اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
مع بدء العد العكسي لانتهاء شهر أيلول وبالتالي للمهلة المعطاة للجهود العربية والدولية، وخاصة السعودية ـ الفرنسية، لإيجاد مخرج للقرار الاتهامي ـ الفتنة، يكون لبنان قد أصبح عمليا على عتبة مرحلة سياسية بالغة الدقة والحساسية، لا سيما في ظل الكلام المنسوب، أمس، للسفير الفرنسي في بيروت دوني بييتون، والذي شكل صدمة للوسط السياسي اللبناني، في ظل التعويل الكبير على دور محوري لباريس بإبعاد كأس الفتنة عن اللبنانيين، فإذا بفرنسا تبدو كأنها تنقلب على نفسها، على الطريقة الساركوزية المألوفة، وقد تزامن ذلك مع هجمة دبلوماسية غربية في اتجاه أهل الدولة وخاصة السرايا الكبيرة، تحت عنوان أن لا أحد يستطيع أن يغير حرفا واحدا لا في مسار المحكمة الدولية ولا في ما هو مكتوب في قرارها الظني الجاهز.
ولم يعرف ما إذا كان السفير بييتون يريد تقديم رسالة تطمين أم تهديد، وهو قال للزميلة «النهار» إن الاتصالات السعودية ـ الفرنسية، أدت إلى تأخير صدور القرار الظني من أيلول الحالي إلى كانون الأول، وإن رئيس الحكومة سعد الحريري كان مطلعا عليها، وأكمل متحدثا بلغة جازمة أن القرار سيكون موجها ضد «حزب الله» وأن ذلك لن يكون «نهاية العالم»، واعدا الحزب بأن فرنسا ستظل تحترم موقعه ومكانته وتواصل العلاقة معه.
وقد قرأ «حزب الله» رسالة «الطمأنة» الفرنسية، بوصفها «رسالة سلبية جدا»، وهو الأمر الذي قد يستوجب توجيه «نداء الفرصة الأخيرة» في الوقت المناسب، بعدما تقاطعت المؤشرات حول بلوغ المسعى السعودي ـ الفرنسي الحائط المسدود. واللافت للانتباه، في هذا السياق، تجنب «حزب الله» التعليق العلني على الرسالة الفرنسية، إلا أنّ قناة «المنار» أشارت في مقدمة نشرتها الإخبارية ليل أمس، الى أن كلام السفير الفرنسي «يؤكد بشكل لا يقبل الشك، أن المحكمة الدولية مسيسة من رأسها حتى أخمص قدميها»...
وقد لقي ما نُسب الى السفير الفرنسي استغرابا شديدا من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي قال لـ«السفير»، مساء أمس، إن ما ردده بييتون من أن فرنسا ستُبقي على علاقتها بـ«حزب الله» حتى ولو صدر القرار الظني باتهام بعض عناصره «هو كلام لا يُطمئن «حزب الله»، بل يؤكد مخاوفه ومخاوفنا من القرار الظني».
وفي موقف هو الأول من نوعه، حذّر رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية من أنه في حال اتهام «حزب الله» بقتل الحريري «هناك حرب في لبنان، والجو يتحضر في انتظار الشرارة وعندما تحصل يعني أن قرار الحرب في لبنان اتخذ دوليا وهذا ما يجب أن نكون واعين له». وقال «أنا لا أقبل الكلام أن «حزب الله» مشترك بقتل الرئيس رفيق الحريري، وما قيل عن عناصر غير منضبطة هو بدعة، والذي ركّب التهمة على سوريا هو نفسه الذي يركبها على «حزب الله» وغيرهارد ليمان هو الذي يدير اللعبة كلها. والغريب أن سعد الحريري مقتنع بوجهة النظر التي يقدمها إليه فريقه وهي أن حزب الله قتل والده». وقال «إذا صدر القرار الظني كما يحكون، فإن السوريين حذروا من أن هذا المسار سيؤدي الى الحرب في لبنان».
ومن المتوقع أن يكون موضوع «شهود الزور» محور تداول في اول جلسة عادية لمجلس الوزراء بعد عودة رئيس الجمهورية ميشال سليمان من زيارته الاميركية، بعدما أنجز وزير العدل إبراهيم نجار تقريره وبات جاهزا لطرحه على مجلس الوزراء.
وفيما اكد وزير الزراعة حسين الحاج حسن لـ«السفير» إصرار الحزب على الذهاب الى النهاية في ملف شهود الزور، اعلن «تيار المستقبل» انه هو من طلب الذهاب في ملف شهود الزور الى نهايته. وقال عضو كتلة تيار المستقبل النائب عمار حوري لـ«السفير» ان الرئيس الحريري طرح هذا الموضوع في مقابلته في جريدة «الشرق الاوسط» عن قناعة كاملة وبهدف الوصول إلى خواتيمه، لكن مع الاسف تعرض لردة فعل غير مبررة وغير مفهومة. أضاف «ننتظر التقرير الذي سيقدمه وزير العدل في شأن شهود الزور، وسنلتزم بما يقرره مجلس الوزراء في شأنهم».
بري: الاتصالات مستمرة مع الحريري
الى ذلك، اكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«السفير» تمسكه بخريطة الطريق التي رسمها في خطابه بذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر بالنسبة لمعالجة قضية شهود الزور، والتي تقضي بتسلم القضاء اللبناني ملف هؤلاء ومحاكمتهم، وقال ان وزير العدل انهى تقريره الذي كلفه به مجلس الوزراء، وقد اتصلت به قبل يومين بعدما علمت انه في المستشفى لإجراء عملية جراحية في ذراعه من آثار حادث السير الذي تعرض له قبل سنة، وأبلغني انه انهى ملف شهود الزور وسيعرضه في اول جلسة عادية لمجلس الوزراء.
وعما اذا كان رئيس الحكومة سيستجيب لما طرحه حول شهود الزور، قال بري: أعتقد انه سيقتنع بذلك، وإن كان يحتاج ربما لبعض الوقت، ونحن على تواصل يومي تقريبا، مؤكدا ان «حزب الله» لم يسمع ما يُطمئنه بعد حيال هذا الملف وهو جاهز لمقابلة كل خطوة إيجابية بمثلها، خاصة أن ثلاثة من شهود الزور هم بيد السلطات اللبنانية ويمكنها البدء بالتحقيق معهم.
وأعلن بري مواصلة مساعيه من أجل تثبيت التهدئة السياسية، وكشف انه هو من اتصل بالرئيس سعد الحريري ولفته إلى مضمون بيان الأمانة العامة لقوى 14 آذار بحضور ممثليه، «ولعله لم يكن قد وصله بعد، لكن تم إصدار التوضيح ـ التحفظ (من قبل مصطفى علوش)». ورأى ان «بعض حلفاء الرئيس الحريري من المسيحيين أساء اليه بكلامه عن سوريا وعن العلاقة بإسرائيل، ومثل هذا الكلام يوتر الاجواء ولا يساعد على الحل».
فرنجية: مع المعارضة إذا قررت وقف تمويل المحكمة
الى ذلك، قال رئيس «تيار المردة» لبرنامج «كلام الناس» من «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، إن التسوية ستحصل في البلد على كل شيء، وهذا مبني على معلومات.
واعتبر فرنجية ان سياسة الرئيس سعد الحريري «هي سياسة جبانة»، وكشف أن رئيس الحكومة قال اكثر من مرة للرئيس بشار الأسد ان شهود الزور ضللونا فقال له سمعتها منك أكثر من مرة فقلها في الإعلام، فقالها الحريري لـ«الشرق الأوسط»، فلماذا لم ينشرها في جريدة «المستقبل»؟
وردا على سؤال قال فرنجية «إذا أخذت المعارضة قرارا بوقف تمويل المحكمة سأصوّت معه لأنها في الطريق الذي ذهبت فيه ستجلب الفتنة الى لبنان».
وأكد فرنجية انه ضد أن يتهجم اللواء جميل السيد على الحريري ولكن أنا مع جميل السيد بأن له حقوقا، ووصف مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا بأنه متهم بفبركة شهود الزور وهناك خلاف حول وجوده في موقعه وإذا رفضوا أن يتنحى فليسلموا القضية الى المجلس العدلي؟
وحول مذكرة استدعاء اللواء السيد قال ان وزير العدل ابراهيم نجار لم يكن مقتنعا باستدعاء السيد ولكن جورج عدوان أبلغــه بأن هذا قرار حزبي («القوات») ويجــب أن تسير به وقد أبلغ نجار رئيــس الجمهورية ميشال سليمان بأنه غير مقتنع بالمادة 14 وسليمان «زعل»!
ورداً على سؤال قال فرنجية إن أخطاء 14 آذار «هي التي ستعيد سوريا الى لبنان».