اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الأمانات
استقر بها المقام في مدينة مشهد المقدسة، وبجوار غريب الغرباء وبعيد المدى(ع). فلقد طال انتظارها وكثر دعائها طلبا للوصول، كمغترب يعود إلى أرضه ووطنه، فيذهب ليطمأن على مرتع الصبا وملعب الطفولة.
جلست مفزوعة مرعوبة تتقلب في فراشها، لم يستطع النوم الاهتداء إلى جفونها، كمن لدغته أفعى، فلا يهدأ حتى تخف حدة السم، فيحاول الإيواء إلى الراحة.
لم تستطع الهدوء حتى برز ضوء النهار يتمطى من بين ركام الغيوم كأنها جبال الثلج. كان حلما ثقيلا مخيفا خاصة لمن هو بعيد عن أهله وذويه، ولا يجد من يمد له يد العون والمساعدة.
استيقظ زوجها يتمطى، يمد يديه ورجليه ليبعد عنه الكسل، استعدادا ليوم جديد من زيارة ضامن الجنان(ع). منتعشا بعد ليل هادئ، لم تحاول إزعاجه خلاله، وجلست تنظر جلوسه.
نظر إليها وهو لا يلوي على شئ، ولا يعلم ماذا يدور بخلدها. لاحظ احمرار عينيها، وسواد السهر يدور حول جفونها، كهالة كثيفة من دخان المصانع تدور حول عين الشمس.
استعدا للنزول من الفندق للزيارة المعتادة، أوصته بوضع نقوده في الأمانات ففعل.
ذات يوم وبعد إنهاء زيارة الإمام(ع)، فبدل من خروجها مطمئنة راضية قانعة مستبشرة، خرجت لا ترى أمامها ولا تعلم أين تضع قدميها. فمرة تسقط على وجهها، وأخرى تقوم لتقع على جنبها، كمن أصابه مس من الجنون.
ترى الدنيا من حولها ترعد وتبرق، فتخيف النفوس وتزرع الرعب في القلوب. والأمطار تنزل بغزارة فتحجب الرؤية وتمنع التنقل. والطرقات قد اجتاحتها المياه وغمرتها الوحول.
سألها باستغراب عن ما أصابها؟
قالت وهي تخرج أسفها وندمها بصعوبة: كان يتوجب وضع أموالي في أمانات الفندق، بعد الحلم الذي رأيت!
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية