اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
من المسئول عن تخلفنا؟ -1
بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره.
نذهب لسوق التجار، ونحن نتمنى أن نرى احد أبناء، الوطن واقف في المقدمة. ممسك بزمام المبادرة، يدير تجارته بنفسه. وتحت يده عدد من الموظفين والعمال، يأمرهم ويوجههم. عندها نكون في غاية البهجة والسعادة، لرؤية هكذا منظر، فنتمنى زيادة عددهم.
لكن ما أن نضع أرجلنا على عتبة احد المتاجر، وإذا بلغة أجنبية غير معروفة، أو لهجة محلية محطمة، تواجهنا قبل بداية السؤال. فنلاحظ أن من يقدم لنا يد العون، ويحاول مساعدتنا، عامل أسيوي، لم يتوقع وجودنا في ذلك المكان.
ورغم وجوده في بلد عربي، نزل القران على أهله وبلسانهم، يكلمنا وهو يتوقع أن نفهم لغته، كأننا في بلده. وعند معرفته أننا لا نجيدها، تكلم معنا بلكنة محلية ركيكة. فنشعر حينها كأننا لسنا في بلادنا.
حينها نلتفت يمنة ويسرة، كمن فقد كنزا ثمينا، بحثا عن صاحب المتجر. فلا نرى إلا صورة لمواطن على رخصة المحل، معلقة على احد الجدران الجانبية، تتطلع علينا من خلف ظهر ذلك الأجنبي باستحياء.
يتبين بعدها أن من يحاول جاهدا افهمنا، انه لا يستطيع تخفيض السعر خوف الخسارة. أو من يصر ليقنعنا، أن بضاعته من أحسن البضائع في السوق، هو صاحب المتجر، قد كونه ووسعه بتعبه وعرقه.
وان المواطن وصاحب الصورة، باع محتويات ذلك المتجر، إلى هذا الغريب. لعدم احتماله الصبر والمثابرة والجد والاجتهاد، وتكوين ثروته من الصفر. بعد تعوده ولسنين طويلة، على أجواء الوظيفة، ذات الدخل المحدود. مطمئنا للحرية التي تؤمنها له، مكتفيا من التجارة بما تجود به نفس الغريب، آخر كل شهر.
إذا احتج البعض بقلة الدخل، وهذا قد يكون صحيحا إذا فكرنا في الاستثمار القصير الأجل. أما إذا وضعنا نصب أعيننا الاستثمار الطويل الأجل، فالنظرة تكون خاطئة مائة بالمائة. وهذا ما يقوم به من نعتقد أنهم اقل منا شئنا. فهم ينظرون إلى المستقبل، ولو لا ذاك ما قدموا كل تلك التضحيات. من ترك ديارهم، والابتعاد عن ذويهم، والذهاب إلى بلاد بعيدة، يكونون فيها خدما وعبيدا ابتداء.
فهل لنا بالانتقال من العمل الفردي الشخصي، إلى الجماعي العام. ومن تجارة المؤسسة الفردية، إلى المشاركة والتعاون. ومن العمل المشتت المبعثر، إلى المقنن والمنظم. ومن الاستثمار القريب من خيشومنا، إلى الآخر طويل الأجل. لتزدهر تجارتنا، وتعمنا الفائدة، وتقل خسائرنا الفردية.
بقلم: حسين نوح مشامع