اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
ابن عباس :
كنز العمال (12/205) : 34226 - ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث وإنما سماها الله فاطمة لأن الله تعالى فطمها ومحبيها من النار
أنس بن مالك :
معجم ابن الأعرابي (2/58) : 557 - نا محمد بن زكريا ، نا العباس بن بكار ، نا عبد الله بن المثنى ، عن عمه ثمامة بن عبد الله ، عن أنس بن مالك ، عن أمه قال : لم تر فاطمة دما في حيض ولا نفاس
أم سلمة :
العلامة الرافعي في التدوين (ج 2 ص 128 مخطوط) - احقاق الحق 10/ 309 : قال: أحمد بن عمر المذكر، وأخيه يعقوب، سمعا أبا بكر محمد بن فهد النهاوندي، علي بقزوين في شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ثنا محمد بن زكريا العلائي بالبصرة ثنا العباس بن بكار السيرين من ولد محمد بن سيرين، ثنا عبد الله بن المثنى، عن ثمامة عن ابنته، عن أم سلمة، (رض)، قالت: ما رأت فاطمة رضي الله عنها في نفاسها دما ولا حيضا.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا إسحاق الأشقر، ثنا العباس بن بكار، ثنا عبد الله ابن المثنى، عن عمه ثمامة، عن أنس، عن أم سليم، قالت: لم ير لفاطمة دم في حيض ولا نفاس.
ذخائر العقبى (1/44) :
(ذكر طهارتها من حيض الآدميات) تقدم في أول باب ذكر تسميتها فاطمة طرف من ذلك.
وعن أسماء قالت قبلت أي ولدت فاطمة بالحسن فلم أر لها دما فقلت يا رسول الله إنى لم أر لها دما في حيض ولا في نفاس فقال صلى الله عليه وسلم (أما علمت ان ابنتى طاهرة مطهرة لا يرى لها دم في طمث ولا ولادة.
يقول الحافظ المناوي في كتاب فيض القدير : الجزء 4 ، الصفحة 421
(مات سيد العالمين في حياتها فكان رزؤه في صحيفتها ومميزاتها وقد روى البزار عن عائشة أنه قال لها هي خير بناتي لأنها أصيبت بي ومن سؤددها أيضا أن المهدي المبشر به في آخر الزمان من ذريتها مخصوصة بذلك كله هذه عبارة بحروفها وليس فيها أنها إنما شرفت بالمهدي كما عزى إليه والتعصب يضيع العجائب وفي الفتاوى الظهيرية للحنفية أن فاطمة لم تحض قط ولما ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة قال : ولذلك سميت بالزهراء وقد ذكره من صحبنا المحب الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى وأورد فيه حديثين أنها حوراء آدمية طاهرة مطهرة لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث ولا ولادة وفي الدلائل للبيهقي أن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وضع يده على صدرها ورفع عنها الجوع فما جاعت بعد وفي مسند أحمد وغيره أنها لما احتضرت غسلت نفسها وأوصت أن لا يكشفها أحد فدفنها علي بغسلها ذلك وذكر العلم العراقي أن فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتفاق)
لَمْحة إلى مقام الزهراء على أســاس ما اتّـفـق المُسـلمـونع
بتاريخ : 11-Mar-2013 الساعة : 09:40 PM
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
حين نتكلم عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، فإننا نتكلَّم عن مقام العصمة والطهارة ، وخط الاصطفاء الإلهي ، الذي شاء الله تبارك وتعالى أن يمتد على طول تاريخ البشرية ، ليمثله أسمى المخلوقات شرفاً ومنقبةً وقرباً من الله تبارك وتعالى.. وحينئذ: علينا أن نعترف سلفاً بقصورنا عن إدراك مقام الزهراء .. وكيف يمكن لغير المعصوم أن يحيط بحقيقة المعصوم ، وأنّى يتيسّر للغارق في الظلمات أن يدرك نورانية الأطهار.. وإنَّما نتحسّس الطريق إلى الزهراء ـ سلام الله عليها ـ عن طريق كلام المعصومين أنفسهم ، قرآناً وسنةً ، ونحن مع ذلك نقرّ بأن قراءتنا ستبقى بمستوى فهمنا القاصر ، وسنبقى في سجن الألفاظ فحسب.. وتبقى الحقائق المُقدّسة بمنأى عن منال الأيدي الملطّخة بسواد المعاصي..
الزهراء (ع) في مسار الاصطفاء والتطهير الإلهي
قدّر الله تبارك وتعالى أن يتجسد خطُّ الاصطفاء عبر التاريخ في أعظم الشخصيات الإنسانية ، التي حازت منتهى الفضل ، وغاية الكرامة ، وأعلن عن هذا الخط المبارك قولُه تعالى :
وغير ذلك من الآيات الكريمة التي تحدثت عن المُصطفَين (بفتح الفاء) والمخلَصين (بفتح اللام) . (انظُر: سورة الأعراف: 144 ، وسورة البقرة: 130 ، و سورة ص: 47 ، وسورة الحج: 75)
وقد كانت مريم ابنة عمران ـ سلام الله عليها ـ حلقة مباركة في سلسلة الاصطفاء والتطهير ، فقال الله تعالى :
وكان النبي ـ ـ الحلقة الأكثر إشراقاً في هذه السلسلة ، بل واسطة العقد الثمين ، ومن هنا نقرأ في رواية (صحيح مسلم 7 : 58) ـ اللفظ ـ ورواية (أمالي المفيد: 216) ـ المعنى ـ :
فبيَّن أن التطهير قد شمل أهل البيت .. ولمّا كان التطهير يلازم الاصطفاء ، عبَّر الله تعالى عن أهل البيت بالاصطفاء والسبق بالخيرات في آية أخرى ، فقال تعالى :
وقد كانت الزهراء سلام الله عليها ، وبإجماع الأمة الإسلامية ، من أولئك المطهَّرين الذين نزلت في شأنهم آية التطهير ، وكانت بإجماع المسلمين أيضاً من الذين اصطفاهم الله فأورثهم القرآن الكريم بعد النبي .
وهذا ما يفسر لنا مضاهاة الزهراء لمريم المُصطفاة المطهَّرة ، كما نقرأ في فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (1339) ـ بسند صحيح ـ عن ابن عباس قوله :
(... فقال رسول الله ـ ـ : أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنتُ خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون) .
وفي المصدر نفسه ـ عن أنس رفعه ـ : (حسبك من نساء العالمين...) الحديث .
وفي المستدرك على الصحيحين (3/170) أن النبي ـ ـ قال لفاطمة ـ ـ :
(يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء هذه الأمة ، وسيدة نساء المؤمنين) . قال الحاكم : هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه . وقال الحافظ الذهبي : صحيح .
فهذه لمحة إلى موقع الزهراء ـ ـ في مسار الاصطفاء وخط التطهير.. الذي ضاهت فيه مريم ، بل فاقتها بسيادة جميع نساء العالمين ، وكيف لا تكون بَضْعَةُ المصطفى ، الذي هو خير الخلق أجمعين ، كيف لا تكون سيدةَ نساء العالمين جميعاً .
الاستقامة التامّة والعصمة السامية
إنّ وقوع إنسان ما في مسار الاصطفاء ، واتصافه بالتطهير من كل شائبة ورجس ، هو حصيلة مدد إلهي ما كان ليكون إلا في ضوء استحقاق في ذات الإنسان وما يتصف به من الاستقامة والإخلاص .
وحين نتساءل عن السبب في هذه السيادة التي نالتها الزهراء سلام الله عليها ، فإننا يمكن أن نجد بعض الجواب في مجموعة من الروايات .
فمن ذلك ما عن السيِّدة عائشة أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبي ـ ـ قالت :
(ما رأيت أحداً أصدقَ لهجةً منها ، إلاّ أن يكون الذي وَلَدَها) . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . وقال الحافظ الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم .
فحين تكون الاستقامة بمستوى المسؤولية التي كانت تستشعرها الزهراء ـ سلام الله عليها ـ إزاء ربِّها تبارك وتعالى ، من الطبيعي أن يعترف المؤالف والمخالف بكمال استقامتها ، بحدّ لا يفوقه أحدٌ إلاّ خاتم الأنبياء والمرسلين .
وهذه الشهادة من السيِّدة عائشة ، صدرت في مناسبة أخرى بعبارة أكثر تفصيلاً ، حيث قالت ـ فيما رواه الحاكم في المستدرك (3/167) :
(ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله وسلم ، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها ، وقام إليها ، فأخذ بيدها فقبلها ، وأجلسها في مجلسه) . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . وقال الحافظ الذهبي في التلخيص : صحيح .
ومن الطبيعي أن تقوم البنت لأبيها ، فتوقّره هذا التوقير ، وتوليه هذا الاحترام والتقدير.. وأمَّا أن يكون الأب ، وهو سيد الخلائق أجمعين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، يفعل هذا مع ابنته ، فهذا ما يستوقفُ كلّ لبيب ، ليفكِّر في دلالات هذا السلوك المُتميِّز ، الذي لم يُروَ في التاريخ أنّ النبي ـ ـ مارسه مع أحد من الناس مهما بلغت منزلته..
ولا أنسى أنّ أحد كبار العلماء كان يقول في خطبة الجمعة ـ وهو يتحدّث عن مقام الزهراء سلام الله عليها ـ : إن هناك فرقاً بين أن يقال : (قام لها) ، وأن يقال : (قال إليها) .
وما أروعها من التفاتة..! وما أعمقها من نكتة..!
وإنَّه ليحقُّ لكلِّ مُؤمن أن يتساءل هنا : أكان يجوز أن تُعامَلَ فاطمةُ الزهراء ، وهي بهذا السمو والمنزلة عند النبي الأكرم ، أكان يجوز أن تعامل بتلك المعاملة المريبة التي قاست من مَرَارتها بعد وفاة أبيها..؟!
ولنعد إلى كمال استقامتها سلام الله عليها ، فنقول :
إنّ تمام الاستقامة إنما تكون بموافقة العبد لمولاه تبارك وتعالى في كل ما يحب ويرضى ، فلو أن عبداً استطاع أن يصل إلى هذه المنزلة من الاستقامة ، فقد بلغ الغاية الممكنة بلا ريب.. ولكن السيدة الزهراء ـ ـ فاقت هذه المنزلة أيضاً ، واجتازتها إلى منزلة أسمى.. فقد حققت الموافقة لرضا الله تعالى في كل ما تفعل وتترك ، ثم بلغت منزلة تنقطع دونها الهمم ، ولا تتم لعبد إلا بلطف من الله تعالى ، وهي المنزلة التي عبَّر عنها النبيُّ ـ ـ في قوله لابنته فاطمة ـ فيما رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/108) ـ :
(إن الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/203) : إسناده حسن .
فقد تجاوزت فاطمة الزهراء ـ ـ منزلة أن تلتزم برضا الله ، وبلغت إلى مرتبة أرفع ، وهي أن يكون رضاها وسخطها معياراً لتشخيص رضا الله ـ عز وجل ـ وسخطه .
وهذا المقام هو ما يعبر عنه شيعة أهل البيت بالعصمة ؛ فإن معناها الموافقة التامة لرضا الله تعالى ، بحيث يصبح كل ما يصدر عن المعصوم تجسيداً لإرادة الله تعالى ومشيئته .
ومن هنا نستطيع أن نفهم السر في اصطحاب النبي ـ ـ للزهراء وبعلها وبنيها في قصة المباهلة ، وعدم اصطحابه لأحد غيرهم ، وقوله عند ذلك ـ كما في رواية مسلم ـ : (اللهم هؤلاء أهلي) ، فإنّ هؤلاء الأطهار كانوا يمثلون أهل بيت النبوة ، وكان البروز بهم هو إبراز لكل الإيمان ، ومن هنا ينقل المفسر السني الشهير: الفخر الرازي في تفسيره أن النصارى خافوا من الهلاك حين رأوا نورانية الوجوه التي خرجت للمباهلة.. وإنه لمن العجيب أن يدرك الكفار نوارنية أهل البيت ، ولا يدركها بعض من ينتسب إلى الإسلام..! بل المصيبة العظمى أن يقوم أفرادٌ من هذه الأمّة بالاعتداء على هذا البيت الشريف..
ومن هنا نفهم أيضاً السر في أنّ من يسالم الزهراء ـ ـ يكون مسالماً لرسول الله ، ومن يحاربها فهو محاربٌ لرسول الله.. ففي مسند أحمد بن حنبل (2/442) عن أبي هريرة ، قال :
(نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ) . وقد روي مثله عن زيد بن أرقم ، وأبي سعيد الخدري ، وأم سلمة ، وابن عباس رضي الله عنهم . وهو حديث صحيح على التحقيق .
وإنه من الجدير بنا أن نتساءل عن سبب هذا الحديث ومناسبته؟
فإن الذي يُفهم منه أن النبي ـ ـ كان بصدد الإشارة إلى حرب على أهل البيت بعد التحاقه بالرفيق الأعلى..
ولئن حاول البعض أن يفهم الحرب على الإمام عليٍّ ـ ـ على أساس ما جرى بينه وبين مناوئيه في عهد خلافته بالخصوص.. وأن يفهم الحرب على الحسن والحسين ـ ـ بالنحو نفسه.. أقول : لئن سلمنا جدلاً بهذا الفهم ، فبأي وجه نفهم الحرب على فاطمة الزهراء ؟!
هل كان النبي بصدد الإشارة إلى وحدة العنوان الجامع لهؤلاء المطهَّرين ، بحيث تكون الحرب على أحدهم هي حرب على جميع خط الاصطفاء والتطهير الذي يجسدونه ؟
أم كان النبي بصدد الإشارة إلى خصوصية الواقع الذي سيقاسيه كل واحد منهم في جهاده واستقامته؟ وبناء عليه: تكون هذه الرواية ذات دلالة واضحة بأن الزهراء ـ ـ ستُواجَه بحرب.. وحين نفتش أوراق التاريخ ، ونقرأ الوثائق الواصلة إلينا ، نجد أن سيدة نساء أهل الجنة التي كان يقوم إليها النبي الأكرم من مجلسه إجلالاً واحتراماً ، قد هُجِم على دارها ، وأُضرمت النار على بابها ، ووُكزت بنعل السيف ، حتى أُسقطتْ جنينها ، ومضت مقتولة شهيدة.. سلامُ الله عليها .
فحسب الفهم الأول: نكون ملزمين بالقول بأن الذين حاربوا أي واحد من أهل الكساء ، كانوا حرباً للنبي ..
وحسب الفهم الثاني: نكون ملزمين بإعادة حساباتنا فيما يرتبط بأحداث ما بعد وفاة النبي .. تلك الأحداث التي لا يستطيع من لم يؤتَ حظّاً من التعمّق أن يصدق بها ويتحمل عظيمَ ما تتطلبه من موقف إزاء تلك الفئة التي مارست الظلم والعدوان والجريمة البشعة ضد سيدة نساء أهل الجنة..
وعلى كلٍّ ؛ لا ريب أن ما وقع من أولئك الظالمين ، هو إيذاء للنبي ، والله تعالى يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب:57) .
منزلتها ومنزلة مُحبِّها في يوم القيامة
حين بلغت الزهراء ـ سلام الله عليها ـ تلك المنزلة الشريفة المرتبة السامية عند الله تعالى ، بحيث أصبح رضا الله يتجسد في رضاها ، وغضبه يتجسّد في غضبها ، كانت هي الأحبّ إلى قلب رسول الله ، ومن هنا نقرأ في الرواية صحيحة السند في سنن الترمذي ، قولَ الصحابي بريدة :
(كان أحبَّ النساء إلى رسول الله ـ ـ فاطمةُ ، ومن الرجال عليٌّ) . (انظر: الصحيح المسند من فضائل أهل بيت النبوة، لأم شعيب الوادعية: ص70) .
وقد قرأنا كيف كان النبي يعظمها ويجلها ، إلى درجة أنه عدّ من حاربها بعده ، كمن حاربه هو ..
وهذه المنزلة التي حازتها السيدة فاطمة الزهراء ، كان لا بد لها من تجلٍّ يوم القيامة.. وقد وصلتنا أحاديث نبوية شريفة ، تذكر فضلها في يوم القيامة ، سواء بالنسبة إلى منزلتها ، أو إلى منزلة من والاها وأحبَّها سلام الله عليها..
أمّا بالنسبة إلى من أحبَّها ، فإننا نقرأ فيما روي في مسند أحمد بن حنبل (2/25) برقم (576) ، عن الإمام عليٍّ سلام الله عليه أنه قال:
ويمكننا أن نتأكد من صحة هذا الحديث حين نتأمل آية المودة ، أقصد قوله تعالى: (...قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (الشورى:23
وانظر: تفسير الدر المنثور 5 : 701 ، وموسوعة الإمامة في نصوص أهل السنة، ج5 ، ص136 فما بعدها) ؛ فإن إعطاء الآية حق تأمّلها ، ينتهي بنا إلى القول بأن الله ورسوله لخّصا الدين كله في مودّة هؤلاء الأطهار.. هذا يعني أنّ مودّتهم ليست مجرد عاطفة يزعمها من شاء ، بل هي عقيدة مشرقة تتملك القل والقلب ، فيتحرك المؤمن على أساسها في سبيل رضا الله تعالى ، وإلا فلا معنى لأن يكتفي النبي بالمطالبة بالمودة في حدودها الشخصية العاطفية فحسب ، فإن مطالبة خاتم الأنبياء والمرسلين ، يلزم أن تكون في مستوى شمولية رسالته وعمق هدايته العظمى..
ومن هنا ندرك أن المعترض على سببية مودتهم للفوز العظيم يوم القيامة ، هو في الواقع لم يفهم المراد من المودة ، وبالتالي فإنه لم يعشها في تجربته الإيمانية..
وثمة مجال كبير للتوسع في هذه النقطة ، كالتطرق إلى الروايات المتواترة في كتب المسلمين ، والتي تدل صراحة على أن النجاة مختصة بشيعة فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها صلوات الله عليهم أجمعين..
وأمّا بالنسبة إلى منزلة السيدة الزهراء ـ ـ في يوم القيامة ، فحسبك ما رُوِيَ عن النبي ـ ـ أنه قال :
(إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بُطنان العرش: يا أهل الموقف ؛ غضوا أبصاركم ونكِّسوا رؤوسكم ، لتجوز فاطمةُ بنتُ محمد على الصراط) . رواه سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص: 262) وقال: أما حديثنا فإسناده صحيح ، ورجاله ثقاة .
ونختتم هذه اللمحة مع التأكيد على أن ما تركناه أكثر مما تناولناه ، وأن ما فهمناه في تناولنا هذا عن الزهراء سلام الله عليها ، هو بحسب إدراكنا الذي يحفه القصور من كل جانب..
ونسأل الله تعالى أن يحشرنا في شيعة فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، ويرزقنا شفاعتها ، ويجعلنا ممّن يتبرّأ من أعدائها الذين لعنهم الله ـ كما هو لفظ الآية التي سجلناها آنفاً ـ في الدنيا والآخرة ، وأعدّ لهم عذاباً مهيناً .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
حين نتكلم عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، فإننا نتكلَّم عن مقام العصمة والطهارة ، وخط الاصطفاء الإلهي ، الذي شاء الله تبارك وتعالى أن يمتد على طول تاريخ البشرية ، ليمثله أسمى المخلوقات شرفاً ومنقبةً وقرباً من الله تبارك وتعالى.. وحينئذ: علينا أن نعترف سلفاً بقصورنا عن إدراك مقام الزهراء .. وكيف يمكن لغير المعصوم أن يحيط بحقيقة المعصوم ، وأنّى يتيسّر للغارق في الظلمات أن يدرك نورانية الأطهار.. وإنَّما نتحسّس الطريق إلى الزهراء ـ سلام الله عليها ـ عن طريق كلام المعصومين أنفسهم ، قرآناً وسنةً ، ونحن مع ذلك نقرّ بأن قراءتنا ستبقى بمستوى فهمنا القاصر ، وسنبقى في سجن الألفاظ فحسب.. وتبقى الحقائق المُقدّسة بمنأى عن منال الأيدي الملطّخة بسواد المعاصي..
الزهراء (ع) في مسار الاصطفاء والتطهير الإلهي
قدّر الله تبارك وتعالى أن يتجسد خطُّ الاصطفاء عبر التاريخ في أعظم الشخصيات الإنسانية ، التي حازت منتهى الفضل ، وغاية الكرامة ، وأعلن عن هذا الخط المبارك قولُه تعالى :
وغير ذلك من الآيات الكريمة التي تحدثت عن المُصطفَين (بفتح الفاء) والمخلَصين (بفتح اللام) . (انظُر: سورة الأعراف: 144 ، وسورة البقرة: 130 ، و سورة ص: 47 ، وسورة الحج: 75)
وقد كانت مريم ابنة عمران ـ سلام الله عليها ـ حلقة مباركة في سلسلة الاصطفاء والتطهير ، فقال الله تعالى :
وكان النبي ـ ـ الحلقة الأكثر إشراقاً في هذه السلسلة ، بل واسطة العقد الثمين ، ومن هنا نقرأ في رواية (صحيح مسلم 7 : 58) ـ اللفظ ـ ورواية (أمالي المفيد: 216) ـ المعنى ـ :
فبيَّن أن التطهير قد شمل أهل البيت .. ولمّا كان التطهير يلازم الاصطفاء ، عبَّر الله تعالى عن أهل البيت بالاصطفاء والسبق بالخيرات في آية أخرى ، فقال تعالى :
وقد كانت الزهراء سلام الله عليها ، وبإجماع الأمة الإسلامية ، من أولئك المطهَّرين الذين نزلت في شأنهم آية التطهير ، وكانت بإجماع المسلمين أيضاً من الذين اصطفاهم الله فأورثهم القرآن الكريم بعد النبي .
وهذا ما يفسر لنا مضاهاة الزهراء لمريم المُصطفاة المطهَّرة ، كما نقرأ في فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (1339) ـ بسند صحيح ـ عن ابن عباس قوله :
(... فقال رسول الله ـ ـ : أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنتُ خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون) .
وفي المصدر نفسه ـ عن أنس رفعه ـ : (حسبك من نساء العالمين...) الحديث .
وفي المستدرك على الصحيحين (3/170) أن النبي ـ ـ قال لفاطمة ـ ـ :
(يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء هذه الأمة ، وسيدة نساء المؤمنين) . قال الحاكم : هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه . وقال الحافظ الذهبي : صحيح .
فهذه لمحة إلى موقع الزهراء ـ ـ في مسار الاصطفاء وخط التطهير.. الذي ضاهت فيه مريم ، بل فاقتها بسيادة جميع نساء العالمين ، وكيف لا تكون بَضْعَةُ المصطفى ، الذي هو خير الخلق أجمعين ، كيف لا تكون سيدةَ نساء العالمين جميعاً .
الاستقامة التامّة والعصمة السامية
إنّ وقوع إنسان ما في مسار الاصطفاء ، واتصافه بالتطهير من كل شائبة ورجس ، هو حصيلة مدد إلهي ما كان ليكون إلا في ضوء استحقاق في ذات الإنسان وما يتصف به من الاستقامة والإخلاص .
وحين نتساءل عن السبب في هذه السيادة التي نالتها الزهراء سلام الله عليها ، فإننا يمكن أن نجد بعض الجواب في مجموعة من الروايات .
فمن ذلك ما عن السيِّدة عائشة أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبي ـ ـ قالت :
(ما رأيت أحداً أصدقَ لهجةً منها ، إلاّ أن يكون الذي وَلَدَها) . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . وقال الحافظ الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم .
فحين تكون الاستقامة بمستوى المسؤولية التي كانت تستشعرها الزهراء ـ سلام الله عليها ـ إزاء ربِّها تبارك وتعالى ، من الطبيعي أن يعترف المؤالف والمخالف بكمال استقامتها ، بحدّ لا يفوقه أحدٌ إلاّ خاتم الأنبياء والمرسلين .
وهذه الشهادة من السيِّدة عائشة ، صدرت في مناسبة أخرى بعبارة أكثر تفصيلاً ، حيث قالت ـ فيما رواه الحاكم في المستدرك (3/167) :
(ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله وسلم ، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها ، وقام إليها ، فأخذ بيدها فقبلها ، وأجلسها في مجلسه) . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . وقال الحافظ الذهبي في التلخيص : صحيح .
ومن الطبيعي أن تقوم البنت لأبيها ، فتوقّره هذا التوقير ، وتوليه هذا الاحترام والتقدير.. وأمَّا أن يكون الأب ، وهو سيد الخلائق أجمعين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، يفعل هذا مع ابنته ، فهذا ما يستوقفُ كلّ لبيب ، ليفكِّر في دلالات هذا السلوك المُتميِّز ، الذي لم يُروَ في التاريخ أنّ النبي ـ ـ مارسه مع أحد من الناس مهما بلغت منزلته..
ولا أنسى أنّ أحد كبار العلماء كان يقول في خطبة الجمعة ـ وهو يتحدّث عن مقام الزهراء سلام الله عليها ـ : إن هناك فرقاً بين أن يقال : (قام لها) ، وأن يقال : (قال إليها) .
وما أروعها من التفاتة..! وما أعمقها من نكتة..!
وإنَّه ليحقُّ لكلِّ مُؤمن أن يتساءل هنا : أكان يجوز أن تُعامَلَ فاطمةُ الزهراء ، وهي بهذا السمو والمنزلة عند النبي الأكرم ، أكان يجوز أن تعامل بتلك المعاملة المريبة التي قاست من مَرَارتها بعد وفاة أبيها..؟!
ولنعد إلى كمال استقامتها سلام الله عليها ، فنقول :
إنّ تمام الاستقامة إنما تكون بموافقة العبد لمولاه تبارك وتعالى في كل ما يحب ويرضى ، فلو أن عبداً استطاع أن يصل إلى هذه المنزلة من الاستقامة ، فقد بلغ الغاية الممكنة بلا ريب.. ولكن السيدة الزهراء ـ ـ فاقت هذه المنزلة أيضاً ، واجتازتها إلى منزلة أسمى.. فقد حققت الموافقة لرضا الله تعالى في كل ما تفعل وتترك ، ثم بلغت منزلة تنقطع دونها الهمم ، ولا تتم لعبد إلا بلطف من الله تعالى ، وهي المنزلة التي عبَّر عنها النبيُّ ـ ـ في قوله لابنته فاطمة ـ فيما رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/108) ـ :
(إن الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/203) : إسناده حسن .
فقد تجاوزت فاطمة الزهراء ـ ـ منزلة أن تلتزم برضا الله ، وبلغت إلى مرتبة أرفع ، وهي أن يكون رضاها وسخطها معياراً لتشخيص رضا الله ـ عز وجل ـ وسخطه .
وهذا المقام هو ما يعبر عنه شيعة أهل البيت بالعصمة ؛ فإن معناها الموافقة التامة لرضا الله تعالى ، بحيث يصبح كل ما يصدر عن المعصوم تجسيداً لإرادة الله تعالى ومشيئته .
ومن هنا نستطيع أن نفهم السر في اصطحاب النبي ـ ـ للزهراء وبعلها وبنيها في قصة المباهلة ، وعدم اصطحابه لأحد غيرهم ، وقوله عند ذلك ـ كما في رواية مسلم ـ : (اللهم هؤلاء أهلي) ، فإنّ هؤلاء الأطهار كانوا يمثلون أهل بيت النبوة ، وكان البروز بهم هو إبراز لكل الإيمان ، ومن هنا ينقل المفسر السني الشهير: الفخر الرازي في تفسيره أن النصارى خافوا من الهلاك حين رأوا نورانية الوجوه التي خرجت للمباهلة.. وإنه لمن العجيب أن يدرك الكفار نوارنية أهل البيت ، ولا يدركها بعض من ينتسب إلى الإسلام..! بل المصيبة العظمى أن يقوم أفرادٌ من هذه الأمّة بالاعتداء على هذا البيت الشريف..
ومن هنا نفهم أيضاً السر في أنّ من يسالم الزهراء ـ ـ يكون مسالماً لرسول الله ، ومن يحاربها فهو محاربٌ لرسول الله.. ففي مسند أحمد بن حنبل (2/442) عن أبي هريرة ، قال :
(نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ) . وقد روي مثله عن زيد بن أرقم ، وأبي سعيد الخدري ، وأم سلمة ، وابن عباس رضي الله عنهم . وهو حديث صحيح على التحقيق .
وإنه من الجدير بنا أن نتساءل عن سبب هذا الحديث ومناسبته؟
فإن الذي يُفهم منه أن النبي ـ ـ كان بصدد الإشارة إلى حرب على أهل البيت بعد التحاقه بالرفيق الأعلى..
ولئن حاول البعض أن يفهم الحرب على الإمام عليٍّ ـ ـ على أساس ما جرى بينه وبين مناوئيه في عهد خلافته بالخصوص.. وأن يفهم الحرب على الحسن والحسين ـ ـ بالنحو نفسه.. أقول : لئن سلمنا جدلاً بهذا الفهم ، فبأي وجه نفهم الحرب على فاطمة الزهراء ؟!
هل كان النبي بصدد الإشارة إلى وحدة العنوان الجامع لهؤلاء المطهَّرين ، بحيث تكون الحرب على أحدهم هي حرب على جميع خط الاصطفاء والتطهير الذي يجسدونه ؟
أم كان النبي بصدد الإشارة إلى خصوصية الواقع الذي سيقاسيه كل واحد منهم في جهاده واستقامته؟ وبناء عليه: تكون هذه الرواية ذات دلالة واضحة بأن الزهراء ـ ـ ستُواجَه بحرب.. وحين نفتش أوراق التاريخ ، ونقرأ الوثائق الواصلة إلينا ، نجد أن سيدة نساء أهل الجنة التي كان يقوم إليها النبي الأكرم من مجلسه إجلالاً واحتراماً ، قد هُجِم على دارها ، وأُضرمت النار على بابها ، ووُكزت بنعل السيف ، حتى أُسقطتْ جنينها ، ومضت مقتولة شهيدة.. سلامُ الله عليها .
فحسب الفهم الأول: نكون ملزمين بالقول بأن الذين حاربوا أي واحد من أهل الكساء ، كانوا حرباً للنبي ..
وحسب الفهم الثاني: نكون ملزمين بإعادة حساباتنا فيما يرتبط بأحداث ما بعد وفاة النبي .. تلك الأحداث التي لا يستطيع من لم يؤتَ حظّاً من التعمّق أن يصدق بها ويتحمل عظيمَ ما تتطلبه من موقف إزاء تلك الفئة التي مارست الظلم والعدوان والجريمة البشعة ضد سيدة نساء أهل الجنة..
وعلى كلٍّ ؛ لا ريب أن ما وقع من أولئك الظالمين ، هو إيذاء للنبي ، والله تعالى يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب:57) .
منزلتها ومنزلة مُحبِّها في يوم القيامة
حين بلغت الزهراء ـ سلام الله عليها ـ تلك المنزلة الشريفة المرتبة السامية عند الله تعالى ، بحيث أصبح رضا الله يتجسد في رضاها ، وغضبه يتجسّد في غضبها ، كانت هي الأحبّ إلى قلب رسول الله ، ومن هنا نقرأ في الرواية صحيحة السند في سنن الترمذي ، قولَ الصحابي بريدة :
(كان أحبَّ النساء إلى رسول الله ـ ـ فاطمةُ ، ومن الرجال عليٌّ) . (انظر: الصحيح المسند من فضائل أهل بيت النبوة، لأم شعيب الوادعية: ص70) .
وقد قرأنا كيف كان النبي يعظمها ويجلها ، إلى درجة أنه عدّ من حاربها بعده ، كمن حاربه هو ..
وهذه المنزلة التي حازتها السيدة فاطمة الزهراء ، كان لا بد لها من تجلٍّ يوم القيامة.. وقد وصلتنا أحاديث نبوية شريفة ، تذكر فضلها في يوم القيامة ، سواء بالنسبة إلى منزلتها ، أو إلى منزلة من والاها وأحبَّها سلام الله عليها..
أمّا بالنسبة إلى من أحبَّها ، فإننا نقرأ فيما روي في مسند أحمد بن حنبل (2/25) برقم (576) ، عن الإمام عليٍّ سلام الله عليه أنه قال:
ويمكننا أن نتأكد من صحة هذا الحديث حين نتأمل آية المودة ، أقصد قوله تعالى: (...قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (الشورى:23
وانظر: تفسير الدر المنثور 5 : 701 ، وموسوعة الإمامة في نصوص أهل السنة، ج5 ، ص136 فما بعدها) ؛ فإن إعطاء الآية حق تأمّلها ، ينتهي بنا إلى القول بأن الله ورسوله لخّصا الدين كله في مودّة هؤلاء الأطهار.. هذا يعني أنّ مودّتهم ليست مجرد عاطفة يزعمها من شاء ، بل هي عقيدة مشرقة تتملك القل والقلب ، فيتحرك المؤمن على أساسها في سبيل رضا الله تعالى ، وإلا فلا معنى لأن يكتفي النبي بالمطالبة بالمودة في حدودها الشخصية العاطفية فحسب ، فإن مطالبة خاتم الأنبياء والمرسلين ، يلزم أن تكون في مستوى شمولية رسالته وعمق هدايته العظمى..
ومن هنا ندرك أن المعترض على سببية مودتهم للفوز العظيم يوم القيامة ، هو في الواقع لم يفهم المراد من المودة ، وبالتالي فإنه لم يعشها في تجربته الإيمانية..
وثمة مجال كبير للتوسع في هذه النقطة ، كالتطرق إلى الروايات المتواترة في كتب المسلمين ، والتي تدل صراحة على أن النجاة مختصة بشيعة فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها صلوات الله عليهم أجمعين..
وأمّا بالنسبة إلى منزلة السيدة الزهراء ـ ـ في يوم القيامة ، فحسبك ما رُوِيَ عن النبي ـ ـ أنه قال :
(إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بُطنان العرش: يا أهل الموقف ؛ غضوا أبصاركم ونكِّسوا رؤوسكم ، لتجوز فاطمةُ بنتُ محمد على الصراط) . رواه سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص: 262) وقال: أما حديثنا فإسناده صحيح ، ورجاله ثقاة .
ونختتم هذه اللمحة مع التأكيد على أن ما تركناه أكثر مما تناولناه ، وأن ما فهمناه في تناولنا هذا عن الزهراء سلام الله عليها ، هو بحسب إدراكنا الذي يحفه القصور من كل جانب..
ونسأل الله تعالى أن يحشرنا في شيعة فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، ويرزقنا شفاعتها ، ويجعلنا ممّن يتبرّأ من أعدائها الذين لعنهم الله ـ كما هو لفظ الآية التي سجلناها آنفاً ـ في الدنيا والآخرة ، وأعدّ لهم عذاباً مهيناً .
اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
محمد سيد طنطاوي - التفسير الوسيط (1/4261) :
وروى الشيخان عن أبى موسى الأشعرى " أنه قال : كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا أربع : مريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - وآسية بنت مزاحم ، امرأة فرعون " .
الألوسي - روح المعاني (28/165) :
وفي الصحيح كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنه عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنتت محمد صلى الله تعالى عليه وسلم
ابن عساكر - الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين (1/57) :
وقد روى ابن رزين في مجموع الصحاح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )
ابن تيمية - لاستقامة (2/156) :
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء الا اربعة
ابن تيمية - منهاج السنة النبوية (5/10) :
وقال النبي صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع فالصديقون من الرجال كثيرون
أبي الفداء - تاريخ أبى الفداء : (1/171) :
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إِلا أربع : آسية زوجة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد )
تفسير المراغي (ج28 / ص170): وفى الصحيح «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وفضل عائشة كفضل الثريد على سائر الطعام» .
تاريخ ابن الوردي (ج1 / ص99): وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح " كمل من الرِّجَال كثير وَلم يكمل من النِّسَاء إِلَّا أَربع آسِيَة زَوْجَة فِرْعَوْن وَمَرْيَم بنت عمرَان وَخَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد ".
والكثيرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااا والعنة الدائمة علئ مبغضيها من الاولين والاخرين