الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين والعن الدائم على اعدائهم من الاولين والاخرين الى قيام يوم الدين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***************************
:: مدخل ::
الحديث عن مولاتنا زينب
، هو الحديث عن تلك المرأة التي جسدت القيم والمثل قولا وعملاً ، ففي الشجاعة هي سيدة الميدان ، وفي الصبر هي الصابرة ، إذن هي بكل فخر المرأة الصالحة ، والمجاهدة الناصحة ، الحرة الأبية ، واللبوة الطالبية ، والمعجزة المحمدية ، والدخيرة الحيدرية ، والوديعة الفاطمية سلام الله عليها .
وننطلق في البدء وبتوفيق الله تعالى ، بعدة تساؤلات:
س: ما هو سر الخلود للحوراء زينب
؟
س: وهل مولاتنا زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام معصومة عن الذنب ؟
س: وهل هناك فرق بين عصمة الأنبياء وعصمة خاتم الأنبياء وأهل بيته ؟
:: سر الخلود ::
إذن نبدأ ما هو سر الخلود الزينبي ؟
وما الذي جعلها
شعاع نور وإلهام ، وتتربع في قلوب المحبين عبر الزمن وممر التاريخ ؟
الجواب/ هناك عدة آراء نذكرها بشكل موجز:
الرأي الأول: لأنها
جسدت القيم والمبادئ والمثل العليا في حياتها .
الرأي الثاني: لأنها
جسدت الصبر وتحملها للمصائب .
الرأي الثالث: لشجاعتها ودفاعها عن الدين ، كما تجسد ذلك في خطبها
.
الرأي الرابع: لوقفتها الرسالية ونصرتها للمولى أبي عبد الله
.
ولقد إستمعت أكثر من مرة لبعض الخطباء حفظهم الله ووفقهم ، التأكيد على أن سر الخلود الزينبي سلام الله عليها يتمثل في الصبر والتحمل للمصائب والمحن !
وفي رأيي من الظلم أن نحصر أسباب سر البقاء والخلود لحفيدة المصطفى ، في تحملها للمصائب والمحن والصبر عليها ، فذلك ديدن الرساليين على مر الزمن والتاريخ .
كما يمكنني الإضافة لجميع هذه الأراء مجتمعة ، سببين من أسباب الخلود وهما:
الأول: وهو عمق الإنتماء الرسالي لبيت النبوة .
الثاني: للروحانية الإيمانية لديها
، لذا أصبح أحد ألقابها العابدة .
:: العصمة ::
هل مولاتنا زينب بنت الإمام أمير المؤمنين عليهما السلام معصومة أم لا ؟
ان الحديث عن العصمة ، هو الحديث عن النقاء والطهارة ، وللتوضيح نحتاج لمقدمة بالتساؤل التالي:
إذا سلمنا بعصمة الأنبياء السابقين ، ونبينا خاتم الأنبياء والأئمة الأطهار عليهم جميعاَ أفضل الصلاة والسلام ، هل هناك فرق بين العصمتين ؟؟
الجواب: نعم أن هناك فرقاَ بين عصمة الأنبياء السابقين لنبينا
وبين عصمة خاتم الأنبياء وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين ، ولكن الفرق إنما هو من حيث المبادئ والنتيجة .
وهو ما يعرف في مصطلح العلماء الأعلام بترك الأولى (وهو ليس بمعصية ، بل مخالفة لأمر إرشادي) ، في حين عصمة النبي الخاتم
، وأهل بيته الأطهار لا يصدر معها ترك الأولى ، كما في قصة آدم
عندما أكل من الشجرة التي نهاه الله تعالى عنها ، وكان من الأولى والأحسن أن لا يأكل منها ، فخالف بذلك الأمر الإرشادي كما يذكر العلماء .
وبهذا يتضح لنا كالشمس الساطعة أن العصمة على نوعين:
النوع الأول: العصمة الذاتية .
وهذا ما قمنا بتوضيحه في السطور السابقة ، أن العصمة التي عند النبي
، وأهل بيته
عصمة ذاتية ، أي ذاتاَ عصمهم الله من كل شئ ونقص وذنب وخطأ ونسيان ، بل وترك الأولى .
النوع الثاني: العصمة الأفعالية .
وتعني أن أصحابها لم يرتكبوا الذنب في أفعالهم من حين ولادتهم وحتى حين وفاتهم ، وتسمى بالعصمة الأفعالية أو الكسبية أو العصمة الصغرى ، وهذه العصمة ليست ذاتية كما ذكرنا في النوع الأول المختصة بالأنبياء والأئمة وفاطمة الزهراء
.
ويمكننا أن نذكر بعض الأسماء التي كانت لهم العصمة الأفعالية (العصمة الصغرى) ، كما هو المشهور عند علمائنا رضوان الله عليهم :
1/ السيدة خديجة
، ووجدت بعض العلماء المعاصرين يذهب لرأي لا يبعد ثبوت العصمة الذاتية لها ، إذ أن الوعاء الطاهر الذي سيحمل النسمة الطاهرة المطهرة فاطمة الزهراء
لابد وأن يكون في أعلى مراتب النقاء والطهارة .
2/ الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين
.
3/ أبي الفضل العباس
.
4/ علي الأكبر
.
5/ فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر
.
:: دفع إشكال ::
يذهب بعض المؤرخين ، ويتردد على لسان الكثير من الخطباء الموالين لأهل بيت العصمة
، إلى أن والي الطاغية يزيد لعنه الله على المدينة ، وهو عمرو بن سعيد ، كتب لمولاه يزيد أن المدينة لا تحتمل بكاء سيدتنا ومولاتنا الحوراء زينب
، فأمر الطاغية بإخراجها من المدينة ، فأخرجت قسرا عن وطنها ومدينة جدها ، وهذا كما أفهم خطأ وقع فيه الكثير ، وإن كان البكاء والدمعة سلاح ووسيلة للإحتجاج والرفض !!
والصحيح أن من يتأمل في الأحداث ومن موقفها البطولي في كربلاء ، وخطبتها في الكوفة وفي الشام ، وفي المدينة حين عادت ، فهي لا تسكت على باطل وظلم ، بل قامت
بـ :
1/ إحياء النفوس والتحريض على رفض الباطل المتمثل في حكم الطاغية يزيد .
2/ نشر مظلومية أبي عبد الله الحسين
وتفاصيل معركة كربلاء .
3/ تبيين مظلومية أهل البيت
وأحقيتهم .
سؤال: إذن لماذا يكرر الخطباء سنويا حادثة بكاء بطلة كربلاء ؟
الجواب: يمكننا الايجاز في عاملين على نحو الإحتمال والله العالم:
الإحتمال الأول: ربما من أجل إثارة العاطفة لدى المحبين .
وهذا يعني التركيز على مخاطبة القلب إن صح التعبير على حساب العقل غالباَ ! وهذا إشتباه لأن التاثير على العقل أدوم وأمتن ، فخطاب العواطف ربما كان مؤقتا ! وهذا ما نلمسه في تأثير المجالس المحدود والمؤقت هذه الأيام .
الإحتمال الثاني والأخير: أن البعض من الخطباء لا يمتلك العمق وقدرة الفهم لدوافع ثورة المولى أبي عبد الله الحسين
، وفاقد الشئ لا يعطيه !
إذن نحن بحاجة لخطباء يمتلكون:
ـ القدرة على البيان .
ـ القدرة على التوضيح .
ـ القدرة على التحليل للوقائع لا لمجرد قراءة وتكرار نصوص تاريخية .
ـ ومن ثم القدرة على العلاج وتحصين أبناء المجتمع من تيارات الضلال والإفساد .
:: فائدة ::
من المنقول عن السيده الحوراء زينب
، كانت تزور قبر جدها المصطفى
، وأمها فاطمة الزهراء
ليلاَ ، فهل يمكننا أن نفهم جواز وإستحباب زيارة المرأة للقبور لفعل زينب
؟
الجواب : المشهور عند العلماء كراهة زيارة المرأة للقبور ليلاَ ، وأما زيارة السيدة زينب
، فلا يبعد أن ذلك حكماً خاصاً بمولاتنا زينب .
أسأل الله لي ولكم حسن الثبات
وشفاعة محمد وآل بيته الأطهار
سفن النجاة
ونسألكـــــــ حيدر الساعدي ــــــــــــم الداعاء