وفاة الحمزة عم رسول الله صلى الله عليه وآله - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: الـمـنـبـر الـحـر :. ميزان المناسبات والإعلانات
ميزان المناسبات والإعلانات إحياء أمر أهل البيت (ع) - المناسبات الدينية - وفيات - متفرقات
منوعات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
كاتب الموضوع منتظرة المهدي مشاركات 2 الزيارات 4442 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان المناسبات والإعلانات
افتراضي وفاة الحمزة عم رسول الله صلى الله عليه وآله
قديم بتاريخ : 12-Sep-2011 الساعة : 04:21 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


عظم الله أجوركم يا مولاين في مصاب الحمزة عم رسول الله



الحمزة عم رسول الله





لم يكن كل أولاد عبد المطلب مثل ما كان له أبو طالب حامياً، وناصراً، ومدافعاً، نعم كان حمزة أقرب الأعمام له بعد أخيه عبد مناف.

وحمزة تربطه بابن أخيه أكثر من صلة، فقد كان أخاً له بالرضاعة، وكان له ترب الصبا، يكبره بأربع سنوات، وكان يتعهده في كثير من الأحيان، وكانت هذه بمجموعها عاملاً يقرب بين القلبين، ويؤلف بين الروحين.
لقد كان يضمر له من الحب والوفاء أجمله وأحسنه، ويقدر لأخيه أبي طالب موقفه الرائع من وديعة أبيه، بما كان يبذل له من العناية والاهتمام، حتى قال محمد ( ):

«كانت فاطمة بنت أسد - زوجة عمي - تجيع أولادها وتشبعني، وتتركهم شعثاً وتدهنني، ولم يكن لدى عمي أبي طالب همّ إلا حمايتي، والاهتمام بأمري».
وامتدّ الزمن، وعلى امتداده توسعت شخصية (فتى عبد المطلب)، كلّ شيء فيه يدلُّ على أنه شخصية المستقبل ولم تغب عن ذهن حمزة كلمة أبيه - وهو على فراش الموت - : «إن له شأناً عظيماً يغبطه عليه الناس».


وكان حمزة يسرّ ويفرح عندما يلمح ابن أخيه، ويكتم سروره ولا يتظاهر بفرحه، كان هذا الميل النفسي ينمو مع نمو محمد، ولا يستطيع تفسيره ولا بد أن يعثر على تفسير ولو بعد حين. ذلك هو الإيمان الذي تولد في أعماقه وازدهر بعد زمان.

ومرت بالنبي أحداث كانت لها الأثر في رفع الستارة عن شخصيته، وكان حمزة يتابع هذه القضايا بشيء من الإهتمام..

ومن أبرزها حينما اختلفت قريش فيما بينها، على وضع الحجر الأسود في مكانه بعد بنيان الكعبة، فكانت كل قبيلة تود أن تحظى بهذا الشرف الكبير، وكاد النزاع يؤدي إلى معركة واتفق الجميع على أن أول قادم عليهم سيكون هو الحكم في ذلك، ولم تنطو لحظات حتى كان المقبل عليهم هو محمد بن عبد اللّه واستبشرت الوجوه به، فهو المعروف عندهم ب(الصادق الأمين) وبسط الرسول رداءه، ووضع فيه الحجر في وسطه، وأمر كل زعيم قبيلة أن يحمل جانباً من الرداء، وإذا ما رفعوه، أخذه ووضعه في مكانه.

ولم يهن ذلك على طغاة قريش، فقال قائلهم: وا عجباً لقوم أهل شرف ورياسة، وشيوخ وكهول، عمدوا إلى أصغرهم سناً وأقلهم مالاً، فجعلوه عليهم رئيساً وحاكماً!! أما واللات والعزى ليفوقهم سبقاً، وليقسمن بينهم حظوظاً وجدوداً وليكونن له بعد هذا اليوم شأن ونبأ عظيم..
حمزة في خضم هذه الأحداث ذلك الإنسان الذي يعيشها ويعيها ويحكم نفسه فيها تحكيماً منصفاً، فيزداد إيماناً وحباً وتفانياً لابن أخيه، ويقف إلى جانب أخيه أبي طالب كافله ومحاميه..
ومرت الأيام، وأعلن محمد دعوته، ولم يستجب لها في بادئ الأمر إلا خديجة وعلي بن أبي طالب، ثم استمرت الدعوة، رغم قلة الناصر، وجدّت قريش في عرقلة حركتها، وكان من أشد الناس عليه عمه أبو لهب، يتحين الفرص، فإذا ما ظفر به وحيداً صب عليه جام غضبه، وسخر منه، وآذاه بأنواع الأذى.
لكن ذلك كله لم يثنه عن رسالته، وإلى جانبه أبو طالب وحمزة يقفان له في كل نازلة يصدّان عنه عدوان الناقمين، ويدفعان عنه ظلم الحاقدين..
ومرة جاء محمد إلى عمه أبي طالب يشكو له أذى قريش فقد ألقوا عليه سلى ناقة فقال محمد لعمه: «عم كيف ترى حسبي فيكم»؟! فقال له: وما ذاك يا ابن أخي؟ فأخبره بالأمر فدعا أبو طالب حمزة، وقد توشح كل منهما بسيفه، وقال لحمزة: خذ السلى معك وتوجها إلى القوم، وهم في فناء الكعبة، فلما شاهد القوم المقبلين توسموا في وجوههم الشر وإذا ما وقفا على رؤوسهم قال أبو طالب لأخيه حمزة: مرّ السلى عليهم، ومن يعارض

اقتله، فامتثل حمزة حتى أتى على آخرهم، فالتفت أبو طالب إلى ابن أخيه قائلاً:
هذا حسبك فينا!.


برغم هذا فلم تكف قريش عن أذى محمد كلما ساعدتها الفرصة وتقسو معه حيث أمكنتها القسوة.. وكان هو بنفسه لا يرد عليها أذاها، يحتمل منهم الألم، ويطويه بين أضلاعه، اللهم إلا أن يعلم أحد الثلاثة بما أصابه، فيكون الانتقام حامياً، وهم: أبو طالب، وحمزة، وعلي، فيردون الصاع صاعين على المعتدي.

وذات يوم يمر النبي عند الصفاة، فإذا بأبي جهل هناك ونفسه الحاقدة تغلي في صدره، فيلتفت يمنة ويسرة، فلا يرى من يخشى صولته وغضبه، ليس معه أبو طالب، ولا على مقربة منه حمزة، ولا إلى جنبه علي، وحيد يلقاه، وهي فرصة سنحت له، فليستغلها.


وينهال الرجل المريض القلب على محمد دون خشية وخوف يشتمه فيجرحه بالكلام، ويسبُّه ببذيء القول، ويفرغ كل حقده الجاهلي، ويظهر كل كوامن حسده.. ورسول اللّه لم يفتح شفتيه ليردَّ عليه، إنه لعلى خلق عظيم، ويأنف أن يقابل هذا الأحمق الجاهل، وإن امتدَّ به العمر.
وينصرف بعد ان يسمع منه ما لم يسمع، ويتألم ويحزن ويطوي في نفسه أحزانه وآلامه.

ويسري الخبر اإلى حلقات قريش يقطع أوصال مكة كالعاصفة، ويسبق وصول ابي جهل اليها، ويفرح من يفرح ويحزن من يحزن، ومن يرد عليه؟ والفاعل ابو جهل الشرس الفض، وكثير منهم يرغب بأذى محمد؟ ولا يرغب ان يباشره بنفسه خوفاً من نقمة ابي طالب وبطش آله.

وأقبل ابو جهل على قومه يفخر بما عمله، ويزهو بما بدر منه فقد أرقه محمد، وسلب النوم من عينه، فما باله - وقد غنم به - ان لا يسكب كل ما في نفسه من لؤم كلاماً لا هوادة فيه، إذا لم يتمكن من مهاجمته بالسيف.
وكانت عادة حمزة ان لا يعود الى بيته من سفره إلا إذا طاف بالبيت سبعاً. ولا يدخل بيته إلا إذا مرَّ على أندية قريش ومجالسها، مسلماً، ومتحدثاً، ومداعباً، وكان مهاباً مرموقاً ولماذا لا يكون كذلك، وهو من أعز فتيان قريش، وأشرفها وأقواها شكيمة، يعدّ من أبطال الهاشميين، مزهواً بقوته معتداً ببطولته.

وانه لفي ذلك اليوم وقد عاد من سفر له، متوشحاً قوسه كعادته توجه إلى الكعبة ليؤدي طوافه، ويقف على أندية قريش يشارك جلاسها أحاديثهم، فينتهي إلى حلقه امرأة، وهي مولاة لعبد اللّه بن جدعان، واستقبلته وقد بدا على وجهها ظل من الحزن، ثم لفت خمارها، وقالت له - ولعل دموعها سبقتها إلى الحديث -

يا أبا عمارة، لو رأيت ما لاقى ابن اخيك محمد قبل قليل من أبي جهل لجزعت، فقد ظفر به، ولم يكن معه أحد، فصب عليه وابلاً من السب الفظيع، والشتم القاسي، وبلغ منه ما يكره ولم يكلمه محمد بشيء..
لم يكن هذا الخبر بأقل من وقع الصاعقة على بطل الهاشميين ومادت الأرض به.. شيء لا يطاق، وكبير جداً على بني هاشم أن تنال مخزوم ما نالت.
وغلى الغضب في قلبه، ودارت الدنيا في عينيه.. يا للعار.
حفيد عبد المطلب وسيد قومه يصاب بمكروه، وعين لبني هاشم تطرف، الموت خير من الحياة..
ولمحت المرأة الغضب يجول على وجه حمزة، ويكاد يقطع أنفاسه، فأدار وجهه، ومضى نحو البيت، وهو يخسف الأرض بمشيته، وعيناه تلقف كل من يلقاه في طريقه لعله المتطاول على كرامته فيهجم عليه.
والمرأة خلفه تهرول، وفي قلبها أكثر من فرحة، فقد ضاقت ذرعاً من شر أبي جهل، إنه الرجل الشرس الفض، الذي يعتدي على الناس، ويرى انه المتفضل في اعتدائه، ويشاكس الكثير من الضعفاء، ويصيبهم بسوء، ولا رادع يردعه، ولا راد يرده.


وهي بهذا التفكير لمحت حمزة قد وصل إلى المسجد، وتخطىالجالسين واحداً بعد الآخر حتى وقف على رأس أبي جهل وانفجر بوجهه صارخاً، والغضب يتطاير من عينيه: أتشتم محمداً يا حقير، ورفع قوسه، وأنزله بعنف على رأسه فشجه، ووقع على الأرض، وكاد يثني بها، لولا بعض الجالسين فقد حالوا دون ذلك، ثم قال له: أتشتمه يا أبا جهل؟ وتهينه، وأنا على دينه وأقول ما يقول، رد عليّ إن امكنك القول، وتكلم إن ملكت الكلام؟
ولم يهن على بني مخزوم ما أُصيب به زعيمهم، فتواثبوا من هنا وهناك ليأخذوا بثأرهم، ولم يتزحزح حمزة، ولم ترهبه جعجعة السيوف، وقف يتحداهم، وهو يرفع قوسه استعداداً لكل خطب، لم يهب شخصاً، ولم يطأطئ رأسه لأحد.
ويخشى أبو جهل العاقبة إذا توسع الأمر، فيطلب منهم أن يخلدوا إلى الهدوء والسكينة، ويتركوا أبا عمارة، لأنه ألحَّ في سب ابن اخيه سباً قبيحاً.
ووصل الخبر إلي النبي ( ) وهو في بيته، فتنكشف الغمة عنه، ويشكر لعمه حمزة موقفه.
كانت هذه الحادثة سبباً لكشف إسلام بطل الهاشميين أسد اللّه، وأسد رسوله، وفي الوقت نفسه كانت بداية انطلاقة جديدة للدعوة، وقوة داعمة.. فأزداد اطمئنان أبي طالب، فقد كان يعمدإلى حماية ابن أخيه حماية مباشرة، ويخشى عليه حتى من ظله، لذا كانت فرحته كبيرة بإعلان حمزة إسلامه.. وهو، وولداه: علي وجعفر، وحمزة قوة لا يستهان بها، ويعرف قوة أخيه وبطولته أكثر من غيره، وجرّب شجاعته وإقدامه أكثر من مرة..







منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.86 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان المناسبات والإعلانات
افتراضي
قديم بتاريخ : 12-Sep-2011 الساعة : 04:38 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام عليك يا عم رسول الله ، السلام عليك يا خير الشهداء ، السلام عليك يا أسد الله وأسد رسوله .



ولم يكن هيناً على قريش إسلام حمزة وإعلان إسلامه، فقد كانت تهابه وتخشاه، ولامت أبا جهل على تهوُّره الذي يسبب لها الأزمات، ويدفع بأصحاب محمد إلى الصلابة والصمود.
وإذا كانت الهجرة إلى المدينة، وغادر الأصحاب متخفين متسللين، فقد شدَّ حمزة ركبه دون خشية، او خوف من طغاة مكة، وهاجر إلى المدينة المنورة ليكون إلى جنب نبيه.

وأخلص حمزة لقضيته، ووفى لها، وعقد له النبي أول راية رفت في الاسلام، فقد أرسله مع سرية له إلى سيف البحر ليقاتل المشركين، وقبل أن يلتحم القتال حلّت بالمعاهدة والاتفاق وكان النبي يحرص دوماً ان يتجنب القتال.


وراحت الأيام تحصد الشوامخ من المواقف المشرفة لبطل الهاشميين كلها تعبر عن شرف العقيدة، والإخلاص المتناهي.

وحلَّ يوم بدر..

وتوقف الشيخ ابو معاذ عن الكلام، ومسح بكمه قطرات من العرق انتثرت على جبينه، ثم غام في هدوء عارض لم يطاول أكثر من لحظات بعدها عاود الحديث، وقد أشرق وجهه:

كان يوم بدر عظيماً، فقد تجلت فيه البسالة الهاشمية والبطولة الرائعة، ابو عمارة يجول ويصول، لم يرجع سيفه خائباً يغمده في صدر ذاك، ويجندل ذلك، ويصيح بأعلى صوته: أين ابن ابي طالب، أين ابن أخي؟ فيجيبه علي

من وسط المعركة: ملتقانا آخر الجيش، ويفريان الحشد المتراكم أمامهما، هذا من جانب، وذاك من جانب، وهما يكبران، حتى يلتقيا في مؤخرته، وأسيافهما تقطر دماً.

ويحث حمزة المسلمين على القتال، وهو يصيح:

قال رسول اللّه: والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابراً محتسباً، مقبلاً غير مدبر، إلا أدخله اللّه الجنة..

ثم أردف الشيخ ابو معاذ، بعد صمت قليل استرد أنفاسه في خلاله:
وكنا قد اجتمعنا يوماً في مسجد الرسول نستعرض بدراً وميدانها، فكان الأصحاب يتبارون في ذكر من قتل بسيف حمزة، وعلي بن ابي طالب، وكيف جندلاً الأبطال، وهدّا
العمالقة، حتى استغاثت قريشاً من بطولتي: أسد اللّه ورسوله وفتى ابي طالب، وما أوقعا فيها من خسائر فادحة.

وبقي هذا الخزي يلاحق قريش وأعوانها، وكان طعم الهزيمة علقماً، وثقل الخسارة مجهداً يقض المشركين في ليلهم ونهارهم. وصمموا على الثأر، تصميم الموتور، وإصرار المغبون وكان التجاوب فيما بينهم - وخاصة قريش - مساعداً لجمع فلولهم، وكيف لا تكون كذلك، وكل قبيلة أصابها ما أصابها من عار الخسارة الشنعاء عاراً لا يشابهه عار، وخسارة لا تضاهيها خسارة.. ولم يطفأ لهب قريش، ولم يكشف حزنها إلا قتل أحد الثلاثة: محمد، وحمزة، وعلي.

ودارت رحى الحرب بين المسلمين والمشركين حامية في (أُحد) تارة على المسلمين، وأُخرى على المشركين، كر وفر..
وأبو سفيان يجول في وسط أصحابه يذكرهم بعار (بدر) وقتلاهم، فيها ومجدهم المندثر، ويصرخ ملء شدقيه: لا بدَّ من جولة تطيح فيها الرؤوس، وتزهق بها الأرواح، وتعتلي السيوف القمم، عند ذاك أما: الثأر أو الموت..
وكل موتور يتصيد واتره، لعله يخفف من حزنه بما أُصيب.

وكان جبير بن مطعم موتوراً من حمزة بقتله عمه طعيم بن عدي يوم بدر، وكانت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان موتورة
من حمزة بقتله عمها يوم بدر، وهناك البيوتات الكثيرة من قريش وغير قريش موتورة من علي، وحمزة.

ويوم عزمت قريش على الخروج لقتال المسلمين عاهد جبير بن مطعم عبده وحشي - وكان عبداً قوياً - إذا قتل حمزة فقد عتقه..

ومالت اليه هند بنت عتبة تمنيه وترغبه على ذلك، وهي لا تقل عن صاحبها جبير حقداً وغيظاً، كما لا تتضاءل عنه سخاءً وكرماً، تقول له: نفذ ما قاله لك سيدك، ولك مني ما تريد وكررتها ثلاثاً.
قال العبد: سأبذل قصارى جهدي، فإن مت خلصت من حياة الرق، وإن فزت تحررت، وفي كلا الأمرين لي خلاص..


ودقت طبول الحرب، المشركون بعدتهم وأبطالهم، والمسلمون بعددهم القليل، وعدتهم الضئيلة.
وعين وحشي ترقب حركات البطل وتنقله بين الصفوف وهو مثل الجمل الأورق، يحصد المحاربين بسيفه، ويتمايل الأبطال عن طريقه، تخشى بطشه، وتخاف بأسه، فلم
مبارز إلا ولاقى مصرعه، ولم يتصدَّ له أحد إلا وعاد مهزوماً أسد اللّه، وأسد رسوله.. كرّار غير فرّار.

يقول وحشي: كنت أتهيأ له، اريده، وأستتر منه بشجرة او حجر ليدنو مني، وأنتظر اللحظة التي أرميه فيها بحربتي.

والفارس المغوار في غفلة عن عدوه، لا يلتفت، ولا يعرف من أمره شيئاً، حتى إذا ما قرب منه، اندفع اليه، ورماه بحربته، فأصابت منه مقتلاً، ووقع صريعاً.. ولما تأكد من موته ذهب اليه، وأخرج حربته، وجرى مسرعاً لجبير يبشره ليملك حريته، ويخبر هنداً فيتمنى عليها ما يريد.

وسرى الخبر يمض في قلوب المسلمين، ويبعث السرور في نفوس المشركين، هذا حمزة بطل الاسلام، وأسد اللّه، وساعد محمد، مجندَل في الميدان، يا لفرحة الشامتين..

وخفت أوار الحرب، وطافت نساء مكة بين القتلى تسبقهن هند، وهن يرقصن فرحاً، ويجدعن أُنوف قتلى المسلمين، ويبقرن بطونهم، ويقطعن آذانهم.

ولم يشفِ غليل هند كل هذا، أين حمزة؟ فقد أخبرها وحشي بأمره، وإنها لتخوض في الدماء والجثث إذ تعثر بحمزة وهو يتوسد التراب.
أصحيح أن بطل الهاشميين صريع في الميدان؟ إنه بغيتها


وتجلس على صدره - وفرحتها تكاد تقضي عليها - بماذا تبدأ وكيف تعمل؟ تقطع أوصاله، لا لا يهدأ خاطرها، تسمل عينيه، لا يطفي لهب حقدها، تقطع لسانه، لم يجدها.. أكثر من هذا تريد.. لتستخرج كبده فتأكله. وفعلت، ولكن لم تتمكن من أكله، لفظته مقهورة، جازعة، ثم لتعمل قلادة من أجزائه : أنفه، اذنيه، لسانه، عينيه، ثم بقرت بطنه، وقطعت أوصاله.. ولم يبقَ لديها ما تفعله، فتركته وهي تتهادى نشوانة بفعلتها حتى قال المشاهدون عنه : ما مُثل بأحد كما مثل بحمزة..
وانسابت دموع الشيخ أبي معاذ، فأمسك عن الكلام قليلاً كي يمسح ما علق في أجفانه من حبات الوفاء، فقد تذكر الشيخ المنظر المروع، فهاجت أحزانه، وضايقته عبرته، ثم عاد بعد هنيهة يواصل حديثه :
واستقبل أبو سفيان زوجته وهي ترقص، وفي صدرها قلادة من أعضاء إنسان، والتفت الرجل لزوجته متسائلاً فأخبرته فضحك ضحكة طويلة، وصاح : أين تركتيه؟ قالت : على مقربة من العين.
وانطلق يعدو، ولا يدري كيف يطوي طريقه، حتى وقف عليه وشاهده مقطعاً، ولم يكتف بذلك بل أخذ يمزق شدقي الصريع برمحه وهو يضحك، فمر عليه أحد الاعراب، ورآه في موقفه المخزي، فقال لصاحبه ، أنظر يا أبا عروة سيد بني عبد شمس يصنع بإبن عمه ما ترى، إنه يجهز على ميت.
فالتفت اليه أبو سفيان قائلاً : ويحك اكتمها عني، ولا تفضحني عند العرب.
كان منظر حمزة، وهو مقطع الأوصال، أوجع منظر أثر في قلب النبي، ثم سجاه بغطاء، وقسم من حشيش الأرض.
ومع كل ما أصابه من حزن في هذا الموقف الدقيق، فقد أبّن بطل الاسلام بقوله - وهو يصارع احزانه - :
«رحمك اللّه يا عم، فلقد كنت وصولاً للرحم، فعولاً للخيرات، فو اللّه لئن ظفرت بهم لأمثلن بسبعين منهم».
إنها الحميّة والثأر دفعت بالرسول الأعظم ان يتعهد بهذا الثأر لعمه المؤمن الشهيد، بعد ان هزَّه الموقف هزاً.. لكن اللّه سبحانه أراد غير ذلك، فقد نزلت الآية الكريمة :
«وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، واصبر وما صبرك إلا باللّه..».

وهكذا انتهت حياة بطل الاسلام حمزة بن عبد المطلب صفحة مشرقة تنير للأجيال دروب العقيدة والكفاح، والصمود والبطولة...


وعظم الله لكم الأجر




ناصر حيدر
عضو مميز
رقم العضوية : 11781
الإنتساب : Jun 2011
المشاركات : 1,613
بمعدل : 0.32 يوميا
النقاط : 230
المستوى : ناصر حيدر is on a distinguished road

ناصر حيدر غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصر حيدر



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : منتظرة المهدي المنتدى : ميزان المناسبات والإعلانات
افتراضي
قديم بتاريخ : 12-Sep-2011 الساعة : 07:57 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الاخت منتظرة المهدي بارك الله بكم للموضوع القيم المهم
ناصرحيدر

إضافة رد



ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc