اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
فيما اعطى الله تبارك وتعالى الحسين من افضل مخلوقاته محمدا المصطفى صلى الله عليه واله وسلم
قد اعطاه قلبه الباطني فجعله محل علاقة خاصة له . وقد اعطاه قلبه الظاهري
فقال :" انه مهجة قلبي ". وقد اعطاه روحه فقا انه روحي التي بين جنبي . وقد اعطاه فؤاده فجعله له ثمرة . وقد اعطاه عقله فجعله له طمأنينة . وقد اعطاه باصرته فقال : اذا نظرت اليه ذهب ما بي من الجوع . وقد اعطاه شامّــته فقال : هو ريحانتي . وقد اعطاه عينيه فقال (ص) " هو نورهما ".. وقد اعطاه من بين عينيه فقال (ص) هو جلدة ما بين عيني . وقد اعطاه قوته فقال (ص) هو قوتي اذا نظرت اليه ذهب ما بي من ا لجوع . وقد اعطاه كتفه فجعله له مركبا . وقد اعطاه ظهره فجعله له مرتحلا . وقد اعطاه حجره فجعله له حاضنا . وقد اعطاه لسانه فجعله له راضعا . وقد اعطاه يده فجعل ابهامه ومسبحته له غاذيا . وقد اعطاه صدره فجعله له مجلسا ومأمنا . وقد اعطاه شفتيه قجعلهما مقبّلا ولاثما . وقد اعطاه كلامه فجعله له مادحا وراثيا وذاكرا له في كل حين . وقد اعطاه ابنه فجعله له فاديا فكان يقول (ص) مكررا : فديت من فديته بإبني إبراهيما . كما ورد في المنتخب للطريحي 51
اما امتياز علاقته معه فيظهر معه من كيفية لقائه له . وحضوره عنده ومجيئه له . وذهابه اليه . فإن العلاقة مع الاولاد خصوصا في حال طفولتهم والاستئناس معهم . واللعب معهم . امر معتاد لكن تحقق هذه الكيفية بالنسبة
اليه (ص) مع الحسين (ع) خارق للعادة . فترى النبي (ص) كأنه وهو فرد في جلالته . في عسكر حين تلقاه وفي حشم . فكيف بجلالته ووقاره حين هو جالس في اصحابه . فمع ذلك الوقار الذيعلا كل وقار . ومع تلك السكينة التي انزلها الله تعالى عليه . ولُقّب بصاحب الوقار والسكينة . كان اذا رأى الحسين (ع) مقبلا عليه وهو (ص) يحدّث اصحابه يقطع حديثه . ويقوم من مجلسه ويستقبله . ويحمله على كتفه المبارك . ويأتي به فيقعده عنده او في حجره
واعجب من ذلك انه وهو على المنبر يخطب يقطع خطبته وينزل ويستقبل ويقول كلاما يقضى منه العجب . وذلك في رواية ابن عمر انه قال (ص) " والذي نفسي بيده ما دريت اني نزلت من منبري " ...
وكيف يكون هذا الكلام على حقيقته بل هو كناية عن شدة الحب والعلاقة بحيث كان كذلك
واعجب من كل ذلك ما رواه ابن ماحة في السنن والزمخشري في الفائق قالا : رأى النبي محمد (ص) الحسين
بن علي (ع) وهو يلعب مع الصبيان في السكة . فاستقبل النبي (ص) امام القوم . فبسط احدى يديه فطفق الصبي يفر مرة من هنا ومرة من هاهنا . ورسول الله (ص) يضاحكه . ثم اخذه فجعل احدى يديه على ذقنه والاخرى على فأس رأسه . وأقنعه وجعل فاه على فيه فقبّله . وقال (ص) " انا من حسين وحسين مني . احبّ الله تعالى من احبّ حسينا . حسين سبط من الاسباط " .. ورواه غيرهما ايضا
توضيح : ان فأس الرأس يعني : طرف مؤخرة المشرف على القفا .
تنبيه : هذه المحبة لم تكن للحسين وحده . بل كانت لمن احبه ايضا . ويُشهد الله تعالى على ذلك ويقول (ص) " اللهم اني احبه واحب من يحبه . " وكان يدعو لمحبه بأن يحبه الله تعالى فيقول (ص) " احبّ الله من احبّ حسينا "
وقد رأى (ص) يوما صبيا في الطريق فجلس واخذه وتلاطف معه . فسئل عن ذلك فقال (ص) " اني احبه لانه يحب ولدي الحسين (ع) . لاني رأيت انه يرفع التراب من تحت قدميه ويمسح به وجهه وعينيه . واخبرني جبرئيل انه يكون من انصاره في وقعة كربلاء .
فالآن نحن نرجو ان كنا محبين لامامنا الحسين . ان يحبنا النبي (ص) ويحبنا الله تعالى . بدعائه (ص) لنا واذا احبناان يغفر لنا ويعفو عنا .
واما كون ظهره له مركبا فقد اتفق كثيرا . وليس هو من العادات كما يتفق لكثير من الناس في حق اولادهم . بل خارق للعادات . وذلك انه قد كان يتفق انه يركب ظهر جده وهو في السجود في صلاة الجماعة فيطيل السجود ولا يرفع رأسه المبارك حتى يقوم هو أي الحسين باختياره . وقد تعجب الذين كانوا يصلون معه . فسألوه : انه هل نزل وحي ؟ قال : لا ولكن ابني ارتحلني
واما كون كتفه محملا فلقد كان يفعل من ذلك مالا يفعله الرجل الجليل . يحمل صبيا على كتفه . ويمشي في الاسواق والطرق وكلما يريد اصحابه ان يحملوه او يحملوا اخاه . يقول (ص) " نعم الراكبان انتما . نعم قد كان يحمله عنه جبرئيل (ع) . وقد كان يحمله وهو في الصلاة .
واما كون حجره له حضنا . فانه (ص) قد تولى من ذلك مالا يتولاه الا النساء . وقد حضنه بمجرد ولادته المباركة . فنادى يا اسماء هلمي اليّ بابني . فقالت : لم ننظفه بعد ، فقال (ص) " انت تنظفيه ان الله تعالى قد نظفه وطهّره " ..
فأخذه وتولى حضانته ورضعه من ابهامه . وكان يلاعبه كالنساء ويقرأ له نغوتهن . ويكلمه بلسان الاطفال . ولو ذلك مما يُستغرب . حتى انكر عليه بعض ازواجه كعائشة بل بعض اصحابه . فقال (ص) " ما خفي عليك اكثر . فعلم ان ذلك من امر الهي وحكم رباني . وقد صرح (ص) معتذرا بذلك فقال : إن الله تعالى قد أمرني بحبهمـــــا
فعدم قيامه من السجود حين ارتحله بامر الهي . وحمله على كتفه بأمر الهي . والركض معه في الطريق بأمر الهي . وقيامه واستقباله بأمر الهي . .
واما كون شفتيه(ص) لاثمتين ومقبلتين فلا عجب من ذلك ولا من كيفية تقبيلهما فكان يضمهما اليه ويشمهما ويقبّل كلاً منهما لنصف ساعة . ويقول " هما ريحانتاي " ، وقد يقبل احدهما وهو في الصلاة ويده في يده . وقد اشتهر انه قبّل فم الحسين ونحر الحسيـــــــن . فتألم الحسين من ذلك . واظهره لأمه الزهراء (ع) .حيث انه (ص) قبّله في نحره وقبّل اخيه الحسن (ع) في فمه في يوم ما . لكن لم اعثر لذلك على رواية . انما الذي عثرت عليه في الروايات المتواترة : انه (ص) كان يقبّل الحسين (ع) تارة من نحره وتارة م جبينه . وتارة من جميع بدنه . وتارة يكشف عن بطنه فيقبّل فوق سرته على قلبه . وتارة يقبّل اسنانه وتارة يقبّل شفتيه . وكان يكثر من جميع ذلك . ولقد كان في تخصيصه لهذه معجرزة له . وكان يذكر سبب البعض . فيقول عند تقبيل جميع البدن : اقبّل وضع السيوف وابكي . ولكن لم يذكر السبب في تقبيل الثغر والاسنان وتقبيل فوق السرة حتى عُلم السبب بعد وقوع ما وقع .