حديث الإمام الكاظم في معجزات النبي عليهم أفضل الصلاة
بتاريخ : 08-Jul-2010 الساعة : 12:52 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .
حديث الإمام الكاظم ()
في معجزات النبي ()
قال الإمام الكاظم () : «كنت عند أبي عبد الله () ذات يوم وأنا طفل خماسي ، إذ دخل عليه نفر من اليهود فقالوا: أنت ابن محمد نبي هذه الأمة والحجة على أهل الأرض؟قال لهم: نعم . قالوا: إنا نجد في التوراة أن الله تبارك وتعالى آتى إبراهيم () وولده الكتاب والحكم والنبوة ، وجعل لهم الملك والإمامة ، وهكذا وجدنا ذرية الأنبياء لاتتعداهم النبوة والخلافة والوصية ، فما بالكم قد تعداكم ذلك ، وثبت في غيركم ، ونلقاكم مستضعفين مقهورين ، لا تُرقب فيكم ذمة نبيكم ؟! فدمعت عينا أبي عبدالله () ثم قال: نعم لم تزل أمناء الله مضطهدة مقهورة مقتولة بغير حق ، والظلمة غالبة ، وقليل من عباد الله الشكور.
قالوا: فإن الأنبياء وأولادهم عُلِّموا من غير تعليم ، وأوتوا العلم تلقيناً ، وكذلك ينبغي لأئمتهم وخلفائهم وأوصيائهم ، فهل أوتيتم ذلك ؟
فقال أبو عبد الله () : أدن يا موسى فدنوت ، فمسح يده على صدري ثم قال: اللهم أيده بنصرك بحق محمد وآله ، ثم قال: سلوه عما بدا لكم.
قالوا: وكيف نسأل طفلاً لا يفقه ؟ قلت: سلوني تفقهاً ، ودعوا العنت !
قالوا: أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران.
قلت: العصا ، وإخراجه يده من جيبه بيضاء ، والجراد ، والقمَّل ، والضفادع ، والدم ، ورفع الطور ، والمن والسلوى آية واحدة ، وفلق البحر.
قالوا: صدقت ، فما أعطي نبيكم من الآيات اللاتي نفت الشك عن قلوب من أرسل إليه؟ قلت: آيات كثيرة ، أعدها إن شاء الله ، فاسمعوا وعوا وافقهوا:
1. أما أول ذلك: أنتم تقرون أن الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه، فمنعت في أوان رسالته بالرجوم وانقضاض النجوم ، وبطلان الكهنة والسحرة.
2. ومن ذلك: كلام الذئب يخبر بنبوته ، واجتماع العدو والولي على صدق لهجته وصدق أمانته ، وعدم جهله أيام طفولته وحين أيفع وفتى وكهلاً. لا يعرف له شكل ولا يوازيه مثل .
3. ومن ذلك: أن سيف بن ذي يزن حين ظفر بالحبشة ، وفد عليه وفد قريش فيهم عبد المطلب ، فسألهم عنه ووصف لهم صفته ، فأقروا جميعاً بأن هذا الصفة في محمد () ، فقال: هذا أوان مبعثه ، ومستقره أرض يثرب وموته بها.
4. ومن ذلك: أن أبرهة بن يكسوم قاد الفيلة إلى بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعثه فقال عبد المطلب: إن لهذا البيت رباً يمنعه ، ثم جمع أهل مكة فدعا ، وهذا بعدما أخبره سيف بن ذي يزن ، فأرسل الله تبارك وتعالى عليهم طيراً أبابيل ودفعهم عن مكة وأهلها .
5. ومن ذلك: أن أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي ، أتاه وهو نائم خلف جدار ، ومعه حجر يريد أن يرميه به ، فالتصق بكفه .
6. ومن ذلك: ان أعرابياً باع ذوداً له من أبي جهل فمطله بحقه ، فأتى قريشاً وقال: أعدوني على أبي الحكم فقد لوى حقي ، فأشاروا إلى محمد () وهو يصلي في الكعبة فقالوا: إئت هذا الرجل فاستعده عليه ، وهم يهزؤون بالأعرابي ! فأتاه فقال له: يا عبد الله أعدني على عمرو بن هشام فقد منعني حقي. قال: نعم ، فانطلق معه فدق على أبي جهل بابه ، فخرج إليه متغيراً. فقال له: ما حاجتك ؟ قال: أعط الأعرابي حقه. قال: نعم. وجاء الأعرابي إلى قريش فقال: جزاكم الله خيراً ، انطلق معي الرجل الذي دللتموني عليه ، فأخذ حقي !
فجاء أبو جهل فقالوا: أعطيت الأعرابي حقه ؟ قال: نعم. قالوا: إنما أردنا أن نغريك بمحمد ونهزأ بالأعرابي ! قال: يا هؤلاء دق بابي فخرجت إليه فقال: أعط الأعرابي حقه ، وفوقه مثل الفحل فاتحاً فاه كأنه يريدني فقال: أعطه حقه ، فلو قلت: لا ، لابتلع رأسي ، فأعطيته !
7. ومن ذلك: أن قريشاً أرسلت النضر بن الحارث وعلقمة بن أبي معيط بيثرب إلى اليهود وقالوا لهما: إذا قدمتما عليهم فسائلوهم عنه ، وهما قد سألوهم عنه فقالوا: صفوا لنا صفته فوصفوه ، وقالوا: من تبعه منكم؟ قالوا: سفلتنا، فصاح حبر منهم فقال: هذا النبي الذي نجد نعته في التوراة، ونجد قومه أشد الناس عداوة له.
8. ومن ذلك: أن قريشاً أرسلت سراقة بن جعشم حتى خرج إلى المدينة في طلبه فلحق به فقال صاحبه: هذا سراقة يا نبي الله ، فقال: اللهم اكفنيه ، فساخت قوائم ظهره ! فناداه: يا محمد خل عني بموثق أعطيكه أن لا أناصح غيرك ، وكل من عاداك لا أصالح. فقال النبي () : اللهم إن كان صادق المقال فأطلق فرسه ، فانطلق فوفى ، وما انثنى بعد ذلك.
9. ومن ذلك: أن عامر بن الطفيل وأربد بن قيس أتيا النبي () ، فقال عامر لأربد: إذا أتيناه فأنا أشاغله عنك فاعله بالسيف ، فلما دخلا عليه قال عامر: يا محمد خالَّني (أي أخلني بك - الطبري: 2/389) قال: لا ، حتى تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. وهو ينظر إلى أربد وأربد لا يحير شيئاً. فلما طال ذلك نهض وخرج وقال لأربد: ما كان أحد على وجه الأرض أخوف على نفسي فتكاً منك ، ولعمري لا أخافك بعد اليوم ، فقال له أربد: لا تعجل فإني ما هممت بما أمرتني به إلا ودخلت الرجال بيني وبينك ، حتى ما أبصر » !
10. ومن ذلك: أن أربد بن قيس والنضر بن الحارث اجتمعا على أن يسألاه عن الغيوب فدخلا عليه ، فأقبل النبي () على أربد فقال: يا أربد ، أتذكر ما جئت له يوم كذا ومعك عامر بن الطفيل؟ فأخبره بما كان فيهما فقال أربد: والله ما حضرني وعامراً أحد ، وما أخبرك بهذا إلا ملك من السماء ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله. (وأربد هذا أخ لبيد الشاعر ).
11. ومن ذلك: أن نفراً من اليهود أتوه فقالوا لأبي الحسن جدي: إستأذن لنا على ابن عمك نسأله ، فدخل علي () فأعلمه ، فقال النبي () : وما يريدون مني؟ فإني عبد من عبيد الله ، لا أعلم إلا ما علمني ربي ، ثم قال: إئذن لهم ، فدخلوا عليه فقال: أتسألوني عما جئتم له أم أنبئكم ؟ قالوا: نبئنا ، قال: جئتم تسألوني عن ذي القرنين ، قالوا: نعم ، قال: كان غلاماً من أهل الروم ثم ملك ، وأتى مطلع الشمس ومغربها ، ثم بني السد فيها . قالوا: نشهد أن هذا كذا.
12. ومن ذلك: أن وابصة بن معبد الأسدي أتاه فقال: لا أدعُ من البر والإثم شيئاً إلا سألته عنه ، فلما أتاه قال له بعض أصحابه: إليك يا وابصة عن رسول الله فقال النبي () : أدنهْ يا وابصة ، فدنوت. فقال: أتسأل عما جئت له أو أخبرك ؟ قال: أخبرني. قال: جئت تسأل عن البر والإثم. قال: نعم. فضرب بيده على صدره ثم قال: يا وابصة ، البر ما أطمأن به الصدر ، والإثم ما تردد في الصدر وجال في القلب ، وإن أفتاك الناس وأفتوك.
13. ومن ذلك: أنه أتاه وفد عبد القيس فدخلوا عليه ، فلما أدركوا حاجتهم عنده قال: إئتوني بتمر أهلكم مما معكم ، فأتاه كل رجل منهم بنوع منه ، فقال النبي (ص) : هذا يسمى كذا ، وهذا يسمى كذا ، فقالوا: أنت أعلم بتمر أرضنا، فوصف لهم أرضهم فقالوا: أدخلتها؟ قال: لا، ولكن فسح لي فنظرت إليها! فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله ، هذا خالي وبه خبل ، فأخذ بردائه ثم قال: أخرج عدو الله ثلاثاً ثم أرسله فبرأ. وأتوه بشاة هرمة ، فأخذ أحد أذنيها بين أصابعه فصار ميسماً ، ثم قال: خذوها فإن هذا السمة في آذان ما تلد إلى يوم القيامة ! فهي تتوالد وتلك في آذانها معروفة غير مجهولة.
14. ومن ذلك: أنه كان في سفر ، فمر على بعير قد أعيا ، وقام منزلاً على أصحابه فدعا بماء فتمضمض منه في إناء وتوضأ وقال: إفتح فاه فصب في فيه فمر ذلك الماء على رأسه وحاركه ، ثم قال: اللهم أحمل خلاداً وعامراً ورفيقيهما وهما صاحبا الجمل ، فركبوه وإنه ليهتز بهم أمام الخيل.
15. ومن ذلك: أن ناقة لبعض أصحابه ضلت في سفر كانت فيه ، فقال صاحبها: لو كان نبياً لعلم أمر الناقة ، فبلغ ذلك النبي () فقال: الغيب لا يعلمه إلا الله ، إنطلق يا فلان فإن ناقتك بموضع كذا وكذا ، قد تعلق زمامها بشجرة ، فوجدها كما قال .
16. ومن ذلك: أنه مر على بعير ساقط فتبصبص له، فقال: إنه ليشكو شر ولاية أهله له ، يسأله أن يخرج عنهم ، فسأل عن صاحبه فأتاه فقال: بعه وأخرجه عنك فأناخ البعير يرغو ، ثم نهض وتبع النبي () فقال: يسألني أن أتولى أمره! فباعه من علي () ، فلم يزل عنده إلى أيام صفين .
17. ومن ذلك: أنه كان في مسجده ، إذ أقبل جمل نادٌّ ، حتى وضع رأسه في حجره ثم خرخر ، فقال النبي () : يزعم هذا أن صاحبه يريد أن ينحره في وليمة على ابنه فجاء يستغيث! فقال رجل: يا رسول الله ، هذا لفلان وقد أراد به ذلك. فأرسل إليه وسأله أن لا ينحره ، ففعل .
18. ومن ذلك: أنه دعا على مضر فقال: اللهم أشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم كسنين يوسف ، فأصابهم سنون فأتاه رجل فقال: فوالله ما أتيتك حتى لا يخطر لنا فحل ولا يتردد منا رائح. فقال رسول الله () : اللهم دعوتك فأجبتني وسألتك فأعطيتني ، اللهم فاسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً سريعاً طبقاً سجالاً ، عاجلاً غير ذائب نافعاً غير ضار. فما قام متى ملأ كل شئ ودام عليهم جمعة ، فأتوه فقالوا: يا رسول الله انقطعت سبلنا وأسواقنا ، فقال النبي () : اللهم حوالينا ولاعلينا،فانجابت السحابة عن المدينة وصار فيما حولها وأمطروا شهراً .
19. ومن ذلك: أنه توجه إلى الشام قبل مبعثه مع نفر من قريش ، فلما كان بحيال بحيراء الراهب نزلوا بفناء ديره ، وكان عالماً بالكتب ، وقد كان قرأ في التوراة مرور النبي () به وعرف أوان ذلك ، فأمر فدعي إلى طعامه ، فأقبل يطلب الصفة في القوم فلم يجدها فقال: هل بقي في رحالكم أحد ؟ فقالوا: غلام يتيم. فقام بحيراء الراهب فاطلع فإذا هو برسول الله () نائم وقد أظلته سحابة فقال للقوم: أدعوا هذا اليتيم ففعلوا وبحيراء مشرف عليه وهو يسير ، والسحابة قد أظلته ، فأخبر القوم بشأنه وأنه سيبعث فيهم رسولاً ، ويكون من حاله وأمره ، فكان القوم بعد ذلك يهابونه ويجلونه ، فلما قدموا أخبروا قريشاً بذلك، وكان عند خديجة بنت خويلد فرغبت في تزويجه وهي سيدة نساء قريش وقد خطبها كل صنديد ورئيس قد أبتهم فزوجته نفسها للذي بلغها من خبر بحيراء .
20. ومن ذلك: أنه كان بمكة أيام ألَّبَ عليه قومه وعشائره ، فأمر علياً () أن يأمر خديجة أن تتخذ له طعاماً ففعلت ، ثم أمره أن يدعو له أقرباءه من بني عبد المطلب ، فدعا أربعين رجلاً ، فقال: هات لهم طعاماً يا علي ، فأتاه بثريدة وطعام يأكله الثلاثة والأربعة فقدمه إليهم ، وقال: كلوا وسموا ، فسمى ولم يسم القوم فأكلوا وصدروا شبعى. فقال أبو لهب: جاد ما سحركم محمد ، يطعم من طعام ثلاث رجال أربعين رجلاً ، هذا والله هو السحر الذي لا بعده ! فقال علي () : ثم أمرني بعد أيام فاتخذت له مثله ودعوتهم بأعيانهم ، فطعموا وصدروا .
21. ومن ذلك: أن علي بن أبي طالب () قال: دخلت السوق فابتعت لحماً بدرهم وذرة بدرهم ، فأتيت به فاطمة () حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت: لو دعوت أبي فأتيته وهو مضطجع وهو يقول: أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً. فقلت له: يا رسول الله إن عندنا طعاماً ، فقام واتكأ علي ومضينا نحو فاطمة () ، فلما دخلنا قال: هلم طعامك يا فاطمة فقدمت إليه البرمة والقرص ، فغطى القرص وقال: اللهم بارك لنا في طعامنا. ثم قال: أغرفي لعائشة فغرفت ، ثم قال: أغرفي لأم سلمة فغرفت ، فما زالت تغرف حتى وجهت إلى نسائه التسع قرصة قرصة ومرقاً.ثم قال: أغرفي لأبيك وبعلك ، ثم قال: أغرفي وكلي واهدي لجاراتك ، ففعلت ، وبقي عندهم أياماً يأكلون .
22. ومن ذلك: أن امرأة عبد الله بن مسلَّم أتته بشاة مسمومة ، ومع النبي () بشر بن البراء بن عازب ، فتناول النبي () الذراع وتناول بشر الكراع ، فأما النبي فلاكها ولفظها وقال: إنها لتخبرني أنها مسمومة. وأما بشر فلاك المضغة وابتلعها فمات ، فأرسل إليها فأقرت ، وقال: ما حملك على ما فعلت ؟ قالت: قتلت زوجي وأشراف قومي ، فقلت: إن كان ملكاً قتلته وإن كان نبياً فسيطلعه الله تبارك وتعالى على ذلك .
23. ومن ذلك: أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: رأيت الناس يوم الخندق يحفرون وهم خماص ، ورأيت النبي () يحفر وبطنه خميص ، فأتيت أهلي فأخبرتها فقالت: ما عندنا إلا هذه الشاة ومحرز من ذرة. قال: فاخبزي ، وذبح الشاة وطبخوا شقها وشووا الباقي ، حتى إذا أدرك أتى النبي () فقال: يا رسول الله اتخذت طعاماً فائتني أنت ومن أحببت ، فشبك أصابعه في يده ثم نادى: ألا إن جابراً يدعوكم إلى طعامه. فأتى أهله مذعوراً خجلاً ، فقال لها: هي الفضيحة قد حفل بهم أجمعين. فقالت: أنت دعوتهم أم هو؟ قال: هو. قالت: فهو أعلم بهم. فلما رآنا أمر بالأنطاع فبُسطت على الشوارع ، وأمره أن يجمع التواري يعني قصاعاً كانت من خشب والجفان ، ثم قال: ما عندكم من الطعام؟ فأعلمته فقال: غطوا السدانة والبرمة والتنور واغرفوا ، وأخرجوا الخبز واللحم وغطوا ! فما زالوا يغرفون وينقلون ولا يرونه ينقص شيئاً حتى شبع القوم وهم ثلاثة آلاف! ثم أكل جابر وأهله وأهدوا وبقي عندهم أياماً.
24. ومن ذلك: أن سعد بن عبادة الأنصاري أتاه عشية وهو صائم، فدعاه إلى طعامه ودعا معه علي بن أبي طالب، فلما أكلوا قال النبي () : نبي ووصي ، يا سعد أكل طعامك الأبرار وأفطر عندك الصائمون وصلت عليكم الملائكةفحمله سعد على حمار قطوف وألقى عليه قطيفة ، فرجع الحمار وإنه لهملاج ما يساير .
25. ومن ذلك: أنه أقبل من الحديبية وفي الطريق ماء يخرج من وشل ، بقدر ما يروي الراكب والراكبين ، فقال: من سبقنا إلى الماء فلا يستقين منه. فلما انتهى إليه دعا بقدح فتمضمض فيه ثم صبه في الماء ففاض الماء ، فشربوا وملؤوا أدواتهم ومياضيهم وتوضؤوا. فقال النبي () : لئن بقيتم ، أو بقي منكم ، ليتسعن بهذا الوادي بسقي ما بين يديه من كثرة مائه ، فوجدوا ذلك كما قال () .
26. ومن ذلك: إخباره عن الغيوب وما كان وما يكون ، فوجد ذلك موافقاً لما يقول. ومن ذلك أنه أخبر صبيحة الليلة التي أسري به بما رأى في سفره ، فأنكر ذلك بعض وصدقه بعض ، فأخبرهم بما رأى من المارة والممتارة ، وهيآتهم ومنازلهم وما معهم من الأمتعة ، وأنه رأى عيراً أمامها بعير أوْرَق ، وأنه يطلع يوم كذا من العقبة مع طلوع الشمس ! فغدوا يطلبون تكذيبه للوقت الذي وقته لهم ، فلما كانوا هناك طلعت الشمس فقال بعضهم: كذب الساحر ، وأبصر آخرون بالعير قد أقبلت يقدمها الأورق ، فقالوا: صدق ، هذه نِعَمٌ قد أقبلت !
27. ومن ذلك: أنه أقبل من تبوك فجهدوا عطشاً ، وبادر الناس إليه يقولون: الماء الماء ، يا رسول الله. فقال لأبي هريرة: هل معك من الماء شئ ؟ قال: كقدر قدح في ميضاتي ، قال: هلم ميضاتك فصب ما فيه في قدح ودعا وأوعاه ، وقال: ناد: من أراد الماء ! فأقبلوا يقولون: الماء يا رسول الله. فما زال يسكب وأبو هريرة يسقي حتى روي القوم أجمعون ، وملؤوا ما معهم ، ثم قال لأبي هريرة: إشرب ، فقال: بل آخركم شرباً ، فشرب رسول الله () .
28. ومن ذلك: أن أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري مرَّت به أيام حفرهم الخندق فقال لها: إلى أين تريدين؟ قالت: إلى عبد الله بهذه التمرات ، فقال: هاتيهن ، فنثرت في كفه ، ثم دعا بالأنطاع وفرقها عليها وغطاها بالأزر ، وقام وصلى ، ففاض التمر على الأنطاع ثم نادى: هلموا وكلوا. فأكلوا وشبعوا ، وحملوا معهم ، ودفع ما بقي إليها !
29. ومن ذلك: أنه كان في سفر فأجهدوا جوعاً فقال: من كان معه زاد فليأتنا به. فأتاه نفر منهم بمقدار صاع ، فدعا بالأزر والأنطاع ، ثم صفف التمر عليها ، ودعا ربه فأكثر الله ذلك التمر ، حتى كان أزوادهم إلى المدينة !
30. ومن ذلك: أنه أقبل من بعض أسفاره فأتاه قوم فقالوا: يا رسول الله ، إن لنا بئراً إذا كان القيظ اجتمعنا عليها ، وإذا كان الشتاء تفرقنا على مياه حولنا ، وقد صار من حولنا عدواً لنا فادع الله في بئرنا ، فتفل () في بئرهم ففاضت المياه المغيبة ، فكانوا لا يقدرون أن ينظروا إلى قعرها بعدُ من كثرة مائها! فبلغ ذلك مسيلمة الكذاب فحاول ذلك في قليب قليل ماؤه ، فتفل الأنكد في القليب ، فغار ماؤه وصار كالجبوب !
31. ومن ذلك: أن سراقة بن جعشم حين وجهه قريش في طلبه ، ناوله نبلاً من كنانته وقال له: ستمر برعاتي فإذا وصلت إليهم فهذا علامتي ، أطعم عندهم واشرب ، فلما انتهى إليهم أتوه بعنز حائل ، فمسح () ضرعها فصارت حاملاً ودرت حتى ملؤوا الإناء وارتووا ارتواءً !
32. ومن ذلك: أنه نزل بأم شريك فأتته بعكة فيها سمن يسير ، فأكل هو وأصحابه ثم دعا لها بالبركة ، فلم تزل العكة تصب سمناً أيام حياتها !
33. ومن ذلك: أن أم جميل امرأة أبي لهب أتته حين نزلت سورة: تبَّت ، ومع النبي أبو بكر بن أبي قحافة فقال: يا رسول الله ، هذه أم جميل مُحْفَظَة أي مُغضبة تريدك ، ومعها حجر تريد أن ترميك به. فقال: إنها لا تراني. فقالت لأبي بكر: أين صاحبك؟ قال: حيث شاء الله. قالت: لقد جئته ولو أراه لرميته فإنه هجاني ، واللات والعزى إني لشاعرة ! فقال أبو بكر: يا رسول الله لم تَرَك ؟ قال: لا ، ضرب الله بيني وبينها حجاباً .
34. ومن ذلك: كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين ، مع ما أعطي من الخلال التي إن ذكرناها لطالت . فقالت اليهود: وكيف لنا أن نعلم أن هذا كما وصفت؟ فقال لهم موسى () : وكيف لنا أن نعلم أن ما تذكرون من آيات موسى على ماتصفون ؟ قالوا: علمنا ذلك بنقل البررة الصادقين. قال لهم: فاعلموا صدق ما أنبأتكم به ، بخبر طفل لقنه الله من غير تلقين ، ولا معرفة عن الناقلين .قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأنكم الأئمة القادة والحجج من عند الله على خلقه. فوثب أبو عبد الله () فقبل بين عينيَّ ، ثم قال: أنت القائم من بعدي ، فلهذا قالت الواقفة ، إنه حي وإنه القائم. ثم كساهم أبو عبد الله () ووهب لهم وانصرفوا مسلمين» .