
فقال أصحابنا : ما صنعت شيئاً إلاّ سألته من يحدّثه ؟
فقُضي إنّي لقيت أبا جعفر () فقلت : أخبرتني أنّ علياً كان محدّثاً .
قال : بلى .
قلت : من كان يحدّثه ؟ قال : ملك .


31 ـ حديث ابن مسكان قال : قال أبو عبدالله () : (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) قال : « كشط لإبراهيم () السماوات السبع حتّى نظر إلى ما فوق العرش وكشط له الأرض حتّى رأى ما في الهواء ، وفعل بمحمّد () مثل ذلك ، وإنّي لأرى صاحبكم والأئمّة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك » .

32 ـ حديث عبدالرحمن بن أبي نجران قال : كتب أبو الحسن الرضا () وأقرأنيه رسالة إلى بعض أصحابه : « إنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق » .

33 ـ حديث حذيفة بن اُسيد الغفاري قال : لمّا وادع الحسن بن علي (عليهما السلام) معاوية وانصرف إلى المدينة صحبته في منصرفه ، وكان بين عينيه حمل بعير لا يفارقه حيث توجّه .
فقلت له ذات يوم : جعلت فداك ياأبا محمّد هذا الحمل لا يفارقك حيث ما توجّهت .
فقال : ياحذيفة أتدري ما هو ؟
قلت : لا .

قال : هذا الديوان .
قلت : ديوان ماذا ؟
قال : ديوان شيعتنا فيه أسماءهم .
34 ـ حديث الأعمش قال : قال الكلبي : ما أشدّ ما سمعت في مناقب علي ابن أبي طالب ؟
قال : قلت : حدّثني موسى بن طريف ، عن عباية قال : سمعت علياً () يقول : « أنا قسيم النار » .
فقال الكلبي : عندي أعظم ممّا عندك ، أعطى رسول الله () عليّاً كتاباً فيه أسماء أهل الجنّة وأسماء أهل النار .

35 ـ حديث الثمالي قال : قال أبو جعفر () : « إنّ الإمام منّا ليسمع الكلام في بطن اُمّه حتّى إذا سقط على الأرض أتاه ملك فيكتب على عضده الأيمن : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) . حتّى إذا شبَّ رفع الله له عموداً من نور يرى فيه الدنيا وما فيها ، لا يستر عنه منها شيء » .

36 ـ حديث المفضّل ، عن أبي عبدالله () قال : قال أمير المؤمنين () : « اُعطيت تسعاً لم يعطها أحد قبلي سوى النبي () لقد فتحت لي السبل ، وعلمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب ، ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربّي فما غاب عنّي ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي ، وإنّ بولايتي أكمل الله لهذه الاُمّة دينهم ، وأتمّ عليهم النعم ، ورضي لهم إسلامهم ، إذ يقول يوم الولاية لمحمّد () : يامحمّد أخبرهم أنّي أكملت لهم دينهم ، وأتممت عليهم النعم ، ورضيت إسلامهم ، كلّ ذلك منّاً من الله علىّ فله الحمد » .


37 ـ حديث معمّر بن خلاّد ، عن أبي الحسن الرضا () قال : سمعته يقول : « إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا حذو القذّة بالقذّة » .


38 ـ حديث الأصبغ بن نباتة قال : سمعت علياً () يقول على المنبر : « سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله ما من أرض مخصبة ولا مجدبة ولا فئة تضلّ مائة أو تهدي مائة إلاّ وعرفت قائدها وسائقها ، وقد أخبرت بهذا رجلا من أهل بيتي يخبر بها كبيرهم صغيرهم إلى أن تقوم الساعة » .


39 ـ حديث الهروي قال : كان الرضا () يكلّم الناس بلغاتهم ، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكلّ لسان ولغة .
فقلت له يوماً : يابن رسول الله إنّي لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على إختلافها ؟
فقال : ياأبا الصلت « أنا حجّة الله على خلقه ، وما كان ليتّخذ حجّة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم ، أو ما بلغك قول أمير المؤمنين () : اُوتينا فصل الخطاب ؟ فهل فصل الخطاب إلاّ معرفة اللغات » .

40 ـ حديث الحسين بن علوان ، عن أبي عبدالله () قال : « إنّ الله فضّل اُولي العزم من الرسل بالعلم على الأنبياء ، وورثنا علمهم وفُضّلنا عليهم في فضلهم ، وعلّم رسول الله () ما لا يعلمون ، وعلّمنا علم رسول الله () فروينا لشيعتنا ، فمن قبل منهم فهو أفضلهم ، وأينما نكون فشيعتنا معنا » .

وبدراية هذه الأحاديث الشريفة تعرف علوّ علومهم الربّانية ، ومعالمهم الرحمانية ، كما وإنّ الإيمان بها يكون من شؤون معرفتهم والإيمان بهم .
وما أحلى حديث المفضّل الجعفي في هذا المقام ; قال : دخلت على الصادق () ذات يوم فقال لي : يامفضّل هل عرفت محمّداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين () كنه معرفتهم ؟

قلت : ياسيّدي وما كنه معرفتهم ؟

قال : يامفضّل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمناً في السنام الأعلى .
قال : قلت : عرّفني ذلك ياسيّدي .

قال : يامفضّل تعلم أنّهم علموا ما خلق الله عزّوجلّ وذرأه وبرأه ، وأنّهم كلمة التقوى ، وخزّان السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار ، وعلموا كم في السماء من نجم وملك ووزن الجبال وكيل ماء البحار وأنهارها وعيونها وما تسقط من ورقة إلاّ علموها ولا حبّة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلاّ في كتاب مبين وهو في علمهم وقد علموا ذلك .
فقلت : ياسيّدي قد علمت ذلك وأقررت به وآمنت .
قال : نعم يامفضّل ، نعم يامكرّم ، نعم يامحبور ، نعم ياطيّب ، طبت وطابت لك الجنّة ولكلّ مؤمن بها .


منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-Jun-2010 الساعة : 03:19 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




ومنتهى الحلم


والحليم هو الذي لا يستنفره الغضب ، والحلم عن الشيء يكون فيما إذا صفح عنه وسَتَر عليه .
وأهل البيت () قد بلغوا الغاية والنهاية في تلك الصفة الربّانية الكريمة ; والإنسان حينما يلاحظ حلمهم () وكظم غيظهم إلى جانب قدرتهم الربّانية ، وجلالة قدرهم الواقعية ، يدرك أنّهم قد بلغوا غاية الحلم ونهايته حتّى فاقوا الأنبياء في ذلك : فيكونون هم الموصوفون بمنتهى الحلم كما في هذه الزيارة الشريفة والموسومون بملأ الحلم كما في حديث عبدالعزيز بن مسلم جاء فيه توصيف الإمام () بقوله :
« ... شرف الأشراف والفرع من عبد مناف ، نامي العلم ، ملأُ الحلم

مضطلع بالإمامة ... » .
وتلاحظ حلمهم العظيم في سيرتهم الغرّاء كحلم أمير المؤمنين وكظم غيظه () في يوم الدار أمام هتك الحرمات التي إرتكبه الأعداء ممّا تلاحظها بالتفصيل في كتاب سليم بن قيس الهلالي .
ومثل حلم الإمام المجتبى () مع الرجل الشامي كما في حديث المبرّد وابن عائشة بأنّ شاميّاً رآه راكباً فجعل يلعنه والحسن () لا يردُّ ، فلمّا فرغ أقبل الحسن () فسلّم عليه وضحك فقال : « أيّها الشيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو إسترشدتنا أرشدناك ، ولو إستحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حرّكت رحلك إلينا ، وكنت ضيفنا إلى وقت إرتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريقاً ومالا كثيراً .
فلمّا سمع الرجل كلامه ، بكى ثمّ قال : أشهد أنّك خليفة الله في أرضه ، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ ، وحوّل رحله إليه ... » .
وكذلك حلم الإمام زين العابدين () عن جاريته التي جعلت تسكب عليه الماء ليتهيّأ للصلاة فسقط الإبريق من يدها فشجّه فرفع () رأسه إليها ، فقالت

له الجارية : إنّ الله يقول : (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) .
فقال لها : كظمت غيظي .
قالت : (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) .
قال : عفى الله عنك .
قالت : (وَاللهُ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ) .
قال : فاذهبي فأنت حرّة لوجه الله .
وهكذا حلم الإمام الصادق () في حديث حفص بن أبي عائشة قال : بعث أبو عبدالله () غلاماً له في حاجة فأبطأ ، فخرج أبو عبدالله () على أثره لمّا أبطأ ، فوجده نائماً ، فجلس عند رأسه يروّحه حتّى انتبه ، فلمّا تنبّه قال له أبو عبدالله () : يافلان ، والله ما ذلك لك ، تنام الليل والنهار ، لك الليل ولنا منك النهار » .
وأيضاً حلم الإمام الكاظم () في حديث معتب قال : كان أبو الحسن موسى () في حائط له يصرم فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة من تمر ، فرمى بها وراء الحائط ، فأتيته وأخذته وذهبت به إليه ، فقلت : جعلت فداك إنّي وجدت هذا وهذه الكارة .
فقال للغلام : يافلان .

قال : لبّيك .
قال : أتجوع ؟
قال : لا ياسيّدي .
قال : فتعرى ؟
قال : لا ياسيّدي .
قال : فلأي شيء أخذت هذه ؟
قال : إشتهيت ذلك .
قال : إذهب فهي لك وقال : خلّوا عنه .
وقد شهد بحلمهم حتّى من خالفهم فلاحظ ما ذكره ابن أبي الحديد المعتزلي في حلم أمير المؤمنين () ، قال :
(وأمّا الحلم والصفح فكان أحلم الناس عن ذنب وأصفحهم عن مسيء) ثمّ ذكر شواهد ذلك في موارد كثيرة فراجع .
واعلم : أنّ في نسخة البلد الأمين يوجد بعد قوله : « ومنتهى الحلم » قوله () : « ومأوى السكينة ... » أي أنّهم () تأوي السكينَة إليهم وتنزل عليهم ، وهي الطمأنينة والوقار والأمنة .







وَاُصُولَ الْكَرَمِ


الاُصول جمع الأصل وهو أساس الشيء ، وما يكون منه الشيء .
والكرم ضدّ اللؤم ، وهو في اللغة صفة لكلّ ما يُرضى ويُحمد ويُحسَن ، ولذلك يعبّر عن الصفات الحسنة جميعها بمكارم الأخلاق .

وأهل البيت سلام الله عليهم هم الأصل والأساس في هذه السجيّة الطيّبة .
وفسّر كرمهم الأصيل بتفاسير ثلاثة كلّها متوفّرة لديهم وكاملة فيهم وهي :
الأوّل : الجود في العطاء وعدم البخل ، فيكون الكريم بمعنى الجواد المعطي ، وأصالة كرمهم تفوّقهم في هذا الجود كما تلاحظه في سيرتهم الحسنة ، وكلّ واحد من أهل البيت () كان جواداً معطاءً كما تلمسه في أدوار حياتهم الكريمة .
ففي حديث المناقب أنّه وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها ، فدُلّ على الحسين () فدخل المسجد فوجده مصلّياً فوقف بازائه وأنشأ :

لم يخب الآن من رجاك ومن أنت جواد وأنت معتمد لولا الذي كان من أوائلكم

حرّك من دون بابك الحَلَقة أبوك قد كان قاتلَ الفَسَقة كانت علينا الجحيم منطبِقَة

قال : فسلّم الحسين وقال : ياقنبر هل بقى من مال الحجاز شيء ؟
قال : نعم أربعة آلاف دينار .
فقال : هاتها قد جاء من هو أحقّ بها منّا ; ثمّ نزع برديه ولفّ الدنانير فيها وأخرج يده من شقّ الباب حياءً من الأعرابي وأنشأ :

خذها فإنّي إليك معتذر لو كان في سيرنا الغداة عصا لكنّ ريب الزمان ذو غير

واعلم بأنّي عليك ذو شفقة أمست سمانا عليك مندفقة والكفّ منّي قليلة النفقة

قال : فأخذها الأعرابي وبكى .
فقال له () : لعلّك استقللت ما أعطيناك .
قال : لا ولكن كيف يأكل التراب جودك . وهو المروي عن الحسن بن علي (عليهما السلام) أيضاً .
الثاني : جميع أنواع الخير والشرف والفضائل الحسنة فيكون الكريم بمعنى الشريف ذي الخير والفضيلة ...
ففي حديث عبدالعزيز بن مسلم في صفة الإمام () : « مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له ولا إكتساب ، بل إختصاص من المفضل الوهّاب » .
الثالث : ما احتمله العلاّمة المجلسي ووالده أعلى الله مقامهما ، من أن يكون المراد كونهم أسباب ووسائل كرم الله تعالى في الدنيا والآخرة ، حيث أنّه بيمنهم رزق الورى وببركتهم تكون الدرجات العُلى .
ويتمسّك لهذا المعنى الثالث بحديث الإمام العسكري () « ... فنحن ليوث الوغى ، وغيوث الندى وطعّان العدى ، وفينا السيف والقلم في العاجل ، ولواء الحمد والحوض في الآجل ، وأسباطنا حلفاء الدين وخلفاء النبيّين ، ومصابيح الاُمم ومفاتيح الكرم ، فالكليم اُلبس حلّة الإصطفاء لمّا عهدنا منه الوفاء ، وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة ، وشيعتنا الفئة الناجية والفرقة الزاكية صاروا لنا رِدءً وصوناً ، وعلى الظلمة إلباً وعوناً » .



وَقادَةَ الاُْمَمِ


القادة جمع قائد وهو الأمير والرئيس ومن يقود ، يقال : قوّاد أهل الجنّة أي الذين يسبقونهم ويجرّونهم إلى الجنّة .
والاُمم جمع الاُمّة بمعنى الخلق ، واُمّة كلّ نبي أتباعه ، ويُطلق على الجماعة أيضاً ، بل يطلق على الشخص الواحد الجامع للخير المقُتدى للناس ، ومنه قوله عزّ إسمه : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً للهِِ) .
وأهل البيت سلام الله عليهم قادة الاُمم بكلّ معنى الكلمة ، وفسّر بتفسيرين :
التفسير الأوّل : أنّهم () الرؤساء الحقيقيون المحقّون في العالم لجميع الأنام ، كما في دعاء الاستئذان المتقدّم : « الذين إصطفيتهم ملوكاً لحفظ النظام ، وإخترتهم رؤساء لجميع الأنام ، وبعثتهم لقيام القسط في إبتداء الوجود إلى يوم القيامة ، ثمّ مننت عليهم بإستنابة أنبيائك لحفظ شرائعك وأحكامك ، فأكملت باستخلافهم رسالة المنذرين كما أوجبت رياستهم في فطر المكلّفين » .
فيقودون جماعات هذه الاُمّة إلى معرفة الله تعالى وطاعته بالهداية في الدنيا ، والإيصال إلى الدرجات العليا بالشفاعة في الآخرة .
ويستفاد هذا المعنى من حديث أبان ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال : « إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي () ، فيأتي النداء من عند الله عزّوجلّ : لسنا إيّاك أردنا وإن كنت لله تعالى خليفة ; ثمّ ينادي ثانية : أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب () ، فيأتي النداء من قبل الله عزّوجلّ :
يامعشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه ، وحجّته على عباده ، فمن تعلّق بحبله في دار الدنيا فليتعلّق بحبله في هذا اليوم يستضيء بنوره ، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنّات ; قال : فيقوم الناس الذين قد تعلّقوا بحبله في الدنيا فيتّبعونه إلى الجنّة .
ثمّ يأتي النداء من عند الله جلّ جلاله : ألا من إئتمّ بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به ، فحينئذ تبرّأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب وقال الذين اتَّبعوا لو أنّ لَنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّؤوا منّا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار » .
التفسير الثاني : أنّهم () يقودون في الآخرة جميع الاُمم حتّى الاُمم السابقة بالشفاعة الكبرى ، والقيادة إلى الجنان العليا .
ويستفاد هذا المعنى من حديث المفضّل الجعفي جاء فيه : « ... قال أبو عبدالله () : ما من نبي وُلد من آدم إلى محمّد صلوات الله عليهم إلاّ وهم تحت لواء محمّد () ... » .
وحديث جابر أنّه قال لأبي جعفر () : جعلت فداك يابن رسول الله حدّثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة إذا أنا حدّثت به الشيعة فرحوا بذلك .
قال أبو جعفر () : « حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن رسول الله () قال : إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور ، فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة ، ثمّ يقول الله : يامحمّد اخطب ، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها .
ثمّ ينصب للأوصياء منابر من نور ، وينصب لوصيّي علي بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور ، فيكون منبره أعلى منابرهم ، ثمّ يقول الله : ياعلي اخطب ، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها .
ثمّ ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور ، فيكون لإبنيَّ وسبطيَّ وريحانتي أيّام حياتي منبر من نور ، ثمّ يقال لهما : اخطبا ، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلها .
ثمّ ينادي المنادي وهو جبرئيل () : أين فاطمة بنت محمّد ؟ أين خديجة بنت خويلد ؟ أين مريم بنت عمران ؟ أين آسية بنت مزاحم ؟ أين اُمّ كلثوم اُمّ يحيى بن زكريّا ؟ فيقمن .
فيقول الله تبارك وتعالى : ياأهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟
فيقول محمّد وعلي والحسن والحسين : لله الواحد القهّار .
فيقول الله تعالى : ياأهل الجمع إنّي قد جعلت الكرم لمحمّد وعلي والحسن والحسين وفاطمة ، ياأهل الجمع طأطأوا الرؤوس وغضّوا الأبصار ، فإنّ هذه فاطمة تسير إلى الجنّة ; فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنّة مدبّحة الجنبين ، خطامها من اللؤلؤ الرطب ، عليها رحل من المرجان ، فتناخ بين يديها فتركبها ،

فيبعث الله مائة الف ملك ليسيروا عن يمينها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك ليسيروا عن يسارها ، ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتّى يصيّروها على باب الجنّة .
فإذا صارت عند باب الجنّة تلتفت .
فيقول الله : يابنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنّتي ؟
فتقول : ياربّ أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم .
فيقول الله : يابنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذرّيتك خذي بيده فأدخليه الجنّة .
قال أبو جعفر () : والله ياجابر إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الرديء ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا ، فإذا التفتوا يقول الله : ياأحبّائي ما التفاتكم وقد شفّعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟
فيقولون : ياربّ أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم .
فيقول الله : ياأحبّائي ارجعوا وانظروا من أحبّكم لحبّ فاطمة ، انظروا من أطعمكم لحبّ فاطمة ، انظروا من كساكم لحبّ فاطمة ، انظروا من سقاكم شربة في حبّ فاطمة ، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حبّ فاطمة فخذوا بيده وأدخلوه الجنّة .
قال أبو جعفر () : والله لا يبقى في الناس إلاّ شاكّ أو كافر أو منافق ، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى : (
فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَصَدِيق حَمِيم) فيقولون : (فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .
قال أبو جعفر () : هيهات هيهات منعوا ما طلبوا (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) .
هذه قيادتهم () في الاُخرى بل هم يقودون الاُمم في الدنيا أيضاً إلى حوائجهم ، بالتوسّل بأنوارهم المقدّسة كما يستفاد من حديث علي بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن الإمام الرضا () قال : « لمّا أشرف نوح () على الغرق دعا الله بحقّنا فدفع الله عنه الغرق .
ولمّا رمي إبراهيم في النار دعا الله بحقّنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً .
وإنّ موسى لمّا ضرب طريقاً في البحر ، دعا الله بحقّنا فجعله يبساً .
وإنّ عيسى لمّا أراد اليهود قتله ، دعا الله بحقّنا فنجّي من القتل فرفعه إليه » .
وغيره من الأحاديث في باب أنّ دعاء الأنبياء إستجيب بالتوسّل والإستشفاع بهم صلوات الله عليهم .




وأولياء النعم





أولياء جمع ولي وهو الأولى والأحقّ الذي يلي التدبير .
والنعم جمع نِعمة بكسر النون : ما يتنعّم به الإنسان .
والنعم جمع شامل لجميع النعم وهي :


الف) : النعم الظاهرة : أي التي تكون مرئية في السماء والأرض وما بينهما ممّا نشاهدها .
(ب) : النعم الباطنة : أي التي لا تكون مرئية ولكنّها نِعم معنوية مدرَكة كالمعرفة والإيمان ، والصفات الحسنة والكمالات النفسيّة التي ندركها .
(ج) : النعم الاُخروية : أي التي يُتفضّل بها في الحياة الآخرة كالكوثر والشفاعة والدرجات الرفيعة .
هذه نعم الله تعالى التي تفضّل بها علينا ظاهرة وباطنة دنياً وآخرة .
قال عزّ إسمه : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) كما تلاحظ بيانها وتفسيرها في مثل حديث عبدالله بن عبّاس وجابر بن عبدالله الأنصاري ... أتينا رسول الله () في مسجده في رهط من أصحابه إلى قولهما في الحكاية عن رسول الله () : « وقد أوحى إلىَّ ربّي جلّ وتعالى أن اُذكّركم بالنعمة ، وأُنذركم بما اقتصّ عليكم من كتابه . وتلا (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) (الآية) .
ثمّ قال لهم : قولوا الآن قولكم ، ما أوّل نعمة رغّبكم الله فيها وبلاكم بها ؟
فخاض القوم جميعاً . فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش والرياش والذرّية والأزواج إلى سائر ما بلاهم الله عزّوجلّ من أنعمه الظاهرة .
فلمّا أمسك القوم أقبل رسول الله () على علي () فقال : ياأبا الحسن ،

قل فقد قال أصحابك .
فقال : فكيف لي بالقول ؟ فداك أبي واُمّي وإنّما هدانا الله بك .
قال : ومع ذلك فهات ، قل ما أوّل نعمة أبلاك الله عزّوجلّ وأنعم عليك بها ؟
قال : أن خلقني جلّ ثناؤه ولم أك شيئاً مذكوراً .
قال : صدقت ، فما الثانية ؟
قال : أن أحسن بي إذ خلقني ، فجعلني حيّاً لا مواتاً .
قال : صدقت ، فما الثالثة ؟
قال : أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب .
قال : صدقت ، فما الرابعة ؟
قال : أن جعلني متفكّراً داعياً لا بلهة ساهياً .
قال : صدقت ، فما الخامسة ؟
قال : أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت لها . فجعل لي سراجاً منيراً .
قال : صدقت ، فما السادسة ؟
قال : أن هداني الله لدينه ولم يضلّني عن سبيله .
قال : صدقت ، فما السابعة ؟
قال : أن جعل لي مردّاً في حياة لا انقطاع لها .
قال : صدقت ، فما الثامنة ؟
قال : أن جعلني ملكاً مالكاً لا مملوكاً .
قال : صدقت ، فما التاسعة ؟
قال : أن سخّر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه .

قال : صدقت ، فما العاشرة ؟
قال : أن جعلنا سبحانه ذكراناً قوّاماً على حلائلنا لا إناثاً .
قال : صدقت ، فما بعدها ؟
قال : كثرت نعم الله ، يانبيّ الله ، فطابت وتلا : (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا) .
فتبسّم رسول الله () وقال : ليهنئك الحكمة ، ليهنئك العلم ، ياأبا الحسن . فأنت وارث علمي والمبيّن لاُمّتي ما اختلفت فيه من بعدي .
من أحبّك لدينك وأخذ بسبيلك ، فهو ممّن هُدي إلى صراط مستقيم ، ومن رغب عن هواك وأبغضك لقى الله يوم القيامة لا خلاق له .
وحديث جابر قال : قرأ رجل عند أبي جعفر () (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) .
قال : أمّا النعمة الظاهرة فهو النبي () وما جاء به من معرفة الله عزّوجلّ وتوحيده .
وأمّا النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت وعقد مودّتنا ، فاعتقد والله قوم هذه النعمة الظاهرة والباطنة ، واعتقدها قوم ظاهرة ولم يعتقدوا باطنة ، فأنزل الله (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ) ففرح رسول الله عند نزولها إذ لم يتقبّل الله تعالى إيمانهم إلاّ بعقد ولايتنا ومحبّتنا » .
فأهل البيت سلام الله عليهم أجمعين بأنفسهم من نعم الله عزّوجلّ ، بل هم من أعاظم النعم .
كما أنّ بيُمنهم تدبّر النعمة لنا ، وببركتهم تحصل سعادتنا وفوزنا ، وبجودهم تنال الدرجات الرفيعة والمقامات المنيعة .
فيكونون أولياء النعم الفاخرة ، وأصحاب الجود والكرم لجميع الموجودات في الدنيا والآخرة .
وتلاحظ هذه الجهات بوضوح في الأحاديث الشريفة كحديث الكساء الشريف المتقدّم .
وحديث مروان بن صباح قال : قال أبو عبدالله () : « إنّ الله خلقنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدلّ عليه وخزّانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار ، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء ، وينبت عُشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله ، ولولا نحن ما عبد الله» .
وحديث الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين () : ما بال أقوام غيّروا سنّة رسول الله () وعدلوا عن وصيّه ؟ لا يتخوّفون أن ينزل بهم العذاب ، ثمّ تلا هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ) ثمّ قال : نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده ، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة .
وروى العياشي باسناده في حديث طويل قال : سأل أبو حنيفة أبا عبدالله () عن هذه الآية (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذ عَنِ النَّعِيمِ) .
فقال : ما النعيم عندك يانعمان ؟
قال : القوت من الطعام والماء البارد .
فقال : لئن أوقفك الله بين يديه يوم القيامة حتّى يسألك عن كلّ أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولنّ وقوفك بين يديه .
قال : فما النعيم جعلت فداك ؟
قال : « نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد ، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين ، وبنا ألّف الله بين قلوبهم ، وجعلهم إخواناً بعد أن كانوا أعداء ، وبنا هداهم الله للإسلام ، وهي النعمة التي لا تنقطع ، والله سائلهم عن حقّ النعيم الذي أنعم به عليهم ، وهو النبي () وعترته () »



منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 14-Jun-2010 الساعة : 04:04 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




وعناصر الأبرار .

عناصر جمع عُنصر بمعنى الأصل والحسب والنَسب .
والأبرار جمع بَرّ بالفتح ، بمعنى البارّ وهو فاعل الخير ، إذ البِرّ بالكسر ، اسم جامع للخير ، فيكون البارّ بمعنى فاعل الخير .


وفسّر الأبرار بأنّهم هم المطيعون لله ، المحسنون في أفعالهم ، وأهل البيت صلوات الله عليهم هم الأبرار في صفتهم ، والأصل والأساس للأبرار في عنصرهم ، لما يلي من الوجوه الأربعة :
(الف) : امّا بتفسير الأبرار بنفس الأئمّة المعصومين سلام الله عليهم ; كما يشهد له ظاهر عموم قوله تعالى : (إِنَّ الاَْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْس كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً) .
وأهل البيت هم أصل الأبرار بهذا المعنى لأنّ كلّ واحد منهم خلّف من هو سيّد الأبرار ، فيكون الأئمّة اُصولا وعناصر للأبرار .
(ب) : أو تفسير الأبرار بمطلق البارّ وجميع المؤمنين الأبرار كما يشهد له ظاهر عموم قوله تعالى : (إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِي نَعِيم) .
فإنّ المؤمنين الأبرار يهتدون بهدي الأئمّة الطاهرين وينتسبون إليهم ، وينتمون إلى ولايتهم ، فكان الأئمّة سلام الله عليهم هم الأصل للبارّين ، كما تلاحظه في صفوة أصحاب المعصومين ، وفي من تلاهم من كرام المؤمنين .
(ج) : أو لأنّ الأئمّة الهداة هم السبب لإيجاد العالم وخلق الأبرار ، فكان خلق الأبرار ببركتهم ، وكانوا هم الأصل لهم ، كما يشهد له حديث « لولاك لما خلقت الأفلاك ... » المتقدّم بمصادره .

(د) : أو لأنّهم () هم الأصل لشيعتهم الأبرار من حيث أنّ شيعتهم خُلقوا من فاضل طينتهم فكانوا متفرّعين منهم ، وكان أهل البيت هم الأصل لهم ، كما يشهد لهم أحاديث الطينة التي تلاحظها في مثل :
حديث بشر بن أبي عقبة ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) قالا : « إنّ الله خلق محمّداً () من طينة من جوهرة تحت العرش ، وإنّه كان لطينته نضج فجبل طينة أمير المؤمنين () من نضج طينة رسول الله () وكان لطينة أمير المؤمنين ()نضج فجبل طينتنا من فضل طينة أمير المؤمنين () .
وكان لطينتنا نضج فجبل طينة شيعتنا من نضج طينتنا ، فقلوبهم تحنّ إلينا ، وقلوبنا تعطف عليهم تعطّف الوالد على الولد ونحن خير لهم وهم خير لنا ، ورسول الله لنا خير ونحن له خير » .
وحديث أبي الحجّاج قال : قال لي أبو جعفر () : « ياأبا الحجّاج إنّ الله خلق محمّداً وآل محمّد () من طينة علّيين ، وخلق قلوبهم من طينة فوق ذلك ، وخلق شيعتنا من طينة دون علّيين ، وخلق قلوبهم من طينة علّيين ، فقلوب شيعتنا من أبدان آل محمّد .
وإنّ الله خلق عدوّ آل محمّد () من طين سجّين وخلق قلوبهم من طين أخبث من ذلك ، وخلق شيعتهم من طين دون طين سجّين ، وخلق قلوبهم من طين سجّين فقلوبهم من أبدان اُولئك ، وكلّ قلب يحنّ إلى بدنه »


وَدَعائِمَ الاَْخْيارِ

دعائم جمع دِعامة بكسر الدال ، وهي عماد البيت الذي يقوم عليه ، ويستند البيت إليه ، ويمنع عن سقوطه ، ومنه « لكلّ شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة » .
والأخيار جمع خَيّر بالتشديد ، وهو الرجل ذو الخير ، وقيل هو من صلح عمله بعد ما صلح دينه .
والخير في اللغة هو ما يرغب فيه الكلّ كالعقل ، والعدل ، والفضل ، والشيء النافع ، وضدّه الشرّ .
والخيرات هي الأعمال الصالحة وفسّر الخير بمكارم الأخلاق .
وفي الحديث العلوي الشريف : وسُئل عن الخير ما هو ؟
فقال : « ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك وأن يعظم حلمك ، وأن تُباهي الناس بعبادة ربّك ، فإن أحسنت حمدت الله ، وإن أسأت استغفرت الله .
ولا خير في الدنيا إلاّ لرجلين : رجل أذنب ذنوباً فهو يتداركها بالتوبة ، ورجل يسارع في الخيرات » .
وفي حديث حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله () قال : سمعته يقول :
« جعل الخير كلّه في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا » .
وأهل البيت سلام الله عليهم هم المعوَّل للصالحين والمعتمد للأخيار الطيبين ، وعليهم الاعتماد والاستناد في جميع المعارف والأحكام وكلّ معالم الإسلام (ومن لم يستند إليه كان ضالا غاوياً في دنياه واُخراه) ، وهم الأساس القوام لجميع الخيرات ، التي من أفضلها العبادات ، ولولاهم ما عُبد الله تعالى .
وتلاحظ دعاميّتهم للأخيار والخيرات في الأحاديث الشريفة مثل :
حديث أبي الجارود قال : قلت لأبي جعفر () : يابن رسول الله هل تعرف مودّتي لكم وإنقطاعي إليكم وموالاتي إيّاكم ؟
قال : فقال : نعم .
قال : قلت : فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها فإنّي مكفوف البصر قليل المشي ولا أستطيع زيارتكم كل حين ؟ قال : هات حاجتك .
قلت : أخبرني بدينك الذي تدين الله عزّوجلّ به أنت وأهل بيتك لاُدين الله عزّوجلّ به .
قال : إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة ، والله لأعطينّك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عزّوجلّ به : « شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله () والإقرار بما جاء به من عند الله ، والولاية لوليّنا والبراءة من عدوّنا ، والتسليم لأمرنا ، وانتظار قائمنا ، والإجتهاد ، والورع » .
وحديث محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر () يقول : « كلّ من دان الله عزّوجلّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، وهو ضالّ متحيّر والله شانىء لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها وقطيعها ... وكذلك والله يامحمّد من أصبح من هذه الاُمّة لا إمام له من الله عزّوجلّ ظاهر عادل ، أصبح ضالا تائهاً ، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق » .
وحديث إسحاق بن غالب ، عن أبي عبدالله () في خطبة له يذكر فيها حال الأئمّة () وصفاتهم : « أنّ الله عزّوجلّ أوضح بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه ... جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام » .
وفي نسخة البلد الأمين : (دعائم الجبّار) أي الدعائم التي جعلها الله تعالى في أرضه وسمائه لدينه وشريعته .


وساسة العباد .


ساسة جمع سائس ، يُطلق في اللغة على المعاني الآتية : سَوّس الرجل اُمور الناس إذا مُلّك أمرهم فيكون السائس هو من يملّك الأمر ، والسَّوْس هي الرئاسة ، والسياسة : فعل السائس ، وهي القيام على الشيء بما يصلحه .
وجاء (ساسة العباد) وهي مأخوذة من سست الرعية سياسة : أي أمرتها ونهيتها ... وفي الخبر : « كان بنو إسرائيل تسوسهم أنبيائهم » أي تتولّى أمرهم كالاُمراء والولاة بالنسبة إلى الرعية .



وفلان مجرّب قد ساس واُسيس عليه : أي أَدّب واُدّب .
والعباد جمع عبد ، وهو مقابل المولى ، أي عباد الله ، فالله هو المولى والخلق عبيده ، فالعباد بمعنى المخلوقين .
ويستفاد من الإستعمال القرآني لكلمة العباد أنّها تعمّ الصالحين والطالحين .
من ذلك قوله تعالى : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ) التي تعمّ جميع العباد ، بل تشمل حتّى الملائكة ، لإطلاق العباد عليهم في قوله عزّ إسمه : (وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ ...) .
فساسة العباد معناه ملوك العباد وخلفاء الله عليهم ، كما أفاده العلاّمة المجلسي ووالده والسيّد شبّر رضوان الله عليهم ، وكذا من له الأمر والنهي من الله تعالى كما عن المحدّث الكاشاني .
فالسياسة بالمفهوم الصحيح في معناها اللغوي والعرفي هي اُمور


ثلاثة : الملوكية الربّانية ، والأمر والنهي الإلهي ، وتدبير الرعية بما هو صالح لهم .
وأهل البيت سلام الله عليهم هم المثل الأعلى لهذه المناصب الهامّة ، وهم المتأدّبون بآداب الله والعارفون بمصالح خلق الله فيستحقّون سياسة عباد الله ، وتلاحظ في أحاديثنا الشريفة دليل هذه المعاني وتوفّرها في سادتنا الأئمّة () .
فللمعنى الأوّل أي ملوكيتهم وخلافتهم الإلهية : لاحظ مثل :
حديث بُريد العجلي ، عن أبي جعفر () في قول الله تبارك وتعالى : (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً) .
قال : « جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمّة ، فكيف يقرّون في آل إبراهيم () وينكرونه في آل محمّد () » ؟
قال : قلت : (وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً) ؟
قال : « الملك العظيم أن جعل فيهم أئمّة ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم » .
وحديث عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله () قال : سألته عن الإمام فَوّض الله إليه كما فوّض إلى سليمان بن داود ؟
فقال : « نعم ... » .
وللمعنى الثاني أي الآمرية والناهوية من قبل الله تعالى : لاحظ مثل :
حديث الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله () يقول لبعض



أصحاب قيس الماصر : « إنّ الله عزّوجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه فلمّا أكمل له الأدب قال : (إِنَّكَ لَعَلَى خُلُق عَظِيم) .
ثمّ فوّض إليه أمر الدين والاُمّة ليسوس عباده ، فقال عزّوجلّ : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) .
وإنّ رسول الله () كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح القدس ، لا يزلّ ولا يخطىء في شيء ممّا يسوس به الخلق ، فتأدّب بآداب الله .
ثمّ إنّ الله عزّوجلّ فرض الصلاة ركعتين ، ركعتين ، عشر ركعات فأضاف رسول الله () إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة ، لا يجوز تركهنّ إلاّ في سفر ، وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر فأجاز الله عزّوجلّ له ذلك كلّه فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة .
ثمّ سنّ رسول الله () النوافل أربعاً وثلاثين ركعة مثلَي الفريضة فأجاز الله عزّوجلّ له ذلك ، والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالساً تعدّ بركعة مكان الوتر ... » .
ومثله أيضاً أحاديث باب التفويض إليهم في أمر الدين .
وللمعنى الثالث أي تدبيرهم الرعية بما هو صالح لهم : لاحظ أحاديث



باب جامع مكارم أخلاق أمير المؤمنين وآدابه وسننه وحسن سياسته مثل :
حديث الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنّه ذكر عن آبائه () أنّ أمير المؤمنين ()كتب إلى عمّاله : « أدقّوا أقلامكم ، وقاربوا بين سطوركم ، واحذفوا عنّي فضولكم ، واقصدوا قصد المعاني ، وإيّاكم والإكثار ، فإنّ أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار » .
ويكفي في النموذج الحي على عظيم تدبيره ومعالي سياسته (روحي فداه) رسائله وكتبه إلى عمّاله .
خصوصاً كتابه إلى مالك الأشتر النخعي لمّا ولاّه مصر وأعمالها وهو من أجلّ كتبه وأجمع محاسنه ، والدستور الأعلى لجميع الأزمان ، والأماكن والبلدان والجدير جدّاً دراسة نصّه بإمعان في النهج الشريف .
كما يشهد للمعنى الثالث أيضاً دليل الوجدان وشهادة العيان ، بإزدهار الكوفة وترقّيها وإرتفاع مستوى حضارتها العلمية والعملية في أيّام حكومته ()بالرغم من قصر مدّتها وإزدحام الحروب من أعدائه فيها .
وقد شهد بحسن سياسته في أيّام حكومته محبّوه ومخالفوه ، كما تلاحظه في كلام ابن أبي الحديد في شرحه .



وَاَرْكانَ الْبِلادِ وَاَبْوابَ الإيِمانِ أركان جمع ركن مثل أقفال جمع قفل ، وركن الشيء هو جانبه القوي .
والبلاد جمع بلدة ، تطلق على كلّ موضع من الأرض عامراً كان أو خلأً .
فأركان البلاد هي جوانبها القويّة التي تمسكها وتحفظها وتبقيها .
وأهل البيت () أركان البلاد ، بمعنى أنّ نظام العالم ، وانتظامه ، وبقاءه يكون بوجودهم ، ولولاهم لساخت الأرض بأهلها ، وماجت كما يموج البحر ، وهم الأركان القويّة الذين ببقائهم تبقى الأرجاء ، وبوجودهم ثبتت الأرض والسماء كما في دعاء العديلة الشريف .
وقد نطقت بركنيتهم أخبارنا الشريفة في هذا الباب مثل :
حديث المفضّل بن عمر الجعفي ، عن أبي عبدالله () جاء فيه : « كان أمير المؤمنين () باب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وكذلك يجري لأئمّة الهدى واحداً بعد واحد .
جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها وحجّته البالغة على من فوق الأرض ومَن تحت الثرى » .
أبواب : جمع باب وهو طريق السلوك إلى الشيء ، فأبواب الإيمان بمعنى الطريق إليه .
والإيمان في اللغة : هو التصديق كما أفاده الشيخ الطريحي ، ثمّ قال :
(الإيمان يرد على صيغتين : الإيمان بالله والإيمان لله .

فالإيمان بالله هو التصديق بإثباته على النعت الذي يليق بكبريائه .
والإيمان لله هو الخضوع والقبول عنه والاتّباع لما يأمر والإنتهاء لما ينهى) .
وأمّا في الشرع : فقد قال العلاّمة المجلسي (قدس سره) : إنّ الإيمان هو التصديق بالله وحده وصفاته وعدله وحكمته ، وبالنبوّة ، وكل ما علم بالضرورة مجيء النبي به ، مع الإقرار بذلك (وعلى هذا أكثر المسلمين بل ادّعى بعضهم إجماعهم على ذلك) والتصديق بإمامة الأئمّة الإثنى عشر وبإمام الزمان () (وهذا عند الإمامية) .
والأحاديث المباركة توضّح حقيقة الإيمان بأتمّ بيان فلاحظ ما يلي :
1 حديث محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : « الإيمان إقرار وعمل ، والإسلام إقرار بلا عمل » .
2 جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبدالله () عن قول الله عزّوجلّ : (قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ؟ .
فقال لي : « ألا ترى أنّ الإيمان غير الإسلام » .
3 سفيان بن السمط قال : سأل رجل أبا عبدالله () عن الإسلام



والإيمان . ما الفرق بينهما ؟ فلم يجبه ، ثمّ سأله فلم يجبه ، ثمّ التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل الرحيل .
فقال له أبو عبدالله () : كأنّه قد أزف منك رحيل ؟
فقال : نعم .
فقال : فألقني في البيت ، فلقيه فسأله عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما ؟
فقال : الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصيام شهر رمضان ، فهذا الإسلام .
وقال : الإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا ، فإن أقرّ بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالا » .
4 سماعة قال : قلت لأبي عبدالله () : أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان ؟
فقال : إنّ الإيمان يشارك الإسلام ، والإسلام لا يشارك الإيمان .
فقلت : فصفهما لي .
فقال : « الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله () ، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس .
والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من



العمل به ، والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة ، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر ، والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإن إجتمعا في القول والصفة » .
5 أبو الصباح الكناني ، عن أبي جعفر () قال : قيل لأمير المؤمنين () : من شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله () كان مؤمناً ؟
قال : فأين فرائض الله ؟
قال : وسمعته يقول : كان علي () يقول : « لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام » .
6 أبو الصلت الخراساني قال : سألت الرضا () عن الإيمان ؟
فقال : الإيمان عقد بالقلب ولفظ باللسان وعمل بالجوارح ، لا يكون الإيمان إلاّ هكذا » .
7 حفص الكناسي قال : قلت لأبي عبدالله () : ما أدنى ما يكون به العبد مؤمناً ؟
قال : « يشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، ويقرّ بالطاعة ويعرف إمام زمانه ، فإذا فعل ذلك فهو مؤمن » .
8 أبو الربيع قال : قلت : ما أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان ؟



قال : « الرأي يراه مخالفاً للحقّ فيقيم عليه » .
والمستفاد من مجموع هذه الأحاديث الشريفة أنّ المعنى الشرعي للإيمان هو : التصديق بالله وحده لا شريك له وبصفاته ، وبالنبوّة ، وبكلّ ما جاء به النبي ومنها الإمامة للأئمّة الإثنى عشر إلى إمام الزمان () ، والمعاد ، والإقرار بذلك كلّه ، وعقد القلب عليه ، والتلفّظ به لساناً ، والعمل به جوارحاً .
وأهل البيت سلام الله عليهم هم الطرق إلى الإيمان ، والإيمان لا يعرف إلاّ منهم ، ولا يحصل بدون ولايتهم .
فهم خلفاء الله وأبوابه والطريق إليه كما نصّت عليه الأخبار الواردة مثل :
حديث داود بن كثير أبي خالد الرقي ، عن أبي عبدالله () قال : قال رسول الله () : قال الله عزّوجلّ :
« ... ألا وقد جعلت علياً علماً للناس ، فمن تبعه كان هادياً ومن تركه كان ضالاّ ، لا يحبّه إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق » .
وحديث جابر ، عن أبي جعفر () قال : قال رسول الله () : « التاركون ولاية علي المنكرون لفضله المظاهرون أعداءه خارجون عن الإسلام ، من مات منهم على ذلك » .
وحديث الجعفري قال : سمعت أبا الحسن الرضا () يقول :

« الأئمّة خلفاء الله عزّوجلّ في أرضه » .
وحديث أبي بصير قال : قال أبو عبدالله () :
« الأوصياء هم أبواب الله عزّوجلّ التي يؤتى منها ، ولولاهم ما عُرف الله عزّوجلّ وبهم احتجّ الله تبارك وتعالى على خلقه » .
فمعرفة أهل البيت محصّل للإيمان ومحقّق له كما تقدّم في حديث سفيان ابن السمط .
بل أنّهم ملاك الإيمان ومداره ، فمن قبلهم كان مؤمناً ومن جحدهم كان كافراً ، كما يستفاد من مثل حديث داود الرقي وجابر المتقدّمين .
هذا وقد عرفت من أحاديث الإيمان أنّ الإيمان إقرار وعمل كما صرّح به في حديث محمّد بن مسلم المتقدّم .
ومن الواضح أنّ الإقرار بالشيء هو الإعتراف به ، والإعتراف إنّما يتحقّق باللسان ، فيلزم في الإيمان الإقرار باللسان مضافاً إلى الإذعان بالجَنان حتّى يحصل الإيمان ، كما صرّح به العلماء ، المحدّثون منهم والاُصوليون .
بل هو صريح الأحاديث المرويّة عن رسول الله والأئمّة الطاهرين () ممّا تلاحظها في كتاب حقّ اليقين . وقد عرفت في حديث أبي الصلت


المتقدّم : أن الإيمان يحتاج إلى لفظ باللسان .
فيستفاد لزوم الشهادة لفظاً لتحصيل مقوّم الإيمان إقراراً ، فيشهد بالتوحيد والرسالة والإمامة التي يلزم معرفتها لتحقّق الإيمان .
فالشهادة الثالثة ومنها شهادة الأذان تكون من محقّقات ومقوّمات الإيمان ، وتلزم بلزومه ، وهي من شعائره وعلاماته .
مضافاً إلى الأمر بها في الأحاديث التي حكيت عن شيخ الطائفة في المبسوط ، والمحقّق في المعتبر ، والعلاّمة في المنتهى ، والشهيد الأوّل في الدروس ، وهي وإن كانت مرسلة ومرميّة بالشذوذ إلاّ أنّها تكفي في الإستحباب بضميمة التسامح في أدلّة السنن لأحاديث من بلغ .
مضافاً إلى عموم حديث الإحتجاج عن القاسم بن معاوية ، عن أبي عبدالله () الذي جاء فيه : « فإذا قال أحدكم : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، فليقل : علي أمير المؤمنين » .
مضافاً إلى إحراز مطلوبية الشهادة الثالثة بعد الشهادة بالرسالة في الشرع المقدّس . كما تستفاد هذه المطلوبية من صدر حديث الإحتجاج المتقدّم الذي بيِّن كتابة هذه الشهادة على العرش والكرسي واللوح وجبهة إسرافيل وجناحي جبرائيل وأبواب الجنّة والشمس والقمر .
ومن حديث أصبغ بن نباتة الذي بيّن نداء ملك تحت العرش وقت كلّ صلاة بعد الشهادة بالرسالة : أنّ عليّاً خير الوصيّين .
ومن حديث سنان بن طريف أنّه لمّا خلق الله السماوات والأرض أمر منادياً فنادى بعد الشهادة بالتوحيد والرسالة : أنّ علياً أمير المؤمنين حقّاً .
مضافاً إلى حديث المعراج في أذان جبرائيل وأخذ الإقرار بعد ذلك بالشهادة بولاية أمير المؤمنين () .
مضافاً إلى ما ورد في أحاديث الفريقين أنّ ذكر أمير المؤمنين ()عبادة فهي من سنخ الأذان فضلا عن عدم منافاتها له .
بل ورد من طريق المخالفين في حديث « السُلافة في أمر الخلافة » تقرير رسول الله () لأذان سلمان الفارسي وأبي ذرّ الغفاري بالشهادة الثالثة في الأذان في فصوله .
هذا بالإضافة إلى أنّ الشهادة الثالثة في الأذان في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز التشيّع ، فيكون من هذه الجهة راجحاً شرعاً ، بل قد يكون واجباً لكن لا بعنوان الجزئية كما في المستمسك .
ويؤيّدنا في الرجحان والإستحباب فتوى مائة عالم من العلماء بذلك = ممّا تلاحظها في كتاب الشهادة الثالثة .
وبهذا يتّضح جليّاً عدم صحّة رمي هذه الشهادة المباركة بالبدعة ، فقد تبيّن أنّها سنّة وليست ببدعة .
قال السيّد شرف الدين (قدس سره) : وقد أخطأ وشذّ من حرّم ذلك ، وقال بأنّه بدعة فإنّ كلّ مؤذّن في الإسلام يقدّم كلمة للأذان يوصلها به كقوله : (وَقُلِ الْحَمْدُ للهِِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) الآية ، أو نحوها ، ويلحق به كلمة يوصله بها كقوله : (الصلاة والسلام عليك يارسول الله) أو نحوها . وهذا ليس من المأثور عن الشارع في الأذان ، وليس ببدعة ، ولا هو محرّم قطعاً ، لأنّ المؤذّنين كلّهم لا يرونه من فصول الأذان ، وإنّما يأتون به عملا بأدلّة عامّة تشمله .
وكذلك الشهادة لعلي بعد الشهادتين في الأذان فإنّما هي عمل بأدلّة عامّة تشملها .
على أنّ الكلام القليل من سائر كلام الآدميين لا يبطل به الأذان ولا الإقامة ولا هو حرام في أثنائهما ، فمن أين جاءت البدعة والحرام ؟



يتــبع


موضوع مغلق



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc