اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
عقوبة المخالفين لوصية النبي بأهل بيته
من عجائب ما في خطب حجة الوداع أن النبي بعد حديثه عن أهل بيته أعلن مبدأ: (لعن من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه) ! ففي مسند أحمد:4/186: (خطبنا رسول الله () وهو على ناقته فقال: ألا إن الصدقة لاتحل لي ولا لأهل بيتي، وأخذ وبرة من كاهل ناقته فقال: ولا ما يساوي هذه أو ما يزن هذه . لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه ).
وفي سنن ابن ماجة:2/905: (خطبهم وهو على راحلته وإن راحلته لتقصع بجرتها ، وإن لغامها ليسيل بين كتفي، قال: ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لايقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ). وفي الترمذي:3/293:عن أبي أمامة قال: (سمعت رسول الله () يقول في خطبته عام حجة الوداع:.. ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة ). وفي مسند أحمد:4/239و:4/187: ( ألا ومن ادعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لايقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً). ورواه بعدة روايات في نفس الصفحة والتي قبلها ، وفي ص 238 و186. ورواه الدارمي في سننه: 2/244 و344 ومجمع الزوائد: 5/14 ، عن أبي مسعود ، ورواه البخاري في صحيحه: 2/221 ، و4/67 .
ولعلك تسأل: ما علاقة هذه اللعنة المشددة بوصية النبي بأهل بيته؟! فهي لعنة على الذي ينكر نسبه من أبيه وينسب نفسه إلى شخص آخر ، وعلى العبد الذي ينكر مالكه ويدعي أنه عبد لشخص آخر ، أو ينكر ولاءه وسيده الذي أعتقه ويدعي أن ولاءه لشخص آخر ! فهذا هو المفهوم من (ادعى لغير أبيه أو تولى غير مواليه ) !
والجواب: أن مقصود النبي بالأبوة في هذه الأحاديث: أبوته المعنوية للأمة . وبالولاء: ولايته وولاية أهل بيته عليها ، وليس مراده الأبوة النسبية ، ولا ولاء المالك لعبده !
والدليل عليه: أن حكم الشريعة في الولد الذي يهرب من أبيه ، ويدعي لنفسه والداً آخر ، أنه مسلم عاص وله توبة ، وقد يكون من أهل الجنة ! بينما الشخص الملعون في كلام النبي محكوم بكفره مصبوب عليه الغضب الإلهي إلى الأبد ! ( فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لايقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) ! والصرف التوبة والعدل الفدية ، وهي عقوبة لحالات الخيانة العظمى كالإرتداد، ولا يعقل أن تكون عقوبة ولدٍ جاهل يدعو نفسه لغير أبيه ، أو عبد مملوك أو مظلوم يدعو نفسه لغير سيده ! وقد صرحت بعض رواياتها بكفر من يفعل ذلك وخروجه من الإسلام ! كسنن البيهقي:8/26 ، ومجمع الزوائد:1/9 ، وكنز العمال: 5/872 و:10/324 و/326و/327 .
لقد استعمل النبي هذا الأسلوب الكنائي البليغ متعمداً ، لكي تنقله الأجيال ولا تطمسه قريش ! وروت مصادرهم أنه كتبه في صحيفة صغيرة معلقة في ذؤابة سيفه الذي ورثه لعلي فرواه بخاري في صحيحه:4/67،ومسلم:4/115، بروايات والترمذي:3/297، وغيرهم أيضاً ، ورووا فيه لعن من تولى غير مواليه !
وفسرته مصادر أهل البيت ، وروت أن النبي استعمله في عدة مناسبات ، منها عندما كثر طلقاء قريش في المدينة ، وتصاعد عملهم ضد أهل بيت النبي وقالوا: ( إنما مثل محمد في بني هاشم كمثل نخلة نبتت في كبا) أي في مزبلة ! فبلغ ذلك النبي فغضب وأمر علياً أن يصعد المنبر ويجيبهم وقال له يا علي إنطلق حتى تأتي مسجدي ثم تصعد منبري ثم تدعو الناس إليك ، فتحمد الله تعالى وتثني عليه وتصلي عليَّ صلاة كثيرة ، ثم تقول: أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم وهو يقول لكم: إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه ، أو ادعى إلى غير مواليه ، أو ظلم أجيراً أجره !
فأتيت مسجده وصعدت منبره، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي فحمدت الله وأثنيت عليه، وصليت على رسول الله صلاة كثيرة ثم قلت: أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي، على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه ، أو ظلم أجيراً أجره . قال: فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب فإنه قال: قد أبلغت يا أبا الحسن ولكنك جئت بكلام غير مفسر ، فقلت: أُبْلِغُ ذلك رسول الله فرجعت إلى النبي فأخبرته الخبر فقال: إرجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري فاحمد الله وأثن عليه وصل عليَّ ثم قل: أيها الناس، ما كنا لنجيئكم بشئ إلا وعندنا تأويله وتفسيره ، ألا وإني أنا أبوكم ، ألا وإني أنا مولاكم ، ألا وإني أنا أجيركم ). (بحار الأنوار:38/204، وتفسير فرات /392 ، وغيرهما )
آخر تعديل بواسطة عبـد الرضا ، 03-Mar-2011 الساعة 11:38 AM.
سبب آخر: إلغاء صور صلى الله عليه وآله