[موالية صاحب البيعة]

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عميل إسرائيلي في مسرح الجريمة

وضع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، سياقاً عاماً لكلامه في المؤتمر الصحافي أمس، بدأه بالحديث عن الاتهام الإسرائيلي لحزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري، قبل أن ينتقل إلى شرح أسلوب عمل الاستخبارات الإسرائيلية في لبنان، فعرض المعطيات والإشارات التي يملكها، والتي يمكن استثمارها للتحقيق في التورط الإسرائيلي في اغتيال الحريري.

وتأكيداً لقوله إن لإسرائيل مصلحة في اللعب على وتر التوتر السياسي بين حزب الله والرئيس الحريري، عرض نصر الله شريطاً مصوّراً لاعترافات العميل أحمد حسن نصر الله، الذي أوقفه جهاز أمن المقاومة عام 1996، والذي قال في الشريط إنه تقرّب في عام 1993 من أحد العاملين مع الرئيس رفيق الحريري، ليخبره بأن عماد مغنية وأبو حسن سلامة كانا يريدان اغتيال الحريري. وقال العميل الفار إنه أخبر المقرّب من الحريري أن مغنية وسلامة طرحا فكرة قتل النائبة بهية الحريري في صيدا، على أن يغتالا لاحقاً الرئيس الحريري لدى حضوره للمشاركة في جنازتها!

وفي إطار تناوله لاعتماد الإسرائيليين على المصادر البشرية من أجل تنفيذ أعمالهم في لبنان، عرض نصر الله معلومات عن عملاء أوقفتهم الأجهزة الأمنية اللبنانية ابتداءً من عام 2006، للدلالة على أن إسرائيل، باعترافات موقوفين حقّقت معهم الأجهزة اللبنانية خلال الأعوام الأربعة الماضية، تملك القدرة لتنفيذ عمليات اغتيال في لبنان. وركّز نصر الله على 6 من هؤلاء، هم فيليبوس صادر وسعيد العلم وأديب العلم ومحمود رافع وفيصل مقلد وناصر نادر.

فيليبوس صادر أوقفه فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مطلع العام الجاري، وأقرّ في محضر التحقيق معه أن الإسرائيليين كلّفوه بمراقبة منزل رئيس الجمهورية ميشال سليمان في عمشيت، وتحديد مواصفاته، وبعده عن الخط البحري والوقت الذي يستغرقه الوصول من شاطئ البحر إلى منزل سليمان سيراً على الأقدام وبالسيارة. كذلك، أقرَّ صادر بأنه كان مكلّفاً من الإسرائيليين بمراقبة اليخت الموضوع في تصرّف قائد الجيش.

أما سعيد العلم، فقد أوقفته المديرية العامة للأمن العام منتصف عام 2009، واعترف بأن الإسرائيليين كلّفوه بمراقبة تحركات رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، وتحديد توقيت زيارات الرئيس سعد الحريري له.

بدوره، أقرّ أديب العلم، الذي أوقفه فرع المعلومات في نيسان من عام 2009، بأنه أجرى عمليات مسح واسعة لطرقات وجسور ومراكز عامة في لبنان، فضلاً عن شرائه بطاقات هاتف خلوي لبنانية وإرسالها إلى مشغّليه الإسرائيليين. واعترف العلم بأنه شارك في عمليات رصد مرتبطة بجريمة اغتيال الأخوين المجذوب في صيدا عام 2006 التي اعترف بالمشاركة المباشرة في تنفيذها العميل محمود رافع. والأخير، أوقفته مديرية استخبارات الجيش في حزيران 2006، بعد أيام على اغتيال الأخوين محمود ونضال المجذوب في صيدا عام 2006. وقد اعترف رافع بالمشاركة في تنفيذ عدة عمليات اغتيال، أبرزها اغتيال المقاومين علي صالح وعلي حسن ديب وجهاد أحمد جبريل، إضافة إلى زرع متفجرة في منطقة الزهراني (نهاية عام 2004) قال نصر الله أمس إنها كانت تستهدف اغتيال الرئيس نبيه بري، قبل أن تفككها مديرية استخبارات الجيش يوم 18/1/2005. وكشف نصر الله أن المقاومة تملك معلومات خاصة عن هذه العملية، تاركاً الإفصاح عنها إلى وقت لم يحدده. ورأى أن الإسرائيليين أرادوا اغتيال بري في السياق ذاته لاغتيال الحريري، أي إحداث فتنة في لبنان.

كذلك كان رافع ينقل مجموعات من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، ويؤويهم في بعض الأماكن، قبل إخراجهم من لبنان. أما فيصل مقلد الذي أوقفته مديرية استخبارات الجيش منذ عام 2006، فقد أقرّ بأنه كان ينقل مجموعات تابعة للاستخبارات الإسرائيلية، من خارج لبنان إلى داخله، وخاصة عن طريق البحر. كذلك اعترف بأن الإسرائيليين كلّفوه بنقل حقائب تحوي متفجرات ليضعها في أماكن محددة في منطقة جبل لبنان، من أجل أن يأتي عملاء آخرون لنقلها.

يبقى ناصر نادر، الموقوف منذ عام 2009، الذي أقرّ بالمشاركة في عمليات رصد تتعلق باغتيال الشهيد غالب عوالي في الضاحية الجنوبية عام 2004، فضلاً عن كون الاستخبارات الإسرائيلية قد طلبت منه نقل سكنه إلى منطقة جل الديب.

وبعد العملاء، انتقل نصر الله إلى الحديث عن السر الذي كان قد تعهّد بكشفه من أجل إثبات صدقية ما يقوله. وتمثل هذا السر بأن المقاومة، قبل عام 1997، كانت قد توصّلت إلى «التجسس على طائرات التجسس الإسرائيلية»، إذ كان المقاومون قد طوّروا تقنية تسمح لهم بالتقاط بثّ طائرات الاستطلاع الإسرائيلية. وبناءً على ما وصلهم من صور التقطتها هذه الطائرات، استنتج المقاومون أن الإسرائيليين قد ينفذون عملية إنزال في منطقة أنصارية، فنصبوا عدة كمائن في المنطقة. وبالفعل، أنزل الإسرائيليون قوة لهم في المنطقة، في الخامس من أيلول 1997، فوقعوا في الكمين. وقد عرض نصر الله صوراً كانت قد التقطتها الطائرات الإسرائيلية لمنطقة أنصارية قبل العملية، وبعد العملية مباشرة. وقد شرح كيفية التثبّت من هذه الصور، عبر الاستعانة بصور التقطتها الأقمار الصناعية. ثم انتقل نصر الله إلى عرض مشاهد التقطتها طائرات التجسس الإسرائيلية لمدينة بيروت، ولخط سير موكب الرئيس رفيق الحريري في بيروت، وللطريق إلى منزله في فقرا. وشرح نصر الله كيف أن هذه المشاهد تتصل بالتمهيد لتنفيذ عمل أمني، وخاصة أن الطائرات تركّز صورها على المنعطفات التي يضطر فيها الموكب إلى تخفيف سرعته، فتتحول المنعطفات إلى «نقاط مقتل». وعرض نصر الله للصور التي التقطتها الطائرات الإسرائيلية للسرايا الحكومية القديمة (وزارة الداخلية حالياً) وللطريق البحرية في بيروت، ابتداءً من منطقة السان جورج، وصولاً إلى أول شارع كاراكاس. وهذه الطريق، بحسب نصر الله، هي واحدة من الطريقين اللذين كان موكب الحريري يسلكهما بوتيرة أكثر من غيرهما، بحسب ما أبلغ العقيد وسام الحسن حزب الله في عام 2005، عقب اغتيال الحريري. كذلك تظهر الصور أن الطائرات الإسرائيلية كانت تركّز على «الطريق الإلزامي» المؤدي من كسروان إلى فقرا.

وأكد نصر الله أن في حوزته معلومات موثّقة عن حركة الطائرات الإسرائيلية خلال الأيام السابقة لاغتيال الحريري، وخاصة لناحية تحرك طائرات الاستطلاع قبالة الشاطئ اللبناني، وصولاً إلى بيروت، يومي 13 و14 شباط 2005، إضافة إلى حركة طائرة استطلاع من نوع «أواكس»، وطائرة تنفيذ مهمات تجسسية فوق المياه الإقليمية اللبنانية، خلال الساعات السابقة لاغتيال الحريري وبعده.

وختم الأمين العام لحزب الله عرضه بمعلومات عن العميل الفار، العميد المتقاعد من الجيش غسان الجد. وكشف نصر الله أن الجد كان أحد العملاء التنفيذيين البارزين في لبنان، وأنه كان ينقل مجموعات تابعة للاستخبارات الإسرائيلية لتنفيذ عمليات أمنية في لبنان. وأكد نصر الله أن الجد نقل ضابطين إسرائيليين على الأقل من منطقة الجية إلى منطقة في جبل لبنان قبل اغتيال الشهيد غالب عوالي، حيث قضى الضابطان الإسرائيليان المذكوران نحو 50 ساعة في إحدى مناطق جبل لبنان. وكشف عن معطيات موثقة تؤكد أن الجد كان موجوداً في منطقة عين المريسة في اليوم السابق لاغتيال الحريري.

ورداً على سؤال «الأخبار»، كشف نصر الله أن مجموعة من جهاز أمن المقاومة كانت ترصد عميلاً إسرائيلياً، غير غسان الجد، خلال الأشهر السابقة لاغتيال الحريري، في مناطق بيروت والضاحية وكسروان، وأن تحركات هذا العميل تقاطعت مع تحركات الحريري، من دون أن يكون في حوزة حزب الله معطيات عن صلة العميل المذكور بالجريمة.

الاخبار