عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
قتيل العبرات
بتاريخ : 09-Dec-2010 الساعة : 09:19 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم
مع أن البكاء على الحسين صلوات الله عليه لا يختص بوقت معين, إلا أن موسمه هو شهرا محرم وصفر وعلى الأخص العشرة الأولى من محرم فكلّما إقتربنا من يوم عاشوراء وجب الإكثار من البكاء وهو ما يظهر من حال أهل البيت- بناء على ما ورد في الروايات - وسنتناول هنا فضيلة البكاء على الحسين صلوات الله عليه والآثار المترتبة عليه.
لُقِب الحسين صلوات الله عليه بقتيل العبرة , ورقة القلب هي سبب جريان الدموع وقلما وجد من قرأ عن حاله أو سمع بحكايته ولم يحزن أو يتألم مهما كانت عقيدته مذهبه وبطبيعة الحال فكلما كان قلبه أطهر كان حزنه أعمق وأكثر وتظهر الأثار المترتبة على الحسين صلوات الله عليه - ومن بينها ما سأذكره – في الشدائد والمواقف الصعبة التي يقع فيها الانسان.
إجابة الحسين عند النزع
أول المواقف الصعبة هو الإحتضار إذ علاوة على الأمراض الجسميّة التي تصيب أحياناً الجسم بكامله وتؤلمه وتضغط على الروح , فإنه يتألم لعلمه بمفارقة الدنيا وما له فيها من علائق وأن ينفصل عن ماله وأولاده , إذن فأصعب ساعات الحياة هي ساعات الإحتضار , حيث يقول الإمام زين العابدين " أبكي لخروج نفسي " , نعم لا يعلم أحد كيف سيسلم روحه , هل سيكون متجهاً الى الله ويذهب من الدنيا مؤمناً أم يكون متجهاً إلى مشاغل أخرى ؟
وعلى أي حال هو أمر صعب يؤدي إلى الإضطراب , وحل هذه الصعوبة يكمن في البكاء على الحسين صلوات الله عليه, والروايات في هذا المجال كثيرة أكتفي بنموذج منها :
ذكر في كتاب نفس المهموم عن مسمع – وهو من أهالي العراق – أنه قال ذهب إلى الإمام الصادق في المدينة فقال :
يا مسمع أنت من أهل العراق وقريب من كربلاء , فهل تذهب لزيارة الحسين صلوات الله عليه ؟
قلت يا سيدي أنا شخص معروف ومراقب من قبل الأعداء وأخاف أن يروني وتكون حياتي في خطر
قال : إن كنت لا تستطيع الزيارة فهل تذكر مصيبته ؟
قلت : نعم
قال : هل تبكي ؟
قلت : نعم وقد يصل الأمر بي أحياناً إلى ان تعاف نفسي الطعام والشراب لكثرة بكائي وأنيني وربما تقيأت ما أكلت – أي أنه عندما يحصل على ماء بارد ويتذكر عطش الحسين صلوات الله عليه لا يستطيع أن يشربه.
عندها بشّره الإمام بعدة بشارات إذ قال له : ما دمت هكذا فأنت ممن يفرحون لفرحنا نحن آل محمد ويحزنزن لحزننا , فاعلم أن عينك ستكون قريرة ساعة الإحتضار وذلك بحضور آبائي محمد وعلي وآله , وستكون عندها بأشد الحاجة إلى عزرائيل ويكون ملك الموت أكثر إشفاقاً عليك من أمّك .
ثمرة البكاء على الحسين في القبر
المنزل الثاني هو القبر , المكان الذي لم يألفه الإنسان من قبل , فهو مخيف ومرعب جداً ولدينا في كتاب " من لا يحضره الفقيه " رواية تقول : عندما تريدون دفن ميت فلا تضعوه دفعةً واحدة في القبر , إن كان رجلاً فمستحب أن يوضع على بعد 7 أقدام من أسفل القبر , وإن كانت امرأة فيستحب أن توضع على بعد 7 أقدام من قبلة القبر , ولترفع الجنازة وتوضع ثلاث مرات " فإنّ للقبر أهوالاً " , وصعوبة ذلك يشير إليها السجاد : " أبكي لظلمة قبري , أبكي لضيق لحدي , أبكي لسؤال منكر ونكير إياي في قبري " .
وقد استنتج الشيخ الشوشتري من هذه الروايات ما مفاده مَن سرّ مؤمناً فإنّ وجهه النوراني سيصاحبه في القبر ويقول له : أنا ذلك السرور الذي أدخلته على قلب المؤمن الفلاني , إذن فمن أدخل الفرح إلى قلب مؤمن كان ذلك سبباً لفرحه في القبر , فكيف إذا سرّ مؤمناً كامل الإيمان ؟ وكيف إذا كان نبياً أو إماماً ؟
ثم يقول : من بكى على الحسين صلوات الله عليه فقد سرّ النبي والإمام علياً والزهراء البتول , فهنيئاً لهذا الشخص في القبر .
الإغاثة في البرزخ لصاحب العزاء في بالحسين
والمنزل الثالث هو البرزخ , أي بين القبر والقيامة , وذلك بعد أن تتعلق الروح بالبدن المثالي فإن كان من الصالحين فمحل ظهوره في وادي السلام بجوار أمير المؤمنين , وإن كان من الأشقياء فظهوره في صحراء برهوت , وإن كان قد غادر الدنيا وهو طاهر تماماً فهو سعيد سعادة تامة في البرزخ من روح وريحان ولذة , وإن كان ملوثاً بالذّنوب وحقوق الناس فهو في ضيق كالمسمار الذي دق في حائط .
هل يستطيع أحد الإدّعاء أنه سيذهب طاهراً تماماً من هذه الدنيا وليس في عنقه حق لأحد ؟ ألم يُذهب ماء وجه أحد في حياته ؟ ألم يغتب أحداً ؟ وبالإجمال ما هو الحل اذاً ؟
نجده في هذا الحديث الشريف للإمام الصادق " وان الموجع قلبه فينا ليفرح فيه " , أي أنه لن يصيبه همّ أو غم في عالم البرزخ إلى يوم القيامة .
في ظل الحسين يوم القيامة
ويظهر في القيامة ايضاً الأثر العظيم للبكاء على الحسين صلوات الله عليه, فالكل يعلم أي يوم هو يوم القيامة الذي تكرر ذكره في القران كما تعلمون , وقد سماه تعالى بيوم الفزع الأكبر , ويشمل الفزع والإضطراب , وليس هناك من لا يكون مضطرباً " إن زلزلة الساعة شئ عظيم , يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها " .
وللحصول على الأمان يوم القيامة هناك حديث مروي عن الصادق يقول : " من ترك السعي في حوائجه يوم العاشوراء جعل الله يوم القيامة يوم سروره " .
والموقف الصعب الآخر هو موقف الحساب , تصوروا عندما يقول الله : ( إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ) ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) , اما كم يطول الموقف يوم الحساب فذلك يختلف بحسب الأشخاص , فالبائس الذي يطول حسابه يكون معذباً جداً لا يدري ما هو مصيره , أإلى جهنم أم إلى الجنة إلّا أن بعضهم – وكما تقول الروايات – يقضون مدة حساب الناس تحت ظل العرش , إنّهم شركاء الحسين في حزنه , إنهم في جوار الحسين صلوات الله عليه صلوات الله عليه وبينما بقية الناس في عذاب المحاسبة , فهم ينعمون – بجوار الحسين صلوات الله عليه – في النعيم الحقيقي .
أكل هذا لأجل دمعة واحدة ؟
ربما يعترض البعض قائلاً : كيف تترتّب كل تلكم الآثار العظيمة على دمعة واحدة ؟ إن قطرة من ماء مالح ليس بتلك الأهمية . ومنشأ هذا الإشكال يكمن في أن هؤلاء يتصورون أن الثواب هو لهذه الدمعة , غافلين عن أنّه أجر لدم الحسين صلوات الله عليه, وكلما أعطى منه أكثر فإنه لا شئ قياساً إلى عمل الحسين صلوات الله عليه.
استضافة للسلطان في الصحراء
إنّها حكاية مشهورة وربما سمعتموها , فقد ذهب أحد السلاطين في رحلة للصيد وبينما كان يطارد الصيد , إبتعد عن الركب وأضاع الطريق , وحلّ الظلام وهو وحيد وقد أخذ منه التعب مأخذه , فوصل خيمة كان فيها امرأة ورجل , فطلب اليهم أن يضيفوه , فرحّبا به قائلين أن الضيف هدية الله , ولم يكونا يملكان من مال الدنيا سوى معزى صغيرة , فذبحاها وطبخاها للضيف , ولما أصبح الصباح وعزم السلطان على الرحيل قال لهما : أنا ذاهب الى المدينة فمتى شئتما فتعالا إليّ فأنا السلطان وسأعوضكما وأرد جميلكما , ومرّت مدة من الزمن وضاقت بهما سبل العيش , فذهب الرجل إلى السلطان , وسأل السلطان جلسائه كيف ينبغي لي أن اتصرف معه ؟ وكلما أجاب أحدهم بشئ قال السلطان ذلك قليل , وأخيراً قال السلطان لو أردت أن أتعامل معه بالمثل لوجب أن أعطيه كل ما أملك , فقد وهبني كل ما يملك , وأخيراً أعطاه ما كفاه وأغناه .
قال الشيخ الشوشتري وغيره : إنّ أبا عبد الله صلوات الله عليه قد أعطى كل ما يملك في سبيل الله , وفي مقابل هذا فإن كل ما يعطيه الله فهو قليل من رحمته الواسعة , فببركة دم الحسين صلوات الله عليه يرحم شيعته ويعلي درجات الحزانى لأجله ومحبّيه , وكونوا واثقين أنّ العطايا التي هي من بركة الإمام صلوات الله عليه ليس فقط مما يعجز عنه بيان اللسان بل يصعب تصورها أيضاً .
بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله
يقول الشيخ لقد وضع الله أربع هدايا للحسين صلوات الله عليه مقابل تحمله لمشقة العطش :
أوّلها : حوض الكوثر الذي سيرتوي منه المتوسلون بالحسين صلوات الله عليه منذ وفاتهم حتى القيامة.
وثانيها : عين الحيوان (نبع الحياة) المخصصة للباكين على الحسين صلوات الله عليه وماؤها ممزوج بدموع الحزانى عليه .
وثالثها : دموع المؤمنين إلى يوم القيامة , وأنتم كم من الدموع تسكبون في هذه الأيام ( عاشوراء ) لأجل الحسين صلوات الله عليه وهو ما يتكرر في كل عام , إضافة إلى دموع ملائكة السماء الباكين عليه كما قال الصادق عليه صلوات الله من أن الملائكة لا يهدأون من البكاء على الحسين صلوات الله عليه.
الرابع : أنه كلما شرب المؤمنون ماء عذباً تذكروا عطش الحسين صلوات الله عليه, فالحسين صلوات الله عليه جدير بأن يذكر وأن يسلم عليه .
تلكم هي الأجور التي تستطيع عقولنا نحن أن نفهمها مما أعطاه الله له صلوات الله عليه في مقابل عطشه الذي تحمله .
صلى الله عليك يا أبا عبد الله
|