اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الهجرة محمدية والتضحية علوية والندامة بكرية
الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم
هاجر النبي من مكة الى المدينة في غرة ربيع الاول في السنة 13 للبعثة المباركة .. بعد ان بات الامام امير المؤمنين علي في فراشه .. ففدى علياً نفسه لنجاة رسول الله ..
وفي الطريق .. يصل النبي في مثل هذه الايام الى غار ثور .. يرافقه ابو بكر .. في رفقة أراد النبي منها ان يظهر مثالب ابي بكر ... وعدم اهليته لمرافقة النبي فضلاً عن ان يكون مؤهلاً لخلافته ..
كما كانت الهجرة مناسبة لاظهار منقبة من مناقب امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام ...
وهذا الاسلوب النبوي المبارك : اظهار مناقب علي ومثالب ابو بكر .. لم يقتصر على هذه المناسبة .. بل تكرر في العديد من المناسبات .. منها على سبيل المثال : بعث النبي لابي بكر لابلاغ سورة براءة ثم اعادته في منتصف الطريق وتسليم المهمة لامير المؤمنين علي ..
وتأمير ابوبكر على الجيش في غزوة ذات السلاسل .. وعودته فاشلاً عن انجاز المهمة .. ثم اعطاء المهمة لامير المؤمنين علياً .. ونزلت حينها سورة العاديات في فضل علي .
واعطاء الراية لابي بكر لفتح حصن خيبر وعودته خائباً يجبن اصحابه ويجبنونه ... ثم اعطاءها لرجل كرار غير فرار .. هو امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام وتحقق النصر والظفر على يديه المباركتين ..
الى غيرها من المواقف الكثيرة التي حرص النبي على اظهار مناقب علي للامة واظهار مثالب ابو بكر .. حتى لا يبقى لاحدٍ حجة لا في الدنيا ولا في الآخرة .. بان خليفة النبي ووصيه من بعده هو ابن عمه واخيه علي بن ابي طالب .. وان مغتصب هذا الحق بغير حق هو ابو بكر الذي لا يمتلك اي مؤهلات تُذكر .. لا ايمان .. ولا شجاعة .. ولا اخلاص .. ولا تضحية ..
وهذا ما نراه بوضوح ونحن نقف اليوم عند مناسبة الهجرة .. ومناسبة المبيت العلوي في فراش النبوي .. والحزن والفشل البكري في مرافقة النبي .
بات علياً معرضاً نفسه لخطر الموت المحقق ... لانه سيكون في موقع من خدع قريش المتعطشة لدماء محمد .. وضللها .. واعطى الفرصة للنبي للخروج من بين ظهرانيها والنجاة من مؤامرتها التي اجمعت عليها .
ومضى ابو بكر جباناً .. نادماً على الخروج وقد ادركه المشركون .. كاد ان يفضح النبي عندما اقترب رجال قريش من الغار لينجو بنفسه مقابل خدمة الابلاغ عن مكان النبي .. فنهاه النبي عن ذلك .. وقال له : ( لا ) تحزن .. اي لا تفشل في احد تفاسيرها .
وفيما اظهر المبيت قمة الايمان .. والتضحية العلوية .. اظهر الرفيق المتخاذل قمة الكفر والشك والجبن البكري .
روى الفخر الرازي في التفسير الكبير في تفسير قول الله تعالى : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ، والله رؤوف بالعباد ) ، قال : نزلت في علي بن أبي طالب ، بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليلة خروجه إلى الغار .
قال : ويروى أنه لما نام على فراشه صلى الله عليه وسلم ، قام جبريل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي : بخ بخ ، من مثلك يا ابن أبي طالب ، يباهي الله بك الملائكة ، ونزلت الآية ، يعني بها : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله * والله رؤوف بالعباد ).
فضائل الخمسة 2 / 309 .
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بإسناده إلى الأستاذ أبي إسحاق ، أحمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر ، قال : رأيت في بعض الكتب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما أراد الهجرة ، خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديون ، ورد الودائع
التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج إلى الغار ، وقد أحاط المشركون بالدار ، أن ينام على فراشه ، وقال له : اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه ، إن شاء الله تعالى ، ففعل ذلك ، فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل
عليهما السلام : إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى الله عز وجل إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟ آخيت بينه وبين نبيي محمد ، فبات على فراشه
يحرسه ، يفديه ، بنفسه ويؤثره بالحياة ، إهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوه ، فنزلا ، فكان جبريل عند رأس علي ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي : بخ بخ ، من مثلك يا ابن أبي طالب ، يباهي الله عز وجل به الملائكة ، فأنزل الله عز
وجل على رسوله ، وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء أسد الغابة 4 / 103 - 104مرضاة الله * والله رؤوف بالعباد ).
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين عليهما السلام : أن أول من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله ، علي بن أبي طالب ، وقال علي ، عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وقت نفسي خير من وطأ الحصى * ومن طاف البيت العتيق والحجر
رسول إله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الإله من المكر
وبات رسول الله في الغار آمنا * موقى وفي حفظ الإله وفي ستر
( 1 ) المستدرك للحاكم 3 / 4وبت أراعيهم ولم يتهمونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر
فعند ذلك أخبر عليّاً باُمورهم وأمره أن ينام في مضجعه على فراشه الذي كان ينام فيه، ووصاه بحفظ ذمّته وأداء أمانته، وقال له أيضاً: «إذا أبرمت ما أمرتك به; فكن على اُهبة الهجرة الى الله ورسوله، وسر لقدوم كتابي عليك» وهنا تتجلى صفحة من صفحات عظمة علي ()، إذ استقبل أمر الرسول () بنفس مؤمنة صابرة مطمئنّة، فرسم لنا أكمل صورة للطاعة المطلقة في أداء المهمّات استسلاماً واعياً للقائد وتضحية عظيمة من أجل العقيدة والمبدأ، فما كان جوابه () إلاّ أن قال للرسول(): «أوتسلم يا رسول الله إن فديتك نفسي؟».
فقال (): «نعم بذلك وعدني ربّي»; فتبسّم علي () ضاحكاً، وأهوى إلى الأرض ساجداً ، شكراً لما أنبأه به رسول الله () من سلامته[15].
ثمّ ضمّه النبيّ () إلى صدره وبكى وَجْداً به، فبكى عليّ () لفراق رسول الله (
رذيلة لا فضيلة :
يستدل البعض بأفضلية ابو بكر على سائر
المسلمين بقوله تعالى :
((ثاني اثنين اذ هما في الغار ))
- ويتناولون أوجة الافضلية بستة مواضع سأذكر كل منها وبأسفل
كل واحدة سأذكر ما يبطل كلامهم بحجج دامغة لا تخفى على اولي
الالباب-
الوجه الاول : ويقولون :أن الله النبي ص وذكر أبا بكر فجعلة
ثانيه فقال (ثاني اثنين اذ هما في الغار )).
فأقول :
ان ذكر الله تعالى في كتابه العزيز النبي صلى الله عليه واله
وجعل أبو بكر ثانيه هو اخبار عن العدد , لعمري ! لقد كانا اثنين
فما في ذلك من الفضل ؟ ونحن نعلم ضرورة ان مؤمناً ومؤمناً أو مؤمناً وكافراً
أثنان فما الفضيلة بذلك؟
الوجه الثانية :ويقولون:أنه وضعهما في الاجتماع في مكان واحد لتأليفه بينهما ,
فقال (اذ هما في الغار )) .
فأقول :
أما أنه وصفهما بالاجتماع في مكان واحد فهو كالأول لأن المكان يجمع المؤمن والكافر
كما يجمع العدد المؤمنين والكفار , فأن سفينة نوح قد جمعت النبي ص والشيطان و
البهيمة , والكلب .والمكان لا يدل على فضيلة .
الوجه الثالث :ويقولون :أنه أضاف اليه بذكر الصحبة ليجمعه بينهما بما يقتضي الرتبة فقال :
((اذ يقول لصاحبه )) .
فأقول :
ان ذكر الصحبة في الاية ليس بفضيلة أطلاقاً والدليل : أن اسم الصحبة يجمع بين المؤمن والكافر
وخير دليل يرجح كلامنا هو قوله تعالى (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب
ثم من نطفة ثم سواك رجلا ؟ )) وأيضاً أن أسم الصحبة تطلق بين العاقل وبين البهيمة , والدليل على
ذلك كلام العرب الذي نزل القرآن بلسانهم فقال خير الحاكمين الله عز وجل (وما أرسلنا من رسول الا بلسان
قومه )) انهم سموا الحمار صاحباً فقالوا :
ان الحمار مع الحمار مطية فاذا خلوت به فبئس الصاحب
وأيضاً فقد سمو الجماد مع الحي صاحباً قالوا ذلك في السيف شعراً :
زرت هنداً وذاك غير اختيان ومعي صاحب كتوم اللسان
يعني السيف فاذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر والعاقل والبهيمة وبين الحيوان والجماد فأي حجة لكم بكلمة الصحبة ؟؟؟
الوجه الرابع : يقولون :أنه أخبر عن شفقة النبي صلى الله عليه واله ورفقه به لموضعه عنده فقال (( لا تحزن
)) .
فأقول رداً على ذلك :
فأن كلمة (( لا تحزن )) التي جاءت في الكتاب العزيز , ليست فضيله لأبو بكر ! بل وبال عليه ومنقصه له ودليل على خطئه لأن قوله (( لا
تحزن )) نهي وصورة النهي قول القائل لا تفعل لا يخلو ان الحزن الذي وقع من ابو بكر اما طاعه او معصية فأن كان طاعة فأن
النبي صلى الله عليه واله لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعوا اليها , وأن كانت معصيه فقد نهاه النبي صلى الله عليه واله عنها وقد شهدت الاية
بعصيانه بدليل أنه نهاه .
والوجه الخامس: يقولون : أنه اخبر ان الله معهما على حد سواء ناصراً لهما ودافعاً عنهما فقال (( ان الله معنا ))
فأقول :
ان النبي قد أخبر ان الله معه وعبر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) , وقيل أيضاً بهذا ان ابا بكر قال
يا رسول الله حزني على اخيك علي بن ابي طالب ما كان منه فقال له النبي : (( لا تحزن ان الله معنا ))أي معي ومع أخي علي بن ابي طالب ع .
الوجه السادس والاخير : يقولون : أن اخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن رسول الله صلى الله عليه واله لم تفارقه السكينه قط فقال ((فأنزل الله سكينته عليه ))
فأقول :
ان القول بأن السكينة نزلت على ابو بكر فأنه ترك للظاهر لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده بالجنود وكذا يشهد ظاهر القرآن في قوله : ((فأنزل الله سكينته
عليه وأيده بجنود لم تروها ))فأن كان أبو بكر صاحب السكينة اذاً يكون صاحب الجنود وفي هذا اخراج للني من النبوه .
على ان هذه النقطة السادسه او الوجه السادس من الاية الذي يعتبروه فضيلة لو لم يقولوا به لكان خيراً لهم
لأن الله انزل السكينة على نبية في موضعين كان معه قوم مؤمنون فشاركهم فيها فقال في احد الموضعين (( فأنزل الله سكينتة على رسوله والمؤمنين وألزمهم كلمة التقوى ))
وقال في موضع آخر (أنزل الله سكينتة على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها ))ولما كان في هذا الموضع خصه وحده بالسكينة , قال (فأنزل الله سكينته عليه )) فلو كان معه مؤمن لشركه
معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين فدل اخراجه من السكينة على خروجه
من الايمان
هذا الكلام نقلاً عن كتاب الاحتجاج للعلامة أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي رحمه الله في كتابه الاحتجاج ج2