مناظرة الإمام الرضا عليه السلام مع علماء الأديان والمذاهب - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: القرآن الكريم والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم :. ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
كاتب الموضوع منتظرة المهدي مشاركات 0 الزيارات 1407 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي مناظرة الإمام الرضا عليه السلام مع علماء الأديان والمذاهب
قديم بتاريخ : 11-Jun-2010 الساعة : 12:34 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .


مناظرة الإمام الرضا مع علماء الأديان والمذاهب

يعتبر مجلس المأمون الذي عقده للمناظرة بين الإمام الرضا وبين علماء الأديان والمذاهب، مجلساً فريداً حيث لم ينعقد مجلس مثله من ظهور الإسلام الى غيبة ولي الأمر أرواحنا فداه ! فلم يحدث أن جمع رئيس أقوى دولة كل القدرات العلمية على وجه الأرض ، وعرضوا قوتهم في مناظرة مع إمام معصوم !
لقد استعمل المأمون كل ما أوتي من دهاء وشيطنة ليحرج الإمام الرضا ويغلبه ولو واحد من أولئك العلماء فباؤوا جميعاً بالفشل!
وقد وررد في الحديث القدسي الذي أهداه جبرئيل مكتوباً على لوح الى الصديقة الكبرى فاطمة فيه أسماء الأئمة من ولدها ، ورد وصف المأمون بأنه: عفريت مستكبر ! (الكافي ج1ص527) ، والعفريت أطلق في القرآن في قصة سليمان على ذلك الجني الذي كان في مقابل وصي سليمان الذي عنده علمٌ من الكتاب: قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ. ( سورة النمل:38-40).
والتعبير عن المأمون بعفريت يدل على أنه جمع القدرة والشيطنة، مع تكبره وتنمرده !
إن ابتلاء كل معصوم بحاكم عصره يتم بقانون للإبتلاء حسب خصائص ذلك العصر والإمام وعلى هذا الإمتحان الرباني يبتني مقام الإمام ودرجته !
كما ورد عن الإمام الصادق في وصف الإمام الرضا قولها: (يخرج رجل من ولد ابني موسى اسمه اسم أمير المؤمنين إلى أرض طوس وهي بخراسان يقتل فيها بالسم فيدفن فيها غريباً. من زاره عارفاً بحقه أعطاه الله عز وجل أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل). (من لايحضره الفقيه:2/583، وعيون أخبار الرضا:1/285).
وروى حمزة بن حمران قال: (قال أبو عبدالله : يقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها طوس، من زاره إليها عارفاً بحقه أخذته بيدي يوم القيامة فأدخلته الجنة، وإن كان من أهل الكبائر. قال: قلت جعلت فداك وما عرفان حقه؟ قال: يعلم أنه إمامٌ مفترض الطاعة شهيد. من زاره عارفاً بحقه أعطاه الله تعالى أجر سبعين ألف شهيد ممن استشهد بين يدي رسول الله وسلم على حقيقة) (من لايحضره الفقيه :2/584، وعيون أخبار الرضا :1/289 ) (1)
وإن كان من أهل الكبائر.. هذا تعبير عجيب يدل على مقام الإمام الرضا ومقام زواره ! والكلمة المحيرة أكثر بعده: أجر سبعين ألف شهيد..الخ! حيث أن المستشهدين بين يدي رسول الله وسلم منهم شهداء على المعنى الحقيقي، ومنهم شهداء على المعنى المجازي ، وزائر الإمام الرضا له أجر سبعين ألف شهيد حقيقي !!
إن فرق الإكسير عن الكيمياء كما يقول القدماء ، أن الكيمياء مادة تُحول المعدن الى ذهب، لكن الإكسير مادة تغير طبيعة المواد الأخرى وتعطيها خصائص الإكسير ! والإنسان إذا وصل الى مرحلة من النجاح في الإمتحان الإلهي الذي قرره الله له واختصه به ، يصبح مثل الإكسير بحيث لو تحركت شفتا إنسان عند قبره ينتقل أثر الإكسير عبر ضريحه اليه ، فيُحدث انقلاباً في روح الزائر ، ويصير شهيداً مع النبي وسلم في بدر !
إن ذلك من تأثير الإمام فيمن يزوره، وخاصية إكسيره التي أثرت في زائره!
فماذا فعل الإمام الرضا حتى وصل الى هذه الدرجة ؟
لقد عَبَرَ امتحانات ربه ، ومنها ابتلاؤه بذلك العفريت المستكبر ! وتحمل في جميع تلك الشدائد وصبَر ، حتى تعجبت الأنبياء من صبره !
وماذا عسانا عرفنا عن الإمام الرضا : عن شخصيته، وكيف عاش ، وكيف كان يمضي نهاره وليله؟ وكيف امتحنه الله، ونجح في الإمتحان؟!
عندما أهدى قميصه الى دعبل قال له: إحتفظ بهذا القميص، فقد صليت فيه ألف ليلة ألف ركعة ، وختمت فيه القرآن ألف ختمة . (أمالي الطوسي ص359 ) (2)
وكان يختم القرآن في ثلاثة أيام، لكن كيف ؟ لا يمر بآية حتى يرى جوانبها وأطرافها ، وسبعة أعماقها ، ويستخرج من جواهرها ولآليها !
هذا عمله اليومي ، وعندما ابتلي بولاية العهد للمأمون كان مجلسه ينعقد كل يوم ، ويواجه أنواع الأحداث والمؤامرات !
ذات يوم قرر المأمون أن يجمع كيده فيجمع له (السحرة)من العلماء والمفكرين من أقطار الدنيا ليناظروه ويفحموه ! وخطط لذلك واستعمل فنون دهائه، وأنواع سلطته، وبريق ذهبه! (أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق(رئيس الأساقفة)ورأس الجالوت (عالم اليهود) ورؤساء الصابئين والهربذ الأكبر( عالم المجوس وقيل عظماء الهنود ) وأصحاب زردهشت (زرادشت) ونسطاس الرومي (عالم بالطب) والمتكلمين (الفلاسفة وعلماء المذاهب الإسلامية) ليسمع كلامه وكلامهم، فجمعهم الفضل بن سهل ثم أعلم المأمون باجتماعهم ! ) (عيون أخبار الرضا :2/139)
إقرؤوا هذه المناظرة واعرفوا أئمة المسلمين ! فقد روى العلماء والرواة قطعاً من أخبار ذلك المجلس حسب استيعابهم ، أو حسب ما وصلهم منها ، ومن ذلك: (عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده علي بن موسى الرضا وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة ، فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله بأي شئ تصح الإمامة لمدعيها؟
قال بالنص والدليل.
قال له: فدلالة الإمام فيما هي؟
قال في العلم، واستجابة الدعوة) .(عيون أخبار الرضا :1/216) (3)
ما معنى هذه الكلمة: قال بالنص والدليل؟ هل فكرت لماذا ذكر الإمام طريقين لمعرفة الإمام ، فأضاف الدليل والمعجزة الى النص؟!
روحي وأرواح العالمين لتراب مرقدك الفداء، ماذا جمع الله فيك؟ لستَ بحر علم فقط ، بل لقد لخص الله فيك عالم الوجود فقلت: بالنص والدليل !
مع ضيق الوقت، نستفيد من هذه الكلمة الشريفة من ولي الله وحجته الإمام الرضا ، فإن الإمامة دعوى تثبت عن طريقين: النص والدليل ، أي بالعلم الذي خص الله به الامام ، والقدرة التي منحه الله إياها !
ذلك أن الإمام موجود تجتمع فيه خلاصة المقامات الإلهية التي يعطيها الله لخاصة أوليائه ! فله صفة: أمين الله، التي نقرؤها في زيارة: أمين الله، وهذه الزيارة على علو سندها تبدأ بعبارة: السلام عليك يا أمين الله في أرضه، وفيها فصول من العلم ، كقوله بعد وصف الإمام بأمين الله: أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وفي الربط بينهما بحث مهم ، فالإمام إنسان كامل ، وأحد مقومات كماله أنه أمين الله، ومعناه أن الإمام عنده خزائن التشريع والتكوين!
راجعوا معنى الأمانة والأمين في القرآن والأحاديث لتعرفوا هذا المقام العظيم، فقد وصف الله به كبار الرسل:إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، ووصف به سيد الملائكة جبرئيل: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيم. ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ. مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ. (سورة التكوير: 19-21) ووصف مسؤولية الأمانة الإلهية وثقلها: إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَة َعَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً. ( سورة الأحزاب:72) .
وإضافة الأمانة الى"الله"من بين الأسماء الحسنى، تعطيها الشمولية التي ذكرناها ، لأن لفظ الجلالة "الله" يحوي خصائص الأسماء الحسنى كلها !
هذا هو معنى: أمين الله في أرضه. والأمين يحتاج الى سند من المستأمِن يثبت أنه مستأمَن ، وإلا كانت دعوى استئمانه بلا دليل ، ولذا احتاج الإمام إلى نص يشهد له ! وهذا معنى قوله : بالنص والدليل.
والدليل هنا معناه الدلالة: وأن الإمام مضافاً الى النص عليه من النبي وسلم أو ممن نص عليه النبي وسلم ، يعرف بدلالة العلم واستجابة الدعاء !
أما لماذا صار الدليل مركباً منهما ؟ فلأن الكمال في العالم منحصر فيهما ، فكل الكمالات الإنسانية ترجع الى العلم والقدرة ! والإنسان الكامل هو المتصل بمنبع علم: لا نفاد لكلماته، وبمخزن القدرة الذي: إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون . ( سورة آل عمران:47)
هذا هو البرهان، أما العيان فقد تجسدت الدلالة في علم الإمام الرضا ودعواته المستجابةومعجزاته الباهرة! ويكفي في إثبات علمه هذه المناظرة التي هي مؤتمر ، بل مباهلة ، أعدَّ لها المأمون بكل ما أعطي من قدرة ، وكان حاكم أكبر دولة في العالم ، وكانت دولته في أوج قوتها ، فأمر رئيس وزرائه الفضل بن سهل أن يكتب الى حكام الولايات ويجمع له من أرجاء البلاد علماء الأديان ، والمذاهب ، والفلاسفة ، وأصحاب الإتجاهات الفكرية ، حتى الإلحادية !
إن ما وصلنا عن مؤتمر المأمون ، يدل على أنه كان أعظم مما عرفنا عنه ! فقد جمعوا كبار علماء العالم من بلاد الهند وفارس والروم وبلاد العرب ، وذكرت بعض الروايات أنهم كانوا أربعة آلاف شخص ، جمعهم العفريت المستكبر ليحاجوا الإمام الرضا ، واستضافهم وبذل لهم ، وشجعهم على مناقشته حتى بالكفر والإلحاد، وربما جعل الجوائز العظيمة لمن يغلب الإمام! وقد امتدت الجلسة من بكرة الصباح الى الظهر ، ثم استؤنفت بعد الظهر الى المغرب !
وعندما أرسل المأمون ياسر الخادم وهو برتبة وزير الى الإمام قبل يومٍ من المؤتمر يدعوه الى الحضور غداً ، أجابه الإمام : أبلغه السلام وقل له قد علمتُ ما أردت، وأنا صائرٌ اليك بكرةً إن شاء الله! وهو تعبير كافٍ لإفهام المأمون بقبول التحدي !
وقل له قد علمتُ ما أردت ! واطلعت على نيتك وخطتك، فقد استعملت أقصى شيطنتك، وجمعت لي شياطين العلم في الأرض، لكنك لن تستطيع إطفاء نور الله تعالى ، ولا إبطال حجته !
قال الحسن بن النوفلي: (فلما مضى ياسر التفت إلينا ثم قال لي: يا نوفلي أنت عراقي ورقَّة العراقي غير غليظة، فما عندك في جمع ابن عمك علينا أهل الشرك وأصحاب المقالات؟! فقلت: جعلت فداك يريد الإمتحان ويحب أن يعرف ما عندك ؟!) .
ومع أن الإمام أعرف من النوفلي والحاضرين في مجلسه بنوايا المأمون وخططه ، لكنه أراد أن يكشفها لهم ، وأن يتم حجة الله تعالى.
وقد خاف النوفلي على الإمام من ذلك المجلس، ليس من علم العلماء بل من شيطنتهم، لأنهم رؤساء أديان وفرق ومذاهب واتجاهات ، ومن شيطنة المأمون الذي يقف وراءهم ! فالعالم يدلي برأيه لكن إذا ظهر له الحق يقبله ، أما رئيس الفرقةوالمذهب فليس عنده استعداد لقبول الحق مهما كان واضحاً، فهو يدافع عن دينه ومنصبه حتى بإنكار البديهيات !
قال النوفلي: قلت: (إن أصحاب الكلام والبدعة خلاف العلماء ، وذلك أن العالم لا ينكر غير المنكر ، وأصحاب المقالات والمتكلمون وأهل الشرك أصحاب إنكار ومباهتة ، إن احتججت عليهم بأن الله واحد قالوا صحح وحدانيته! وإن قلت إن محمداً رسول الله وسلم قالوا أثبت رسالته ! ثم يباهتونه وهو يبطل عليهم بحجته، ويغالطونه حتى يترك قوله، فاحذرهم جعلت فداك. قال النوفلي: فتبسم الإمام ثم قال لي: يا نوفلي أفتخاف أن يقطعوا عليَّ حجتي؟! فقلت: لا والله ما خفت عليك قط ، وإني لأرجو أن يظفرك الله بهم إن شاء الله تعالى.
فقال لي: يا نوفلي أتحب أن تعلم متى يندم المأمون ؟ قلت: نعم.
قال: إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم ، وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم، وعلى أهل الزبور بزبورهم، وعلى الصابئين بعبرانيتهم، وعلى أهل الهرابذة بفارسيتهم، وعلى أهل الروم بروميتهم، وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم ! فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته ، وترك مقالته ورجع الى قولي.. علم المأمون الموضع الذي هو سبيله ليس بمستحق له ! فعندها تكون الندامة ، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم) .
يعني بذلك أنه إذا وصل الأمر من النص الى الدلالة ، ومن النظري الى العملي ، فسوف يندم المأمون لأنه سيتضح له ولغيره أن كرسيه في خلافة النبي وسلم كرسي، مغصوب ، وأن صاحب هذا الكرسي غيره !
وبدأ المجلس بكرةً ، بهجوم من رئيس الأساقفة ، وامتد الى العصر بهجوم الفيلسوف العلماني عمران الصابي ! ولا يتسع الوقت لبيان تلك المطالب واللطائف التي استطاعت أن تحملها روايات النوفلي ، وهو عالم هاشمي له علاقة حسنة بالإمام وبالمأمون !
وما لبث رئيس الأساقفة أن هوى أرضاً ، وتحول حاخام اليهود رأس الجالوت الى مسكين منكسر ، وآمن الهزبر الأكبر ، وتمرغ نسطاس الرومي بالتراب ! وواصل الإمام عمله يحصد بمنجل علومه الربانية أباطيل علماء الأديان والمذاهب واحداً بعد الآخر، وهم يتهاوون صرعى في قاعة المجلس! ولم يبق إلا بهلوان العلمانيين الملحدين عمران الصابي الذي ادخره المأمون ليكون آخر نبل في كنانته !
ونزل عمران الصابي الى الميدان فإذا هو بحرٌ في علوم عصره ، متضلعٌ في كل فروع الفلسفة التي كانت في ذلك العصر ، لم يغلبه أحد في مناظرة في كل عمره ! وتكلم بما يملك من تعمق وتفنن في مبدأ الوجود وفي أفعال الله تعالىمن المبدأ الى المنتهى، وطرح إشكالاته وأسئلته، وأخذ الإمام يفندها ويجيبه عليها، حتى وصل عمران الى سؤال مفصلي ، وما أن أجابه الإمام بعلمه الرباني حتى خرَّ عمران أرضاً وهو يعلن أمام أربعة آلاف حاضر: أشهد أن لا إله إلا الله.. أشهد أن لا إله إلا الله !
لقد خُتم المجلس بعد الظهر بإسلام عمران الصابي , ورأى النوفلي والجميع أن الإمام هو المعني بالنص والمعجزة التي تصدق كلامه! (4)
لقد رأى المأمون والمسلمون من الإمام الرضا آيات في العلم وفي استجابة الدعوة! لكن المأمون عفريت متكبر وقد قال الله تعالى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَافِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (سورة يونس:101) رأوها في قضايا صغيرة وكبيرة ، وظهرت للعيان الحجج الرضوية منعالم آل محمد وسلم ، أمام نخبة العالم من شرقه وغربه .
ثم رأوها في صلاة الإستسقاء العجيبة وما تلاها مما هو أعجب!
قال الصدوق في عيون أخبارالرضا:1/179: (باب استسقاء المأمون بالرضا وما أراه الله عز وجل من القدرة في الإستجابة له، وفي إهلاك من أنكر دلالته تلك: حدثنا أبوالحسن محمد بن القسم المفسر رضي الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي العسكري ، عن أبيه علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي وسلم أن الرضا علي بن موسى لما جعله المأمون ولي عهده، احتبس المطر فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصبين على الرضا يقولون أنظروا لمَّا جاءنا علي بن موسىوصار ولي عهدنا فحبس الله عنا المطر! واتصل بالمأمون فاشتد عليه فقال للرضا قد احتبس المطر ، فلو دعوت الله عز وجل أن يمطر الناس ؟
فقال الرضا : نعم . قال: فمتى تفعل ذلك ؟ وكان ذلك يوم الجمعة . قال يوم الإثنين فإن رسول الله وسلم أتاني البارحة في منامي ومعه أميرالمؤمنين وقال: يا بني انتظر يوم الإثنين فابرز إلى الصحراء واستسق ، فإن الله تعالى سيسقيهم وأخبرهم بما يريك الله مما لايعلمون من حالهم ، ليزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك عز وجل !
فلما كان يوم الإثنين غدا إلى الصحراء وخرج الخلائق ينظرون فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم يا رب، أنت عظمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت، وأملوا فضلك ورحمتك، وتوقعوا إحسانك ونعمتك، فاسقهم سقياً نافعاً عاماً غير رايث ولاضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارهم.
قال: فو الذي بعث محمداً بالحق نبياً ، لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم وأرعدت وأبرقت، وتحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر، فقال الرضا : على رسلكم أيها الناس فليس هذا الغيم لكم، إنما هو لأهل بلد كذا ! فمضت السحابة وعبرت ، ثم جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد وبرق فتحركوا فقال: على رسلكم فما هذه لكم ، إنما هي لأهل بلد كذا ، فما زالت حتى جاءت عاشرسحابة وعبرت، ويقول علي بن موسى الرضا في كل واحدة: على رسلكم ليست هذه لكم إنما هي لأهل بلد كذا ، ثم أقبلت سحابة حادية عشر فقال: أيها الناس هذه سحابة بعثها الله عز وجل لكم ، فاشكروا الله على تفضله عليكم، وقوموا إلى مقاركم ومنازلكم،فإنها مسامتة لكم ولرؤوسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا إلى مقاركم ثم يأتيكم من الخير مايليق بكرم الله تعالى وجلاله.
ونزل من على المنبر وانصرف الناس ، فما زالت السحابة ممسكة الى أن قربوا من منازلهم ثم جاءت بوابل المطر فملأت الأودية والحياض والغدران والفلوات ، فجعل الناس يقولون: هنيئاً لولد رسول الله كرامات الله عز وجل.
ثم برز إليهم الرضا وحضرت الجماعة الكثيرة منهم فقال: ياأيها الناس إتقوا الله في نعم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه، واعلموا أنكم لا تشكرون الله بشئ بعد الايمان بالله وبعد الإعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله وسلم أحب إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم ، التي هي معبر لهم إلى جنان ربهم، فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى، وقد قال رسول الله وسلم في ذلك قولاً ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله عليه فيه، إن تأمله وعمل عليه، قيل يا رسول الله هلك فلان وكان يعمل من الذنوب كيت وكيت، فقال رسول الله وسلم : بل قد نجى ولا يختم الله عمله إلا بالحسنى، وسيمحو الله عنه السيئات ويبدلها حسنات! إنه كان يمر مرة في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته وهو لا يشعر فسترها عليه ولم يخبره مخافة أن يخجل !
ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواه فقال له: أجزل الله لك الثواب وأكرم لك المآب ولا ناقشك في الحساب، فاستجاب الله له فيه ! فهذا العبد لا يختم الله له إلابخير بدعاء ذلك المؤمن،فاتصل قول رسول الله وسلم بهذا الرجل فتاب وأناب وأقبل على طاعةالله عز وجل،فلم يأت سبعة أيام حتى أغير على سرح المدينة، فوجه رسول الله وسلم في أثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم ، فاستشهد فيهم !
قال الإمام محمد بن علي بن موسى : وعظم الله تبارك وتعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا فقال للمأمون بعض أولئك:يا أميرالمؤمنين أعيذك بالله أن تكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم والفخر العظيم من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي! لقد أعنت على نفسك وأهلك ، جئت بهذا الساحر ولد السحرة ، وقد كان خاملاً فأظهرته ، ومتضعاً فرفعته ، ومنسياً فذكرت به ، ومستخفاً فنوهت به ، قد ملأ الدنيا مخرقةً وتشوفاً بهذا المطر الوارد عند دعائه! ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العباس إلى ولد علي! بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك والتواثب على مملكتك ، هل جنى أحد على نفسه وملكه مثل جنايتك ؟!
فقال المأمون: كان هذا الرجل مستتراً عنا يدعو إلى نفسه ، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ليكون دعاؤه لنا ، وليعترف بالملك والخلافة لنا ، وليعتقد فيه المفتونون به أنه ليس مما ادعى في قليل ولا في كثير وأن هذا الأمر لنا دونه ، وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينفتق علينا منه ما لا نسده ويأتي علينا منه ما لا نطيقه! والآن فإذ قد فعلنا به ما فعلنا، وأخطأنا في أمره بما أخطأنا ، وأشرفنا من الهلاك بالتنويه به على ما أشرفنا ، فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنا نحتاج أن نضع منه قليلاً قليلاً حتى نصوره عند الرعايا بصورة من لا يستحق لهذا الأمر ، ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه !
قال الرجل: يا أمير المؤمنين فولني مجادلته فإني أفحمه وأصحابه وأضع من قدره، فلولا هيبتك في نفسي لأنزلته منزلته، وبينت للناس قصوره عما رشحته له . قال المأمون: ما شئ أحب إليّ من هذا .
قال فاجمع جماعة وجوه مملكتك من القواد والقضاة وخيار الفقهاء ، لأبين نقضه بحضرتهم ، فيكون أخذاً له عن محله الذي أحللته فيه ، على علم منهم بصواب فعلك ! قال فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس واسع قعد فيه لهم ، وأقعد الرضا بين يديه في مرتبته التي جعلها له ، فابتدأ هذا الحاجب بالكلام المتضمن للوضع من الرضا ، وقال له:
إن الناس قد أكثروا عنك الحكايات وأسرفوا في وصفك بما أرى إنك أن وقفت عليه برئت إليهم منه ، قال وذلك أنك قد دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه، فجاء فجعلوه آية معجزة لك أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، وهذا أمير المؤمنين أدام الله ملكه وبقاءه لا يوازى بأحد إلا رجح به ، وقد أحلك المحل الذي قد عرفت ، فليس من حقه عليك أن تسوغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذبونه.
فقال الرضا : ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله عليَّ، وإن كنت لا أبغي أشراً ولا بطراً . وأما ما ذكرت عن صاحبك الذي أحلني ما أحلني، فما أحلني إلا المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصديق وكانت حالهما ما قد علمت ! فغضب الحاجب عند ذلك وقال:
يا ابن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزك قدرك ، إن بعث الله بمطر مقدر وقته لا يتقدم ولا يتأخر ، جعلته آيةً تستطيل بها ، وصولةً تصول بها ، كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم لما أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرقها على الجبال فأتينه سعياً وتركَّبْنَ على الرؤوس وخَفَقْنَ وطِرْنَ بإذن الله تعالى، فإن كنت صادقاً فيما توهم فأحييِ هذين وسلطهما علي ، فإن ذلك يكون حينئذ آية معجزة ، فأما المطر المعتاد مجيؤه ، فلست أنت أحق بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت !
وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستنداً إليه ، وكانا متقابلين على المسند ، فغضب علي بن موسى وسلم وصاح بالصورتين:دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً ! فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدين فتناولا الحاجب ورضضاه وهشماه وأكلاه ولحسا دمه! والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون! فلما فرغا منه أقبلا على الرضا وقالا: يا ولي الله في أرضه ماذا تأمرنا نفعل بهذا ، أنفعل به ما فعلنا بهذا؟ يشيران إلى المأمون! فغشي على المأمون مما سمع منهما ، فقال الرضا : قفا ، فوقفا ! قال الرضا : صبوا عليه ماء ورد وطيبوه ، ففعل ذلك به وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه ؟ قال: لا ، فإن لله عز وجل فيه تدبيراً هو ممضيه . فقالا: ماذا تأمرنا؟ قال: عودا إلى مقركما كما كنتما ، فصارا إلى المسند وصارا صورتين كما كانتا !!
فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران ، يعني الرجل المفترَس ، ثم قال للرضا : يا ابن رسول هذا الأمر لجدكم رسول الله وسلم ثم لكم ، فلو شئت لنزلت عنه لك ! فقال الرضا : لو شئت ناظرتك ولم أسألك، فإن الله تعالى قد أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين، إلا جهال بني آدم فإنهم وإن خسروا حظوظهم فلله عز وجل فيه تدبير، وقد أمرني بترك الإعتراض عليك وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك ، كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر !
قال: فما زال المأمون ضئيلاً في نفسه إلىأن قضى في علي بن موسى الرضا ما قضى) ! (ورواه الطبري في دلائل الإمامةص 376 ، وابن حمزة في المناقب ص467) (5)
هذا هو علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه ، الذي سطعت شمس براهينه على العالم ، وأفحمت عدوه وحاسده المستكبر ، فرأى أنه لا بد أن يتخلص منه بقتله ، قبل أن أن يعشو المسلمون الى ضوء هداه.
اللهم بجاه الرضا عندك، وبحرمته لديك :
أكتب أسماءنا في دفتر محبيه ومواليه، ولا تمحها.
ولنتوجه جميعاً في صباحنا ومسائنا الى حرمه المقدس ولو بكلمتين:
أللهم صل على وليك علي بن موسى الرضا ، عددَ ما في علمك صلاةَ دائمة بدوام ملكك وسلطانك . أللهم سلم على وليك علي بن موسى الرضا ، عددَ ما في علمك، سلاماً دائماً بدوام مجدك وعظمتك وكبريائك.
والحمد لله رب العالمين

إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc