اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بعض الوصايا لحضور مجالس المولى أبا عبدالله الحسين سلام الله عليه
1- لا بد لأصحاب المجالس من أن يقصدوا القربة الخالصة، بعيدين عن كل صور الشرك الخفي... وعلامة ذلك عدم الاهتمام بعدد الحضور، فالأجر، مرتبط بما يقوم به هو، لا بما يقوم به الآخرون.. فما عليك إلا أن تفتح بابك، وتنشر بساطك، كما ذكر الصادق في باب المعاملة.
2- ليكن الهدف من استماع الخطب، هو استخلاص النقاط العملية التي يمكن أن تغير مسيرة الفرد في الحياة، فعلى المستمع أن يفترض نفسه انه هو المعني بالخطاب الذي يتوجه للعموم، ولا ينبغي نسيان هذه الحقيقة، أن الله تعالى قد يجري معلومة ضرورية للفرد على لسان متكلم غير قاصد لما يقول، ولكن الله تعالى يجعل في ذلك خطابا لمن يريد أن يوقظه من غفلة من الغفلات القاتلة.
3- حاول أن تعيش بنفسك الأجواء التي يمكن ان تثير عندك الدمعة، وذلك باستذكار ما جرى في واقعة الطف، فتذكر عطشه عند شربك للماء.. وفي كل ألم يصيبك أو يصاب به عزيز على قلبك يكون مواسات لآلامه وجراحاته سلام الله عليه، وعند رؤيتك لنار تذكر حرق الخيم.. وعند تخدير حرمك تذكر خمار زينب المسلوب.. وعند سماعك بكاء رضيع تذكر رضيع الحسين الذي ذبح على صدره.. وعند رؤيتك لذبح شاة تذكر ذبح الحسين الذي ذبح كما يذبح الكبش ولكن دون أن يسقى الماء..
4- اذا استمرت قسوة القلب طوال الموسم، فابحث عن العوامل الموجبة لهذا الخذلان، فقد ورد عن الإمام علي أنه قال : "ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب".. وخاصة اذا استمرت هذه الحالة فترة من الزمن، فإنها مشعرة بعلاقة متوترة مع الغيب، إذ كيف لا يتألم الانسان لما جرى على من يحب، إن كان هنالك حب في البين !..
5- حاول أن تفرغ نفسك أيام عاشوراء من جهة: العمل والدراسة والتجارة، لئلا تكون أيامك في عاشوراء كباقي الايام مشتغلا بأمور الدنيا، تاركا مشاطرة صاحب الأمر في مصيبته التي يبكي عليها بدل الدموع دما.. والامر يعطي ثماره عندما يكون ذلك مقترنا بشيء من المجاهدة في هذا المجال، كالخدمة وبذل المال والوقت...
6- على المستمع ان يبحث عن المجلس الذي يثير فيه العبرة والاعتبار، تاركا كل الجهات الباطلة الاخرى: كإرضاء اصحاب المجالس، او التعصب لجهات معينة
7- اذا كنت في بلد خال من مجلس الحسين فاستعن بالمسموعات والمرئيات والمواقع الهادفة، لئلا تحرم بركات ونفحات هذه الأيام الحسينية، بل إن احياء الذكر في أماكن غير متعارفة له اثره الخاص.. إذ أن الذكر في الخلوات، يخلو من كل شوائب الجلوات، ومن هنا كان العمل اقرب للقبول من غيره.
8- من المستحسن – في المنزل والسيارة – أن يعيش الاجواء المثيرة للعواطف، بالاستماع إلى ما أمكن من محاضرات، ومجالس عزاء، وقراءة الكتب المتعلقة بالسيرة والمقتل.. وكم من الجدير ان يحول المؤمن هذه الايام الى اسبوع شحن فكري وعاطفي، في مختلف المجالات، حتى العبادية منها.. فإن احياء هذه الذكرى احياء للدين، ومحفل للفيوضات الإلهية والنفحات الحسينية "فإن لله في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها ولا تعرضوا عنها". وبحر الطهارة للروح والنفس والنقاء من الأكدار والمعاصي، وباب قبول التوبة والتطهير وهذا ما أوصى أمير المؤمنين به ولده الحسين قائلاً: "بني حسين لا تؤيس مذنباً" كيف لا وهو رحمة الله الواسعة...
9- ان علامة قبول العزاء: وعظا، واستماعا، وبكاء، وإبكاء هو الخروج بالتوبة الصادقة بعد الموسم.. فلا يشك أحد بأن ذنوبه لم تغفر. ولكن مع الاسف الشديد ان الانسان يفرط بسرعة في المكاسب التي اكتسبها في الموسم، مما يعظم له الحسرة يوم القيامة.. فهو بمثابة إنسان، ورد الغدير، ولم يغترف منه إلا لعطش ساعته، من دون أن يتزود لسفره البعيد، في القاحل من الأرض.
10- حاول أن تصطحب أهلك وأولادك وأصدقائك لمجالس الحسين سلام الله عليه فإنها مضان التحول الجوهري حتى للنفوس العاصية، ولا شك أنه يترك اثراً لا شعورياً في نفوس الأحداث، حتى في السن المبكر، ومن وصايا العرفاء اصطحاب الرضع إلى هذه المحافل فهم يملكون قدرة على جذب هذه الألطاف إليهم.. فللمعصوم عنايته وإشرافه بعد وفاته، كما أن الأمر كذلك في حياته، وذلك لأن الفارق بين المعصوم الحي، والمستشهد، كالفارق بين الراكب والراجل إذ أنه بانتقاله من هذه النشأة الدنيا ترجل عن بدنه الشريف.. فهل تجد فرقاً بينهما؟!..
11- إن البعض يحضر المجلس طلباً لحاجة من الحوائج، فيدخل في باب المعاملة مع رب العالمين، والحال أن الهدف الأساسي من هذه المجالس هو التذكير بالله تعالى، وبما أراده أمراً ونهياً، فشعارنا "تبكيك عيني لا لأجل مثوبةٍ، لكنما عيني لأجلك باكية".. إذ ما قيمة بعض الحوائج المادية الفانية في مقابل النظرة الإلهية للعبد التي تقلب كيانه رأساً على عقب. فهذا زهير بن القين دخل عند الإمام الحسين زهير الذي كان عثماني الهوى فبنظرة منه سلام الله عليه خرج من عنده وكل وجوده حسين.
12- إن الـمُعَزى في هذه المواسم بالدرجة الأولى هو بقية الماضين منهم، ألا وهو صاحب الأمر سلام الله عليه، فحاول استحضار درجة الألم الذي يعتصر قلبه الشريف، وذلك بأنه الخبير بما جرى على جده الحسين سلام الله عليه في واقعة الطف، وهو الذي يعرض عليه ما جرى في كربلاء صباحاً ومساءً.
وما وصل إلينا –رغم فداحته- لا يمثل إلا القليل بالنسبة إلى ما جرى على آل الله تعالى..