اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
المسألة الثانية:
الصحابة المنقلبون في معركة الخندق وحجة الوداع
نلاحظ أن صفات المنقلبين في أحُد في السنة الثانية للهجرة ، بقيت ثابتة لهم في معركة الأحزاب في السنة الخامسة للهجرة ، وكذلك في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة ! ففي الآية العاشرة حتى السابعة عشرة من سورة الأحزاب تجد وحدة الخيوط وأقسام المسلمين ! فالثابتون المحسنون الربانيون قلة ، والضعفاء كثرة ، والمنافقون ناشطون ، ولا نقصد بهم حزب ابن سلول ، بل المنافقين المهاجرين المخلوطين بالمؤمنين ! فالذين قال الله عنهم في معركة أحُد: (وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمر مِنْ شَئٍْ ) ! هم أنفسهم الذين قال الله عنهم في معركة الأحزاب: (وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) .
ومرضى القلوب في أحُد ، الذين فروا الى الجبل وقالوا لوكان نبياً ما قتل) !
هم المنافقون الذين قال الله عنهم في سورة الأحزاب: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا ) .
والذين قال الله تعالى لهم في أحُد: (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) .
هم الذين قال الله عنهم هنا: (وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لايُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولاً. أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يسيراً ).
والذين ثبتوا في أحُد فقال الله عنهم: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِىٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ).
هم الذين قال الله عنهم هنا: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً . لِيَجْزِىَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رحيماً ).
ونفس الخيوط والخطوط والشخصيات تجدها في السنة العاشرة للهجرة ، في سورة المائدة ، سورة حجة الوداع ، وهي آخر سورة نزلت من القرآن !
وهذا يدلنا على أن مشكلة الإسلام هي هؤلاء المنافقون ، الذين يكمن فيهم الإنقلاب على الأعقاب ، وينتظر أن يغمض الرسول وسلم عينيه !
إن سورة المائدة تتضمن خارطة للأخطار على الأمة ، وطريقة معالجتها ، ونكتفي منها بآيات تتعلق بآية الإنقلاب:
المسارعون في الكفر هم المسارعون في الإنقلاب ! (المائدة:41)
أنهم عبَّاد أنفسهم وأهوائهم يطمعون بالتأثير على النبي وسلم : (المائدة:48 )
أن خطر ارتباطهم باليهود والنصارى سيستمر بعد النبي وسلم : (المائدة:52) .
أن خطر الإنقلاب أو خطر الردة ما زال قائماًالمائدة:54 ـ 56 )
أن عملية تمييز الخبيث من الطيب طويلة الأمد: (المائدة:99 ـ 100 )
أن عذاب الصحابة المنقلبين لايشبهه عذاب أحد من العالمين: (المائدة:111 ـ 115)