اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الولاية والارعاب
الأسلحة بمختلف الأنواع والأشكال، أخذت تنتشر في بعض أوساطنا الاجتماعية. واستشرت فيهم بشكل ملفت للنظر، خاصة في السنوات الأخيرة. ويتبارى أفرادها ويتباهى، بحملها واقتنائها. ولكنها بالنسبة للآخرين، تثير الرعب - والذعر - والخوف. خوفا من طيش هؤلاء، عندما يخرجون عن الاتزان والتعقل. فهم يستعملونها في أفراحهم وأتراحهم، وللتعبير عن بهجتهم - وللتنفيس عن غضبهم.
ففي الأفراح والاحتفالات العامة منها والخاصة، تخرج هذه الأسلحة من مكامنها. تدوي في السماء مطلقة نيرانها، إيذانا بتواجد أصحابها. الذين حضروا لمشاركة المحتفلين والمتزوجين، ولكن بطريقتهم الخاصة، الغير معهودة. والتي قد تؤدي في البعض الأحيان إلى إزهاق الأرواح، أو إصابة الأنفس - وتدمير الممتلكات.
وفي وقت الغضب، يتنافر الرفاق - وتخرج الأضغان - ويحدث ما ليس في الحسبان. فبدل من استعمال الأيدي، والاستعانة بالعصي، في أحلك الظروف، اصبح الاحتكام إلى السلاح أمر مألوف. عندها يفرح الشيطان - ويرقص فرحاً - ويطيش طربا، مع كل رصاصة طائشة، وقذيفة عاتية. والنتيجة اليتم والفجيعة لأهل من أخذته يد المنية والغدر، والبكاء والعويل لأهل المارد المتهور، الذي استحق الحبس والقصاص.
ولكن عند استعراض حياة من دخل الحروب من أهل البيت، من لدن الرسول الأكرم إلى قتيل كربلاء . لرئينا العجب العجاب، والفارق الشاسع بين حياتنا وحياتهم. رغم تبجحنا بمحبتهم وولاياتهم.
فسيرة الرسول الأعظم وسلم على امتداد حياته الشريفة، لم يبدأ أحداً بحرب. وجميع حروبه كانت دفاعية، وردا على اعتداء المعتدين. وكان يوافق على الصلح مباشرة، إذا رأى فيه مصلحة عامة، وفيه للمسلمين منفعة. وإذا ما بدر من الطرف الآخر، ميول إلى حقن الدماء والموادعة. وخير مثال على ذلك غزوة الحديبية، التي انتهت بالصلح مع قريش. فلقد وصل مكة معتمراً، فردته قريش وصالحته، على أن يدخلها في السنة القادمة، ومعه سلاح المسافر فقط.
وهذا علي بن أبي طالب ، وحياته المليئة بالمواقف المؤلمة والمحزنة. والتي بدأت منذ انتقال ابن عمه ووالد زوجته رسول الله صلى الله عليهم أجمعين، إلى يوم وفاته. وهو يصارع القوم ويناوشهم، بين حرب طاحنة وهدنة مريرة. فمن الصراع على الخلافة، والاعتداء على بيت الزهراء وضربها. وحرب الجمل، ومقارعة أم المؤمنين. وانشقاق جيشه وانقسامه، في حربه مع معاوية. إلى خروج الخوارج عليه، وانتصاره عليهم. ولكنه لم يبدأ قوم بحرب، حتى ينصحهم ويذكرهم الله ورسوله، ويذكرهم حقه عليهم - وحقهم عليه، وينتظر حتى يبدءونه بهجوم.
وهذا الحسن ، الذي نصب بإجماع المسلمين بعد أبيه. لم يتعدى نهج جده، وسيرت أبيه، في تعامله مع مناوئيه. حتى اضطر إلى الصلح مجبراً مع ابن أبي سفيان، لم رأى تخاذل من حوله، وانقلاب أفراد جيشه. الذين كانوا يراسلون ابن آكلة الأكباد سرا، طمعا في المناصب والأموال. فلم ينقض عليهم بسيف، ولم يحاربهم برمح. بل ترك لهم حرية الاختيار.
وآخر من دخل الحروب من الأئمة، هو السبط الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام. الذي لم يجبر أحداً على الدخول في حلفه، بل ترك لهم الحرية في تركه والانزواء عنه. بل شمل بذلك بني هاشم، من أهله وعشيرته. لذا يذكر التاريخ أن عدد من التحق به، لم يتجاوز الثمانين شخصاً. ولم يبدأ من حاربه وأصر على قتاله بالهجوم، بل بالنصيحة والتوجيه.
فإذا قلنا نحن مسلمون، فهاهم قادة الإسلام، وهاهم أهله. وإذا تمسكنا بالتشيع، فهؤلاء هم سنامه - وأساس دعائمه. اللهم اهدي قومي فأنهم لا يعلمون. ولكنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.
بقلم: حسين نوح مشامع – القطيف - السعودية