اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الإنذار
وصلت مؤخرا قوائم التأمين الطبي، وكانت مصادفة غير متوقعة، لعدم تعوده استلام أي شئ ذا قيمة. فحثه حب الاطلاع للمسارعة لإلقاء نظرة سريعة عليها، فكان كمأخوذ يجري لحتفه وقبض روحه. ولم يجد اسمه مدونا ضمنها، رغم كونه مديرا مسئولا.
كان ذلك شهامة احد زملاء العمل. فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، والقشرة التي نزعت من فوق جرح شارف على الشفاء. فلم يتمالك نفسه وثارت ثائرة مرجله لطول تركه على نار القهر والحرمان. فأرسل ردا شديد اللهجة، مبينا مدى استيائه وتذمره، مفجرا بركان غضبه وحرارة فؤاده.
أخذه الفكر بعيدا خلال فترة انتظاره للرد، ليطوف به حول وضعه البائس، والخطوات التي يتوجب عليه انتهاجها. فلم ينسى إعادة النظر في التقاعد المبكر، الذي حل موعده مع إنهاء المدة القانونية. والتقاعد النهائي الذي بقي عليه عدد قليل من السنين، فيحل عليه ضيفا عزيزا. وفي الشهور القليلة المتبقية لإكمال السنوات العشر من الخدمة المتواصلة، وهو يتعذب تحت سياط الإقصاء والجحود، وعدم إعطائه فرصة ليثبت وجوده وولائه، أو مجالا ليبرهن على مقدرته الإدارية والقيادية.
كان قلبه على وجل، كفرخ طير ينتفض ويرتجف جراء رشه بماء بارد. فمرة يكون إحساسه ايجابيا، فينشرح صدره ويتفائل، ويقبل على الدنيا. وأخرى يكون سلبيا، فتتكدر مشاعره، ويسود عندها يومه، ويتقوقع على نفسه كسلحفاة تختبئ داخل هيكلها العظمي، فيبتعد عن الاندماج مع الناس.
لم يأتيه الرد كتابيا كما أرسله، وكما كان يتوقع. بل اعتذارا شفهيا باردا لا يوازي منصبه، ولا يكافئ الألم الذي يعانيه. مرسله لا يأبه لما يقول، ولا يقدر ولا يحترم من يخاطب.
- ناسف شديد الأسف لما وقع، فلقد كان سهوا دون قصد.
ومع ذلك لم يتغير شيء ولم يبادر لتصحيح الخطأ، تفاديا للتأثير السيئ الذي وقع عليه.
غيمت سمائه واسودت دنياه، وانحدرت أمطارها بردا وصعيقا، أو كبحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا اخرج يده لم يكد يراها.
لذا عزم على رفع مستوى التحدي ليكون على مقربة من الخط الأحمر، كقائد مدفعية بانتظار أوامر عليا ليبدأ رشق الأعداء بوابل من القنابل والمتفجرات.
- أرسل لكم استقالتي مرفقة بإنذار مدته أربعة أشهر، لتتمكنوا من الحصول على بديل يخلفني.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف، السعودية
آخر تعديل بواسطة موالية صاحب البيعة ، 31-Oct-2011 الساعة 06:58 PM.