اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .
أرفع وأرسل مع نسيم الصباح أسمى آيات التبريك والتهاني إلى
صاحب القبة الخضراء بأرض طيبة الطيبة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله
وإلى مقام صاحب القبة اليضاء في النجف الأشرف الإمام علي
وإلى من كان شعاع قبره يضيء يثرب ولا يزال هذا النور إلى يوم القيامة الإمام الحسن الزكي
وإلى من دفن في أرض كربلاء تلك الأرض التي أصبحت في كل بقعة في العالم الإمام الحسين
وإلى التسعة المعصومين من ذرية الحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام .
ولا سيما مولانا بقية الله في أرضه الإمام المهدي
ولن أنسى موالين ومحبين الزهراء سلام الله عليها وخصوصا العاملين على هذا الصرح المبارك
من مشرفين وإداريين وأيضا أعضاء
وأيضا أختنا عزة ألبسها الله لباس العافية بحق صاحبة هذا المولد الميمون
في بدء خلقها و ولايتها
1- بدء خلق فاطمة عليهاالسلام من نور عظمة اللَّه تعالى
2- عرض ولاية فاطمة عليهاالسلام على السماوات و على الأرضين و من فيهنّ
3- خلق النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم و عليّ لأجل فاطمة عليهاالسلام
4- إنّ لفاطمة عليهاالسلام ولاية كليّة و طاعة مفروضة على الكائنات...
5- أنّ نور أبي طالب من نورهم
بدء خلق فاطمة من نور عظمة اللَّه تعالى
أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبداللَّه الصغير، عن محمّد بن إبراهيم الجعفري، عن أحمد بن عليّ بن محمد بن عبداللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبي عبداللَّه عليهماالسلام قال:
إنّ اللَّه كان إذلا كان، فخلق الكان والمكان، و خلق نور الأنوار الّذي نوّرت منه الأنوار، و أجرى فيه من نوره الّذي نوّرت منه الأنوار، و هو النور الّذي خلق منه محمّداً و عليّاً عليهماالسلام، فلم يزالا نورين أوّلين، إذلا شي ء كوّن قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهّرين في الأصلاب الطاهرة حتّى افترقا في أطهر طاهرين في عبداللَّه و أبي طالب عليهماالسلام.
___________________________________
البحار: 57/ 196 ح 143، عن الكافى: 2/ 428 ح 9، و اورده فى البحار: 15/ 24 ح 46.
2/ 2- الحسين بن محمّد، عن المعلّى، عن عبداللَّه بن إدريس، عن محمّد بن سنان قال: كنت عند أبي جعفر الثاني فأجريت اختلاف الشيعة، فقال:
يا محمّد! إنّ اللَّه تبارك و تعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيّته، ثمّ خلق محمّداً و عليّاً و فاطمة فمكثوا ألف دهر، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها، و أجرى طاعتهم عليها، وفوّض اُمورها إليهم، فهم يحلّون ما يشاؤون، و يحرّمون ما يشاؤون، ولن يشاؤوا إلّا أن يشاء اللَّه تبارك و تعالى.
ثمّ قال: يا محمّد! هذه الديانة الّتي من تقدّمها مرق، و من تخلّف عنها محق، و من لزمها لحق، خذها إليك يا محمّد.
أقول: رواه البرسي رحمه الله في «مشارق أنوار اليقين» عن محمّد بن سنان (مثله).
ولادت الزهراء سلام الله عليها
الزهراء ، والمشهور بين علماء الإمامية أنّه في يوم الجمعة العشرين من شهر جمادى الثانية من السنة الخامسة بعد البعثة النبوية ، وبعد الاسراء بثلاث سنين .
وعمدتهم في ذلك ما روي عن الأئمة الأطهار فقد روي بالاسناد عن حبيب السجستاني ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : « ولدت فاطمة بنت محمد وسلم بعد مبعث رسول الله وسلم بخمس سنين » .
وعن أبي بصير ، عن أبي عبدالله قال : « ولدت فاطمة في جمادى الآخرة يوم العشرين منه ، سنة خمس وأربعين من مولد النبي وسلم » .
وروى نصر بن علي الجهضمي ، عن الإمام علي بن موسى الرضا ، قال : « ولدت فاطمة بعدما أظهر الله نبوته وسلم بخمس سنين » .
وقيل أيضاً : كان مولد السيدة الزهراء في العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين من المبعث .
وقال أكثر علماء العامة : إنّها ولدت قبل البعثة ، واختلفوا في عدد السنوات ، فقيل : ولدت وقريش تبني البيت الحرام قبل النبوة بخمس سنين ، ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ابن خمس وثلاثين سنة ، أخرجه سبط ابن الجوزي عن علماء السير ، والمحبّ الطبري عن الدولابي ، وابن حجرعن الواقدي والمدائني .
الإمام الباقر قال : لما ولدت فاطمة أوحى الله تعالى إلى ملك فأنطق به لسان محمد وسلم فسمّاها فاطمة .
وهذا التاريخ يناسب ما روي عن عائشة وسعد بن مالك وابن عباس وغيرهم ، أنّ رسول الله وسلم قال : « لما أُسري بي إلى السماء أدخلت الجنة ، فوقعت على شجرةٍ من أشجار الجنة ، لم أرَ في الجنة أحسن منها ، ولا أبيض ورقا ً ، ولاأطيب ثمراً ، فتناولت ثمرة من ثمراتها فأكلتها ، فصارت نطفة ، فإذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شممت ريح فاطمة » ، وفي لفظ آخر : « فهي حوراء إنسية ، كلّما اشتقت إلى الجنة قبلتها » .
أسمائها وألقابها
عرفت فاطمة بنت رسول الله وسلم بجملة من الأسماء والألقاب ، وطبيعي أنّه كلّما كان الإنسان من ذوي المنزلة والمكانة تعددت أسماؤه.
قال الإمام الصادق : « لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزَّ وجلَّ : فاطمة ، والصديقة ، والمباركة ، والطاهرة ، والزكية ، والراضية ، والمرضية ، والمحُدَّثة ،
والزهراء» .
وأضاف ابن شهر آشوب عن أبي جعفر القمي رضي الله عنه : البتول ، الحرّة ، السيدة ، العذراء ، مريم الكبرى ، الصديقة الكبرى . وفيما يلي نورد دلالات بعض هذه الأسماء والألقاب التي تشير إلى خصائصها الفريدة ومناقبها الفذّة ، وما اتسمت به من الصدق والبركة والطهارة والرضا والفضل العميم على سائر النساء.
فاطمة :
تقدّم في ولادتها أن رسول الله وسلم قد سمّاها فاطمة بأمر الله تعالى ، وهذا الاسم مشتق من الفطم بمعنى القطع ، يقال : فطمت الاُمّ صبيها ، وفطمت الرجل عن عادته ، والفاعل منه فاطم وفاطمة.
وسبب التسمية هو أن الله تعالى فطمها وفطم ذريتها ومحبيها عن النار على ما جاء في الحديث الشريف ، فجعلها سبحانه سيدة نساء أهل الجنة ، وجعل من ذريتها الحسن والحسين عليهما السلام سيدي شباب أهل الجنّة ، وجعل محبتها منجية من النار ، لاَنّها محبّة لقيم العفاف ومبادىء الشرف ، وتعلّق بمكارم الأخلاق التي تتحلّى بها سيدة النساء .
روى جابر بن عبدالله وابن عباس عن رسول الله وسلم أنّه قال : « إنّما سميت ابنتي فاطمة ، لاَنّ الله عزَّ وجلَّ فطمها وفطم محبيها عن النار »
وقال أمير المؤمنين علي : « قال رسول الله وسلم : إنّي سميت ابنتي فاطمة لاَنّ الله فطمها وذريتها من النار » .
ومحبة الزهراء المنجية من النار لابدّ أن تقترن بحبّ خصال الخير وعقائد الحقّ التي كان ينطوي عليها قلبها الطاهر ، مع الانقطاع عن كل مايمتّ إلى الشرّ بصلة من الظلم والبغي والعدوان.
وواضح بأن (فاطمة) على صيغة (فاعل) ولكنها وردت في الحديثين الشريفين بمعنى صيغة (مفعول)؛ لكونها (مفطومة). ولهذا نظائر في القرآن الكريم ولغة العرب ، قال تعالى : ( عيشة راضية) قيل : أي مرضية ، وقوله تعالى : ( ماء دافق) قيل : أي مدفوق. وكقولهم : سرّ كاتم ، أي مكتوم وغيرها كثير.
ولكن هذا الاسم الشريف (فاطمة) جاء في حديث آخر على صيغة (فاعل) تعبيراً عن وصفه ولم يصرف إلى معنى (مفعول).
قال وسلم : « سمّيت فاطمة لاَنّها فطمت شيعتها من النار ، وفُطم أعداؤها عن حبّها »
أضاءت بها الأكوان والأرض والسما * قديماً وفـي الدنيا وفـي النشأة الاُخرى
ومازال فـي الأدوار يشرق نورهـا * ومـن أجل ذاك النور سميت الزهرا
البتول :
البتل في اللغة : القطع ، وهو يرادف الفطم من حيث المعنى ، وقد عرفت الزهراء بهذا الاسم لتفرّدها عن سائر نساء العالمين بخصائص تميزت بها ، كما تدل عليه الأحاديث وأقوال أهل اللغة .
أما في الأحاديث : فقد ورد عن أمير المؤمنين قال : « إنّ النبي وسلم سُئِلَ ما البتول؟ فإنّا سمعناك يا رسول الله تقول : إنّ مريم بتول وفاطمة بتول .
فقال وسلم : البتول التي لم تر حمرةً قط ـ أي لم تحض ـ فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء » ، وتنزيهها عن الحيض باعتباره أذىً يشير إلى علوّ مقامها وإلى خصوصية تفردت بها عن سواها ، لاَنّها من أهل البيت الذين طهرهم ربهم من الرجس تطهيراً ، وهو أمر غير مستبعد لكثرة المؤيدات له في الأحاديث والآثار .
المُحَدَّثة :
المُحَدَّث : من تكلّمه الملائكة بلا نبوّة ولا رؤية صورة ، أو يُلهم له ويلقى في روعه شيء من العلم على وجه الالهام والمكاشفة من المبدأ الأعلى ، أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره .
وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من صالح عباده ، ومنزلة جليلة من منازل الأولياء ، حضيت بها الزهراء بنت النبي وسلم على ما جاء في كثير من الروايات ، منها ما روي عن الإمام الصادق أنّه قال : « إنّما سميت فاطمة محدّثة ، لاَنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران ، فتقول : يافاطمة ، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين . يا فاطمة ، اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ، فتحدّثهم ويحدّثونها . فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا : إنّ مريم كانت سيدة نساء عالمها ، وإنّ الله عزَّ وجلَّ جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها ، وسيدة نساء الأولين والآخرين » .
الصدّيقة :
وهي صيغة مبالغة في الصدق والتصديق ، وقد عرفت الزهراء بالصديقة ، والصديقة الكبرى ، أي كانت كثيرة التصديق لما جاء به أبوها وسلم وقويّة الإيمان به ، كما انّها كانت صادقة في جميع أقوالها بأفعالها .
روى الشيخ الكليني باسناده عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن ، قال : « إنّ فاطمة صديقة شهيدة » .
وأخرج المحبُّ الطبري في (الرياض النضرة) أنّ رسول الله وسلم قال للاِمام علي : « أوتيت ثلاثاً لم يؤتهنّ أحد ولا أنا : أوتيتَ صهراً مثلي ، ولم أوت أنا مثلك ، وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي ولم أُوت مثلها زوجة ، وأوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم أوت من صلبي مثلهما ، ولكنكم مني وأنا منكم » .
وقال وسلم للاِمام علي : « يا علي ، إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء ، وأمرتها أن تلقيها إليك فأنفذها ، فهي الصادقة الصدوقة »
كناها :
كانت تُكَنى بأسماء أبنائها فهي أُمّ الحسن ، وأُمّ الحسين ، وأُمّ المحسن ، وأُمّ الأئمة .
وعن الإمام الصادق عن أبيه عليهما السلام : « أنّ فاطمة كانت تُكنى أُمّ أبيها » . وروي ذلك عن مصعب بن عبدالله الزبيري ، ومحمد بن علي المديني وابن الأثير .
أُمّ أبيها :
ومن الاوسمة الرفيعة الخالدة التي لم تمنح لبنت نبيّ قط غير الزهراء ما منحه أشرف الرسل والأنبياء لسيدة النساء : (أم أبيها) صلوات الله عليها .
إنّها كنية ما أجلّها وأعظمها! فهي تعبر عن عمق الارتباط الروحي الضخم بين المانح العظيم المقدس وبين الممنوحة الطاهرة المطهرة بحكم التنزيه من كل رجس ودنس .
نعم ، هذه الكنية جديرة بالتأمل والتدبر ، فهي هتاف ملأ الكون بصداه ، ونداء لكلِّ جيل يتدبر معناه ، وتنبيه للاُمّة بما ينبغي عليها من توقير البتول وحفظ مقامها الشامخ من قلب الرسول .
لقد تبوّأت الزهراء هذا المقام العظيم من قلب أبيها وسلم ، لا لكونها ابنته ، وإنّما أراد الله عزَّ وجلّ لها ذلك المقام المحمود زيادة على مواقفها
الفريدة والتي سنذكر طرقاً منها فنقول :
كانت الزهراء أحب الناس الى رسول الله وسلم ، وهي بهجة قلبه وبضعة منه ، يغضب لغضبها ، ويرضى لرضاها ، ويغضبه ما يغضبها ، ويبسطه ما يبسطها ، ويؤذيه ما يؤذيها ، ويسرّه ما يسرّها .
وكانت إذا دخلت على النبي وسلم قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه ، وكان النبي وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها .
وإذا أراد سفراً أو غزاة كان وسلم آخر الناس عهداً بفاطمة ، وإذا قدم كان وسلم أول الناس عهداً بفاطمة ، وكان وسلم لا ينام حتى يقبّل عرض وجهها ، . . . ويدعو لها .
بضعـة مـن أبٍ عظيم يراهـا * نـور عينيه مشرقاً في رداءِ
فهي أحلى في جفنه من لذيذ الـ * ـحُلمِ غِبّ الهجـود والإعيـاءِ
وهي قطبُ الحنان في صدر طه * واختصـار البنـات والأبنـاءِ
غيّب الموت مـن خديجة وجهاً * فـإذا فـاطـم معيـن العـزاءِ
تحسب الكون بسمةً مـن أبيها * فهي أُمّ تذوب في الإرضاءِ