شرح سورة الكوثر من القرآن الكريم - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
كاتب الموضوع نور الولاية اهل البيت مشاركات 0 الزيارات 1614 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

نور الولاية اهل البيت
الصورة الرمزية نور الولاية اهل البيت
عضو مجتهد

رقم العضوية : 6519
الإنتساب : Oct 2009
المشاركات : 80
بمعدل : 0.01 يوميا
النقاط : 190
المستوى : نور الولاية اهل البيت is on a distinguished road

نور الولاية اهل البيت غير متواجد حالياً عرض البوم صور نور الولاية اهل البيت



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
Wink شرح سورة الكوثر من القرآن الكريم
قديم بتاريخ : 24-May-2010 الساعة : 05:56 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


بسم الله الرحمن الرحيم



فضل السورة
عن أبي عبد الله - - : " من قرأ سورة التكاثر في فريضة كتب الله له ثواب أجر مائة شهيد ، ومن قرأها في نافلة كتب له ثواب خمسين شهيدا ، و صلى معه في فريضة أربعون صفا من الملائكة إنشاء الله " .

وفي أصول الكافي باسناده عن أبي عبد الله - - قال : " قال رسول الله - وسلم - من قرأ " ألهاكم التكاثر " عند النوم وقي فتنة القبر " .

تفسير نور الثقلين / ج 5 - ص 660

الاطار العام
بين حاجة الانسان و حرصه مسافة كبيرة ، و ما يلهيه عن ذكر الله و عن المكارم ليست حاجته ، بل حرصه الذي يبعثه يحرضه على التكاثر في الأموال و الأولاد ، حتى إذا زار قبره لم ينفعه ماله و ولده شيئا ، و حوسب على نعيم الله ، و تلاشى عنه ما يلهيه ، لأنه سوفيرى الجحيم عين اليقين . و هكذا تعالج السورة حالة التلهي بالدنيا عبر التذكرة بالموت ثم العقاب و الحساب


ألهاكم التكاثر
بينات من الآيات
[1] جاء في حديث شريف : " يا ابن آدم ! ان كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فأيسر ما فيها يكفيك ، و ان كنت تريد ما لا يكفيك فكل ما فيها لا يكفيك " ، و جاء في حديث آخر عن النبي - - : " يقول ابن آدم : مالي مالي ، و مالك منمالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " (1) .

و هكذا الذي يسعى نحو إشباع حرصه و طموحه يزور قبره قبل ان يحقق معشار حرصه ، هل سمعت بقصة أصحاب البلايين ؟ ألا فكرت في سبب اجتهادهم في الحصول على المزيد من حطام الدنيا وهم يملكون اضعاف ما قد يحتاجونه ؟ ! انهم لا يزالون - حسب ظنهم - في وسط الطريق ، لانهم يبحثون دوما عن أعلى رقم ، و الارقام لا تنتهي ، و قال قال لي أحدهم : انه لا يحصي ما يملك ، و قال آخر : ان سبب(1) نور الثقلين / ج 5 - ص 660 .


جهده البالغ ليس الحصول على الثروة ، بل استباق غيره فيها ، ولما سألته : و الى متى ؟ قال هناك دائما من هو أغنى مني ، فأنا في بحث دائم !

و هذا هو التكاثر الذي يستبد بمشاعر الانسان و لا يدع متسعا للتفكير في الآخرة .

[ ألهاكم التكاثر ]

اي شغلكم الاهتمام بالتكاثر فأنساكم الآخرة ، و قد اختلف المفسرون في الذي ألهاهم هل هو المفاخرة و المباهاة حسبما يأتي في بيان شأن النزول ، أم التجارة و التشاغل بأمر المعاش حسبما جاء في رواية ابن عباس عن النبي - - أنه قرأ : "ألهاكم التكاثر " و قال : " التكاثر : الأموال التي جمعها من غير حقها ، و منعها من حقها ، و شدها في الأوعية " (1) .

يبدو ان الدافع النفسي الى التكاثر ، و التنافس في الأموال و الأولاد هو الذي ألهاهم ، سواء تجسد في السعي نحوهما او في المباهاة بهما ، لان هذا الدافع موجود بالتالي هنا و هناك .

و لذلك لا أجد تناقضا بين ما يظهر من معنى اللفظ من التشاغل بالتجارة و بشؤون الأولاد ، و ما ذكر في قصة نزول السورة من المباهاة و المفاخرة بذلك ، لانهما يدخلان تحت عموم اللفظ ، و ينتهيان الى الدافع ذاته .

أما شأن النزول فان المفسرين اختلفوا فيه كثيرا ، مما يدل على ان مراد السابقين من شأن النزول ان السورة تنطبق على ما يقولون ، و لا تدل بالضرورة انها نزلت فيهم حقا ، و هكذا قال بعضهم : انها نزلت في اليهود ، حيث تفاخرت قبائلهم على بعضهم ، و قال البعض :
بل في قبيلتين من الأنصار ، و قال ابن عباس : بل في حيين(1) المصدر / 662 .


من قريش و هما بنو عبد مناف و بنو سهم . و أضاف : تعادوا و تكاثروا بالسادة و الاشراف في الاسلام ، فقال : كل حي منهم : نحن أكثر سيدا ، و أعز عزيزا ، فكثر بنو عبد مناف سهما ، ثم تكاثروا بالأموات فكثرتهم سهم ، فنزلت " ألهاكم التكاثر " بأحيائكم ،فلم ترضوا حتى " زرتم المقابر " مفتخرين بالأموات .

بلى . لا يزال الناس يفتخرون بأمجاد الغابرين ، و يتكاثرون بمن أمسوا ترابا ، و كأنهم يغنون عنهم شيئا من أمور دينهم او دنياهم ، هيهات . يقول الامام أمير المؤمنين - - و قد تلا هذه الآيات :

" ياله مراما ما أبعده ! و زورا ما أغفله ! و خطرا ما أفظعه ! لقد استخلوا منهم أي مدكر ، و تناوشوهم من مكان بعيد ! افبمصارع آبائهم يفخرون ، ام بعديد الهلكي يتكاثرون ! يرتجعون منهم أجسادا خوت ، و حركات سكنت ، ولأن يكونوا عبرا أحق من أن يكونوا مفتخرا ، ولأن يهبطونهم جناب ذلة أحجى من ان يقوموا بهم مقام عزة لقد نظروا اليهم بأبصار العشوة ، و ضربوا منهم في غمرة جهالة " (1) .

من عبر التاريخ ما ينقله الرواة عن مصير هؤلاء المتكاثرين المتفاخرين ، يقول قتادة : كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان ، و نحن أعز من بني فلان ، وهم كل يوم يتساقطون الى آخرهم ، و الله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم (2) .

و كلمة أخيرة : ان الانسان لا يني يكافح حتى يزداد مالا و ولدا ، حتى إذا انهارت قواه ، و لما يبلغ مناه تراه يتفاخر بالغابرين ، و يتكاثر بأهل القبور البالية . ما أكفر الانسان ، وما أبعده في الضلال ! أفلا يعتبر بمن هلك من قومه ، و يقول : اني من(1) المصدر / ص 661 نقلا عن نهج البلاغة .

(2) القرطبي / ج 10 - ص 169 .


بعدهم لهالك ، أفلا ارتدع عن التلهي بالدنيا ، و أنا وارد موردهم ، و نازل بمنازلهم .

[2] و يبقى الانسان سادرا في غفلته ، لاهيا بالتنافس على حطام الدنيا ، حتى يزور المقابر ، ليرى بيت الوحشة مظلما لم ينوره بمصابيح الصلاح ، و لم يمهده بحميد الفعال ، فلا ينفعه يومئذ مال و لابنون ، و لا يغنيه مجد و لا فخر .

جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق - - : " إذا وضع الميت في قبره مثل له شخص ، فقا له : يا هذا ّ! كنا ثلاثة : كان رزقك فانقطع بانقطاع أجلك ، وكان أهلك فخلفوك و انصرفوا عنك ، و كنت عملك فبقيت معك ، أما إني كنت أهون الثلاثة عليك" (1) .

[ حتى زرتم المقابر ]

و لعل التعبير بـ " حتى " للدلالة على ان التكاثر الذي يضر بصاحبه هو الذي يتصل بالموت فلو تاب صاحبه من قبل نفعته توبته ، و للدلالة ايضا على ان التكاثر يبقى يلهي صاحبه حتى الموت ، فعلينا ألا نسترسل معه ، و لا ينظر بعضنا الى ما أنعم الله علىالآخر من أزواج و أموال و أولاد ، بل ينظر في أمور الدنيا الى من دونه ، وفي شؤون الآخرة الى من هو فوقه ، قال تعالى : " و لا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير و أبقى " .

و السؤال : لماذا قال : " زرتم المقابر " أجابوا : لان العرب يقولون لمن مات قد زار قبره ، و يبدو ان التعبير يوحي ايضا بأن من يموت لا يفنى ، انما ينتقل من عالم لآخر فهو كالزائر .


(1) بحار الانوار / ج 6 - ص 265 .


و قيل : ان معنى زيارة المقابر : التفاخر بالأموات ، و التكاثر بعددهم ، حسبما سبق في بيان نزول السورة ، و قلنا هناك : ان الآية تتسع لهذا المعنى ايضا ، و لذلك ذكر بعض المفسرين أهمية زيارة القبور وأنها تذكر الانسان بالموت ، و تزهده في الدنيا ، و ذكروانصا مأثورا عن رسول الله - - انه قال : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروا القبور ، فإنها تزهد في الدنيا ، و تذكر الآخرة " (1) .

و قد حث الاسلام على ذكر الموت ، و الذي يتم بعضه بزيارة القبور ، حتى جاء في حديث مأثور عن الامام الباقر - - : " ما أكثر ذكر الموت انسان إلا زهد في الدنيا " (2) و حينما سئل النبي - - عن أكيس المؤمنين من هو ؟
قال - - : " أكثرهم ذكرا للموت ، و أشدهم استعدادا " (3) .

[3] و الــذي يردع النفس من التلهي بالتكاثر خشيته من لقاء ربه عندما يزور قبره ، و يواجه عمله .

[ كلا سوف تعلمون ]

و العلم ينقض الشك ، كما ينقض الإنذار التلهي ، و هذه الآية إنذار من رب العالمين بان هذا التكاثر سوف يعلم ان من جمعه لم ينفعه .

[4] و لان نزعة التكاثر عميقة النفاذ في النفس ، بالغة الأثر في قرار الانسان ، وما أهلك الانسان مثل الفخر ، ولا أضله مثل التكاثر ، لذلك عاد السياق و أكد(1) القرطبي / ج 20 - ص 170 .

(2) بحار الانوار / ج 126 .

(3) المصدر .


الإنذار تلو الإنذار .

[ ثم كلا سوف تعلمون ]

و على الانسان ان يشتغل بإصلاح نفسه عن لهو التكاثر بذكر الموت هادم اللذات و مفرق الجماعات ، حتى لا يفاجئه ملك الموت و هولاه ساه .

و قد ذكر البعض : ان هذه الآية مجرد تأكيد للآية السابقة ، بينما ذهب البعض الى ان هذه الآية تذكرنا بعذاب الآخرة ، بينما الأولى تنذر بعذاب الدنيا الذي يجري حين الموت و بعده في القبر على امتداد أيام البرزخ و الى حين يبعثون ، و قد ورد نص مأثور عن الامام أمير المؤمنين - - في ذلك ، حيث روى زربن حبيش عنه ، قال : " ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت " ألهاكم التكاثر " الى قوله " كلا سوف تعلمون " يريد في القبر " ثم كلا سوف تعلمون " بعد البعث " (1) .


و هكذا حذرنا أولياء الله من فتنة القبر و عذابه ، فهذا الامام علي ابن ابي طالب - - يكتب لمحمد بن أبي بكر : " يا عباد الله ! ما بعد الموت - لمن لا يغفر له - أشد من الموت ، القبر فاحذروا ضيقه و ضنكه و ظلمته و غربته ، ان القبر يقولكل يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود و الهوام . و القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار . ان العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض : مرحبا و أهلا ، قد كنت ممن أحب أن تمشي على ظهري فاذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فيتسع له مد البصر ، و ان الكافر إذا دفن قالت له الأرض : لا مرحبا بك و لا أهلا ، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فتضمه حتى تلتقي(1) نور الثقلين / ج 5 - ص 661 .


أضلاعه " (1) .

[5] لو علم الانسان ما يصير اليه لما ألهاه التكاثر لأن المعرفة تورث الخشية ، هكذا قال ربنا سبحانه : انما يخشى الله من عباده العلماء " ولكن حجب الشك و الغفلة و الشهوات تمنع عنه بصائر العلم و اليقين .

[ كلا لو تعلمون علم اليقين ]

إذا أسلمت النفس البشرية لهدى الله آمنت ، وإذا طهرت من الشكوك و الظنون أوتيت اليقين ، و لليقين درجات ، وما أوتي الانسان أشرف من اليقين ، هكذا جاء في الحديث المأثور عن الامام الباقر - - حيث قال : " انما هو الاسلام ، و الايمان فوقه بدرجة ، و التقوى فوق الايمان بدرجة ، و اليقين فوق التقوى بدرجة ، و لم يقسم بين الناس شيء أقل من اليقين " قال الراوي : قلت : فأي شيء اليقين ؟ قال : " التوكل على الله ، و التسليم لله ، و الرضا بقضاء الله ، و التفويض الى الله " (2) .

هكذا جعل الامام أسمى درجات الايمان و أشرفها اليقين ، مما يدل على ان اليقين هو : طهارة القلب من دنس الشرك و الشك و الظنون ، و سائــر وساوس ابليس و همزاته .

و جاء في حديث آخر تفسير اليقين بالتغلب على خوف المخلوق ، قال الامام الصادق - - : " ليس شيء إلا وله حد " فقال الراوي : فما حد التوكل ؟ قال الامام - - : " اليقين " فقال السائل : فما حد اليقين ؟


(1) بحار الانوار / ج 6 - ص 219 .

(2) بحار الانوار / ج 6 - ص 218 .


قال الامام - - : " ألا تخاف مع الله شيئا " (1) .

و اليقين يجعل عمل المـــؤمن مقبــــولا ، بل و يعظم ثوابه ، يقول الامام الصادق - - : " ان العمل الدائم القليل مع اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير اليقين " (2) .

أرأيت الذي يصلي و قلبه متصل بنور الله ، و نفسه طاهرة من الرياء ، و العجب و الاستكبار ، و يجاهد ، و نيته لله وحده ، كمن يصلي و قلبه مليء بالوسواس ، و يزكي رياء ، و يجاهد للاستعلاء في الارض ؟!

لذلك كان أئمة الهدى - - يجأرون الى الله في طلب الزيادة من اليقين ، و يحثون اتبــاعهم علــى مثـل ذلك ، هكذا جاء في الحديث : كان علي بن الحسين ( الامام زين العابدين ) يطيل القعود بعد المغرب يسأل الله اليقين . (3)و روي عن الامام أمير المؤمنين - - أنه قال في خطبة له : " أيها الناس ! سلوا الله اليقين ، و ارغبوا اليه في العافية ، فإن أجل النعمة العافية ، و خير ما دام في القلب اليقين ، و المغبون من غبن دينه ، و المغبوط من غبط يقينه " (4).

ولا يبلغ الانسان درجة اليقين إلا بعد العروج في درجات التسليم و الايمان و التقوى و كلها تقتضي المزيد من العمل الصالح و الخالص لوجه الله و المنبث على سائر جوارح البدن ، و جوانح النفس ، و حتى بعد الحصول على اليقين عليه ان يسعى جاهدا حتى يتجاوز عقد الشك و الإرتياب بالتفكر و التعلم و الدعاء . ألا ترى كيف(1) المصدر / ج 70 - ص 142 .

(2) المصدر / ص 147 .

(3) المصدر / ص 176 .

(4) المصدر .


سعـــى إبراهيم نحو اليقين حين سأله ربه سبحانه قائلا : " رب أرني كيف تحيي الموتى " . فلما قال له ربه : " أولم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئن قلبي " . و لم يكن في قلبه ذره شك و لكنه حسب حديث مأثور عن الامام الرضا - - " أراد من الله الزيادة في يقينه " (1) .

و علامة صدق اليقين دوام الاستقامة على صراط الحق ، وألا يتخذ الانسان وليجة من دون الله و رسوله ، و يكون مستعدا لكل تضحية و في كل موقع . أولا سمعت قصة الأعرابي الذي جاء الى رسول الله و قال : يا رسول الله بايعني على الاسلام فقال له الرسول - صلى اللهعليه وآله - .

" على أن تقتل أباك " .

فكف الأعرابي يده ، و أقبل رسول الله - - على القوم يحدثهم .

و قد بين بعضهم درجات اليقين حسب فهمه بثلاث :

( ألف ) : علم اليقين ، و ضرب مثلا له كمن يعلم بوجود النار لما يراه من ضوئها أو دخانها .

( باء ) : حق اليقين و مثله كمن يرى النار بعينه مشاهدة .

( جيم ) : عين اليقين مثل الذي يلامس النار فيحس حرارتها .

و هذا - حسبما يبدو لي - مجرد أمثلة ، وإلا فقد يكون يقين من يعلم بوجود النار بسبب علائمها أشد من الذي يلامسها ؛ لان قلبه أوعى لحقيقتها من صاحبه . أرأيت(1) المصدر / ص 177


الطبيب قد يكون أفقه بحالة المريض و خصائص دائه من المريض ذاته ، و لذلك جاء في الحديث : " رب حامل فقه الى من هو أفقه منه " (1) و لا ريب أن هناك في المسلمين الأواخر من كان أشد يقينا بصدق الرسالة من بعض الذين عاصروا النبي و صاحبوه ، كل ذلك لأناليقين ليس مجرد علم بل روح في القلب ، تجعله يطمئن الى العلم و يسكن اليه ، كما الايمان و التقوى ، و بتعبير آخر : ان اليقين - كما قلنا في بداية الحديث - نقطة التقاء العلم بالإرادة ، كما ان الايمان : التسليم و الاذعان للعلم ، و عزم و عقد عزمات القلب علىقبول مشاهدات العلم مهما بلغ الثمن ، و هذا لا يكون بمجرد ظهور آيات الحقيقة للنفس ، بل و ايضا بتصديق النفس لها ، و السكون اليها ، و لذلك يكون يقين المؤمن بالغيب أشد من علم الكافر بالشهود ، و يبلغ اليقين ببعضهم حدا يعايشون الغيب بكل جوارحهم ، و يقول أميرهم الامام علي - - : " و الله لو كشف الغطاء لما ازددت يقينا " (2) و يقول في صفة المؤمنين :

" فهم و الجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، و هم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذبون " (3) .

جــاء في الكافي ، عن محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد ؛ و علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي و ابراهيم بن مهزم ، عن اسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله - - يقول : " أن رسول الله - - صلى بالناس الصبح فنظر الى شاب في المسجد وهو يخفق و يهوي برأسه ، مصفــرا لونـه ، قد نحف جسمه ، و غارت عيناه في رأسه ، فقال له رسول الله - - كيف أصبحت يا فلان ؟ قال : أصبحت يا رسول الله ! موقنا ، فعجب رسول الله من قوله ، و قال له : إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك ؟


(1) اصول الكافي / ج 1 - ص 403 .

(2) غرر الحكم و درر الكلم / ص 603 .

(3) نهج البلاغة / خ 193 - ص 303 .


فقال : ان يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني ، و أسهر ليلي و أظمأ هواجري ، فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها حتى كأني انظر الى عرش ربي و قد نصب للحساب ، و حشر الخلايق لذلك ، وأنا فيهم ، و كأني أنظر الى أهل الجنة يتنعمون في الجنة و يتعارفون على الآرائك متكئون ، و كأني أنظر الى أهل النار وهم فيها معذبون مصطرخون ، و كأني الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي .

فقال رسول الله - - هذا عبد نور الله قلبه بالايمان ، ثم قال له : الزم ما أنت عليه فقال الشاب : ادع الله لي يا رسول الله ان أرزق الشهادة معك ، فدعا له رسول الله - صلـــى الله عليه وآله - فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي - - فأستشهد بعد تسعة نفر و كان هو العاشر " (1) .

[6] ان الكافر ليرى الجحيم بعينه ، يلامسها بجوارحه ، فيعلم يقينا أنه مواقعها ، وأنه كان في ضلال عنها مبين ، بينما المؤمن يعي وجود النار ، و يشاهدها ببصائر قلبه ، فيعلم يقينا بها .

[ لترون الجحيم ]

[7] أوليس الأحجى بنا و الأحرى أن نؤمن بها و نحن بعيدون عنها ، و قبل أن نردها ثم لا نصدر منها ؟ !

[ ثم لترونها عين اليقين ]

قالوا : ان الآية تشير الى أن كل البشر يردون النار أو يمرون عليها . لقوله سبحانه : " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا " .


(1) موسوعة بحار الانوار / ج 70 - ص 159 .


فيمر عليها بعضهم كالبرق ، و بعضهم كالريح و بعضهم كالطير ، و يتباطئ بعضهم بذنوبه حتى يحترق بنارها قليلا ، و بينما يغط بعضهم فيها و يمكث المذنب فيها بقدر ذنبه ، قبل ان يتطهر كليا و يدخل الجنة ، و منهم الخالدون فيها أبدا و العياذ بالله .

[8] لكي لا يلهينا عن الآخرة التكاثر بحطام الدنيا لابد ان نعرف اننا مسؤولون يومئذ عن النعيم ، و كلما زادت نعم الله علينا طال وقوفنا للحساب عند ربنا ، فهل نملك الجواب الصواب ؟ !

يقال : ان النبي سليمان يختلف عن إخوانه الأنبياء ألف عام يوقف للحساب ، يسأل عن ملكه و نعيمه بينما هم يتنعمون في الجنة .

قالت أم كلثوم بنت أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - : لما كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قدمت اليه عند إفطاره طبقا فيه قرصان من خبز الشعير ، و قصعة فيها لبن و ملح جريش ، فلما فرغ من صلاته أقبل على فطوره ، فلما نظر اليه و تأمله حرك رأسه و بكى بكاءا شديدا عاليا ، و قال : " يا بنية ! ما ظننت ان بنتا تسوء أباها كما قد أسات أنت إلي " قالت : و ماذا يا أباه ؟ قال : " يا بنية ! اتقدمين الى أبيك إدامين في فرد طبق واحد ؟ أتريدين ان يطول وقوفي غدا بين يدي الله عز وجل يوم القيامة أنـــا أريـد ان أتبع أخي و إبن عمي رسول الله - - ما قدم اليه إدامان في طبق واحد الى ان قبضه الله ، يا بنية ! ما من رجل طاب مطعمه و مشربه و ملبسه إلا طال وقوفه بين يدي الله عز وجل يوم القيامة ، يا بنية ان الدنيا في حلالها حساب و في حرامها عقاب وقد أخبرني حبيبي رسول الله - - ان جبرئيل - - نزل اليه و معه مفاتيح كنوز الأرض و قال : يا محمد ! السلام يقرؤك السلام و يقول لك : إن شئت صيرت معك جبال تهامة ذهبا و فضة ، و خذ هذه مفاتيح كنوز الأرض ولاينقص ذلك من حظك يوم القيامة ، قال : يا جبرئيل و ما يكون بعد ذلك ؟ قال : الموت ، فقال : إذا لا حاجة لي في الدنيا ، دعني أجوع يوما و أشبع يوما ، فاليوم الذي أجوع فيه أتضرع الى ربي و أساله ، و اليوم الذي أشبع فيه أشكر ربي و أحمده ، فقال له جبرئيل : وفقتلكل خير يا محمد " . ثم قال : " يا بنية ! الدنيا دار غرور و دار هوان ، فمن قدم شيئا وجده ، يا بنية ! و الله لا آكل شيئا حتى ترفعين أحد الإدامين " فلما رفعته تقدم الى الطعام فأكل قرصا واحدا بالملح الجريش ، ثم حمد الله و أثنىعليه ، ثم قام الى صلاته فصلى ... " (1) .

ولو وعى الانسان هذه الحقيقة كبح شهوة التكاثر في نفسه ، و لم يدع هذه الحالة تلهيه عن ذكر الله .

[ ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ]

ما هو النعيم ؟ اختلف المفسرون ، بل و اختلفت النصوص ، و يبدو أن الكلمة تتسع لكل الأقوال و لو بدرجات مختلفة ، فقد ينفي نص أن يكون طعام الانسان و شرابه مما يسئل عنه يوم القيامة ، فقد جاء في مجادلة الامام الصادق ( ع ) مع أبي حنيفة :

قال أبو حنيفة : أخبرني جعلت فداك عن قول الله عز وجل : " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " قال " فما هو عندك يا أبا حنيفة ؟ " قال : الأمن في السرب ، و صحة البدن ، و القوت الحاضر . (2) فقال : " يا أبا حنيفة ! لئن وقفك الله أو أوقفك يوم القيامة حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها و شربة شربتها ليطولن وقوفك " .

قال : فما النعيم جعلت فداك ؟ قال : النعيم : " نحن الذين أنقذ الله الناس بنا(1) موسوعة بحار الانوار / ج 42 - ص 276 .

(2) المصدر / ج 10 - ص 209 .


من الضلالة ، و بصرهم بنا من العمى ، و علمهم بنا من الجهل " قال : جعلت فداك فكيف كان القرآن جديدا أبدا ؟ قال : " لانه لم يجعل لزمان دون زمان فتخلقه الأيام ، ولو كان كذلك لفنى القرآن قبل فناء العالم " ، بينما يثبت ذلك نص آخر ، فما هو تفسير اختلاف النصين ؟ يبدو أن أحدهما ينفي المسؤولية بمعنى العقاب بينما يثبت الثاني السؤال . أو أن الأول ينفي التشديد في السؤال ، بينما الثاني يثبت السؤال . و يدل على ذلك ما جاء في الحديث المأثور عن النبي - - : " كل نعيم مسؤول عنهصاحبه إلا ما كان في غزو أو حج " (1) .

و نعود و نتساءل : عماذا يسأل العبد يوم القيامة ؟ بلى . أنه يسأل عن طعامه من أين اكتسبه و كيف صرفه ، و في حديث مفصل قال النبي - - لأبي بكر و عمر " و الذي نفسي بيده لتسألن عن نعيم هذا اليوم . يوم القيامة " و كانا قد خرجاجائعين فصاحبا رسول الله الى ضيافة مالك بن التيهان - أحد الأنصار - فأكرمهم بقراه فقال لهما الرسول ذلك ، و اضاف : " أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم " (2) .

و روي عن الامام أمير المؤمنين في تفسير النعيم ، أنه قال : " النعيم : الرطب و الماء البارد " (3) .

كما يسأل المرء عن مجمل ماله من أين اكتسبه و فيم صرفه ، هكذا في الأحاديث المأثورة : يسأله عن شبابه فيما أفناه ، و ماله فيما أنفقه ، و عن أمنه و عافيته . أليست الصحة نعمة كبيرة و جاء في الحديث عن النبي - - : " نعمتان(1) نور الثقلين / ج 5 - ص 665 .

(2) القرطبي / ج 20 - ص 175 .

(3) تفسير نمونه / ج 27 - ص 286 .


مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " (1) .

و في نص معروف : " نعمتان مجهولتان الصحة و الأمان " .

و عن جاهه عند الناس : فقد جاء في الحديث عن رسول الله - - : " إذا كان يوم القيامة دعا الله بعبد مــن عباده فيوقفه بين يديه ، فيسأله عن جاهه ، كما يسأل عن ماله " (2) .

ولكن أعظم نعمة يسأل العبد عنها يوم القيامة هي نعمة الهداية و التي تتجلى في الرسالة و في الرسول و فيمن استخلفه الرسول من أئمة الهدى ، أوليست نعمة الرسالة هي التي من الله بها على عباده إذ قال : " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم " .

و قال : " يمنون عليك ان أسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليك ان هداكم للاسلام " .

و هكذا كانت ولاية أئمة الهدى أعظم مصداق للنعيم المسؤول عنها يوم القيامة ، و بذلك استفاضت النصوص - مثل الحديث المأثور عن الامام الرضا - قال له بعض الفقهاء : يقول الله عز وجل : " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " اما هذه النعيم في الدنيا وهو الماء البارد .

فقال له الرضا ( ) و علا صوته : " كذا فسرتموه أنتم ، وجعلتموه على ضروب ، فقالت طائفة : هو الماء البارد ، و قال غيرهم : هو الطعام الطيب ، و قال آخرون : هو طيب النوم " ثم نقل الامام الرضــا عليــه السلام حديثا عن آبائه ، جاء فيه: " ان الله عز وجل لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به " ثم قال : " و لكن(1) القرطبي / ج 20 - ص 177 .

(2) نور الثقلين / ج 5 - ص 664 و هناك نصوص أخرى في هذا الحقل .


النعيم حبنا أهل البيت ، و موالاتنا يسأل الله عنه بعد التوحيد و النبوة ، لأن العبد إذا وفى بذلك أداه الـى نعيم الجنة الذي لا يزول " ثم نقل الامام الرضا - - حديثنا عن آبائه عــن رسول الله - - صريحا في هذا التفسير (3).

منقوووووووووووووووول من فيس بوك
سماحة الشيخ هادي المدرسي


آخر تعديل بواسطة نور العتره ، 24-May-2010 الساعة 07:50 PM. سبب آخر: تصحيح خطأ إملائي

إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc