اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
بين الحرية والنهي عن المنكر
أمر الله تعالى باحترام حقوق الإنسان والحفاظ عليها، حفاظا على حرمة الإنسان وكرامته. لذا قال الله تعالى: وقد كرمنا بني ادم، وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلا (الإسراء 70).
كما أمرنا بالنهي عن المنكر، ليستقيم حال المسلمين، وتنتظم أمورهم. لأنه مقاومة ما ينافي الدين، ويعارض العرف العام. لقول رسول(ص) "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، وان لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك اضعف الإيمان.
ولكن ضاعت حقوق الإنسان في بلاد المسلمين، لعدم معرفة الحد الفاصل، بينها وبين النهي عن المنكر. فاختلطت الأمور على الناس، وتداخلت الأفهام، وختلط الحابل بالنابل. فلم يعد هناك مجالا للأمر بالعرف، وإعراض عن الجاهلين. كدعوة إلى سبيل الله، بالموعظة والحكمة الحسنة.
وقل من يعرف الحد الفاصل بينهما، لابتعاد الناس عن فهم الكتاب الكريم، كما أراده الله تعالى، والإلمام بالسنة المطهرة، كما أردها النبي الكريم(ص)، ولغياب صاحب الأمر عجل الله فرجه. فهو الذي يفرق بين الحق والباطل، وهو احد الثقلين، اللذان لن يفترقا حتى يردا على رسول(ص) الحوض يوم القيامة. ومن تمسك بهما، لن يضل بعد رسول(ص) الله أبدا.
أصبح الناس بين الإفراط والتفريط. بين من يحسبون أن من حقهم القيام بما عجبهم، ولو خالف الأعراف والتقاليد، وتعارض مع الدين والقوانين. بناء على إنهم أحرارا، كما خرجوا من أرحام أمهاتهم. وكذا لهم الحق في القيام بما تمليه عليهم ميولهم ورغباتهم، دون حسيب ودون رقيب.
وبين من ويعتقد أن على الإنسان العزوف عن الدنيا، وعليه الاقتناع بأقل من القليل، لكي يصل إلى مرضات الله تعالى. والله يقول في كتابه الكريم "قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون".(الاعراف 32).
بل البعض تعدى حدوده، وجعل من نفسه شرطيا وقاضيا وجلادا نائبا عن الشريعة. معتقدا أن الناس لا يعرفون الحق من الباطل، وليس لهم حق الاختيار. ويجب إجبارهم على ما يعتقد انه الحق، حتى في الأمور البسيطة، التي يتساهل فيها الدين ويتغاضى عنها، وقد يحسبها في عداد المكروهات، وبعيدة من المحرمات. ولو أدى ذلك إلى التطاول عليهم، وحرمانهم من ابسط حقوقهم.
هنا استفحل في جسم الأمة هذا الداء، المتكون من خليط عجيب من الإفراط والتفريط. فما هو الحل لهذه المعضلة!؟
أليس الوقت قد حان، لمعرفة حقوقنا لنطالب بها، وحدودنا لنقف عندها، ومعرفة واجباتنا لنؤديها على أكمل وجه. ولنكون معذورين، أمام الله وأمام المجتمع.
أو ليس من واجب من يتصدى للنهي عن المنكر، أن يعرف حدوده فلا يتجاوزها. فيكون معذورا أمام الله، لقيام بواجبه. وأمام الناس، لعدم تعديه حدوده، وعدم تطاوله عليهم.
بقلم: حسين نوح مشامع